الجمعة، ١ أكتوبر ٢٠١٠

شــــجر الليمــــــــون

31-12-2010
سيدي‏..‏ اسمح لي أن أختار العنوان بنفسي لأنه بداية اغنية تعبر عما بداخلي كما تقول‏(‏ كام عام ومواسم عدوا وشجر الليمون دبلان علي أرضه وكل شيء بينسرق مني العمر والأيام والضي من النيني‏)‏ آه آه آه من هذه الكلمات للمطرب المحبوب محمد منير‏.‏

سيدي أعرض عليك مشكلة استعصت علي أشد الاستعصاء, ولا أظن أحدا من خلق الله بقادر علي أن ينفعني فيها, مع ذلك وجدت أنه لابد من عرضها ولو للسلوي فقط, أو ليشاركني قراؤك الرأي وليدلي كل منهم بدلوه في هذه المسألة الشائكة جدا, والتي دمرت حياتي النفسية, وجعلتني أعاني وأتوه في بحار الغربة تيها لا رشد فيه, ولا أجرؤ حتي علي مواجهة أحد في مشكلتي وجها لوجه, ومشكلتي تسبب لأصحابها الحرج الشديد في مجتمعنا المسلم, ولست الوحيد الذي أعاني منها بل يوجد الآلاف المؤلفة من الناس ولكن أحدا منهم لا يجرؤ علي البوح بما يعانيه, لأنه الدين والمجتمع وثقافتنا السائدة تحرم علينا التحدث عن مشكلتنا.
وقبل أن أطرح مشكلتي لابد من إعطاء لمحة موجزة عني حتي يتسني لكم أن تفيدوني بما ينفع إن كان هنالك شئ ينفع, أنا انسان أبلغ الخامسة والاربعين من عمري, نشأت في أسرة متدينة جدا, أب لم اتذكره كثيرا لأنه توفي وأنا صغير جدا, وربتني أمي واخواتي البنات في حنية وحب كامل, طبعا مع كثرة التدليل الزائد وعندما ارجع بالذاكرة إلي الخلف اجد اني لم البس غير ملابس البنات حتي سن الخامسة, وطبعا عرفت هذا الكلام من أهلي وغيرهم, وهم يتذكرون هذه الايام بمنتهي البساطة, وهم لا يعرفون انهم قضوا علي وهم لا يعلمون بالاضافة إلي اطلاق اسم انثي علي من احدي الجيران وذلك لوسامتي في هذه السن الصغيرة حتي اصبحت لينا مثل البنات في كل حركاتي وتصرفاتي, حتي تفكيري وطلبي للعب مع البنات, وحتي سكوني, وحتي تفكيري الداخلي واحلامي, إلي وقتنا هذا وطبعا علي مر حياتي من بداية دخولي المدرسة ثم تخرجي في الجامعة وحتي في شغلي الآن لم يرحمني أحد من كل انواع الهمز واللمز, وما ادراك ما قسوة المجتمع برمته.. سمعت كل أنواع السخرية مثل شكله زي البنات مشيته زي البنات صوته رقيق اوي, كل هذا الكلام كان يحرقني أكثر من حرق النار, وكنت أنعزل داخل نفسي واكره نفسي ولكن ما باليد حيلة لابد من مواصلة الحياة مهما تكن, وأخذت علي سماع مثل هذا الكلام من كثرة ما سمعته ومع تقدمي في العمر قل هذا الموضوع تدريجيا واصبحت اكثر رجولة طبعا ظاهرا فقط, اما داخليا فهنا تكمن المشكلة, وقد وجدت رأي العلماء والفقهاء المسلمين عبر العصور لا يرحم من هم في مثل حالتي, بل لم يكن منهم إلا الانكار واللعن والطرد من رحمة الله.
وقد حان الوقت بعد هذه المقدمة أن أقدم مشكلتي علشان أحس اني مش لوحدي, والأمر الذي أطلت في التقديم له هو المثلية الجنسية وكانت بداية قصتي معاملة أهلي لي بهذه الطريقة وليس لي سبب فيها, حتي تغيرت فطرتي حتي اني نشأت منذ نعومة أظفاري وليس بي أي ميل للنساء. وكان أول إحساس برغتبي تجاه الذكور وأنا في سن صغيرة جدا, وكان إحساسا غامضا غير مفهوم بالنسبة لي, ولكنه ارتبط عن طريق الأحلام بشكل مبهم, ولم أكن أدرك أن الأمر سيتطور إلي رغبة فيما بعد, ثم تطور إلي ماهو أسوأ, وكنت لا انجذب الي الإناث مطلقا ومازلت, وكنت دائما احرص علي منع نفسي من الوقوع في المعصية ولكن هيهات ان امنع هذه الرغبة وانا في سن الطفولة حتي عشر سنوات ماضية ثم تبت الي ربي, وابتعدت عن الجميع هاربا من كل من عرفت في هذه المرحلة أو غيرهم ممن عرفت علي مدار حياتي وصرت وحيدا بلا أصحاب, انغماس تام في وحدة رهيبة مع نفسي, لا أملك إلا ندب حظي من الحياة الدنيا في سرية تامة, والتأمل في الآخرة, ليس لي أي نشاط سوي العمل ثم العمل وحتي في العمل انا معذب, شعوري تجاه بعض زملائي إحساس غير طبيعي فأنا اعتبر نفسي خائنا لهم جميعا بنظراتي لهم, ولكن كيف استمر علي ذلك وأنا مقتنع بأن وضعي وحظي وقدري من خلق الله وان الله يعلم ماخلق.
( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) وبالتالي وبحسب فهمي لايمكنني ان أومن بأن أدفن نفسي في الوحدة أو أن اتخلص من حياتي من أجل شيء ليس لي به ذنب لا من قريب ولا من بعيد, فقد نشأت في بيئة متدينة وكنت طفلا مطيعا ومؤدبا, ولما قرأت القرآن وجدته الكتاب الوحيد الذي يستحق الحفظ كاملا, ولكن اثارتني فيه آية تصب في مشكلتي وهي قوله تعالي في سورة الروم( ومن آياته أن خلق لكم من انفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) والآية تدعونا للتفكر في مسألة العلاقة الحميمة بين الذكر والأنثي والتي تؤدي بهما الي السكن النفسي, وهو الشعور بالحب كما هو واضح, ولكن أين أنا وأمثالي من هذه الآية, أرجوك اريد الاجابة فأنا مسلم ومثل هذه الآية نزلت لنا كمسلمين عاوز أفهم ارجوكم وحاولت تنفيذ هذه الآية وتقدمت لخطبة بعض البنات وانا لا أميل إليهن, كنت افعل ذلك فقط لاثبت أمام أهلي والمجتمع اني شخص طبيعي حتي لا ينكشف امري, ودائما كنت افتعل المشاكل واخرج من الخطبة لاني أعرف نفسي وأحيانا أقول هل يضع الله فينا هذه الشهوة.. لماذا؟ ماهو السبب أعرف ان سؤالي هذا محظور, ولكن أريد أن أحيا حياة طبيعية اريد ان اكون رجلا وليس مجرد شكل رجل, اريد ان اتزوج مثل الآخرين, وأنجب البنين والبنات واستمتع بالزواج ويكون لي كيان مثل باقي البشر, واكون رب بيت, أريد ان يكون احساسي بزملائي في العمل احساس عادي.
ومع تقدمي في السن أزداد اغترابا ومعاناة مستمرة, ارجوكم ساعدوني انقذوني, انا أوشكت علي الانتحار, أوشكت علي التخلص من هذه الرغبة بقتلها وقتل نفسي معها, لاني قرأت علي العلاج ووجدته يحتاج الي سنوات وسنوات, والنتيجة في الآخر ليست مضمونة, إذا كان هناك نتيجة اصلا, وعلي الرغم من ذلك ذهبت لطبيب كبير جدا, ولمحت له من بعيد عن حالتي, وطبعا بخبرته الشديدة فهمني وكتب لي علي روشته العلاج.. إن العلاج ليس عنده وعلي أن أطرق أبواب الاطباء النفسيين, ولم ينطق بكلمة واحدة, بعد ذلك فقط استمر في النظر لي بدون اي كلام, وانا احترق امامه, واقسم لك أني خرجت من عنده بأعجوبة فمن حسن الحظ ان الباب كان اقرب من الشباك وإلا كنت اختصرت الطريق للخروج, ولن اكرر هذا مرة اخري فإنه عذاب بمعني الكلمة أن اذهب إلي طبيب نفسي وأقول له انا مش راجل ارجوكم يامعشر الرجال هل من الممكن ان اقول هذا الكلام لاي شخص, صدقوني سأموت قبل أن اقولها..

< منذ أن توليت مسئولية بريد الجمعة منذ ما يقرب من6 سنوات وأنا لا أميل إلي نشر مثل هذه الرسائل, وأفضل أن تكون الردود فيها خاصة, وإن كسرت هذا الحظر في مرة سابقة, وكان الهدف من ذلك هو حماية أطفالنا والتفريق بينهم في المضاجع, وعدم السماح بنومهم مع أي غرباء.
وها أنا أفعل للمرة الثانية متوقفا ومختلفا مع مفاهيم كثيرة لدي بعض مرضي المثلية الجنسية ولا أتحدث طبعا عن المنحرفين جنسيا بكامل إرادتهم ووعيهم لأن لهؤلاء شأنا آخر وعقابا في الدنيا والآخرة.
دعونا نقف أولا أمام ما تعرض له صاحب الرسالة من تنشئة سيئة, فيها من التدليل الزائد وإرتداء ملابس البنات والنداء باسم أنثي, وغيرها من الأشياء التي ــ ودون أن نعلم أو نلتفت أو نهتم ــ تحدث تلفا في التركيبة النفسية للطفل فتفقده هويته وإحساسه بنوعه كذكر, فتدخله في عزلة تجعله يميل بها تدريجيا إلي الانجذاب نحو البنات واللعب معهن والابتعاد عن الاطفال الذين يسخرون منه لميوعته أو ليونته, وما يرتديه, فتزداد الهوة, وتلتصق بالطفل صفات وخصال تجعله ضعيفا وهشا ونهبا للمرضي وضعاف النفوس... قد يبدأ الأمر بلعبة وينتهي إلي حالة مرضية تحتاج إلي علاج قاس وطويل.
أما ما أختلف فيه مع صاحب الرسالة, فهو محاولة الاستسلام لفكرة أن ما هو فيه قدر, ومن خلق الله, فالله يعلم من خلق, وقد خلقك في أحسن صورة, وإذا كان مفهوما ضعفك وسقوطك في صغرك, فماذا عنك وأنت تعلم جرم ما يحدث وترفضه ونجحت بإرادتك في التوقف عنه منذ عشر سنوات. بعد أن تبت إلي الله... أليس هذا قرارك الذي قدرت عليه, فما الذي يمنعك من مواصلة البحث عن علاج؟!... إن الخطر الحقيقي, وعدم الوصول إلي أي طرق للعلاج هو استسلامك لفكرة أنك خلقت بهذا الإحساس الشاذ, لقد شوهت يا سيدي نفسيا وأنت مكتمل الذكورة, فاستسلمت, ولم تقاوم, وعندما فعلت نجحت ووضعت يدك علي بداية الطريق... هذه البداية لن تكون من خلال طبيب كبير غير متخصص... أنت تحتاج إلي طبيب نفسي متخصص يصلح تلك التشوهات النفسية, وستشعر بعدها بالميل إلي الجنس الآخر.. ووقتها يمكنك الزواج والإنجاب, ونسيان تلك التجربة السيئة, لتعيش مثل باقي البشر الأسوياء, فلا تضعف وتذكر أنك مسئول عن تصرفاتك أمام الله قبل البشر, فإن أخلصت النية والتوبة ستجد الله في عونك, أعانك الله وشفاك مما ابتلاك وحفظ اطفالنا من سوء التربية حتي لو كانت باسم الحب والتدليل.. وإلي لقاء قريب بإذن الله..
المزيد ....

رسالة الحياة السعيدة‏!‏

24-12-2010
أبنائي الأعزاء‏..‏ أيام قليلة وتستقبلون حياتكم الجديدة‏,‏ لتعيشوا معا تحت سقف واحد‏,‏ لاشك في أن حياتكم الجديدة سوف تكون مختلفة تماما عن سابقتها‏,‏ فكل واحد منكم قادم من بيئة مختلفة‏,‏

يحمل معه طباعا مختلفة, وعادات مختلفة, ونظرة للحياة مختلفة, وأسلوبا مختلفا في معالجة أمور الحياة, هذا الاختلاف قد ينتهي بصدام, كل طرف يريد أن يحقق ذاته, ويثبت وجوده, ويفرض إرادته علي الطرف الآخر, من هنا تبدأ صعاب هذه المرحلة من حياتكم, والذكي هو الذي يستطيع أن يقهر المشاكل, لا أن تقهره المشاكل.
من أجل هذا.. فكرت في أن أسطر لكم هذه الرسالة, التي اعتبرها بمثابة هدية غالية يهديها أب لأبنائه, فهي رسالة تضمنت خلاصة تجربة طويلة, ارسم لكم فيها طريق السعادة, إنها ليست رسالة كأي رسالة أخري, تقرأونها ثم تلقون بها في سلة المهملات, ولكنها رسالة أرجو أن تظل مرافقة لكم مدي الحياة, أقرأوها في أفراحكم وفي أحزانكم, اقرأوها في حياتي وبعد مماتي, وليتوارثها أبناؤكم وأحفادكم, فإن تمسكتم بمضمون هذه الرسالة فسوف يكون لكم حظ طيب في الدنيا, وحظ أطيب منه في الآخرة.
أبنائي الأعزاء.. ليكن معلوما وأنتم تخطون أولي خطواتكم نحو حياتكم الجديدة, أن الزواج ما هو إلا شركة بين طرفين تقوم علي أسس وقواعد, سوف أحاول أن أوجزها لكم في السطور التالية:
الأساس الأول: الحب.. الحب ـ في مفهومي ـ ليس مجرد كلمة تقال, أو فرحة بلقاء, أو دمعة في فراق, إنما الحب يا أبنائي عطاء ونكران للذات وتغاض عن الصغائر ـ فالزواج ليس حربا بين طرفين, يسعي كل طرف إلي أن تنتصر إرادته علي إرادة الطرف الآخر, الزواج يا أبنائي بقدر ما فيه من ورود وأزهار, بقدر ما فيه من أشواك, والحب الحقيقي هو أن يسعي كل طرف إلي قطع الأشواك بيد, ونثر الزهور والرياحين باليد الأخري, فإن أخطأ أحدكم في حق الطرف الآخر, فليلزم الطرف الآخر الصمت.. ولا يرد علي الخطأ بخطأ آخر, اتركوا الوقت يمر قليلا حتي تهدأ النفوس, بعدها يبدأ العتاب وتوضيح الخطأ للطرف الذي أخطأ, بأسلوب هادئ ومهذب, وقتها سوف تصفو النفوس, وتذوب المشاكل, ويحس المخطئ بخطئه, ويأخذ كل ذي حق حقه, في جو تسوده المحبة والاحترام, هل عرفتم الآن معني( الحب) الذي أقصده!!
الأساس الثاني: الاحترام.. أ ـ احترام الرأي: لم يخلق الله اثنين في هذه الدنيا متشابهين في كل شيء, فالاختلاف سمة الحياة, والذكي هو الذي يحترم رغبة الآخر, حتي وإن كرهها, إن أول درس من دروس الحياة الزوجية أن نتعلم كيف نحترم الرأي الآخر, وأن يتصف الحديث بأدب الحوار والموضوعية, ومقارعة الحجة بالحجة, وتفادي الألفاظ التي يمكن أن تثير غضب الطرف الآخر, واعلموا أن( عالي الصوت ضعيف الحجة) يخفي ضعفه وراء صوته العالي. وإذا أردتم حقا أن ينال كل طرف منكم احترام الطرف الآخر, وأن تنالوا احترام الناس لكم, عليكم أن تضعوا أمام أعينكم هذا القول المأثور: رأيي صواب ولكنه يحتمل الخطأ, ورأي الآخرين خطأ ولكنه يحتمل الصواب وعند الاختلاف في الرأي لا تكون المناقشة تناحرا, ولكن حوار مستنير, وذلك بطرح المشكلة علي مائدة البحث, ودراسة كل أبعادها مع استعراض النتائج التي سوف تترتب فيما لو تم الأخذ برأي أحدكما, ويتم مقارنة النتائج, واختيار الرأي الذي يترتب عليه أقل السلبيات وأكثر الايجابيات. فإذا استمر الخلاف ووصلتم إلي طريق مسدود, فإني أهمس في أذنك ـ يا ابنتي الكلمة الأخيرة تكون للرجل, شريطة ألا يتعارض رأيه مع الدين أو الأخلاق, وتذكري قول الرسول الكريم وهو يصف الزوجة الصالحة( إذا نظر إليها سرته, وإذا أمرها أطاعته, وإذا غاب عنها حفظته في ماله وعرضه)
ب ـ احترام النفس: إياكم أن يسيء أحدكما للآخر أمام الغرباء, وحاولا أن تعلو الابتسامة دائما شفاهكما أمام الضيوف, حتي ولو كنتما في أشد حالات الضيق, وأياكما أن يفقد أحدكما احترامه للطرف الآخر أمام الآخرين.
ج ـ احترام المواعيد: الشخص الذي لا يحترم المواعيد, شخص لا يحترم الآخرين, والذي لا يحترم الآخرين لا يحترم نفسه, والذي لا يحترم نفسه لا يستحق الاحترام من أحد.
الأساس الثالث: الدين.. وحديثي عن الدين من زاويتين:
أ ـ دين الآخرة ب ـ دين الدنيا
أ ـ دين الآخرة.. لا تنشغلوا بنعم الحياة عن ذكر الله, بالله عليكم كيف تنشغلون بنعم الدنيا وتنسون خالق هذه النعم؟ أليس الذي منحكم هذه النعم بقادر علي أن يحرمكم منها؟ وتذكروا اللقاء الأعظم مع رب العباد, واعلموا أن كل إنسان سوف يخرج من هذه الدنيا تاركا أولاده وأمواله ولن يحمل معه سوي أمرين:
1 ـ عمل صالح2 ـ مال أنفقه في حياته في سبيل الله
وعبادة الله لا تكون إلا بطاعته وشكره( ولئن شكرتم لأزيدنكم) واعلموا أن الملائكة ترفرف علي البيت الذي يذكر فيه اسم الله, ورأس العبادة هي الصلاة, فحافظوا عليها كاملة غير منقوصة, فإن ترك الصلاة هي الشعرة التي تفصل بين الإيمان والكفر.
ب ـ دين الدنيا... الدين ليس مجرد عبادات من صلاة وزكاة وصوم وحج, إنما الدين المعاملة, فعاملوا الناس كأنكم تعاملون الله, واستحضروا الله دائما أمامكم في كل عمل من أعمال الدنيا, في البيت, في الشارع, في العمل, وتذكروا الحديث القدسي الذي يقول:
يا محمد إن الله يأمرك أن تصل من قطعك, وتعطي من حرمك, وتعفو عمن ظلمك. ما أجمل طعم الحياة في ظل هذه النصائح الإلهية الكريمة, حياة تملؤها المحبة والتسامح والبعد عن الحقد والكراهية والضغينة.
واعلموا أنكم سوف تشعرون بطعم السعادة الحقيقية في الرضا بما قسمه الله لكم, وأن تؤمنوا بأن أقصر طريق للسعادة هو طريق( الحمد), حمد الله في السراء والضراء, وكثير من الناس يفصلون بين هاتين الفضيلتين( فضيلة الشكر علي السراء, وفضيلة الصبر علي الضراء) ولو أمعنا النظر جيدا لوجدنا أن منبعهما واحد. وهو النفس المؤمنة الراضية, التي هي في السراء شاكرة, وهي في الضراء صابرة.
كنت طوال حياتي العملية أضع علي مكتبي لافتة مكتوبا عليها الآية الكريمة( وتخشي الناس والله أحق أن تخشاه). كانت هذه الآية الكريمة دستور حياتي, فما من عمل من أعمال الدنيا أتردد فيه, ولا استطيع أن أتخذ بشأنه قرارا حاسما, حتي أحكم هذه الآية, فأهتدي الي الحل الذي فيه مرضاة الله.
فإذا اتخذتم هذه الآية الكريمة دستورا لحياتكم فإنكم لن تضلوا أبدا.
الأساس الرابع: الأهل.. إياكم.. ثم إياكم أن تشغلكم الحياة عن السؤال الدائم عن الأهل, فالآباء والأمهات الذين ربوا وعلموا وكبروا, لا يريدون منكم سوي مجرد السؤال علينا وأن ننال منكم زيارة خاطفة أو مجرد سؤال بالتليفون, ولا تجعلوا سؤالكم فقط في حالات المرض والمناسبات, فإن سؤالكم علينا ـ نحن معشر الآباء ـ هو عندنا خير من الدنيا وما عليها.
ابعدوا الأهل عن مشاكلكم, تخاصموا كما شئتم, ولكن بعيدا عن الأهل, فإن الأهل إذا تدخلوا فإن المشاكل تنمو وتكبر, وتنمو معها بذور الكراهية بين الأسرتين, فإذا تخاصمتم فاعلموا أن الذي( يبدأ بالصلح ليس أضعفكم ولكنه أكرمكم).
إياكم أن يفتخر أحدكما ويقول( كان أبي.. وكانت أمي..) ولكن الافتخار يكون دائما بحصاد أعمالكم وجهدكم, ويا حبذا لو زينتم أعمالكم بباقة من الخلق النبيل, وتذكروا قول الرسول الكريم:( إن الله لا ينظر إلي صوركم وأموالكم, ولكنه ينظر إلي قلوبكم وأعمالكم) ومن البر أن يصل المرء أبويه حتي بعد مماتهما, وذلك بصلة أصدقائهما ومعارفهما.وفي ختام رسالتي أقول إنني ذقت الطيبات, فلم أجد أطيب من( العافية), وذقت المرارات كلها فلم أجد أمر من( الحاجة إلي الناس), أدعو الله لكما أن يمتعكما بالعافية ولا يحوجكما الزمان الي أحد..
واعلما أن الدهر يومان, يوم لكم ويوم عليكم, فإن كان لكم فلا تبطروا.. وإن كان عليكم فاصبروا.

