السبت، ٤ أغسطس ٢٠١٢

امرأة أخري سواها

30-12-2005
‏{‏ سـيدي‏..‏ أنا رجل لامست عامي الخمسين منذ أيام قليلة‏..‏ أعمل في وظيفة مرموقة‏,‏ يلجأ إلي الكثيرون لمساعدتهم أو حل مشكلاتهم‏,‏ ولم أتخيل يوما أن أمسك بقلم لأكتب وأستشير أحدا‏..‏ ولولا اندفاعي إلي الكتابة عندما تحسست بكامل وعي ما أنا فيه من أزمة‏,‏ وإسراعي بإرسال تلك الرسالة‏,‏ لمزقتها‏,‏ ومارست غروري المعتاد بأني قادر علي تجاوز أي أزمة‏.‏

لم أكتب لك بحثا عن حل‏,‏ ولكني ــ بالدرجة الأولي ــ أردت إخراج الصراع الذي يدور بداخلي علي الورق‏,‏ لعله يريحني من عذابي‏..‏ فلأول مرة أواجه ذاتي بهذه الحدة‏,‏ وأكتشف سر مأساتي‏,‏ وربما يكون في اعترافي بخطاياي اعتذار كاف لتلك المرأة النبيلة‏,‏ التي لم تشك يوما أني بهذا السوء‏.‏

أنا متزوج للمرة الثانية منذ‏4‏ سنوات‏..‏ بعد رحيل أم أولادي‏,‏ التي تركت لي ولدين يعيشان معي في شقة أمهما‏,‏ بينما أذهب إلي زوجتي الجديدة في شقتها مرتين أسبوعيا‏.‏

زوجتي‏,‏ كانت مطلقة ولديها ابنة من زواجها السابق‏..‏ جميلة‏,‏ مثقفة‏,‏ عندما التقيتها‏,‏ انبهرت بشخصيتي‏,‏ بوعيي‏,‏ بمساحات السماح والعفو‏,‏ التي أتحدث عنها دائما‏..‏ عرفتها وتمنيت أن أقيم معها علاقة دون أي ارتباط شرعي‏,‏ ولكنها رفضت بشدة‏,‏ وكادت تنهي العلاقة‏,‏ ولكني سارعت بالاعتذار‏,‏ وألقيت عليها بكل شباكي حتي استعدت ثقتها بي مرة أخري‏.‏ تلك الثقة التي دفعتها للاعتراف لي بأنها أحبت شخصا بعد طلاقها حبا كبيرا‏,‏

ولكن الظروف حالت دون زواجهما‏..‏ هذا الاعتراف دفعني لإظهار عدم غضبي منها‏,‏ وقلت لها إنني ليس لي أي علاقة بماضيها‏,‏ وإنها مسئولة أمامي منذ لحظة تعارفنا‏..‏ لم أكن صادقا فيما قلت‏,‏ كنت أحاول استدراجها لأعرف حدود تلك العلاقة‏,‏ ولكني لم أصل معها إلي شئ‏,‏ فتجاوزت الحكاية التي سرقت فرحتي بجمالها‏,‏ وتزوجنا‏.‏ ومنذ اليوم الأول لزواجنا‏,‏ وأنا أبحث عن هذا الرجل في مشاعر وعقل زوجتي‏..‏ هل كان وسيما‏,‏ حنونا‏,‏ يحبك بشدة‏,‏ أحببته أكثر مني‏..‏ لماذا لم تتزوجا؟ هل حاول الاتصال بك بعد الانفصال؟‏..‏ هل تتذكرينه وأنت معي؟‏..‏ أسئلة كنت أوجهها إليها كل يوم‏,‏ وإجاباتها كانت مثل الخنجر في صدري‏:‏ نعم أحببته بصدق‏,‏ كان رجلا محترما‏,‏ اتصل بي علي فترات متباعدة ليطمئن علي‏..‏ وهكذا تأتي كلماتها‏,‏ وكم تمنيت أن تكذب‏,‏ أن تقول لي إنها لم تحبه وإنه سيئ‏,‏ مخادع‏..‏ غضبت منها وعليها‏,‏ هجرت البيت كثيرا‏,‏ امتنعت كثيرا عن الاتصال بها‏,‏ ثم أعود مرة أخري‏..‏ إذا طلبت مني الذهاب إلي مكان أسألها هل ذهبت إليه معه‏..‏ وإذا نظر إليها رجل في الطريق‏,‏ أباغتها هل هو هذا الرجل؟