{ هذا هو نص الرسالة التي بعث بها الأب الحكيم الأستاذ نبيل دبا, إلي إبنه بمناسبة زفافه, كانت هديته الثمينة إلي عروسين في بداية حياتهما, وهديته أيضا إلي أصدقاء بريد الجمعة, وهي هدية رائعة, ليست فقط لكل عروسين, ولكن لكل أب أو أم يري أن دوره هو توفير الشقة أو المساهمة في فرشها, أو تقديم هدايا من الألماس, أو دعوة العروسين لقضاء شهر العسل في أوروبا أو آسيا.. فتلك أشياء تشتري, وقد تمنح السعادة لأبنائنا لأيام, ولكن الذي ليس له ثمن, هي تلك الحكمة, التي تختصر رحلة العمر, وتقدمها للأبناء في كلمات قليلة, ولكنها نهج حياة طويلة وسعيدة بإذن الله.
أعجبني في نصائح الأستاذ نبيل توصيفه للحب, فخرج من المعني الضيق الذي يسقط فيه الشباب فيعتقد أنه في كلمات جوفاء أو هدية صماء, وذهب به ـ أي الحب ـ إلي براح المودة والرحمة والتسامح, والتجاوز في سني الزواج الأولي عن الخلافات التي تنشأ عن اختلاف الأشخاص والتي قد تذوب وتتلاشي بوعي الطرفين أو تنبت بذور الانفصال أو الحياة التعيسة بجهل العروسين وتسرعهما وعدم صبرهما علي أشواك الأيام الأولي للزواج. هذه الأشواك التي تتحول حتما إلي أشواق مع احترام كل طرف للآخر ومراعاة ربه في سلوكياته, فما أجمل العطاء الذي تحصد ثماره في الدنيا والآخرة, ولن يحدث هذا إلا إذا دفع كل طرف شريكه إلي الحرص علي صلة الرحم.. فمنها تنبت المحبة وبها نحمي تلك المحبة بدعم عائلي وإلهي.. الشكر كبير وممتد إلي الأب الحكيم نبيل دبا, والدعوات خالصة بالسعادة لكل زوجين ولكل من يستعد لدخول حديقة السعادة الزوجية.
وإلي لقاء قريب بإذن الله.
المزيد ....

ألعـــــاب الحـــــــب‏!‏

17-12-2010
سيدي‏,‏ أنا لا أجيد الكتابة‏,‏ ولا أجيد التعبير‏,‏ ولكني سأتكلم عن قصة صعبة عشتها‏,‏ بحلوها ومرها‏,‏ وتكمن صعوبة هذه القصة في أن الانسانة التي أحببتها تربطني بها صلة قرابة قوية‏,‏ وهو ما يجعلني الآن في موقف محير‏,‏ وأحتاج إلي نصيحتكم‏.‏

ترجع بداية قصتي لأكثر من ثلاث سنوات, عندما كنت في السنة الأخيرة بالجامعة, وكانت هي طالبة في كلية أخري, وبدأت أذهب لمنزلهم, المجاور لمنزلنا بصفة مستمرة, لكي أسهر معها وأخواتها, فمعظمنا متقارب السن والأفكار, كنا نتسلي بلعب الدومينو أو ألعاب الكمبيوتر, وساعتها شعرت بأنني أنجذب إليها شيئا فشيئا, وأتعلق بها يوما بعد يوم, علي الرغم من أن هذه العلاقة كانت بمثابة أول تعامل رسمي بيني وبينها, مع أنها ـ كما سبق وقلت لكم ـ قريبة جدا لي, وجارة أيضا.
المهم, بعد فترة, لاحظت أنها هي الأخري تبادلني نفس المشاعر, ويوما بعد يوم تزايدت زياراتي لمنزلهم, ووجدت أن هناك ترحيبا كبيرا بي من أهلها, وأصبحت شخصا مرغوبا لديهم, تفتح أمامي الأبواب علي مصاريعها, وبدأت علاقتنا ـ بل حبنا ـ يزداد, حتي إنني لم أعد أكتفي بزياراتي لهم شبه اليومية, فبمجرد انصرافي من منزلهم, كنت أتبادل أنا وهي الحديث علي الانترنت بالساعات, حتي الصباح تقريبا, إلي أن وصلت إلي درجة الحب الأعمي لهذه الفتاة, ونسيت حياتي كلها, وصارح كل منا الآخر بحبه, وتوطدت علاقتنا كثيرا, وأصبحت في انتظار الخطوة الرسمية.
في هذه الأثناء, كنت قد أنهيت دراستي, والتحقت للعمل بشركة يتمني الكثيرون العمل بها, ولكن كانت المشكلة أن هناك أطرافا في عائلتي يرفضون هذا الارتباط, ولا يباركونه, علي الرغم من تمسكي بفتاتي لأبعد الحدود, حيث كنت أنا وهي نغرق يوميا في عسل الحب دون أي منغصات, أو موانع, نتبادل الحب في التليفون طوال الليل, ونجلس معا ـ في بيتها ـ لساعات طويلة, بمفردنا, بل كان الجميع حين أذهب اليهم يخلون لنا الجولنكون علي راحتنا, فكنت أجلس معها في حجرة الكمبيوتر, وكان الشيطان ـ دائما ـ هو ثالثنا, حيث حققت حلمي ـ لأول مرة ـ وأمسكت يدها, ثم قبلتها, بل إنها في بعض حواراتنا علي الإنترنت كانت تقوم بتشغيل الكاميرا وهي تغير ملابسها, حتي وصل حبي لها إلي درجة الجنون, وأصبحت هي بالنسبة لي أقرب من نفسي, كنت أحكي لها كل أسراري الشخصية, وكنا في حواراتنا نتطرق لما سنفعله في حياتنا الزوجية, وكيف نرسم مستقبلنا معا.
استمررنا في هذه العلاقة لفترة طويلة, فكنت أخرج معها باستمرار, وكان كل زملائها ومن يسكنون معنا في المنطقة يعلمون بحبنا, وفي هذه الأثناء تقدم لخطبتها شخص من بلد بجوارنا, وعند هذه اللحظة انتابني القلق, وعلي العكس, وجدت منها لا مبالاة غريبة, فبدأت أضغط بكل قوتي علي أهلي للموافقة علي الارتباط بها, وفي الوقت نفسه كانت إجراءات خطبتها تسبقني بأقصي سرعة, لأن المتقدم لها كان يريد السفر للخارج, وأخيرا, وافق أهلي علي الارتباط بها, وكانت لحظة حاسمة بالنسبة لي, ولم تسعني الفرحة ساعتها, واتصلت بها لأبلغها بأننا سوف نأتي لخطبتها, فصدمتني بقولها إن والدها اتفق مع خطيبها علي كل شئ, فسألتها: وما الحل؟.. فقالت: انت لسه فاكر, كل شيء نصيب, فأخبرتها بأنني فعلت المستحيل لإقناع أهلي, ولكنني وجدتها وكأن الأمر لا يعنيها, وهنا أحسست بطعنة كبيرة في قلبي, تأكدت بعدما جاء والدها لأهلي, وأخبرهم أنه كان يتمني زواجنا, فلماذا تأخرنا, وبعد ضغط علي والدها من والدتي وافق الرجل, ولكن علق موافقته برأي ابنته, وكانت الصدمة الكبري أن جاء الرفض منها هي, علي الرغم من تعهدها مسبقا لي بأنها لن تكون لأحد سواي, وأصبحت في حالة ذهول, ودهشة, أسأل نفسي: ماذا حدث؟!
أيام قليلة يا سيدي, وتمت قراءة فاتحتها, وحضر أهلي, ثم جاءوا ليحكوا لي عن فرحتها بعريسها, وأنها لم تكن تحبني مطلقا, فأكل الغيظ قلبي, وشعرت بأنها كانت تستغلني, بل إن والدها زاد الطين بلة, عندما حكي لوالدتي ضغطه عليها لتقبل بخطبتي, وتترك العريس الآخر, ولكنها رفضت, لأن العريس المتقدم هو حلم حياتها, فلديه شقة معقولة, ويمتلك سيارة, بل وأبلغت والدها أنها لم تكن تحبني, وكانت تعاملني كأحد أقاربها فقط, وأنني صعبان عليها, وساعتها انفجر رأسي غيظا, كيف لم تكن تحبني, ولماذا سمحت بهذه العلاقة بيننا لفترة طويلة, إن لم تكن تحبني؟!..
وحدثتني نفسي بالانتقام منها, وهو ما حدث بالفعل, فكتبت رسالة ووضعتها علي سيارة خطيبها, حكيت له فيها كل ما كان بيني وبين خطيبته, بل وأخبرته إن كان يريد معرفة المزيد ان يحادثني علي إيميل خاص وضعته بالرسالة, وفعل, وأخبرته بكل شئ بالتفصيل, دون أن أفصح عن هويتي, بل وأرسلت له صورا لها في أوضاع لا تليق, ثم نصحته بأنها ليست الزوجة المناسبة له, وعليه أن يتركها, وعلي الفور ذهب خطيبها إلي والدها, وأخبره بكل شئ, وعلمت الفتاة أنني من أخبرته بكل هذا, وكذبت كل شئ حكيته له, وكبر الموضوع, وجاء والدها إلي والدتي, وضغطت عائلتي علي حتي اعترفت لخطيبها بكذب ما حكيته له, وأنا أبكي, حتي لا تحدث خصومة بين العائلات.
كنت آمل سيدي أن يتفهم خطيبها حبي لها, وارتباطنا ببعضنا البعض, ويتركها لمن أحبها, ولكنه ـ للأسف ـ صدقها, ووقع تحت تأثير جمالها, وأسلوبها الرقيق, وجاذبيتها التي لا يستطيع أحد مقاومتها, وتم بالفعل شبكتها, ومن يومها وأنا حزين في غرفتي علي ما ضاع!.
سافر خطيبها إلي عمله بالخارج, وانتهت الفرحة, وبدأ والدها في التفكير مرة أخري, هل ما فعله صواب؟.. وبدأ يجري مقارنة بيني وبين خطيب ابنته, فعلي الرغم من وضعه الذي يبدو أفضل مني, فإن كفتي ترجح في كل شئ, فأنا مؤهل عال, وهو مؤهل متوسط, وبالنسبة للوضع الاجتماعي أنا أفضل منه بمراحل, ولكن طلب العريس إجراء الخطبة بسرعة, لم يجعل هناك فرصة للتفكير, وبدأ الندم يظهر علي الرجل, بل ـ وكما علمت ـ علي ابنته أيضا, التي شعرت ـ متأخرا ـ أنها تحبني, وأنها تسرعت في هذه الخطبة, نظرا لأنها وجدت كل زميلاتها تمت خطبتهن, وهي لم تكن خطبت بعد, ثم بدأت المناوشات لكي ترجع المياه إلي مجاريها, ويصفو ما تعكر بيننا, ولكني ـ حتي الآن ـ أرفض ذلك تماما, عملا أولا بقول رسول الله( ص) لا يخطب أحدكم علي خطبة أخيه, ولأنني لا أريد أن أخطئ في حق نفسي ثانية, بعد الدرس الذي تعلمته, وكل ما يدور في ذهني حاليا هو وضع خطيبها وهو يتعرض لما يشبه الخيانة, مثلما تعرضت له سابقا, فهل أستمر سيدي في موقفي هذا, أم أنه القدر أراد أن يصلح ما انكسر؟!

> سيدي.. عندما تتراكم أخطاؤنا ونقرر البحث عن نافذة للهروب حتي نستريح, نلقي بالمسئولية علي القدر, وكأننا لم نختر ونقرر ونعصي ونحوم حول الحمي, ثم نقول إننا مسيرون والقدر هو الذي دفعنا إلي ذلك وحدد خطانا.
ما بني علي خطأ سيدي لن يقود إلا إلي خطأ أكبر, ولحظات السعادة المسروقة حتما ستفضي إلي لحظات أطول من الحزن والألم.
دخلت بيت أقربائك, رحبوا بك وائتمنوك علي شرفهم, فخنتهم.. فإذا كنت صغيرا وهي الأخري كذلك, فلا أعرف كيف كانت تفكر أسرتها, يخلون لكما الجو بالساعات, ويفتحون للشيطان كل الأبواب كي يكون ثالثكما, فهل كانوا يعتقدون أن هذا هو أفضل أسلوب للزواج؟.. وكيف يكون البحث عن الحلال علي يد الشيطان, وبألعاب الحب والدومينو؟ أين مروءة الأب أو حرص الأم؟ وهل يمكن أن يمنحا الثقة لشابين جاهلين يتحسسان الرغبة والاحتياج والغموض في مهدهما؟!.
لم تكتف أنت وحبيبتك بذلك, بل واصلتما معصيتكما عبر النت, تجردتما من الأخلاق مع الملابس أيضا, ولأن الشيطان تمكن منكما, ارتكبت جرما أكبر وسجلت لها, والأهل غافلون, لم يلتفتوا إلي كل التحذيرات من ترك جهاز الكمبيوتر آمنا في أحضان الصغار, ولا إلي كل الجرائم التي ترتكب باسمه ثم يفيقون متأخرا علي فضيحة أو جريمة يصعب درؤها.
والخطأ يجلب خطأ, فها أنت تستغل لحظات الحب لتصبح وسيلة لإرهاب حبيبتك وابتزازها بعد أن اختارت غيرك عندما تباطأت أسرتك في التقدم إليها. حتما لم تكن مشاعرها تجاهك حبا صادقا, كانت نزوة وخطيئة وعندما وجدت العريس الجاهز ذهبت إليه وطوت صفحتك, وما فعلته أنت لم يكن حبا لها, بل ثأرا لكرامتك وإنتقاما منها. لم تكن رجلا ولا أمينا ولا شريفا معها, مثلما هي لم تكن كذلك مع أسرتها ومعك أو حتي مع خطيبها الحالي.
سيدي.. تسألني رأيي الذي أعتقد أنه يوافق هواك, ابتعد عن تلك الفتاة, اتركها لخطيبها, حتي لو لم تكن له, فهي لن تكون لك, وستظل جراح الماضي تطارد مستقبلكما وستسئ حتما إلي صلة القرابة بين العائلتين.. فما حدث بينكما من الصعب أن يلتئم.. عليك أن تتخلص من كل ما بين يديك من رسائل وتسجيلات, وتب إلي الله واطلب عفوه ومغفرته حتي يرزقك بزوجة صالحة طيبة, ودع هذه الفتاة لاختيارها لعل الله يهديها به. أقصد كن رجلا بمعني الكلمة, وكن طيبا حتي تكون جديرا بفتاة طيبة فلا نصيب للخبثاء في الطيبات. وإلي لقاء قريب بإذن الله.
المزيد ....

سوق النخاسة

10-12-2010
بطلة هذه القصة شابة مصرية متعلمة تبلغ من العمر ثلاثة وثلاثين عاماً جاءتنى باكية حزينة لتحكى لى ماحدث لها منذ ان نشأت فى بيت مكون من أب مكافح وأم عظيمة لمجموعة من الإخوة والأخوات عاشوا حياة عائلية بسيطة ومستقرة نسبياً فى أحد أحياء القاهرة الفقيرة.

وجاهد الجميع كي تصل سفينتهم الي بر الأمان, فكان الاهتمام الأكبر للوالد أن علم البنات أفضل تعليم, أما الأولاد فلم يكن لهم هذا القدر من الاهتمام, وكان كل هم الوالدة برغم مرضها الشديد أن تطعم وتكسي أولادها بأفضل ما كان متاحا لديها في ذلك الوقت, ولايزال الجميع يردد مقولتها الشهيرة التي كانت تكررها علي مسامعنا دائما خلي بالكم ياولاد من بعضكم أنتم مالكوش حد غير ربنا.
واستمرت بطلة قصتنا قائلة: ومرت الأيام بحلوها القليل ومرها الكثير حتي توفيت امي ـ رحمها الله ـ بعد معاناة طويلة مع المرض, فغابت عنا كل ألوان السعادة, وسارت الحياة باهتة بلا معني حتي تزوج كل إخوتي وسافر كل منهم الي خارج مصر, وتركوني وحيدة في دنيا واسعة قاسية لاترحم أحدا, ولم يعد لي في هذه الدنيا سوي أب عجوز في الخامسة والثمانين من عمره يعاني كل أمراض الشيخوخة.
ومشكلتي ياسيدي انني تقدم لي أكثر من عريس من مختلف المستويات والأعمار, وفي كل مرة لانصل معا الي محطة الزواج لأسباب مختلفة, بعضها اقتصادية وأغلبها اجتماعية ومع تعدي سن الثلاثين بدأت نظرات الناس القاسية وكلماتهم الجارحة تطاردني في كل مكان, مما جعلني اطرق أبواب كل الزواج بعنف ومن أي شخص بصرف النظر عن أي اعتبارات وظروف, فقط لكي أتخلص من كل هذه الظروف التي تحاصرني من كل جانب, ومع مرور الأيام اختفي العرسان ونصحني بعض الأصدقاء بالاستعانة بمكاتب الزواج التي بدأت تنتشر هذه الأيام في مصر كنتيجة طبيعية لمشاكل تأخر سن الزواج وارتفاع نسب الطلاق وعزوف معظم الشباب عن بناء أسرة جديدة بطريقة مشروعة.
والحقيقة ياسيدي انني ترددت كثيرا قبل أن أقدم علي هذه الخطوة الجريئة ولكن كل الظروف المحيطة بي كانت تدفعني دفعا الي خوض هذه التجربة علي الأقل كي ارتاح نفسيا وربما ايضا كي اقطع الطريق علي تلك النظرات والكلمات اللاذعة, التي أعانيها ليل نهار, وفجأة وجدت نفسي بصحبة واحدة من صديقاتي في مكتب فخيم أمام سكرتيرة حسناء تقدم لنا الحلول الممكنة وغير الممكنة لكل مشاكل الارتباط وتقدم لنا كيفية السير في طريق الزواج وكأنه مفروش بالورد والزهور دون أي مشاكل تذكر, وجلسنا في انتظار دورنا وسط عشرات من الشباب والشابات من كل الأعمار الذين جاءوا من مختلف انحاء مصر تداعبهم احلام الوصول الي شريك العمر.. وأخيرا جاء دورنا أنا وصديقتي ودخلنا الي مكتب المدير فوجدناه رجلا فاضلا تتدلي من يده سبحة طويلة وحوائط المكتب مليئة بلوحات كبيرة زينتها آيات من القرآن الكريم, وفور دخولنا عليه بدأ حديثه معنا بالصلاة والسلام علي رسول الله وانتهينا بملء استمارة بيانات كمرحلة أولي ثمنها خمسة وعشرون جنيها, ثم انتقلنا الي مرحلة أخري من استعراض قوائم ومواصفات العرسان لاختيار مايناسبنا, وفور تحديد بعض الاختيارات طلبت منا السكرتيرة سداد خمسة وسبعين جنيها بدعوي أننا دخلنا الي مرحلة أكثر جدية.. وكانت دهشتنا تتزايد ونحن نستعرض نماذج العرسان المطروحة وطلباتهم الغريبة والأغرب رؤيتهم للحياة المقبلة.. فهذا شاب عمره سبعة وثلاثون عاما يحمل مؤهلا متوسطا وعنده شقة إيجار قديم ويعمل في أعمال حرة مثل سمكري أو ميكانيكي أو نجار ويسكن مع أهله في عشوائيات منشية ناصر أو المرج أو الخانكة ومع كل ذلك فهو يطلب عروسا صغيرة وزي القمر من سكان الدقي أو المهندسين ومافيش مانع يكون عندها عربية وشوية فلوس في البنك, وشاب آخر موظف بسيط يكاد يفك الخط وساكن في عزبة الهجانة وعايز واحدة موظفة من سكان المقطم تصرف عليه لأنه لايجد عملا مناسبا لمؤهلاته العظيمة, ونوع آخر من العرسان الشيك من ولاد الذوات الذي يطلب واحدة علي مقاسه وماعندوش مانع يعيش معها عالة علي والدها في بيت أسرتها لحين ميسرة!!
حاجات تضحك وتبكي لدرجة انني قررت الانسحاب من هذه التجربة, ولكن خذلتني ارادتي فقررت ان اكمل المشوار وخاصة بعد أن لاحظت السكرتيرة ورئيس المكتب ترددي فأمطراني بكلمات التشجيع جربي وانتي هاتخسري ايه وممكن يطلع حظك من السما وتلاقي نصيبك والغريب ان المكتب حدد أتعابا تصاعدية لتسهيل عملية التوفيق بين راغبي الزواج.. تتدرج حسب كل فئة من هؤلاء الشباب, وجدول الأتعاب يبدأ بمائة وخمسين جنيها وينتهي بخمسمائة جنيه تشمل الأتعاب والسمسرة لإتمام هذا الزواج وكأننا جواري في سوق النخاسة!! ولا أدري كيف قبلنا بعض هذه العروض. وعدنا في اليوم التالي بالمبالغ المطلوب دفعها, وكان من نصيبي شاب قدم نفسه علي أنه من سكان مدينة الرحاب وعنده فيلا وعربية وشاليه في الإسكندرية ووقعت علي طلب الاتفاق علي الزواج ولكني فوجئت بأن طلباته لإتمام هذا الزواج أكبر بكثير من امكاناتي وقدراتي المادية والمعنوية, وتبادلنا النظرات وعلامات الاستفهام أنا وصديقتي التي كانت هي الأخري قد وقع اختيارها علي شاب قدم لها نفسه هو الآخر فوجدته صديقتي من أفضل العروض المطروحة, وكانت طلباته لا تقل كثيرا عن طلبات الشاب الذي وقع عليه اختياري, مما جعلنا ننظر الي بعضنا البعض وفي نفس واحد كان السؤال الذي يطرح نفسه.. ما العمل الآن ؟؟ وهنا تدخل رئيس المكتب قائلا المشكلة محلولة بس انتوا وافقوا وأنا علي التمويل والأعمال بالنيات.
وبدأ الحديث عن آلاف الجنيهات المطلوبة لزوم الشبكة والفرح والعفش والشقة وحتي فستان الفرح والكوافير, والصراحة قلبي وقع وقلت الجوازة دي مش هتكمل ولكن كان بداخلي احساس قوي يدفعني كي أكمل المشوار, وخاصة بعد أن شرح لنا صاحب المكتب ان الموضوع سهل جدا لأننا سنأخذ قرضا من أحد البنوك في حدود ثلاثين ألف جنيه تسدد بالتقسيط المريح وبضمان المكتب وقدم إلينا مجموعة من الأوراق والمستندات التي قيل لنا انها لزوم القرض من البنك, وبالفعل اقنعونا بالتوقيع عليها, وفي اليوم التالي ذهبنا الي البنك لتسلم القرض وفور تسلم المبلغ فوجئت بصاحب المكتب والسكرتيرة يقتادانني الي مقر المكتب ويقولان لي أن المكتب سيأخذ خمسة وعشرين الفا للصرف علي هذا الزواج وهذا هو شرط البنك لصرف القرض! أما الخمسة آلاف المتبقية فهي مخصصة لي لشراء مستلزماتي الشخصية أيضا بمعرفة المكتب!! ولا أدري ياسيدي كيف وافقت علي ذلك.. فهل بسبب رغبتي لإتمام الزواج فعلا أم بسبب حال الضعف التي انتابتني أمام احساسي بالحصار الذي فرضه صاحب المكتب والسكرتيرة.
وكان من الطبيعي أن أسأل هذا الشاب الذي اخترته ليكون زوج المستقبل متي سيبدأ الإجراءات الفعلية لإتمام هذا الزواج, وكان من الطبيعي ان يطلب مني تحديد موعد ليزور أهلي, وقلت له علي طريقة هند صبري في مسلسلها الشهير عاوزه أتجوز اتفضل فورا..
وبالفعل جاء عريس المستقيل في اليوم التالي والتقي بوالدي وعرض عليه خطوات هذا الزواج المرتقب واطمأن قلبي قليلا بعد أن كنت قد انتابتني بعض الشكوك, وفي اليوم التالي مباشرة قام بزيارة أخري لوالدي لمناقشة بعض التفاصيل المتعلقة بالشبكة والفرح والمعازيم وغيرها, وكدت أطير فرحا بعد أن اقترب الحلم من الحقيقة..
ومر أسبوع كنت فيه هائمة وسط احلام الغد القريب حتي انني لم اتوقف طويلا عند عدم اتصاله بي طوال هذا الأسبوع وأفقت علي سؤال كل من حولي.. أين العريس ومتي يتم تحديد موعد الفرح واتصلت به علي تليفونه المحمول فوجدته خارج الخدمة فاتصلت بالمكتب فلم أجد من يرد وساورتني الشكوك فذهبت الي مقر المكتب فوجدته مغلقا هو الآخر وتصاعدت شكوكي, وهرولت الي المكتب فسألت الجيران وبواب العمارة المجاورة واتفق الجميع علي اجابة واحدة دي كانت شركة مآجرة شقة مفروشة وعزلوا منها وهنا تأكدت مخاوفي وعرفت أنني وقعت ضحية لعملية نصب محكمة, وادركت حجم الكارثة التي وقعت فيها..
ودارت الأرض تحت أقدامي وانطويت علي نفسي وأحزاني لفترة طويلة لا أدري كيف اتصرف, وخطر لي أن اتردد علي مقر المكتب من آن الي آخر, فربما أعثر ولو علي خيط رفيع يقودني الي صاحب الشركة أو العريس الهارب واكتشفت انني لست الضحية الوحيدة التي تراقب المكتب ولكن هناك العشرات من الضحايا من الشباب والشابات الذين شربوا نفس المقلب, وعدت الي بيتي منكسرة حزينة لا ادري ماذا أفعل ولم أجد لدي الجرأة ان اشارك والدي في مأساتي خوفا عليه من الصدمة خاصة انني علي ثقة أنه لايملك حلا لهذه المأساة.. ومع بداية الشهر التالي بدأ البنك المطالبة بأول الأقساط الشهرية للقرض وقيمته831 جنيها, وبالطبع عجزت عن السداد, وكيف اسدد وانا لا أعمل وليس لنا أي دخل للأسرة سوي مبلغ ضئيل لا يكاد يكفي لمستلزمات الحياة البسيطة, وتكاليف علاج والدي المريض, خاصة انني أخفيت الموضوع كله عن إخوتي وأقرب الناس الي خوفا من لومهم وعتابهم وليتني فعلت..
ومرت الشهور حتي بلغ مجموع الأقساط المتأخرة حتي الآن5500 جنيه, ولم يعد أمامي الا ان اطرق الأبواب أملا في إيجاد مخرج من تلك الكارثة التي وضعت فيها نفسي بجهلي وقلة عقلي.. وخرجت هائمة علي وجهي بحثا عن أي عمل لسداد قرض البنك قبل أن أجد نفسي معرضة للحبس!!
والآن ياسيدي لا أدري الي من أتوجه باللوم والعتاب!! هل إلي المجتمع الذي لم يرحم ظروفي وآدميتي ومارس علي كل ألوان ووسائل الضغط العصبي والنفسي حتي دفعني الي تلك المغامرة غير المحسوبة؟؟.. أم الي أهلي وجيراني الذين تركوني فريسة سهلة لبعض الذين فقدوا ضمائرهم وأعماهم جمع المال والثروة ولو علي جثث ضحايا لاحول لهم ولاقوة؟؟ أم الي القانون الذي أعطي البعض الفرصة لافتراس الضعفاء والمساكين دون عقاب رادع؟؟ أم ألوم نفسي وجهلي وتهوري وخروجي علي الأعراف والتقاليد التي تربينا عليها؟؟
وقررت أن أتوجه الي الله الذي لايغفل ولاينام وأدعوه صادقة أن يساعدني علي تجاوز تداعيات تلك المأساة وهذا الخطأ والجرم الكبير الذي ارتكبته في حق نفسي, وفي الوقت نفسه رأيت ان أقدم قصتي لقراء بريد الجمعة لعلها تكون عبرة وعظة لمن هم في مثل ظروفي حتي لايقعوا في نفس الخطأ.. وأقول لهم ان الزواج رزق من عند الله يرزقه من يشاء عندما يشاء, ويجب الا نستعجل الرزق ففي السماء رزقكم وماتوعدون


* ما سطره الصديق المبدع الحكيم د.هاني عبدالخالق في هذه الرسالة, علي لسان تلك الفتاة يكشف أزمة مجتمع متكاملة ومتصاعدة. فالقضية ليست في عملية النصب فقط, بل قد يكون ما حدث لتلك الفتاة الساذجة هو الكاشف لكل التغيرات التي حدثت في المجتمع.
فتاتنا نشأت في أسرة عادية, مكافحة, مثل ملايين الأسر في مصر.. كانت نصيحة الأم الراحلة هي تلخيصا واضحا لما وصلنا إليه خلي بالكم ياولاد من بعضكم.. انتم مالكوش حد غير ربنا.. لا أقارب ولا جيران ولا قانون, أنتم فقط حماة أنفسكم, لكن مالم تكن تعلمه الأم المكافحة أن الأولاد, الأشقاء, ستنقطع بينهم حبال التواصل والمحبة والحوار والسؤال..
لذا وجدت الصغيرة الحالمة نفسها في مجتمع قاس وجاهل, يحاسبها علي عدم زواجها, يعايرها بكلمة عانس, تحاصرها الوحدة, تطاردها غريزة الأمومة والرغبة في الإنجاب قبل فوات الأوان.. والزواج في بلادنا صعب فالشباب لا يتزوج إما للظروف الاقتصادية الصعبة أو لسهولة الانحراف بعد أن ضلت البنات وغابت الأخلاق وضعف الإيمان.
لكن الصغيرة تربت في بيت طيب لا تريد إلا الحلال, وابن الحلال, الذي لم يعد يعرف الطريق المضمون والآمن إلي بنت الحلال.
لم تعرف الصغيرة أن أشياء كثيرة في مصر أصبحت عشوائية, لم تعرف أن عديمي الضمير, اللصوص الجدد, اكتشفوا نوم القانون وغيابه.. صدقت أن لا أحد, لا مكتب يمكنه الإعلان عن نفسه في صحيفة أو يضع لافتة مضيئة علي واجهة عمارة إلا بتصريح.. صدقت أن كل من يطلق لحيته أو يمسك بمسبحة في يده هو من المؤمنين المتمسكين بدين الله وسنة رسوله(]). فدخلت هذا المكتب محترف النصب الذي استطاع صاحبه أن يؤجره بدون بيانات حقيقية, أو حتي إبلاغ القسم التابع له وبدون ترخيص قانوني.
النصاب يجد ضالته في الطامع, والطامعة هنا تبحث عن الحلال, تتشبث بأطراف الأمل, وحتي يكتمل النصب لابد أن يكون العريس مغريا ومجيدا لأصول اللعبة.
لا أستطيع أن ألوم الصغيرة الجاهلة, ولا أقول لها كان عليك أن تتأكدي من صحة أوراق هذا المكتب, وأن تستشيري أحدا من حولك, غير صديقتك التي تعاني وتحلم مثلك. فأنا متفهم لكل ما تعانيه وما تحلم به. اللوم كله للقانون الغائب, للوزارات التي قصرت في عملها وانشغلت بأشياء أخري غير عملها فسمحت لمثل هذه المكاتب أن تخدع الأبرياء.. للشرطة التي تسمح لأصحاب الشقق بتأجيرها مفروشة بأي اسم وبدون إخطار أو تسجيل.
اللوم كله للصحف التي تنشر إعلانات مثل هذه المكاتب بدون الحصول علي الأوراق الرسمية والتراخيص التي تؤكد صدق عملها.
أتمني أن تستفيد البنات من مأساة تلك الفتاة ولا يندفعن إلي شباك اللصوص والنصابين عبر مكاتب الكذب والوهم ومصائد الإنترنت, ويثقن أن رزقهن سيصل إليهن مهما بعدت المسافات والأزمات, وأن يلتزمن كل الحرص وهن يقدمن علي الزواج, فأحيانا نسعي بأنفسنا إلي الشر والعذاب, آملين أنه الخير والسعادة.
وسأتابع مع الصديق الدكتور هاني عبدالخالق ما تعرضت له هذه الفتاة من نصب وأرجوها أن تساعدنا في إبلاغ الشرطة حتي يمكننا أن نصل إلي هؤلاء النصابين حتي نعيد إليها حقها ونحمي آخرين من هذا المصير.. وكلي أمل أن نعيد إليها بعضا من أمانها وسعادتها وأموالها المقترضة. وإلي لقاء قريب بإذن الله.
المزيد ....

الكابــــــــــــــــوس‏!‏

03-12-2010
اكتب إليك الآن علي اعتبار صحة العبارة الشهيرة احكي عشان ترتاح ولأني لا استطيع أن أحكي لاحد لأني عندما أحكي لن أرتاح بل تزداد جراحي وآلامي لأن ما بداخلي لا يمكن أن يحكي لصديق أو قريب فهو السر الذي نخفيه أنا وأسرتي وإخوتي بالتحديد لكي تسير الحياة ولتظل الابتسامة في وجوه أفراد مجتمعنا وكأن شيئا لم يكن‏.‏

انا فتاة عمري91 سنة أوسط اخوتي لدي أخ في المرحلة الابتدائية وأخت أكبر مني في الجامعة, أمي وأبي يحملان شهادات مرموقة وبقية العائلة أيضا, كانت حالتنا المادية عادية في بداية طفولتي وقتها كان لا ينقصني شيء أما الآن وبعد أن تيسرت أحوالنا احس بنقص في كل شيء واحمل أعباء المال كل يوم.
منذ طفولتي وأنا أعيش في عذاب بالبيت لأن أبي يحمل شخصية عصبية جدا ومتقلبة المزاج جدا كان كثير الشدة معي انا واختي لا أعرف هل هذا بطبيعة عمله الذي حتم عليه ذلك كما يقول, ولكن عندما أري من مثله في هذا المنصب أو العمل لا أجد هذه الطباع, كانت هذه الشدة سلاحا ذا حدين فبرغم ان كل الناس يشهدون باخلاقي انا واختي وحسن تربيتنا إلا أنها خلقت فجوة كبيرة بيننا وبينه ومنعت الحوار بيننا لأننا كنا نخشي التحدث خوفا من الرد المليء بالسب والقسوة والضرب المؤلم الذي لا انساه, ولا أنكر أن امي التي يعود لها الفضل الكبير في نشأة شخصيتي أنا واختي فهي من ربت وعلمت وكبرت وداوت واعطت وكل شيء يمكن أن تتخيله وزيادة ولكن كنا نحيا في عذاب المشاجرة بين أبي وأمي الذي كان لا ينتهي ويختلف من سبب لآخر, ولكن مع كل ذلك يا سيدي الآن انا انظر لتلك الأيام الماضية واتمناها تعود بحلوها ومرها مرت أيامنا علي هذا الحال سنوات وسنوات ثم تحسنت احوالنا المادية, وتوسع أبي في عمله في احدي المحافظات الأخري فكان بين هنا وهناك الي أن أحست امي بتغير أحوال أبي فعند مجيئه من السفر يكون هادئا وتمر عدة أيام وينقلب حاله ومزاجه فيثور من أقل شيء حتي يسافر مرة أخري, حتي تأكدت امي من زواج ابي الثاني ولم تظهر له انها عرفت بذلك أملا في أن ينصلح ويعود مرة أخري, إلا أنها لم تتحمل هذا الوضع كثيرا وظهر كل شيء امام الجميع, وطلبت امي الانفصال بالود أو أن يترك تلك الزوجة الثانية ولكن رفض أبي ذلك متحججا بأنه لا يأخذ أوامر من أحد وأنه لا يريد أن يظلم زوجته الثانية, ولكنها هي التي ظلمت أولا ورضيت بالزواج, مع العلم بأن هذا الزواج يؤثر علي حياتها.
رفض أبي الانفصال عن أمي واضطرت امي للجوء الي المحكمة لإنهاء اجراءات الطلاق ومرت أيام الانفصال علينا سنوات من البكاء والحزن والالم فأنا لم أصدق أن يصل بيتنا في يوم من الأيام لكل هذا.. كانت دموعي لا تجف ولا يبتعد الحزن عني أنا وأخوتي وأمي, كان كل يوم يأتي بمشاكله بين الطرفين وأكثر ما كان يؤلمني السب المتبادل بينهما, كل ليلة.. حاولت أن أصبر واتحمل إلي أن تتم إجراءات الطلاق وتهدأ الأمور, وظننت أنه بعد أن ترك كل منهما الآخر ستهدأ الحياة من المشاكل التي كانت لا تنتهي ولكن فوجئت بحياة أخري, حياة مؤلمة في كل شيء حياة غريبة لم أتوقع أنني سأعيشها في يوم من الأيام, لم يعد شيء يفرحنا أو يدخل البهجة إلينا.
وبعدها بشهور يا سيدي تزوج أبي امرأة أخري, وسينجب منها, وقتها أحسست بكابوس لماذا يفعل أبي بنا كل هذا هل هو سعيد الآن؟ كيف يكون سعيدا؟ مرضت أمي ومرضت أنا بالاكتئاب, تقريبا أصبحنا نكره بيتنا الذي كنا نتمني أن ننتقل إليه, تحول البيت إلي مكان للبكاء, أمي تبكي كل ليلة وأخي الصغير عندما أنظر إلي أحواله ينفطر قلبي عليه, فما ذنبه ليعيش في كل هذه المعاناة فهو ينظر حوله ويجد من يقربونه من الأولاد في المدرسة أو من الأقارب يعيشون حياة أخري, أعلم أنك ستقول اننا أحسن من غيرنا بكثير فهناك من ولد ووجد نفسه يتيما صدقني الأصعب أن تجد حولك أباك وأمك ولا تجد الأمان ولا الدفء أنظر إلي أصدقائي وهم يتكلمون عن آبائهم وعن حواراتهم التي تدور بينهم والهزار والخروج وكأنها شيء طبيعي وهو فعلا شيء طبيعي ولكن عندنا لا, ففي حياتنا لن نستطيع الخروج مع أبي وكأنه شيء محرم رغم أنه يخرج مع أصدقائه كثيرا, حتي يا سيدي عندما يأتي للجلوس معنا فلا أحس بأي مشاعر تدور بيننا, فهو يجلس مع التليفزيون والتليفون حتي الأكل يفضل هو دائما أن يأكل بمفرده حتي لو سنأكل في نفس الميعاد أحببت كثيرا من أساتذتي الرجال حبا أبويا وكنت أعاتب نفسي علي ذلك, ولكن أنت تدري كم تحتاج البنت إلي وجود رجل قريب منها في مثل سني. أبي الآن يعاملنا علي أننا أعداؤه ويري دائما أننا نقف ضده ومع والدتي ويكون رد فعله تجاهنا علي هذا الأساس, فدائما يزعق ويشخط وتصبح عكننة علي أشياء غريبة وتافهة ولكن كل هذا انتقاما من أمي فكل منهما يعند أمام الآخر ولكن نحن الذين ندفع الثمن, بيتنا الآن إما في صمت أو بكاء أو مشاجرة ليس لنا أصدقاء ولا أقارب في محافظتنا كل ليلة استيقظ علي كابوس وتزداد حالة أمي من سييء إلي أسوأ وأعجز عن مساعدتها بأي شيء. في بعض الأحيان أقول لنفسي إن موعد رحيلي قريب, وأتمني من الله أن يعوضني بزوج حنون ينسيني ما مضي من آلام ولكن أفكر في أمي وأخي وأختي وهل سأتركهم إلي الوحدة والحزن, أنا أسأل نفسي كل ليلة هل أبي سعيد الآن؟ والله يا سيدي ظللت أنا وأختي نحصل علي أعلي الدرجات وحتي في الجامعة نأخذ تقديرات جيدة وأخلاقنا يحلف بها الجميع, ونكن لأبينا كل احترام ونسمع كلامه دون مناقشة, فلماذا فعل كل هذا بنا؟!
أصبحت أخفي وجهي من المجتمع حتي لا يقرأ أحد الأحزان علي وجهي, وأخفي حالتنا الاجتماعية التي أخجل من أن يعرفها أحد... أنا الآن انتظر الحلقة الأخيرة فأنا منذ أن تغير حالنا وأنا أحس بأنني أعيش في مسلسل درامي لن يخطر ببالي أن أعيشه في الواقع, وكنا دائما نقول أن المسلسلات والأفلام تكون مبالغة أكثر من الواقع ولكني اكتشفت أن الواقع أكثر ألما وجرحا, ومع انتظار النهاية وكيف ستكون مريحة أم أليمة إلي أين سينتهي حال بيتنا ومتي تجف دموعنا, أتمني دعاءك ودعاء قرائك لي ولأمي ولإخوتي ولأبي بأن يذهب الله الحزن عنا, ويبعد الغمة من بيتنا ويهدي أبي.. فأنا كثيرا أفكر في ترك البيت, ولكن لا أعلم إلي أين سأذهب في هذه الدنيا وكثيرا أدعو الله أن يقرب أجلي إذا كان فيه رحمة لي فأنا أعلم أن الله أرحم بعباده حتي من أبي وأمي.

< ابنتي العزيزة.. رسالتك تكشف وجها آخر قبيحا للطلاق وللعلاقة السيئة بين الأبوين, ينشغل كل طرف بانتصاراته أو هزائمه فينشغل بحاله ولا يلتفت الي تأثير ذلك علي الأبناء الأبرياء الذين تتشوه مشاعرهم وترتبك تركيبتهم النفسية, فينتظرون النهاية في بداية سني الحلم, ويرون في الهروب أو الموت حلا بدلا من أن يكون كل ما يشغلهم التفوق الدراسي أو انتظار شريك العمر القادم. لا أعرف سر الشجار الدائم بين والديك منذ بداية زواجهما, ربما لاختلاف الطباع أو لعدم وجود الحب أو لأخطاء في شخصية أحدهما أو لكليهما, وقد اتفهم ان يكون هذا الخلاف والتنافر مبررا لأن يبحث الأب عن زيجة ثانية يجد راحته معها, خاصة بعد تحسن أحواله المالية, وإن كان هذا لا يعني ان يكون الحل الجاهز للزوجين المختلفين هو الهروب لزوجة ثانية بدلا من مواجهة المشكلات والبحث عن حل لها, ولكن مالا أفهمه هو سر إصرار الزوج علي القسوة والتعنت مع الزوجة التي غضت الطرف في البداية, والقسوة الدائمة والمستمرة مع الأبناء, فعلت ما أردت ووجدت سعادتك ـ هذا إن وجدتها ـ فلماذا تبخل ياسيدي ببعض هذه السعادة علي أسرتك؟ ولماذا ضننت علي زوجتك بحقها في الطلاق إذا كان هذا أريح لها ولك بدلا من دفعها الي ساحات المحاكم, وتشويه ما تبقي من مودة ورحمة بينكما حتي من أجل الأبناء؟! وما يزيد من حيرتي ويجعلني اتشكك في مدي اتزان الأب النفسي هو زواجه الثالث وحرصه علي الانجاب ليضيف الي المعذبين طفلا جديدا. فكيف لأب فشل في تربية أبنائه الثلاثة وهرب منهم أن يأتي للحياة بمولود رابع يلقي به الي المجهول, بدلا من الالتفات الي طفل وابنتين في سن حرجة وفي أشد الحاجة الي حنانه واحتوائه وفهمه, بدلا من أن تبحث صغيرته عن كل هذا عند اساتذتها أو كل من يغريها بمشاعر الابوة الخادعة. ابنتي العزيزة.. لا أحد منا يختار والديه, ولكننا علي الاقل نختار مستقبلنا, فإذا كان ماضيك ليس بيديك, فإن مستقبلك ملك يمينك, والد ـ مهما فعل ـ له حق الطاعة والاحترام, لذا تجنبي الاصطدام به وقت وجوده في البيت, وامنحي طاقة الحب بداخلك لأمك الغالية ولا تنشغلي بالحزن عليها لأنها اختارت شريكها ودفعت الثمن, فليس من الحكمة البكاء علي ما كان, وواصلي احترامك لنفسك, يدك بيد شقيقتك, امنحا الحب والاهتمام والرعاية لشقيقكما, وحاولا ان تجنباه ما تعرضتما له, لا توغرا صدره تجاه والده, ففي تفوقكم ما يسعد والدتكم ويؤمن مستقبلكم وثقي في عدل الله ورحمته, ولا تتمني الموت, بل ادع الله ان يبارك في عمرك حتي تحسني الي والديك, وتحسني اختيار شريك حياتك, وعاهدي الله علي ألا تفعلي ما فعله والداك ويكون لك من الذرية الحسنة ما يقر عينيك ويعوضك عما فات. البهجة ياصغيرة قادمة, فلا تضيعي أيامك الحلوة المقبلة بالنظر إلي ما فات, فالغرس ليس غرسك, والذنب والعقاب من فاطر السماوات والأرض, لمن كان راعيا ولم يكن مسئولا عن رعيته, فمن زرع العذاب والحنظل في فم الصغار الأبرياء لن يجني في نهاية الرحلة سوي العذاب والحنظل, حفظك الله ورعاك وهدي والدك, وإلي لقاء قريب بإذن الله.
المزيد ....

ملائكــة الطــلاق‏!‏

26-11-2010
دعني أولا أعتذر لك ولقرائك الأعزاء‏,‏ بل دعني أولا اقدم اعتذاري لهذا الرجل بطل هذه القصة الذي أري اقترافي جرما لانصاتي له وسماحي لنفسي بسردها عليك يا أستاذي العزيز بغرض نصحه أولا وارشاد كل من تصور انه بالمال لا بالافعال يمكن شراء الحنان والعطف والتعويض عن الحب والاحترام‏.

هذا الرجل الذي يقترب من عقده الخامس, والذي يجلس مع طفليه الملائكيين, وقد ظهر عليهما مظهر الترف والراحة المادية متمثلة في ملابسهم وساعاتهم, بل وموبايلاتهم أيضا, كانوا يجلسون علي المنضدة التي تجاورني بسنتيمترات قليلة علي حمام السباحة بداخل أحد الاندية الراقية, والتي بحكم يوم الإجازة تزدحم جلساتها لتكاد تكون ملتصقة بعضها لبعض... هذا الرجل الملقب بالباشا من جميع افراد وموظفي النادي, والذي عكس مظهره مدلول هذا اللقب كان قد افترش علي منضدته كل أنواع أجهزة الموبايل القيمة الثمن, والتي من خلالها تكتشف بسهولة من أحاديثه المتقطعة عن قيمة مركزه المرموق في ساحة المحاكم والقضايا, كما احتل الباقي من المنضدة الطعام الديليفري الذي واضح أنه حرص علي ان يكفي الاولاد ويفيض. بدأ الحوار الذي شدني أنا وزوجتي أن ننصت له, ونحن ننتظر خروج نجلنا من ميعاد تدريبه, حيث بدأ خارجا من صوت رخيم عطوف مفعم بحنية مفرطة تصدر من مقدم برامج أطفال يصعب عليك تصديق أن يخرج من هذا الكيان الضخم شكلا وهيبة... كان الرجل حريصا علي اعطاء خلاصة تجاربه في صورة نصائح وتوجيهات, خاصة للولد الكبير ذي السنوات العشر مخاطبا اياه كل ما يصيبنا هو خير من عند ربنا سبحانه وتعالي, فهو القائل, وقل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.... أحرص علي معاملة اخيك الصغير معاملة طيبة حسنة, ولا ترد له الإساءة إلا بالحسنة, ولا تكن أنت والزمان عليه, يكفي ما نراه الآن من مشكلات.. احرص علي الا تغضبه, ويجب عليك أن تكون له درع الأمان التي يرجع لها في أي وقت.
حتي الآن والارشادات تصدر من أب ناصح أمين علي اولاده يحاول جاهدا وضعهم علي المسار السليم, ويحدث أن الطفل الصغير يأتي مهرولا شاكيا من فرد الأمن الذي يمنعه من لعب الكرة وسط جلسات العائلات, فيطلب منه الوالد نداء هذا الموظف لمخاطبته دون أن يتحرك من مكانه, ويأتي الرجل ويقف بين يدي الباشا معتذرا له لانها التعليمات, ويسأله الباشا عن مكان رئيس النادي ليتكلم معه, فيجيب الرجل بكل احترام أنه علي وشك الوصول, فيصرفه الباشا بدون كلمة, ولكن مرة أخري يضرب الباشا مثلا آخر, فيخاطب ولده لتفسيره ما حدث قائلا مادام رد الرجل بأدب واحترام, فلا مانع من تنفيذ التعليمات إلي أن يصل رئيس النادي لمناقشته فيها, وهكذا سار النصح والارشادات... إلي أن يحكي له ولده عما قالته له والدته ناهية إياه عن تكرار شيء ما فعله بكلمة دارجة معروفة عند امهاتنا كلنا, وهي هاطين عيشتك وعفوا سيدي, فلقد سمعت بعدها ورأيت رجلا آخر يصعب وصفه بكلمات وحروف, حيث أقل ما يوصف عنه عندما سمع هذه الجملة أنه قد تحول لكائن آخر نعم أنا اعنيها, فهل تتذكر معي فيلم الرجل اللطيف الذي يتحول تحت ضغط عصبي إلي العملاق الأخضر... نعم إنه مثله, حيث صرخ في وجه ولده الذي تحول أيضا إلي فرخ صغير خارج من الماء: كيف تقول لك هذه الــ.. أنها هاتطين عيشتك بنت الــ... اللي عيلتها... طيب خليها تعملها كده معاك, وأنا أعمل... وأسوي... آسف سيدي مرة أخري لقد إنهال علينا هذا الكلام البذيء, وعلي الولدين مثل المطر كلام يصعب قوله للص من رجل شرطة سيئ الخلق داخل حجز في نقطة شرطة, كلام استفزنا جميعا, وتوقفت امام رجاء زوجتي بعدم التدخل كطرف في الموضوع, كلام شد انتباه المارة, وهو يخفو تارة, ويعلو في وتيرته تارة أخري كلما ذكرت سيرة الأم, وكان واضحا من الكلام أن هذا الأب طلق زوجته من فترة ليست بعيدة, وخسر معها برغم نفوذه حضانة الاولاد, وظن أن مقابلته لهم علي فترات قادرة علي تحسين صورته امامهم, وتعديل ما تفسده تربية هذه المرأة التي ابتلاه الله بها وجعلها أما لهذين الطفلين, وقد صور له عقله الباطن أن لا علاج فعال لكسب قلوب هذين الطفلين إلا المال الذي يغدقه عليهما تعويضا عن حنان مفقود وعطف ضائع وتقربهما له بشكل أكبر, وتناسي أن هذا المال لا ينفع امام طغيانه, وكراهيته بهذا الشكل علي هذه المرأة التي لا اعرفها, ولا أدافع عما اقترفته في حقه أو حق ولديه, ولكن أدافع عن حق الولدين في الاحتفاظ بصورة جيدة لامهما تلك الام التي دمرت صورتها بفعل فاعل أمام ولديها, والتي يعز علي ان أسمع ما يقال لهما في حقها, وأظل ساكنا امام دوافعي الإنسانية, وحسرتي عليهما أمام أب يتجرد من ابوته كلما ذكر أسمها, بل الادهي انه يتعظم امامهما بما فعلت قدرته علي تحويلها إلي متسولة كل شهر طلبا للاعاشة, وأنه يستطيع في أي وقت خسف الأرض بها لولا حرصه عليهما!! كما يتطاول أيضا علي مديرة مدرستهما نتيجة رفضها ان يذهبا معه خارج المدرسة, ويتفاخر بأنه يستطيع نقلها أو إهانتها أمام مدرسيها, ولكن حرصا علي الاولاد فهو يؤجل ذلك لوقت آخر, ويكتفي بذهاب جدتهما المحامية إليهما من وقت لآخر للاطمئنان عليهما في المدرسة.
سيدي أستحلفك بالله أن تقف معي مخاطبا كل من علي شاكلة هذا الرجل, فهو يستعين بالدين ويفسره, كما يراه ويستعين بنفوذه لتحقيق غايته, ولكنه يدمر صورة أم أمام أولادها ينسف فيهما حبها وعطفها, يا تري هل فكر ماذا لو سمع الاولاد الكلام نفسه من ناحية والدتهم, وأعتقد أن هذا أقرب إلي الحدوث ألم يفكر في الازدواجية التي ستحدث لهما؟ وفي الاصل ما ذنبهما في عدم توفيق رجل وامرأة في العيش تحت سقف واحد أليس الله بقائل في سورة الطلاق فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف أرجو من الله أن يقرأ هذا الكلام, ويستمع لحكمك وتعليقك, ويتقي الله في اولاده, وفي أمهم التي اكلت معه في طبق واحد يوما ما, وربما سترت عيوبه عن الآخرين.

* سيدي... لم أنشر رسالتك لانها تكشف سوء سلوك أب, لم يفهم أنه بما يقوله لطفليه عن أمهما يدمرهما نفسيا ويعلمهما أول دروس التمرد والتجاوز الذي حتما سيناله منهما الكثير.. ولكن رسالتك تكشف عن ثقافة غائبة عن مجتمعنا, وهي ثقافة الانفصال أو الطلاق.
هذا القرار الذي يتخذه أحد الطرفين أو كلاهما, هربا من واقع سيئ أو بحثا عن واقع أفضل, فأيا كانت أسباب الطلاق, يصبح هناك واقع جديد لا ينتهي بانفصال الطرفين, واقع يقول إن في حياتنا أطفالا, لم يشاركوا في اختيار كل طرف للآخر, ولا يتحمل أي منهم مسئولية في سوء العلاقة بينهما أو تدهورها, هم ثمرة لعلاقة شرعية, لهم كل الحقوق في اكتساب مزاياها, وعدم دفع ثمن نتائجها السلبية, ما يحدث عادة بعد الطلاق, هو حالة من العناد, تبدأ في أقسام الشرطة, وتشتعل في المحاكم, وتنتهي بقانون الرؤية المليء بالثغرات والعيوب التي تؤلم الآباء والأبناء.
الصراع عادة لا يكون من أجل الصغار, ولكن من أجل انتصار طرف علي الآخر, وإذلال طرف للآخر, نشوة الانتصار الغبية تعمي الأبصار, فيتفنن أحدهما لمنع الآخر من رؤية أطفاله, أو الجلوس معهم أطول وقت, رؤية محددة بوقت ومكان, يذهب الأطفال محملين بتوجيهات وتعليمات بعد أن يوغر الأب أو الأم القلوب الصغيرة ضد الطرف الثاني, الذي يتلقف الصغار ويفاجأ بما يحملونه من مشاعر سلبية تجاهه, يغتنمها هو الآخر فرصة ليشوه صورة الطرف الأول, ثم يبدأ هو الآخر في توجيه النصائح والإرشادات, متذرعا بأنه يحاول إصلاحهم.
الحقيقة التي يجهلها الطرفان أو لا تشغلهما هي ما يحدث داخل نفوس هؤلاء الأبرياء من تشتت نفسي, وازدواجية في المشاعر... أحاسيس مضطربة تجاه الأبوين, حب مضطرب متوجس, يظهر في صورة أحلام مفزعة, إضطراب وجداني, تلعثم في الكلام, تبول لا إرادي, وفشل دراسي واجتماعي.
الدراسات الاجتماعية والنفسية تؤكد أن نسبة كبيرة من أبناء الطلاق يعانون من مشكلات سلوكية تنعكس علي حياتهم, ويكونون أقل قدرة علي مواجهة المجتمع, كما تزيد نسب فشل علاقاتهم الزوجية في المستقبل.
أي أب أو أم هذا الذي يريد لابنه هذه الحياة بسبب عناده وأنانيته... لماذا لا يفصل المطلقون مشكلاتهم بعيدا عن أبنائهم, فإذا كانت حياتهم قد إنتهت, فإن حياة آخرين بدأت, وسوف تستمر فما المكسب الذي سيعود عليهم بتدميرها.
لماذا لا يعيش كل واحد منهم حياته كما يحب, ويضعان خطة اجتماعية ونفسية لتربية أبنائهما بدون تحطيم صورة الأب أو الأم, فإذا أساء أحدهما أو عرض طفله للإيذاء فإن القانون يقف له بالمرصاد, يعاقبه ويحرمه من رؤية أو تربية ابنه لأنه غير أمين عليه, ولكن أين هذا القانون؟.
لماذا لا يكون لدينا بروتوكول تربية يوقع عليه الأب والأم أمام قاض في حالة الطلاق, يلزمهما بأسلوب التربية, ومن يخل أو يختل يتعرض لعقاب قاس؟... فمناشدة الآباء لن تجدي إذا لم يكن هناك قانون ملزم وصارم, فحماية الأجيال الجديدة مسئولية الحكومة, وما أطرحه أضعه أمام وزيرة الأسرة والسكان النشيطة, والتي لا تيأس السفيرة مشيرة خطاب, فالأمر خطير, وبريدي لا يخلو يوميا من صراخ وبكاء وتوسلات من آباء وأمهات يعانون من قانون الرؤية, أما الغائب عنا, فهو صوت المظلومين الأبرياء, أصحاب القلوب الطاهرة, أطفالنا, الذين لا يعرفون ولا يفهمون لماذا أتوا إلي الدنيا ليلقوا كل هذا العذاب من أقرب الناس إليهم, من الذين أعمتهم لذة انتصار مؤقت تؤدي إلي هزيمة دائمة لأحب الناس, ملائكة الطلاق... فهل ينقذهم القانون من الاغتيال اليومي, بعد أن غاب الضمير أو مات؟!.
المزيد ....

ثمـن البشــر‏!‏

19-11-2010
طاوعتني يدي علي الإمساك بالقلم بعد تردد‏,‏ لأكتب إليكم‏..‏ فأنا يا سيدي رجل علي أعتاب الستين واقفا‏..‏ ناظرا للماضي بعتاب ولوم‏..‏ لماذا كنت أعيش لغيري؟ هل أخطأت‏..‏ هل كنت إلي هذا الحد جاهلا غافلا عما يخبئه الدهر‏,

فلم أعمل له حسابا ففعل ما فعل وترك لي الندم والحسرة؟ لأصبح كل صباح يطلع علي أرفع يدي للسماء أدعو الله ألا يطيل عذابي أكثر من ذلك, فيكفيني ما عانيت من ندم وعوز ومرض وألم وأنا في هذه السن..
في إحدي ضواحي محافظة الجيزة نشأت وسط أسرة بسيطة لأب يعمل بإحدي المصالح الحكومية وأم عاشت حياتها لبيتها, حرصت علي تربيتنا وتعليمنا وكانت تتنازل عن أشياء كثيرة هي في احتياج إليها لتوفر لنا حياة كريمة.. فتعلمت منها الإيثار والحب والعطف.. وتعلمت من والدي كيف أرعي الله وأهل بيتي وأحافظ عليه, وبعد وفاة والدي ـ رحمه الله ـ حملت مسئولية تربية وتعليم أخين لي كنت أنا أكبرهم والعائل الوحيد لهما فكنت أعمل وأدرس في الوقت نفسه حتي حصلت علي شهادة معهد فني تبريد وكانت في وقتها بمثابة شهادة جامعية, رزقني الله بعمل في إحدي الشركات الخاصة براتب كبير لم أدخر منه شيئا للزمن وكان يصرف كله علي أخوي, ورأيت أن تربيتهما ادخار كبير لمعان كثيرة لا تقدر بمال, ورفضت الزواج حتي يتم أخواي تعليمهما, حتي نسيت نفسي وتقدم بي العمر لأجد من هم في مثل سني لديهم أطفال في مراحل التعليم المختلفة, حتي أخي الأصغر مجرد أن حصل علي شهادته شق طريقه وكون أسرة, أما أخي الآخر فقد سافر إلي إحدي الدول الأوروبية ونسيني, فشعرت بأنني قد فاتني الكثير من عمري لأجدني كشجرة لا ظل لها ولا ثمر, ولتزداد غربتي ووحدتي توفيت والدتي ـ رحمها الله ـ وأصبحت وحيدا فتزوجت.
كنت قد تخطيت العقد الثالث بست سنوات, ومع أول مولود شعرت بأنني عشت ما مضي من عمري كالذي يحرث في البحر, وأنني فقدت كثيرا من متع الحياة وقيمتها, فبدأت أعمل بكل طاقتي لأعوض ما فاتني حتي تدرجت في وظيفتي وأصبحت مشرفا علي أحد أقسام الشركة ويعمل تحت إدارتي أكثر من ثلاثين فردا راعيت الله فيهم, وحظيت بحب واحترام الجميع, فكانوا يلجأون لي لمساعدتهم وحل مشاكلهم, ولم أتأخر يوما أو أتردد في الوقوف بجانب أي أحد ماديا أو معنويا, بل كنت أشعر بسعادة عندما أقوم بمساعدة أحد, وكانت زوجتي تلومني علي ذلك, فأقول لها أنا دلوقتي بصحتي وبكرة في علم الغيب.. يمكن ييجي اليوم اللي أحتاج فيه من يقف بجانبي فألاقي الذي قدمته.
وسارت حياتي وأنا في رضا وحب للحياة والعمل ورزقني الله ثلاث بنات وولدا وحيدا هو الآن في الثانوي الصناعي, وابنتي الكبري في السنة الثالثة بمعهد التمريض والثانية في الإعدادية, وآخرهم طفلة عمرها ثلاث سنوات, كلما نظرت لهم خفت من المستقبل وشعرت بظلمي لهم لأني أبوهم, فواصلت عملي ليلا ونهارا لتوفير حياة كريمة لهم وتأمين مستقبلهم.. عشنا حياة سعيدة يملؤها الحب والود, وأقبلت علي الحياة بتفاؤل وثقة في أنني ما دمت أرعي الله في عملي وبيتي فلن أضام أبدا أو أذل, لكن اختبارا صعبا أراد الله أن يمتحنني به لتنقلب حياتي وتصبح جحيما لا تخفت نارها, فذات يوم كنت عائدا من عملي فإذا بشاب يسابق آخر بسيارته, لفتت سرعة سيارتيهما انتباه المارة, والتزم الجميع رصيف الطريق وأنا معهم, خوفا من رعونتهما, فإذ بأحدهما تختل عجلة القيادة بيده ليصعد فوق الرصيف مطيحا بي في الهواء, ثم يفر هاربا..
في أحد المستشفيات العامة أفقت لأري وجوه أشخاص تترنح في ضباب قاتم, لا أستطيع تحديد ملامحهم, في بداية الأمر ظننت أني فقدت بصري, وعندما بدأت في تحريك لساني محاولا النطق سمعت صوت بكاء أبنائي من حولي, وشعرت بيد زوجتي وهي تشد علي يدي لتخبرني بالحادث, وأنني مصاب ببعض الكسور البسيطة وسأقوم بإذن الله وأعود لعملي وبيتي.. حمدت الله وشكرته علي لطفه بي, ورقدت لما يقرب من شهرين علي فراش المرض, رأيت فيهما كسرة النفس والخجل من نفسي وأنا لا أستطيع قضاء حاجتي بنفسي.. إحساس صعب سيدي ـ عافاكم الله ـ أن يجد الإنسان نفسه عاجزا ويمثل عبئا لأي أحد حتي ولو كانوا أبناءه, كانت زوجتي وابنتي معي في مواجهة هذه المحنة, فكانتا تحملانني عندما أريد قضاء حاجتي وأنا أتحامل علي نفسي مظهرا أنني مازلت بصحتي, وانتظرت إجراء عملية جراحية لتركيب مفصل وشرائح ومسامير لساقي تتكلف مبالغ لا أستطيع تحملها.
كان أول إنسان فكرت فيه في محنتي هذه هو أخي الأصغر الذي كنت له أبا وأخا وأما وأرسلت له حيث يعمل في إحدي الدول الأوروبية شرحت له حالتي وما حدث وطلبت مساعدته فأرسل مبلغا بسيطا بعدها انقطعت أخباره واتصالاته بي منذ سنتين ولا أعرف عنه شيئا, ومع ذلك التمست له العذر مثلما فعلت مع اخي الآخر الذي في عنقه مسئولية بيت وأسرة, كان أملي الأخير هو الشركة وظننت أنها ستتحمل تكاليف العملية, وأن الأمر سينتهي بعد إجرائها وسأعود لعملي وحياتي الطبيعية, لكن فوجئت بها ترفض تحمل نفقة علاجي لأنه لا يوجد أي التزام للشركة تجاهي وليس مؤمنا علي, وهنا كانت وقفتي مع نفسي وشعوري بأن حياتي كلها لامعني لها مقابل بعض المال الذي كنت أصرفه بدون حساب علي أخوي وأشخاص ظهر معدنهم ووجدتهم يهربون مني, وعرفت أن لكل شيء قيمة وثمنا حتي البشر.
عرف زملائي بالعمل ماحدث لي, فجمعوا مبلغا أعطوه لزوجتي كانت تصرف منه بعد انقطاع راتبي, وحاولت بكل الطرق أن يلين جانب الشركة التي كنت أعمل بها لتدفع جزءا من علاجي ولم تستجب, بل قامت بفصلي عندما تخطيت المدة القانونية في الغياب. كان تخليها عني بعد هذه السنين التي قضيتها في خدمتها ضربة موجعة منها ومن أخوي, وشعرت بإهانة وغبن وظلم, فوضت أمري الي الله فهي مشيئته وله في ذلك حكمة.. فأكرمني الله بصديق سعي في استخراج قرار علاج علي نفقة الدولة تم به إجراء العملية.
وخرجت من المستشفي مستندا الي عكاز لا أستطيع التحرك بدونه, وجلست في بيتي اجتر احزاني وأعيش لوعة العجز والخزي وأنا لا حول لي ولا قوة, أموت في اليوم مرات وأنا أري ابنائي لايجدون ما يأكلون, وكانوا من قبل في ستر ورضا من الله ويعيشون في سعادة, مر أكثر من ثلاث سنوات علي خروجي من المستشفي, تمر الأيام ثقيلة وأنا أتحمل ألما شديدا بساقي.. ووسط هذه الدوامة التي أعيش فيها وجدت ابنتي الكبري تجلس في البيت ولاتذهب لدراستها, وعندما سألت والدتها أخبرتني بأنه لايوجد معنا أجرة مواصلاتها.. نكست رأسي مستندا الي عكازي والحائط ذاهبا لحجرتي الكئيبة أبكي بكاء حارا.. نعم سيدي ابكي بدمع سخين لأنني كان بإمكاني توفير حياة كريمة لهم ولم أفعل.. كنت استطيع تأمين حياتهم ومستقبلهم بقليل من الروية والحكمة في إدارة نفسي وعملي وحياتي ومالي ولم أفعل.. كان بإمكاني ألا أتزوج لأنجب ابناء بلا عائل ولم أفعل.. أكره حياتي لأني هكذا.
كل يوم تزيد معاناتي أنا وأبنائي حتي تدهورت حالتنا وامتنعت عن تناول بعض الأدوية التي كانت تأتيني من إحدي الجمعيات الخيرية لأبيعها سرا وأعطي فلوسها لزوجتي, بينما أنا أعتصر ألما ولا أقول الآه.. فساءت حالتي وبدأت ألاحظ تورما في ساقي وأشعربألم شديد ودخلت في نوبات إغماء, وكان لابد من الذهاب الي طبيب, فذهبت بي زوجتي الي احد المستشفيات العامة رفضت إدارته استقبالي, أخذت أتنقل من مستشفي إلي آخر راجيا الأطباء أن يرحموني من العذاب الذي أعيش فيه ولم يغثني أحد.
كل ليلة أجلس وحدي أقاسي مرارة المرض ووجع الألم, وفي احدي الليالي تحدثت مع ابنتي الكبري عن دراستها وكيف يجرون العمليات الجراحية, وكان هدفي من الحديث معها الوصول الي مانويت فعله وهو بتر ساقي, نعم سيدي فكرت في أن أقنع ابنتي ببتر ساقي بدون أطباء وفلوس ومستشفي وناس تبيع وتشتري في جسدي الهزيل, وبدأت أمهد لذلك, فأخذت تحكي لي عن حضورها عمليات جراحية صعبة وأنها أصبحت قوية وتتحمل رؤية الجروح, فقلت لها ما رأيك لو قمتي بفحص ساقي وبترها.. في البداية ظنت أنني أمزح فلاطفتني قائله: انت زي الفل ياعم الحاج.. انت أجمد مننا يا بابا وعندما أيقنت أني قاصدا ما أقول نظرت لي بجمود وانفجرت في نوبة بكاء هاربة من أمامي.
كانت هذه آخر حيلة لي للتخلص من آلامي برغم بشاعة تخيلها, عرف أحد الصالحين ما أعانيه فتوسط لدي جراح مشهور للكشف علي حالتي, وذهبت له وبعد الكشف قال إن بعض الأخطاء الطبية في تركيب المفصل والشرائح تسببت في تكوين صديد وتلف في الانسجة وتورم المفصل والساق ولابد من نزع المفصل وتركيب آخر في أقرب وقت, وإلا لو استمر الوضع هكذا فسوف يؤدي الي بتر الساق.. وعندما سألت عن تكاليف العملية وجدتها تتكلف مبلغا لا أملك منه شيئا, وقد أصبحت طريح الفراش وفقدت عملي, حاولت استخراج قرار علاج علي نفقة الدولة ولم أستطع,, أريد من قراء بريدكم المبارك أن يدعوا لي بالشفاء حتي أخرج للحياة مرة أخري لكي أموت وأنا واقف اعمل لأجل ابنائي, أريد أن أرتاح من ساقي بأي طريقة حتي ولو كان بترها, فأنا لا أجد سبيلا بعد أن ضاقت بي الدنيا, ولا استطيع إلا التحمل والرضا والصبر.. عافاكم الله.

* سيدي.. رسالتك لاتعبر عن رجل مريض يحتاج إلي مساعدة مالية لاجراء جراحة. أو إلي قرار علاج علي نفقة الدولة, وإنما تعبر عن واقع مؤسف ومؤلم وفوضوي لايعترف بقيمة البشر, بل يراهم بلا ثمن!!
قصتك ياسيدي تكشف عن الخلل الذي أصاب نسيج الأسرة المصرية فجعل الأخ يتنكر لعطاء أخيه ويخفي نفسه عنه حتي لايقف بجواره في محنته أو يمد يده ليساعد أخوة الدم. نفس الخلل الذي أتاح وحمي صبية صغارا يلعبون بالسيارات في الطرقات مغتالين حياة البشر وأجسادهم لأنهم بلا ثمن ولأنهم لايدفعون الثمن.
هو نفس الخلل ــ سيدي ــ الذي جعلك تفني عمرك في شركة خاصة وأنت غير مؤمن عليك, وبدلا من علاجك وصرف راتبك تفصلك من العمل, وأنتظر سؤالا واهتماما من المحترمة السيدة عائشة عبدالهادي وزيرة القوي العاملة, وأدعوك إلي إرسال كل الأوراق المتعلقة بعملك حتي يمكن إعادة بعض حقك لك.
وأعتقد ــ كما اعتدت منه ــ أن يبادر السيد الدكتور حاتم الجبلي بالموافقة علي علاجك في واحد من المستشفيات المتخصصة لانقاذ قدمك والتحقيق مع إدارات المستشفيات التي رفضت علاجك. وحتي يحدث هذا نحن معك, ستواصل ابنتك تعليمها, ولن يضن عليك بريد الجمعة بأصدقائه ــ ونحن في هذه الأيام المباركة, في مساعدة أسرتك علي الحياة الكريمة وعلاجك إذا وقفت الحكومة بوزاراتها عاجزة عن علاجك وإنقاذ أسرتك من الضياع, مع كل الدعوات الطيبة بالشفاء والصبر والرضا علي ما ابتليت به من نكران للجميل وإهمال وجرم ارتكبه شاب طائش لا أعرف كيف ينام هو وأهله وهو ظالم لأسرة بالكامل. وإلي لقاء قريب بإذن الله.
المزيد ....

النقطــــة الســــــوداء

12-11-2010
{{‏ سيدي‏..‏ أكتب إليك وقد تصلك رسالتي وأنا واقفة بين يدي الله تعالي مؤدية مناسك الحج باكية وآسفة وراجية منه تعالي أن يتقبل مني توبتي وأن يخلصني من أقسي أنواع الادمان هذا الادمان الذي يسري في دمائي وأعصابي وحتي هذه اللحظة لا أعرف منه فكاكا‏..‏

سيدي الفاضل.. قبل أن أوضح لك ما هو نوع ادماني استسمحك عذرا لاطالتي عليك والتي قد لاتجد فيها إلا سيرة ذاتية لا تهم ولاتنفع, ولكنني اعلم تماما من خلال متابعتي لك أن الله سبحانه وتعالي أودع في قلبك الكريم ونفسك الصبر ولا أطمع منك سوي في أن تستمع إلي من خلال الورق, ويكفيني أنني قد أفضت إليك بسري الذي لا يعلمه إلا رب العباد وحده.
بداية... أنا امرأة في الخمسينيات من العمر لا تبدو علي السن فانا شديدة العناية بنفسي ومظهري ومؤمنة تماما بأن الانسان لابد أن يحب نفسه بما لا يضر الآخرين حتي يستطيع أن يحب كل شئ في الحياة, وأول الحب حب الله تعالي هذا الذي يصل بنا إلي كل أنواع الحب الطاهر. ومن خلال هذا المبدأ أحببت الدنيا بكل ما فيها من نقائص.. حياتي الخاصة هي زواج في سن مبكرة اسفر عن طفل صغير وزوج توفاه الله أفنيت عمري كله في تربية ابني, وأغلقت علي نفسي كل أبواب أنوثتي لأكون راعية لطفلي الصغير ليتربي علي القيم والمبادئ التي تربيت عليها في أسرتي المتدينة, وبرغم عملي في جهاز حساس ورعايتي الدائمة لأبني حققت النجاح وراء النجاح في عملي وفي أمومتي, وحرصت دائما علي أن اضع حدودا مهذبة بيني وبين الآخرين حتي لا أكون مطمعا لأي رجل, ومرت السنوات بمرارتها وحلاوتها وكنت دائما في حياتي أحول المرارة إلي قوة تدفعني إلي الأمام أكثر وأكثر. كان حبي لربي ثم حبي لابني هو كل الأمل الذي استمد منه قوتي وحباني الله تعالي بأسرة متماسكة محبة لبعضها وصديقات أوفياء من نفس مستواي الاجتماعي والأخلاقي وكلل الله تعالي كفاحي وصبري بنجاح باهر لابني وتخرج في احدي كليات القمة شابا وسيما متدينا وسرعان ما حصل علي وظيفة في مكان مرموق وحباه الله تعالي بزوجة فاضلة وكم كانت سعادتي وأنا أجني ثمرة شبابي وكفاحي وصبري كل شئ معي: حب الناس وأسرتي الحبيبة ونجاحي في أن أري ابني ناجحا مع زوجة رقيقة ومنزل رقيق وكل شئ جميل, وفي اثناء فرحتي الشديدة همست لي احدي الصديقات بأنه قد آن الأوان لانظر إلي نفسي وإلي أنوثتي التي أغلقت عليها كل الأبواب لينشأ ابني في أسرة مستقرة.
كانت تحدثني عن رجل يقترب من الستين من عمره علي خلق وأرمل وعلي ثراء واسع وأنه تحمل مرض زوجته سنوات طويلة حتي توفاها الله وان عنده ثلاثة رجال اثنان منهم تزوجا والأخير يتولي رعايته لأنه مازال طالبا في احدي الجامعات الخاصة.
فلم يمس شغاف قلبي في كل هذا السرد إلا وفاؤه لزوجته المريضة ورعايته لها, فالوفاء عملة نادرة في هذا الزمان.
وأخيرا ياسيدي قابلت هذا الرجل أخذ يقص علي كيف أن زوجته كانت تكبره في العمر وأن زواجهما كان تقليديا أسفر عن ثلاثة أبناء وأنه كان حارسها الوفي في مرضها الذي دام أكثر من عشر سنوات وأنه اكتفي بما جمعه من مال وكان يحلم بالزواج من امرأة مثلي ذات خلق وشخصية وثقافة ووسط عائلي راق, وكم يقدر لي كفاحي من أجل تربية ابني, وأنه يريد أن يعوضني عن كل ما مر من عمري ومن عمره لنبدأ معا حياة زوجية جميلة تعوضه عن أيام كفاحه وشقائه وأكون فيها ملكة متوجة في حياته كان يبكي وتنهمر دموعه وهو يقدم لي حبه, لا أعرف ياسيدي كيف تفجرت في قلبي ونفسي مشاعر لم أخبرها من قبل, كان وفاؤه لزوجته أساسا في مشاعري نحوه ووافقت علي الزواج منه بعد عدة لقاءات وبرغم تحفظ والدتي عليه حيث انها كانت تري ان تعامله مع العمال في مصانع الاثاث التي يملكها قد لايناسبني ورغم ذلك تزوجته بدون أي مطالب إلا حبه واحترامه وحنانه, حتي أنني لم أفكر لحظة أن أغير أي شئ في المنزل ربما كان حبا له وحرصا شديدا مني علي مشاعر ابنائه حتي أنني والله وضعت كل صور والدتهم في اماكن بارزة كان كل همي أن أتفاني في عطائي له واكتساب حب أولاده وزوجاتهم.
كان كل همي أن اسعدهم وأقسم بالله انني احببتهم حبا عظيما وكأنهم ابنائي الذين لم انجبهم, حتي ابنه الذي كان يعيش معنا احسنت معاملته حتي انه بالفعل أحبني رغم أن الجميع كانوا يشكون من سلوكياته واستهتاره, كنت اتركه يفعل ما يشاء في المنزل يستقبل اصدقاءه في أي وقت يدخل حجرتي يعبث بأشيائي فأغض البصر حتي أن اباه حذرني منه.. كنت ياسيدي استقبل زوجي في ابهي صورة وبالورد وأعطر له كل ركن في المنزل حتي ملابسه كنت قبل أن اذهب إلي عملي اهتم بافطاره وبملابسه حتي أن حذاءه كنت المعه بكل فرحة وسعادة, كنت أخشي من الموت حتي لا أفارقه.. وكان هو الآخر يبكي متأثرا بحبه لي وبأنني نعمة من الله انعم بها عليه, وكان يحكي لي عن طفولته البائسة وكيف أن اباه تزوج من خادمة كانت عندهم وعاشت معهم في المنزل وأن المنزل كان به العديد من الاخوة والاخوات, وكان طفلا ضائعا لايعلم عنه أبوه شيئا حتي إنه كان يعمل وهو صغير ليشتري ثمن الكتاب, كم ابكاني بؤس طفولته وكم احتويته بكل حب وحنان.. كنت دائما أضفي علي المنزل كل المرح والسعادة وكم كنت أغض البصر عن الغيرة التي أراها في عيون ابنائه وزوجاتهم بالرغم من أنهم في البداية أظهروا كل الحب والموافقة والمباركة لهذا الزواج, لا أعلم متي وأين بدأت الانقلابات في حياتي معه, كيف تحول هذا الرقيق الحنون المهذب إلي إنسان آخر تماما.. سب في الناس وافتعال المشاكل وخاصة مع البائعين عند شراء أي شئ, حتي الجيران ياسيدي لم يسلموا من لسانه, ألفاظ بذيئة ومشاجرات كلما خرجنا في الشوارع وضرب وبدأ ياسيدي القناع يذوب رويدا رويدا في البداية ثم ما أفزعني أن مشاجراته مع ابنائه مفزعة, الابن يشتم اباه بل يطلب من الله أمامه أن يموت ليستريحوا منه والأب يلعن ابناءه ويلطم علي خدوده مثل النساء وحديثه ليس إلا علي أعراض الناس حتي أخت زوجته وصفها بالعانس, وأساء إلي سمعتها.. ثم تحول الأمر معه إلي أنه كان يشرب الكحوليات ويدعي أنها بسبب العلاج حتي في السيارة يشرب ويتعمد الشجار مع الآخرين من سائقي السيارات وتبادل السباب ومع العمال في المحال وما أذهلني منه أنه كان يدعي أمام الناس صفة المستشار الذي سيبطش بهم.. كنت في ذهول ياسيدي غير مصدقة أن من آراه هو هذا الرقيق المهذب المتدين الذي تزوجته.. ثم تحول الأمر إلي افتعال المشاكل معي ونقدي في كل شئ حتي تحولت حسناتي وميزاتي التي كان يفخر بها ويبكي والله العظيم من نعمة الله التي أنعم عليه بها وهو زواجي منه إلي سيئات.
كنت لا أري هذا الرجل يصلي اطلاقا إلا يوم الجمعة ليراه الناس الرجل التقي الورع حتي زكاته كانت من أجل التفاخر والاعلان عنها.
كنت في ذهول ياسيدي من هذه الأسرة وهذه الشريحة من المجتمع.. ثم تطور الأمر سريعا معي إلي محاولة تعمد اهانتي ونقدي حتي أنه كان يعترف أنه يبحث بكل طريقة عن أخطاء لي.. ثم بدأ في معايرتي أنه كان بمقدوره أن يتزوج فتاة صغيرة بفلوسه( تبوس جزمته وتلبي له طلباته الجنسية وتمتعه) ثم تذكيري الدائم انه مليونير وأنه بفلوسه يعمل كل حاجة وبدأ بعد ذلك بطردي وبتهديدي بأنه سيذهب إلي مقر عملي ليعلن للناس أن هذه السيدة المرموقة المكانة ليست إلا امرأة فاشلة ولا تنفع زوجة وعندما كنت أطالبه بأن يطلقني بالمعروف كان يبكي ويقبل الايادي باديا أسفه وندمه وأن الحياة بدوني ليست حياة كنت أتسامح معه ولكن كان بساط الاحترام ومعه الحب ينسحب وفي أثناء صراعي النفسي للخروج من هذه الحياة.. حدثتني زوجة ابنه محذرة من أن هذا الرجل يعد خطة مع ابنائه للاستيلاء علي مجوهراتي وصارحتني بأنه لم يكن وفيا لزوجته المرحومة كما يدعي, بل أنها في أواخر أيامها امتنعت تماما عن أخذ الدواء راجية من الله تعالي أن يتولاها برحمته وأن هذا الرجل كان يعايرها بمرضها وبسنها, ثم صارحتني بأن كل أسرار حياتي بالتفصيل مع أبنائه: اهاناته ومشاجراته معي يعرفونها وأنه لم يحصل علي مؤهل عال وأنه يحتد علي لوضعي الاجتماعي وأنه بدون المال لا يساوي أي شئ وان مصارحتها لي حبا لي وشفقة علي مما سوف يحدث لي وبالفعل ياسيدي وضعت مجوهراتي في خزانة خاصة واخذت أراقب تصرفاته وأسفر الأمر عن أهانات متتالية وترك المنزل بدون أي مصاريف بالشهور ومحادثات بصوت خافت ثم مطالبتي صراحة بمجوهراتي ساعتها ياسيدي تأكدت تماما أن القناع سقط سقوطا مروعا وكم احتقرته واحسست بالاشمئزاز منه وخرجت ياسيدي من هذا المنزل غير آسفة إلا علي ما مضي من عمر مع هذا الذي انطبقت عليه كلمات الحديث الشريف آية المنافق ثلاث..
وطلبت من أهلي مساندتي في الخلاص منه لاستعيد صحتي التي كانت تذوي يوما بعد يوم وبالفعل حصلت عليه بعد معاناة شديدة وتنازلت عن حقوقي المشروعة, كما خطط هو لذلك ولكنني وأقسم برب العباد كنت ومازلت أسعد النساء يوم الخلاص حتي أن المأذون كان غاضبا من تنازلاتي عن حقوقي وقال ان حقك عند الله في السماء أمام الجميع حتي ملابسي ياسيدي كاملة تركتها ورائي وبدأت ياسيدي أتنفس عبير الحرية والكرامة أعود إلي حياة الصدق والوضوح والنظافة مرة أخري وذهبت إلي اداء العمرة شاكرة ربي كل الشكر وعندما عدت وجدت هذا المنافق الكاذب يطاردني انا وأهلي مطاردة ملحة يبكي آسفا نادما طالبا أن نسامحه مدعيا أن أولاده كانوا السبب بتحريضهم أياه وأنه بدوني ضائع كنت أغلق التليفون في وجهه ثم بدأ يحدث أهلي ويترك لي رسائل صوتية يبكي ويبث فيها لوعته وشوقه ويعترف بأنه تزوج فتاة صغيرة لتخدمه أوفر من الخادمة وتلبي له رغباته وأنه في كل لحظة معها لا يري إلا وجهي الذي أضاعه من بين يديه وهنا ياسيدي بدأت رحلتي مع الادمان نعم ادمنت أن أسجل له كل بكاء يبكيه وكل ندم يبديه وكل حديث مهين عن حياته الخاصة وعن ابنائه وعندما أشبعت نفسي بكم من التسجيلات الصوتية له أغلقت جميع تليفوناتي وأصبحت لا أنام إلا بسماع صوته وهو مهان وذليل وحتي نفاقه وكذبه كان يشجيني. حاولت ياسيدي أن اتخلص من هذه العادة وهذا الادمان ولكنني لم استطع.. أعرف أن براكين الغضب وأيام الذل والمهانة مع هذا المخلوق لم تشف منها نفسي ولكنني غاضبة من ضعفي امام ادماني برغم حرصي الشديد علي اداء كل واجباتي والفروض الدينية والاجتماعية إلا أن هذه النقطة السوداء في حياتي لم استطع الفكاك منها وكلي أمل في أن يرحمني رب العباد من هذا الادمان ويطهرني من هذا الغضب ويسامحني ويعفو عني.
اعرف ياسيدي ان الله تعالي منحني السعادة الآن بحريتي وبحياتي الاسرية والاجتماعية الجميلة ولكنني لا أعرف كيف ومتي ساتخلص من هذا الادمان آسفة لك كل الاسف.. وشكرا لك علي تحملك كل هذا الحديث.

* سيدتي.. أولا حج مقبول وذنب مغفور بإذن الله, ولا تنسينا في الدعاء, تقبل الله منك ومن كل المسلمين, وحفظ مصر بدعاء الصالحين.
أما عن إدمانك والنقطة السوداء في حياتك فهي ابتلاء واختبار لك, عليك أن تتجاوزيه, ولكن قبل ذلك عليك أن تتأملي ما حدث لتفهميه.
لماذا تزوجت هذا الرجل؟ لأنك بعد رحلة من الشقاء والعطاء أردت أن تستريحي مع ونيس آمن وأخلاقي, يشاركك وحدتك, ويعوضك عما فقدتيه في رحلتك الصعبة, أيضا ولأنها جزء من السعادة والمتعة, تمنحينه حبك وحنانك الفائض بعد أن تزوج ابنك, خاصة أنه أتي إليك بدراما إنسانية كلها عطاء وتضحية تشبه تضحيتك, ولكن هل كان اختيارك صحيحا؟ هل تعجلت في قرارك؟ هل تمهلت وسألت وتأكدت من حسن خلقه؟ وإذا سألت فكيف غابت عنك كل المعلومات التي تكشفت بعد أن سقط القناع؟
سيدتي.. لتسمحي لي, لقد تسرعت في قرارك, ولم تتوقفي كثيرا أمام اعتراض والدتك علي سلوك هذا الرجل مع العاملين في مصانعه, لأنك سقطت أسيرة عاطفتك أمام رجل محترف فسلمتي له وراهنتي علي قدرتك في احتوائه.
ما أقصده هو الاعتراف بالخطأ في الاختيار لأن هذا يجعلنا نقبل بالنتائج والخسائر فلا نظل أسري لفكرة أننا ضحايا والآخرون جناة, وهذا الإحساس مؤلم ولا يساعد علي تجاوز المحن التي تواجهنا.
لا تشغلي بالك سيدتي بالسؤال ومحاولة فهم سر سوء هذا الرجل, فتاريخه الآن لا يعنيك في شيء, والتجارب القاسية هي وقود الخبرة والسعادة لمن يجيد التعلم, ويري في كل ضربة لا تميت قوة للمستقبل.
سيدتي.. يمكنني تفهم حالة الإدمان التي سقطت فيها, فهي إحساس طبيعي للتصالح مع نفسك, مجرد سماع صوته باكيا متوسلا يؤكد لك أنك الأفضل, وأنه نادم علي فراقك, ولكن ماذا بعد؟
لقد سمعت هذا البكاء وهذا الندم لأشهر طويلة, حالة تصيبه مع الفقد وعندما يعود ويتملك من حوله يرتد إلي طبيعته السيئة. هذا الرجل خرج من حياتك إلي الأبد, ولديك من التاريخ السعيد والواقع المبهج ما يستحق أن تعيشيه, فلماذا البحث عن العذاب؟!
إن احتفاظك بصوت هذا الرجل, كمن يريد أن يحتفظ بموطن ألمه ليظل يضغط عليه ويقول آه من الألم, قد ترينها مرحلة مؤقتة, لكنها يمكن أن تتحول إلي حالة مرضية يمكنك الهروب منها. خذي قرارك فورا, امسحي صوت هذا الرجل, الغه من حياتك تماما, تجربة وانتهت, قد تحتاجين إلي وقت حتي تبرئي من جراحك, ولكن عليك أن تساعدي نفسك بالتخلص من كل ما يتعلق بهذا الرجل, وأعتقد أنك ضيفة علي الرحمن في الأراضي المقدسة في فرصة للدعاء أن ينير دربك, وينقي قلبك, ويذهب حزنك, ويسعد أيامك, وينسيك ما كان فيها قاسيا, ويذكرك دائما بكفاحك وعطائك, ومحبة من حولك, حفظك لهم وأدامهم لك, وإلي لقاء قريب بإذن الله.
المزيد ....

ذئاب العمل‏!‏

05-11-2010
كم جميل من انسان مثلك أن يكتب ويتحدث بمنتهي الصراحة عن ذئاب العمل الباحثين عن فرائس‏، فنادرا ما أجد أي فرد يريد الخوض في هذا الموضوع الشائك أو لو ربنا كرمه يقول لك‏:‏ العيب أكيد في الفتاة أو المرأة أكيد هي اللي بتشجع الشخص اللي قدامها مع أن العكس تماما فالشخص اللي قدامها في الغالب بيكون بجح وعينيه تندب فيها رصاصة أو دانة مدفع ومتشجع جاهز‏!‏

وقد مررت بتجربة نفس الصديقة الجميلة في الحكومة والقطاع الخاص علي السواء معا, فعندما توسطت لي أسرة صديقة عند أحد ذوي النفوذ والسلطة لتعييني وبعد أن بدأ الرجل يبدي لي حسن نواياه, انقلبت الأمور رأسا علي عقب ليرفض تعييني ويقول لي أنه سيقدم لي فرصة العمر بالزواج منه, ولكن زواجا عرفيا لأن شكله السياسي ووضعه الاجتماعي لا يسمحان له بزوجة ثانية تقارب أولاده في العمر مع العلم بأنه سيؤمن لي مستقبلي وسأظل زوجته لحين وفاته ولكن زوجة الظل العرفية.
وقررت التوجه للعمل في القطاع الخاص وما أدراك كم المهازل التي قابلتها, فهذا شخص يريدني للسفر معه للخارج, وآخر يريدني أتناول العشاء معه بصفة مستمرة وفي بعض الأحيان يكون ميعاد عملي من التاسعة صباحا وحتي الخامسة مساء فأجد من يحضر لي أوراقا لترجمتها أو ارسالها أو كتابتها لأنصرف في الثامنة أو التاسعة, كل هذا بالطبع بلا أجر اضافي لأني طبعا دماغي ناشفة وماشية صح ولك ان تتخيل عندما انصرف في التاسعة لأصل إلي بيتي في العاشرة والنصف أو الحادية عشرة, هل سيكون بمقدوري الاستيقاظ مبكرا في اليوم التالي للذهاب إلي مكان العمل الذي اصبح شبيها بمعتقل جوانتانامو ياللهول!! حقا مثلما قالها رحمة الله عليه المرحوم ـ بإذن الله ـ يوسف بك وهبي.
ولك أن تتخيل فهناك أشخاص عندما يعلمون أن تلك طبيعة شخصيتك لن تتغير يطردونك أو يتفنون بشتي الوسائل لتصيد الأخطاء لك أو يقرفوك ويزهقوك في حياتك لغاية ما تقول: حقي برقبتي وتمشي من نفسك وفي هذه الحالة لا يكون هناك أحد قطع خبزك أي عيشك, لأنهم فعلا ناس بتخاف ربنا, ومش بيحبوا يقطعوا عيش حد أو فراخه أو لحمته أو سلاطته وفي أحد الأماكن التي كانوا يتعمدون تأخيري في العمل قالت لي أمي: أخبريهم أنك لن تتأخري سواء بأجر اضافي أو بدون أجر وأي شيء ينتظر للغد, وعندما أخبرتهم بذلك هل تعلم ماذا رد علي الرجل: وهل تريدين مني العودة للجلوس في وجه البومة أم الأولاد.. كم هو شيء جميل الجلوس مع الوجه الصبوح؟!
وأظنك أكثر دراية مني باسطوانة: أنا مش باحب مراتي/ أنا مش مرتاح معها/ انا حاسس أني مجرد ممول لها وللأولاد/ أنا نفسي في حد يحبني لذاتي. ولأن الزمن قد علمني التمييز بين الصادق والكذاب, ففي أحد الأيام قررت التظاهر بالغباء وقلت للرجل: يعني حضرتك عاوز تتجوزني زوجة ثانية, انا موافقة هو أنا حاجيب زي حضرتك منين؟!!!!, طبعا عم الحاج عشان كذاب كبير وشه راح وجه مليون لون, ثم اكد لي: أني مكسب لأي رجل ولكنه لن يستطيع الزواج عليها فهي أم العيال وهي لن تقبل بضرة تشاركها فيه, وهو ما يحبش يكسر بخاطر العيال ويجيب لهم زوجة أب, ولكنه فقط يستطيع الزواج في حالة وفاتها, في الحالة دي يكون شكله مقبول!
وأنا هنا لا أشجع الزواج الثاني ولكني أتناقش معك بصوت عال.. هل يخشي الرجل علي صورته امام ناس معظمهم يتصفون بالكذب, فيريد ان يقولو عليه دمث الخلق له زوجة واحدة, بدلا من القول إنه رجل مزواج له زوجتان؟!!! ياللهول مرة أخري!
أنت يا سيدي الفاضل تتحدث عن فتاة تخرج للعمل لاثبات ذاتها, ولكن أين ستثبت ذاتها وفي أي مجتمع ومع من؟!!!! فهؤلاء الأشخاص لا يوفرون لك أي مناخ طيب لكي تحقق أي انجاز اجتماعي أو معنوي أو مادي فهم يقومون باستنزاف صحتك وأفكارك وابتكاراتك بلا مقابل يذكر أو مقابل زهيد لا يستحق أن تتحمل من أجله هذا الكم من الحقارة والبذاءة والسخافة!
كثيرا أذهب أبث شكواي إلي مكان قريب إلي بيتي وأظل ساعات طويلة أحملق في النهر الخالد وأحدثه وأبثه همومي وأحلامي فهو صديق مخلص مهما جلست إليه لن يخذلك أو يمل منك أو يدير لك ظهره مثل الأقارب الذين لا يظهرون إلا في العيد ورمضان ليسألوا سؤالين لا يتغيران: اتجوزتي؟ معقولة لسه؟!! ليه مع أنك زي القمر.. وعشان طبعا خايفين من أي مسئولية أدبية أو مادية تجاهي يلحقون ذلك بسؤال آخر: مبسوطة في شغلك؟؟ طبعا ولا أحد يدري أني هجرت عالم العمل منذ أكثر من ثلاث سنوات ولا أقول سوي: الحمد لله الذي لا يحمد علي مكروه سواه.. وبالطبع لا يفكر أحد ولو من باب المجاملة أن يسألني أين تعملين ومع من؟ فهذا الأمر لا يهمهم مطلقا!
وأقول لصديقتي صاحبة رسالة هؤلاء الرجال: الحمد لله الذي عافاك من أن تكوني أنت وأمك وحيدتين في الدنيا فهناك ناس ينظرون للمرأة الوحيدة مهما كانت مؤدبة ومثقفة ومحتشمة أنها يمكنها أن تفعل ما يحلو ويروق لها بلا حساب, وكأنها بلا ضمير أو أخلاق, أو يتعين عليها فقط أن تخشي أباها أو زوجها أو أخاها ولا تخشي الله, مع أني أعرف كثيرات لهن آباء وأزواج وأخوة ويفعلن ما يحلو ويروق لهن وأحيانا بعلم الأب أو الأخ أو الزوج مادامت تغدق عليهم الأموال والهدايا.
هناك فتيات ونساء كثيرات وقعن في شباك وحبائل هؤلاء الذئاب معدومي الضمير وظروفهن المادية جيدة جدا وليس لهن أي أسباب للسقوط والانحراف, تحت مسميات مختلفة, مديرة أعمالي, ومديرة مكتبي, وسكرتيرتي الخاصة, ولكن للأسف لغياب الوازع الديني لديهن أو انعدامه أو غياب الرقابة تحت مسمي جملة بغيضة يقولها بعض الأمهات والأباء ألا وهي: احنا رمينا الأساس, متناسين أن البنت مهما كانت أنثي ضعيفة قلبها في أذنيها قد تصدق من يغني لها معسول الكلام خاصة إذا كانت الرقابة من البيت ضعيفة خصوصا تلك البيوتات التي تترك للبنت الحبل علي الغارب ظنا منهم أنهم أحسنوا التربية, حقا قد تكون الأسرة أحسنت تربية ابنتها ولكنها لم تربي المجتمع الخارجي المحيط بها, فلم ترب أصحاب الشركات والأعمال ومن يعملون تحت أيديهم فلقد اكتشفت أن لكل واحد فيهم مدير اعمال يداري علي كذبه وسقطاته وعثراته وذلاته.
لذا فعلي صغيرتي الجميلة ألا تحزن بل تفرح وتشكر ربها الذي حفظها كما أشكر ربي الذي حفظني فجزاؤها عند ربها عظيم فبالرغم من صعوبات حياتها لم تضعف أو تلين وتنحرف وهناك آخرون لديهن كل متطلباتهن واحتياجاتهن ومع ذلك سقطن في براثن هؤلاء الذئاب, هي لديها دينها وعلمها وثقافتها وفي رأيي أن من لديها دينها فلديها كل شيء ومن كانت بلا دين فلا تمتلك أي شيء, حتي لو كانت تمتلك خزائن الأرض مالا, لهذا عرفت لماذا قال الحبيب المصطفي صلوات الله عليه وسلم: فاظفر بذات الدين فهي التي تتمسك بشرفها في السر والعلن والثراء والفقر والصحة والمرض, فدينها يمنحها عزيمة لا تلين.
وأريد منك أن تذكر هؤلاء الرجال أن للدهر يومين يوم لك ويوم عليك, فكل واحد يعتقد أنه طالما يحمي شرف زوجته وبناته فلا علاقة له بشرف الآخريات فليذهب للجحيم فشرفه هو فقط لا يقدر بمال أما شرف الآخرين فقابل كأي سلعة للشراء والبيع وله ثمن.

* سيدتي.. نشرت رسالتك ليس لما جاء بها ــ فقط ــ من كشف لواقع سييء يحكم علاقة الرجل بالمرأة, خاصة إذا كان في موقع المسئولية, أي هو من يملك التعيين والترقية ومنح ومنع المكافآت.
ولكني حرصت علي نشرها ومناقشة مثل هذه القضية للأسبوع الثاني علي التوالي, بعد أن وصلني العديد من الرسائل من رجال ونساء, يقرون هذا الواقع المخزي ويعترضون عليه. يعترفون أن المرأة هي العنصر الضعيف في معادلة العمل. قليلون أدانوا المرأة وقالوا إنها هي التي تساعد علي إغراء الرجل بقصد تحقيق أهداف وظيفية بإظهار اللين في الكلام, أو بالملابس والعطور المثيرة للغرائز. وقليلون نادوا بعودة المرأة إلي البيت, لأن الرجل ضعيف تتحكم فيه غريزته ولايستطيع المقاومة, ولا أدري بهذا هل هم يدينون الرجل ويصفونه بالحيوانية وعدم قدرته علي الألتزام أم يدينون المرأة وكأن وجودها كله فتنة علينا وأدها حماية لغرائز الرجل المطلقة العنان؟!
أما النسبة الأكبر ــ ياسيدتي ــ من الطرفين, فأدانت تصرفات بعض المسئولين والرؤساء في الأعمال الحكومية والخاصة لأنهم يستغلون حاجة المرأة للعمل, وإنتشار البطالة, في الضغط عليها وابتزازها, مرة باسم الحب, وأخري باسم الزواج السري. ملوحين بالجزرة والعصا, وهي هنا توقيع العقاب أو الخصم من الراتب أو التكليف بأعمال زائدة ومرهقة, وصولا إلي الفصل أوالنقل من العمل.
هذا لايعني أن كل الرجال الرؤساء يفعلون ذلك, ولا كل النساء ضحايا وبريئات, بدليل أن كثيرا من الرجال الشرفاء عرضوا مساعدة صاحبة رسالة الأسبوع الماضي, وبعض السيدات اعترفن بأنهن يدفعن الثمن, لأنه الطريق الأيسر والأسرع للترقي وزيادة الراتب.
سيدتي.. مايحدث يكشف عن أزمة كبيرة في مجتمعاتنا.. فشل في البيت, في العلاقات الزوجية, ضعف في الايمان, وخلل تشريعي نحتاج إليه لتقنين علاقات العمل, وتحديد دور الرئيس وعدم إطلاق يده ليتحول إلي ذئب لايجد من يردعه. نحن نحتاج إلي قانون واضح ومحدد يعرف معني التحرش, ويعاقب علي الإيحاء والنكتة قبل اللمس, ويتيح للمتضررة أن تحمي نفسها بالقانون وتعرف حقوقها جيدا, بلا فضائح. فلو عرف كل رئيس عمل أن هناك قانونا يحاسبه ولا يطلق يده, حتي لو كان هو صاحب العمل, ما جرؤ أحد علي التجاوز أو إبتزاز من يعمل لديه. فمن لم يرد عن ضميره أو خوفه من الله فليكن القانون رادعه, إلي أن يلقي جزاءه يوم الحساب, وإلي لقاء قريب بإذن الله.
المزيد ....

هؤلاء الرجال‏!!

29-10-2010
سيدي العزيز‏..‏ ماذا تفعل فتيات هذا الزمان فيما يتعرضن له من ظلم وقهر وابتزاز في كل خطوات حياتهن‏,‏‏ لماذا انتزعت الرحمة من قلوب الرجال الذين يستغلون ضعفهن وحاجتهن للمال والعمل وصعوبة الحياة وأزمة مجتمع بالكامل اختفت فيه ملامح العدالة الاجتماعية والاستقرار‏,‏ وذهبت الراحة ولم تعد‏,‏ ولا ندري إلي متي‏,‏ وأقول الفتيات بالتحديد لأنهن ضعيفات مهما بدين غير ذلك‏,‏ مهما كدن الحيل وبذلن الجهد لأجل إنصاف أنفسهن‏.‏

أنا ياسيدي العزيز فتاة كادحة من تلك الشريحة الأكبر في المجتمع, أحمل عبء أسرتي المكونة من سبعة أفراد, أب وأم بلغ بهما الكبر عتيا, لانملك سوي معاش أبي الضعيف, واخوتي بمراحل التعليم المختلفة, أقول أحمل فوق ظهري عبئا أكبر وأثقل مني ومنهم ومن الجبال, أغادر بيتي صباحا ذاهبة إلي عملي متزاحمة الأفكار في ذهني, طلبات أخوتي واحتياجاتهم بالمدارس والجامعات, وإطعام من بالبيت جميعا وعلاج أبي وأمي ولن أستعرض أكثر من ذلك, وحاشاي أن أفعل, فأنا ممن يحسبهم الناس أغنياء من التعفف, وأنتم جميعا في غني عن شرح تفاصيل احتياجات منزل به7 أفراد أو أقل.
سوف أقدم فورا لكم مشكلتي قبل أن أتهم بالتسول, فقد يفهم مغزاي خطأ من مقدمتي.
أنا فتاة في الواحدة والثلاثين من عمري, حاصلة علي مؤهل عال, تدرجت في عدة وظائف من الاختصاصات والأماكن المتوسطة إلي الراقية المستوي, وأنعم ربي علي من نعمه التي لاتعد ولا تحصي بعدة نعم ثقيلة جدا في الميزان, والحمد لله من جمال النفس والأخلاق والشكل والهيئة التي تجبر الجميع علي احترامها والإعجاب بها في آن واحد, وحريصة علي الاعتناء بنفسي وبمظهري في حدود الاحترام, وكذلك حريصة علي إقامة ديني في حياتي كلها, ويتكرر تعليق واحد من أناس كثيرين لايعرفون بعضهم بعضا وذكروه أمامي وفيما بينهم أنت عملة نادرة فينبهرون بي وبشخصي لأني فتاة رغم أعبائي ورغم حيرتي في الحياة مشاركة فعالة لكل من حولي ولو بالكلمة أو بالإصلاح والتعاون والود للجميع.
أما عن الزواج فأنا لم أتزوج لأني مثقلة بأعباء أسرتي, فهكذا الحياة لاتستقر علي حال, وتبدلت الأدوار, فأنا الآن ربان سفينة أسرتي, وإذا تركت مكاني غرقت أسرتي, فلم يكتمل لي موضوع زواج بسبب الأمور المادية أو أن أتزوج من هو في عمر أبي, لكني أرفض هذه الصفقة, لأني أعتز بنفسي كثيرا, فأنا لست للبيع, ومن جانبي تركت هذا الموضوع برمته, وأسقطته من حساباتي وأسلمت أمري إلي الله صابرة راضية.
ما أشكوه اليوم هو ما لا طاقة لي به ولم أفلح في التعامل معه, هو هؤلاء الرجال الذين أخضع لرئاستهم في عملي, بالتحديد من أصحاب الأعمال, حينما يظنون أنهم امتلكوا مؤسسات وما بها من بشر, ويقولون حرفيا إننا ما ملكت أيمانهم, افتراء وكذبا علي الله, هذا الرجل وهو صاحب العمل, قد كانت بدايته ضعيفة وضئيلة وكان مهموما دائما بمحاولات النجاح وحريصا علي كل ذوقيات عامة واحترام للموظفين والعملاء, لكن مرت سنوات قليلة تمكن كل فريق العمل لديه من معاونته علي النجاح وكبرت المؤسسة وأصبح رجل أعمال كبيرا ومليونيرا, فتبدل إلي شخص آخر شديد الغلظة والقسوة والبخل, قد استطيع تحمل كل ذلك ياسيدي, لكن لا أستطيع تحمل محاصرتي بغرامه المزعوم ومراودتي عن نفسي وملاحقته لي تارة بالتلميح وتارة بالتصريح, وأخيرا تعدت حدود الكلمات.
ولطالما حاولت جاهدة أن أحبط محاولاته بحكمتي وقوة شخصيتي واحترامي المشهود لي به بلا جدوي مذكرة إياه بالحرام, وبغضب الله وما يجلب الفقر, ويمحق البركة من العمل, وهو الرجل المتزوج وله بنت والذي يعتمر كل عام وذهب إلي الحج مرات, ويصفه الناس بالتدين ودماثة الخلق والخجل, يذهب كل هذا هباء ويكظم غيظه حين أذكره وأصده, لكن ينفجر بعد ذلك غضبه المكتوم كالبركان الثائر في وجهي بدون مناسبة وبلا سبب, ويتعمد إحراجي وتصيد الأخطاء لي, ويبتدع كل ما يمكنه حتي ينهرني ويجرحني, ويهينني أنا التي كرمني ربي وصانني وأوصي بالرفق والرحمة بالنساء, وأذكر اني واجهته بجرأة أنه يتعسف معي ويظلمني أمام رفضي محاولاته, فرد بكل بساطة بالنفي, ويعود لأسوأ مما كان ولا ييأس أبدا, بل يزداد عنفا وإصرارا, يا للعجب!
وبالطبع يبخسني حقوقي المادية منذ سنوات, ويعاملني بكل غيظ وشحناء, ولا أكتمك ياسيدي أن مثل هذا السيناريو تكرر في عملين سابقين من أصحاب مؤسسات كبري وشهيرة عملت بها لسنوات, وتركتها لمثل هذه الأسباب, أصابتني الآن عقدة ياعزيزي, واختلطت علي الأمور وبحثت حولي فقد يكون العيب مني؟ فتأملت حالي فأجدني كما قدمت لك نفسي في البداية وأصدق, وقد حرصت علي الاختصار حتي لا أتهم بأني مختالة بنفسي, بل زد علي ذلك احتشامي في ملابسي وعدم ليني في الحديث.
وما يثير تعجبي وتساؤلي أكثر أن هؤلاء الرجال ممن يظهرون أمام الناس بالشكل النموذجي الأمثل للرجل المحترم, دمث الخلق!.. ألا يقفون أمام أنفسهم للحظات, ويذكرون أن الله السميع العليم شاهد ومطلع علي جريمتهم وهم يقهرون امرأة ليجبروها علي المعصية, ويخدعون من حولهم, أهم يخشون ويحسبون حسابا للناس وليس لربهم, ألا يضعون بناتهم أو اخواتهم أو زوجاتهم في مثل هذا الحال, هل يقبلون؟ وأعجب أيضا أنهم لن يغلبوا أن يجدوا فتاة أو امرأة ممن ترحب بتلك العلاقات, فلماذا يصرون علي إجبار من لا تقبل وتتقي ربها؟!
صبرت وحاولت ولكم انهرت وبكيت وصرخت بداخلي وتحطمت أعصابي تماما من كل تلك الضغوط, أعبائي الأسرية ومشاكل أخوتي ومرض أبي وضعف امكاناتي المادية وتساؤلات الناس عن عدم زواجي وأعباء العمل ومشاكله ومسئوليتي عن كل صغيرة وكبيرة, وضغط مديري واصراره علي قهري وجعلي كالجواري!!
لكني الآن متعبة, منهكة القوي, أشعر بالضعف والهزيمة أمام هذا الطوفان الهائج كأنه يجتاحني وحدي, أشعر بأني أسقط في أغوار سحيقة من اليأس والألم المميت, أغوار لا قرار لها, ولا نهاية, أبدو أمام الجميع صامدة, قوية, لكن بداخلي ألم وحيرة وعذاب العالم أجمع, أشعر بمدي ضعفي, وقلة حيلتي, وأبيت ليلتي كل يوم باكية بكاء مرا, وأصحو مثقلة مما ألاقيه يوميا من عذاب وحيرة علي كل جانب, ماذا أفعل وأين أذهب وماذا أقول ولمن؟ لهذا كتبت إليك وصرخت علي الورق!
أشكو إلي الله وأظل أردد اللهم اني أشكو إليك ضغف قوتي وقلة حيلتي وهواني علي الناس وأردد آيات الصبر فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل واصبر وما صبرك إلا بالله إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
فأصررت علي التحدي والمقاومة, وتذكرت الآية التي تحكي عن القوم الذين قالوا ربنا انا كنا مستضعفين في الأرض فترد عليهم الآية التي تليها ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها.
واستعنت بالله وقررت أن أترك العمل وأنا لا أملك شيئا لمجرد اليوم التالي لكن الي الله المصير.
هكذا سأفعل وأهجر هذا المكان, وأظل أهجر كل شيء يتنافي مع مرضاة ربي والحق والعزة والكرامة, أرجو أن تعرض مشكلتي ياسيدي لكي يقرأها هؤلاء الوحوش في الأرض وتخبرهم بأن الله أكبر من كل كبير, وهو المنتقم الجبار, ينتقم من الظالم ويجير المظلوم, وليعلموا أن اخوانهم من بني البشر لم يكن ينقصهم عذاب ليضيفوا لهم عذابا جديدا, وأن توجه لهم ولكل من هو مثلهم في أي مجال كلمتك علهم يرحمون الضعفاء.
سيدي انها مشكلة شريحة كبيرة في المجتمع من الفتيات والسيدات العاملات, فلكم روين لي صديقات وزميلات عن أنفسهن وعن أخريات عشرات, بل مئات القصص المماثلة وأسوأ, منهن من انزلقت وضلت وضاعت في الطريق بسبب هؤلاء الرجال, فليست كل امرأة مثل الأخري في ظروف حياتها وقدرتها علي التحدي والصمود.. لكن كلهن ياسيدي مقهورات ضعيفات.

* سيدتي.. سؤالك صعب والاجابة عنه أصعب.. ماذا تفعل كل فتاة ــ ولكل ظرف خاص ــ في الحياة بحثا عن عمل شريف تعول من دخله أسرتها أو نفسها أو تحقق ذاتها, فتصطدم بمجتمع متحرش بدءا من صبية الشوارع ووصولا إلي أرباب العمل؟! هل سيكون عليها طوال الوقت وهي المسئولة عن عمل توازنات, فلا تغضب زميلها ثم رئيسها, وصولا إلي صاحب العمل نفسه؟.. هل عليها طوال الوقت أن تؤكد أنها ملتزمة تراعي سلوكها وحوارها وزيها ثم تكتشف في النهاية أن كل ما تفعله لا يشفع لها عند ذئب يري في كل امرأة فريسة, فما باله إذا كانت هذه الفريسة تعمل لديه وفي أمس الحاجة إلي هذا العمل, فيتعامل معهاعلي أنها من سباياه أو ممن ملكت يمينه, فما يمكنني نصحك به أنت تفعلين أكثر منه, ومثل هؤلاء الرجال الذين تجردوا من آدميتهم, وفقدوا كل معاني الرجولة, لن يجدي معهم نصح أو استجداء أو تذكرة بانتقام الله.
سيدتي.. لاتشعري بالضعف أو الهزيمة فأنت علي صواب وسيحفظك الله الذي شكوت إليه وسيحميك, وترين بعينيك انتقامه سبحانه وتعالي من مثل هؤلاء أشباه الرجال.
لن أنصحك باللجوء إلي القانون, لأن القانون في بلادنا وعند هذه النقطة تحديدا قاصر, ونحتاج إلي تشريع جديد يقيد سلطات صاحب العمل التي تمتد إلي من يعمل لديه.. لن أقول لك كلمات لن تؤدي إلي شيء إلا الإساءة إلي سمعتك, وحتي نضمن لك عملا آخر لدي رجل يعرف معني الكلمة التي يحملها علي ظهره, أرجو أن تتفضلي بإرسال سيرة ذاتية لك وكلي أمل وثقة في أصدقاء بريد الجمعة من الرجال الشرفاء الذين لايرضيهم أن يروا ابنة لهم تتعرض للانتهاك والإهانة والابتزاز, وقد يكون مصيرها مثل غيرها ممن ضعفن أو اضطرتهن الظروف القاسية للتسليم أو الانزواء. بعد ذلك سيكون لنا موقف آخر مع صاحب هذا العمل, فمثله لابد أن يدفع الثمن ويعرف أنه ليس مطلق اليد, بلا خلق ولا دين ولا قانون. وإلي لقاء قريب بإذن الله.
المزيد ....

هفوات صغيرة‏!‏

22-10-2010
أرجو أن يتسع صدرك لما أكتبه تعبيراً عن نار تجول بداخلى‏!‏ أنا سيدة عمرى ‏52‏ عاماً، زوجى رحمه الله كاد يقارب سن المعاش قبل أن يتوفى منذ خمسة أشهر‏،‏ ترك لى زهرتين والحمد لله محل فخرى واعتزازى.

ابنى دكتور عمره 29 عاما يشغل عملا يليق به, وابنتي مهندسة عمرها25 عاما وتعمل في وظيفة جيدة.. حياتنا تسير والحمد لله علي مايرام, وفجأة وبدون مقدمات مرض زوجي ولازم الفراش لعدة أيام لم تكمل الشهر تخيلنا ثلاثتنا أنا وابني وابنتي انها فترة وسوف يشفي ولكن فجأة دخل في غيبوبة وتوفاه الله.
انتقال زوجي وحبيبي وروحي الي رحمة الله سبب لي أنا بالذات صدمة عصبية, ولكن ما خفف من صدمة موته وحزني عليه حب الناس له من زملاء عمل وجيران وأهل وأقارب وكثرة ما سمعته عنه انه كان يفتح بيوت ناس غلابة من راتبه الشهري, وأمانته وخوفه من أن يقترب من الحرام, وهذا هو الذي كنت أراه بنفسي خلال عشرة عمري التي دامت معه يرحمه الله30 عاما تقريبا, وأصبح كل همي هو الالتفات لنفسي صحيا لأنني هزلت جدا وعلي مسئولية أولادي من بعده والدعاء له بكثرة أثناء صلاتي.
قبل أن أبدأ في شرح أسباب أزمتي لابد من ذكر اني ليس لي خلفية عن استخدام الموبايل ـ سوي استعماله للرد علي أولادي وزوجي والاطمئنان عليهم ـ لا أشغل بالي برسائل أو صور, وذات يوم كنت أقلب دون قصد في موبايل زوجي فوجدت رسائل واردة اليه من زميلة له بالعمل قرأتها ونزلت علي كالصاعقة منها:( طظ ـ مستغرب ليه ـ أيوه طظ ـ مستغرب ليه طظ ـ طظين كمان ـ طظ في الدنيا لو انت مش فيها), و(بأحرف أرق من رزاز المطر وهمس أنعم من صوت الشجر أقولك صباح الخير ياقمر), لم اتمالك نفسي وانهرت ـ قلت ابحث هل هو يرسل لها رسائل هو الاخر, فوجدت رسائل بسيطة جدا جدا منه لها:( بعتلك سلامي وغلفته بغرامي إذا ما وصلك أكيد موظف الاتصالات حرامي),( في حياتي تعلمت أن أحب, ابتسم, اخلص أحزن اشتاق اندم أعلم احتار اسرح اطفش أطنش احيانا بس ما تعلمت كيف انساكي) ما هذا؟؟؟
مع العلم انه وكيل وزارة, أخلاقه عالية الي أقصي ما تتخيل, مرح جدا, خجول ويحمر وجهه اذا تعرض لموقف يحرجه, يعرف الحلال والحرام, يؤدي فروض الله في مسجد أمام البيت جماعة, مواظب علي صلاة الفجر وينتظر حتي الشروق في الجامع, مواظب علي صلاة المغرب وينتظر حتي العشاء في الجامع, يتحري الحلال في مأكله ومشربه وتصرفاته, يغض البصر, وأنا مدير عام ليس هناك أي مقارنة بيني وبين تلك الزميلة التي اكتشفت رسائلها علي موبايله مع العلم بانها أرمل منذ عامين, أنا أكلم نفسي لماذا فعل بي هذا وأنا التي ضحيت بعمري كله معه, هل هو الفارق الاجتماعي بيني وبين أهله, فجميعهم يشغلون مراكز مرموقة, أم الفارق المادي فمرتبي ثلاثة أضعاف راتبه, ولم أطلب منه في يوم من الأيام شيئا ولو بسيطا, فأنا والحمد لله ألبي طلبات منزلي من ملابس وفسح ومصاريف أولادي, أما هو فراتبه يذهب علي المأكل والمشرب وكان في منتهي الكرم, لم يسألني طيلة عمري عن راتبي ولا أين أصرفه, لأنه كان يعرف انني أدخر ما يتبقي في البنك لابني وابنتي ومنزلنا ولكن كان يتهمني بأنني ادلل أولادي.
أما الظروف الصحية حيث عاني من نحو خمسة عشر عاما من ضعف عام بسبب السكر ولم أظهر له أي غضب أو اعتراض وألبي له رغباته بالطريقة التي تريحه.
هذه السيدة التي تعذبني الآن رأيتها مرة في مناسبة تخص عمله وهي أم لثلاثة شباب, فلاحة, متواضعة جدا, لماذا ينزل لمستواها, لا أعرف؟ وللعلم رأيت في موبايله رسائل عادية من ثلاث زميلات أخريات له بالعمل ولكن في مناسبة عيد أضحي ومناسبة عيد ميلاده وكلها رسائل دينية لم أهتم بها إطلاقا لأنه كان يحكي أمامي عنهن, حكيت ما رأيت لابني وابنتي وكان ردهما: بابا استحالة يكون من الصنف الذي تقصدينه ياماما, قلت نعم بنسبة100% ولكن ماذا علي الموبايل قالوا يمكن بابا مابيحبش يكسر بنفس حد.
أنا لا أنام بسبب ما رأيت في الموبايل, حياتي معه طيلة عمري كانت طبيعية جدا, آخر اسم نطقه قبل الغيبوبة هو اسمي, أقول لنفسي أنا ما قصرت طوال عمري معه, لم أشك لحظة فيه لانه كان من عمله لبيته للجامع فقط, ليس له سهرات خارج المنزل مطلقا إلا ما يخص عمله, لا استطيع الفضفضة مع أي انسان, أنا من عائلة كبيرة, وجميلة ورشيقة ومتدينة, لماذا فعل بي هذا؟ أرجو كتابة تحليل لهذا وعرض رسالتي حتي يرتاح بالي وأهدأ, فهو رحمه الله كان من المتابعين لبريد الجمعة وأنا كذلك.

* سيدتي.. أقدر مشاعرك الطبيعية والنبيلة, فأنت تحكين لنا عن أسرة مثالية, وعلاقة زوجية رائعة, غابت عنا منذ زمن. فتحمل كل طرف لمسئوليته دون أن يمن علي الآخر بما يفعل, في إطار من الحب الراقي, قد تحول الهفوات الصغيرة الي خناجر مسمومة في القلب.
ولكن سيدتي الفاضلة هل ارتكب زوجك الراحل ـ رحمه الله وغفر له وأحسن مثواه ـ هذه الهفوات الصغيرة التي تعذبك الآن؟ وهل ما قرأته علي هاتفه المحمول يدفعك الي الشك فيه, وإعادة النظرفي عشرة عمر استمرت ما يقرب من ثلاثين عاما, لم تجدي فيها منه إلا ما يطمئن قلبك ويسعد حياتك من حسن معاشرة وأمانة وعطاء وفعل الخير؟
هل من الطبيعي بعد كل هذا أن تعيدي حساباتك وتراجعي حياتكما, فتبحثي عن مبررات لرسائل لا توحي بشيء, وتحاولي إرجاعها الي فوارق اجتماعية أوضعف صحي أو غيرها من الاسباب التي لم تنعكس يوما علي حياتكما.
كيف لإنسان ـ ياسيدتي ـ عاش كل هذه السعادة يحاول الآن ان يهدم كل ما كان بسبب أوهام وبدون أي دليل يؤكد الخيانة, لو كان الأمر أكثر من هذا لرجوتك ان تلقي به خلف ظهرك وتحتفظي فقط بكل ما هو جميل ورائع في حياتك, فما بالك والأمر هين, فالرسائل التي ذكرتها في رسالتك وآثرت تركها كما هي جمل محفوظة تصلنا جميعا في مناسبات عدة, ربما لطرافتها أو للمجاملة العادية, لم تكتب هذه السيدة رسالة خاصة توحي بأي شيء وهو الآخر لم يفعل, ربما وهذا الاحتمال الأرجح ـ كانت هذه الزميلة مثل اخته, وربما كان يساعدها ويفرج عنها كربها بهذا النوع من الرسائل؟
فلو كان سييء النية أو السلوك ما أبقي عليها في هاتفه وتخلص منها فور تلقيها أو إرسالها, فلا تحملي الأمور أكثر مما تحتمل, وتعاملي مع ما قرأته علي أنه دعابة لا أكثر ولا أقل, لا تفتشي في ماض لن يجلب لك إلا الشك والشقاء, فهذا باب للشيطان يريد الدخول منه لإفساد سعادة وسيرة عطرة فشل علي مدي سنوات طوال في إفسادها.
سيدتي.. لا تفكري في هذا الأمر, وتذكري دائما حسنات زوجك ومحبته وحسن خلقه, وألقي بهذه الهواجس خلف ظهرك, وواصلي رحلتك الجميلة مع ابنك وابنتك والدعاء لزوجك الراحل, أدام الله عليك راحة البال والرضا والصبر علي العزيز الذي فقدته, وإلي لقاء بإذن الله.
المزيد ....

اليتيم والحزن‏!‏

15-10-2010
سيدى أكتب إليك وأنا فى حالة من الحزن العميق بسبب أختى الوحيدة‏،‏ نشأتنا كانت نشأة متدينة ومغلقة فى إحدى دول الخليج فى أسرة ميسورة بين أب فاضل طيب وأم مكافحة‏.‏

المشكلة بدأت عندما بلغت اختي سن الزواج، وبدأ العرسان يطرقون الباب. فهي علي مستوي عال من الجمال والأخلاق والتعليم( إحدي كليات القمة) قدر لها أن تتزوج من احدي الشخصيات المرموقة علميا وسافرت معه إلي الخارج في بعثة علمية بعد الزواج الذي تم رغم مضايقات والد الزوج عنيف الطباع سليط اللسان. عاشت حياة سعيدة بالخارج كانت تخبرني بأن احدا لم ير السعادة مثلها ورزقها الله بحمل من زوجها, ولكن هذه السعادة لم تدم سوي خمسة اشهر واكتشفت بعدها الصاعقة أن زوجها الطيب الحنون مريض بالسرطان وان له سابقة مرض قبل الزواج ولكنه لم يخبرها لأنه كان متأكدا بأنه شفي تماما رغم تحذيرات الأطباء له بالكشف المتكرر لتفادي احتمالية رجوع المرض. قدرت اختي الموقف واقسم لك ياسيدي انها لم تلمه للحظة وظلت تلح بالدعاء والصدقات ولكن ارادة الله فوق كل شيء فكانت نتيجة الخمسة إشهر طفلا فارق أبوه الحياة عندما تم عامه الأول, وبعدما قاست اختي رحلة علاج صعبة في ظل تسلط أعمي من أبي الزوج الذي فرق بينهما فحرم عليها حتي النوم إلي جواره فهو الحاكم الأمر الناهي في كل امور الحياة, وصعوبات أخري لا يسع الوقت لذكرها, وظن الجميع أن الدنيا ستعطيها ولو حتي جزءا من السعادة التي سلبتها منها جزاء صبرها واحتسابها, فبعد وفاة زوجها خرجت من الاحزان إلي العمل ولم يرحمها جد يتيمها فرفع عليها كثيرا من القضايا لرؤية الصغير الذي ابدا لم تمنعه عنه ومنعها من شقة الزوجية, وخلال تلك الفترة لم يسأل علي أرملة ابنه ولا حتي حفيده اليتيم بل فقط كان جرس الباب لا يدق إلا بالمحضرين ليبلغوا اختي بمواعيد القضايا المرفوعة ضدها. وفي خضم هذه الاشكالات تقدم لخطبتها الكثيرون ولكنها اختارت من يقبل بابنها لأنها تبحث عن اب لابنها وتمت الزيجة من زوجها الثاني علي هذا الأساس. فهو مطلق بلا اولاد بسبب بعض المشاكل النفسية, كان يعمل مهندسا في احدي شركات البترول واقيل من العمل بعد اشهر من الزواج بسبب مشاكل مالية تخص الشركة.
كانت الأمور تسير ما بين شد وجذب خلال فترة زواجها الثاني بسبب اختلاف الطباع فهو انطوائي غير محب للناس ولا للعمل, حيث انه لم يقبل بأي عمل نهائيا بعد اقالته رغم توافر عدة فرص حقيقية ومغرية علي مدار ما يقرب العام. وانا اشهد له انه كان يعامل ابن اختي اليتيم احسن معاملة كما لو كان ابنه لاسيما انه حرم من الانجاب سابقا بسبب بعض المشاكل كما ذكرت. اما اختي هي الأخري فكانت تحسن معاملة اهله جدا فلم تدخر جهدا في خدمتهم وارضائهم. اما عن جد اليتيم فلم ترد اختي اخباره تحسبا لما قد يحدث منه بإبعاد ابنها عنها. رزقها الله من زواجها الثاني بطفلة جميلة وحدث ما لم نكن نتوقع حيث رفض أهل الزوج الثاني تماما وجود الولد ونقضوا العهد ونسوا ان خير بيت من بيوت المسلمين بيت فيه يتيم يحسن اليه( علي الرغم من ان اليتيم ينفق من ماله الخاص) وعندما عارضت وذكرتهم بانه شرط من شروط الزواج انهالوا عليها باتهامات ظالمة افظعها انهم اتهموها بالسرقة بدون ادني رد أو معارضة من الزوج وكأن الأمر لا يعنيه, الأمر الذي نزل كالصاعقة علي ابي اثناء المجلس العرفي, وتم الاتفاق علي أن الفيصل هو حلف اليمين الغموس الذي ليس له كفارة لإظهار براءة اختي وتحدد الميعاد ولكن اختي فقط هي التي حلفت و اما( والد وأم الزوج) صاحبا الاتهام فلم يحلفا والزوج لم يحضر اصلا بل وقف علي بعد كيلو مترات من المسجد الذي تم فيه الحلف دون ادني موقف تجاه زوجته التي ظلمت ووضعت في موقف لا تحسد عليه امام اهلها والحاضرين. وبعد هذا الموقف ظلت اختي في بيتنا لعدة أشهر بلا سؤال منه ولا من أهله ولا حتي علي ابنتهم الرضيعة سوي بعض الرسائل أو رنات الموبايل من اختي بلا أي رد منه وعندما تدخل الوسطاء كمبادرة من طرفنا لوضع نهاية لما يحدث كان رد والده بنفس اللفظ( قولنا للحرامي احلف قال جالك الفرج) اصرارا منهم علي الاتهام( ويعلم الله براءتها). فذهبت اختي إلي المحكمة تطالب بنفقة للصغيرة لعلها تحرك منهم ساكنا ورد هو الآخر بقضية رؤية وبعدها تمت تسوية النزاع وديا في محكمة الأسرة بدلا من أن تأخذ الشكل القانوني فتنازلت اختي عن قضية النفقة رسميا أما هو فظل محتفظا بقضيته وهو الأمر الذي اكتشفناه لاحقا رغم انه عندما سألته اختي اكد لها ان كل شيء قد انتهي, ورجعت اختي لتكمل الحياة بدون ادني رد لكرامتها, حيث لم ينطق بكلمة إنصاف واحدة امام أبيه في المحكمة, استعطفها فقط بالدموع التي ملأت عينيه عندما انفرد بها وانه لا يستطيع ان يحيا بدونها ووعدها بانها لن تحرم من ابنها وان كل ما عليها ان تكبره امام اهله وتعود معه إلي بيتها في نفس اليوم الذي قابلها فيه في المحكمة اما عن ابنها فتتركه مؤقتا لمدة شهر عند أمي الحاضنة له إلي حين ان تهدأ الأمور وامي هي الأخري اقسمت بأن الولد لن يعيش معهم لآخر العمر لأنها تعلم برفض الأهل لليتيم وهي تحبه حبا جما ويحظي عندها بقدر كبير من الحنان, ورجعت اختي إلي بيتها رغبة منها في استكمال الحياة مع طفليها بدون أي اعتبارات أخري.
وتحديدا في اليوم الرابع من رجوعها فوجئنا بمكالمة عنيفة اللهجة من جد اليتيم مضمونها ان والد الزوج الثاني اخبره بالزواج وبالتالي يحرم علي حفيده العيش مع امه لأنها تزوجت, وبناء علي ذلك الابن يحرم عليه امه بأمر جده, وبمواجهة الزوج اتضح انه ليس لديه علم بفعلة أبيه, ولكن كالعادة لم يستطع أن يواجه اباه لماذا فعل هذا, لكنه كان يعاملها احسن معاملة لرغبته الشديدة في استكمال الحياة, وألحت اختي علي زوجها لكي تري طفلها الذي يبلغ من العمر( ثلاث سنوات ونصف) ولكنه كان يعتذر وينصحها بالصبر, وان الوقت غير مناسب, وفي اليوم الذي رأت فيه ابنها لمدة خمس دقائق في الشارع تحت بيتها ظل يبكي ويقول( انا عايزك يا ماما انا عايز اطلع معاكي) وخرج من بين احضانها وهو يبكي بحرقة مما أثار شعور الامومة المتفجر بداخلها, فلم تجد الام الحائرة الا ان تفر من المنزل هاربة لتري طفلها مقررة الانفصال بالطلاق ولكنها سرعان ما ترددت في قرارها بعد مكالمة بكاء منه, ورغم اعتراف أختي لزوجها بان خروجها من بيتها بهذه الطريقة خطأ فادح في عدة مكالمات تمت بينهما, الا انه سرعان ما أقام عليها دعوي طاعة, هذا بالاضافة الي قضية الرؤية السابقة, ومع كل هذا ذهبت أختي تطرق باب محامي زوجها لتسأله ان تكمل بالمعروف او تنفصل بالاحسان, فاخبرها ان زوجها اتخذ موقفا تجاه اهله فسحبوا منه مفاتيح السيارة وقاطعهم.
سيدي.. أختي في حالة من الضياع زوجها يقول انه متمسك بها وبابنها وبالحياة الي آخر يوم في عمره ولكنه دائما لايفي بوعوده, فليس لديه القدرة ان ينفذ وعدا قطعه علي نفسه في ظل تسلط الاهل, وأختي هي الأخري تريد الرجوع بشروط, وهي ان يعمل ويعتمد علي نفسه وألايحرمها من ابنها ويستقل عن اهله( يصلهم صلة الرحم الواجبة) بدون تدخل منهم والا فلا!
الآن تحارب في ثلاث جبهات جبهة جد اليتيم, أهل الزوج, وأمي في ظل ضعف شديد من الزوج, تساؤلات كثيرة بداخلها هل تقبل ان تعيش مع هذا الزوج! واين الامان مع زوج ابقي علي القضايا حتي بعد الصلح, او من اهله الذين نكصوا العهود, وهل من العدل ان تقبل بزوج بلاعمل لتنشأ ابنتها بين اب وام ويبقي ابنها بلا اب ولا ام, وما هو مصير هذا الطفل اذا توفي الاجداد!
واذا قررت الانفصال هل تستطيع ان تواجه الحياة بطفلين بمفردها بلا سند سوي الله, سيدي اختي الان اصبحت خائفة من كل شئ في حياتها لاسيما انها اصلا ذات شخصية مسالمة حسنة النية الي ابعد درجة, رومانسية تحتاج دائما الي حنان وعطف, سيدي انا اخشي عليها اذا قدر لها الحياة بمفردها فمن سيقبل بامرأة بطفلين علي الرغم من صغر سنها وجمالها, ولك ان تعلم انه كما ان فترة زواجها الاول لم تدم طويلا, فان فترة زواجها الثاني لم تدم سوي سنة وشهرين.
سيدي اعتذر عن الاطالة وارجو ان ترد في اقرب فرصة لان القرار سيعتمد علي رأيك بصورة كبيرة.

* سيدي.. هذا النوع من المشكلات يضع الانسان في مأزق, فالرأي هنا مسئولية.. والرائي هنا قد يتعاطف مع مسيرة وشخصية شقيقتك الوديعة, المسالمة, وغير المحظوظة في اختياراتها, فينصحها بالنجاة بنفسها من تلك الحياة البائسة, خاصة ان المؤشرات لاتنبئ بتغير الاحوال.. وقد يحكم عليها ـ الرائي والناصح ـ بالشقاء عندما يطلب منها ان تستمر مع زوجها من اجل طفليها, ولكني سأحاول ان أتجرد وأنا اشارككم التفكير, وسأنتهزها فرصة للتوقف اولا امام اختيار شريك الحياة, فما حدث مع شقيقتك في زيجتيها يكشف عن عدم السؤال والتخير والتعجل, فكثير من الابناء, وخاصة البنات يغفلن ـ بمشاركة الاهل ـ التأكد من صفات وطباع اهل العريس او العروس, استنادا الي انهما لن يعيشا معهم, ولكن تجارب الحياة ومحنها تعلمنا ونحن نعانق الزهرة أو نصطحبها في بيوتنا وقلوبنا ان نتأكد من صفاء اوراقها من الشوك أو اعوجاج العود, فان لم يكن العرق دساس فإن سوءات هذا العرق ستمتد حتما الي شركاء الحياة.
سيدي.. والخطاب هنا الي شقيقتك, لا يجوز لي توجيه لوم أو عتاب الي زوجها الراحل, لانه اخفي عنها حقيقة مرضه, ولكنها ايضا فرصة للتأكيد علي حق الطرف الآخر في معرفة كل شئ يخص صحة وتاريخ شريكه قبل الموافقة علي الزواج, فلو كان الراحل قد أخبر زوجته بحقيقة مرضه ـ ولا اعتقد انها كانت ستغير رأيها ـ لاهتمت به وتابعت حالته, حتي وان رفضت فهذا حقها.
سيدتي.. كررت اخطاءك في الزيجة الثانية, وربما لضعف خبرتك في الحياة وطيبة اهلك الكرام, فتزوجت من رجل انطوائي, ضعيف الشخصية, تاركا قيادته لوالده, وها هي النتيجة, مولود جديد وصراعات ومحاكم واتهامات.
سيدتي.. الطلاق الآن لن يوفر لك راحة البال, وستعيشين في صراع دام مع جد يتيمك, وزوجك واسرته.. ويبدو من الحكي ان زوجك طيب القلب, محب, بدليل حسن معاملته لابنك قبل ان تتدخل اسرته هذا التدخل السافر والقاسي, فحاولي ان تستميليه وتشجعيه علي العمل, لأن جلوسه في البيت واعتماده المادي علي أهله, احد الاسباب الرئيسية لضعفه أمامهم.
أعرف أن هذا ليس بالامر اليسير, ولكنه الخيار الافضل لك ولطفليك, وفي نفس الوقت, اذكر زوجك بمسئوليته عنك, وبما يجنيه من رضا الله عليه ورحمته به عندما يرفق بك ويراعيك انت وطفلك اليتيم الذي قد يكون سببا كريما من الله سبحانه وتعالي لدخوله الجنة.
ولعلها تكون فرصة لمخاطبة قلب جد اليتيم الذي لن يكون سعيدا وحفيده ووالدته في حزن وشقاء وقلق.. هل يسعده أن يغرس في قلب الصغير حقدا وكراهية؟.. هل بعد رحيله ـ أطال الله في عمره ـ يحب ان تصبح ذكراه مدعاة للحزن, ام فرصة للمحبة والدعاء له؟!
ونفس الاسئلة أطرحها علي والدي الزوج الحالي.. فما فات اكبر بكثير مما هو آت, فلا تظلما ابنكما بضعفه الانساني والمادي وثقابأن سعادته واستقراره, سعادة وفرح لكما.
سيدتي.. حاولي مرة اخري, استعيدي صبرك واحيطي زوجك بمحبتك وحنانك, تجاوزي عن اخطاء اهله في حقك.. لاتجعلي الطلاق سيفا مصلتا علي رقبته طوال الوقت, فلا تشعرينه بانه قد يخسر اهله ثم يخسرك, كوني عونا له علي نفسه وعليهم, استثمري حبه لك ورحمته بيتيمك في اجتذابه وتحريضه علي العمل.
ولايبقي لي وللقراء إلا الدعاء لك بأن تعيشي مع طفليك في سعادة تعوضك عن الشقاء الذي عايشتيه.. وإلي لقاء بإذن الله.
المزيد ....