المسألة لم تكن شكا ياسيدي كما سيتبادر إلي ذهنك‏,‏ ولكني كنت أستمتع بإهانة تلك المرأة‏,‏ أقارن بينها وبين زوجتي الراحلة‏,‏ زوجتي التي لم تعرف رجلا قبلي‏,‏ ترفض أن تشاهد قبلة في التليفزيون وتري أن هذا خدش للحياء‏,‏ زوجتي التي لم يعل صوتها يوما في مواجهتي‏,‏ والتي كانت تصلي لتشكر الله علي نعمته عليها بزواجي منها‏,‏ ولم أكن نعمة ولم أكن أستحق الشكر‏!!‏

لقد عاشت زوجتي ورحلت ولم تعرف اني كنت خائنا لها‏..‏ نعم لقد خنتها مع أخريات‏,‏ مرات ومرات‏,‏ حتي عندما أصابها مرض خطير‏,‏ أقعدها شهورا حتي رحلت‏,‏ لم أتوقف‏,‏ لم أتردد في سقوطي‏,‏ كانت تبكي لأنها عاجزة عن خدمتي وإسعادي‏,‏ وكنت أبرر مبيتي عند أخري بانه عمل‏,‏ فتدعو لي الله بالستر والعافية‏.‏

حاولت أن أفهم لماذا أخون مثل تلك المرأة‏,‏ وكانت جميلة ومثالية‏,‏ ولكني خدعتها منذ بداية زواجنا‏,‏ كنت أري نفسي كثيرا علي امرأة واحدة‏,‏ فلم أشعر يوما بالندم علي ما أفعل‏..‏ وأقنع نفسي بأنها لم تشعر لأني أغدق عليها بالسعادة‏,‏ وأني لا أستطيع إسعادها إلاإذا أرضيت نفسي‏,..‏ رحلت عن الدنيا وفي عينيها نظرات الرضا والامتنان‏,‏ وليس في قلبي أي إحساس بالندم أو الخطيئة‏..‏

لم يتجسد لدي هذا الإحساس‏,‏ إلا مع زوجتي الحالية‏,‏ ربما لأنها واثقة من نفسها‏,‏ ناجحة في عملها؟‏..‏ ربما لأنها متحررة تعترف لي بأنها أحبت رجلا ولم تتزوجه‏..‏ لقد طلقتها مرتين‏,‏ وفي كل مرة أعود وأنا أعاهدها بأن أتغير وأتوقف عن السؤال عن هذا الرجل‏,‏ والحديث الرائع عن زوجتي الراحلة‏..‏ ولكني أتراجع وأواصل نفس أسلوبي‏,‏ حتي قررت أن أبتعد عنها بالشهور‏,‏ ليس بيننا إلا التليفون‏..‏

أكاد أضع يدي علي موطن الداء‏,‏ ولكني أهرب مسرعا‏,‏ بحثا عن امرأة أخري تثبت لي أنه لايوجد بين النساء امرأة فاضلة سوي زوجتي الراحلة‏.‏

أفكر الآن في تطليق زوجتي‏..‏ أفكر في أن أتركها هكذا‏..‏ أفكر حتي تمنيت أن أتوقف للأبد عن التفكير‏!‏

‏{‏ سـيدي‏..‏ فلتسمح لي بأن أستعير بعض قسوتك ــ المدعاة ــ علي نفسك‏,‏ حتي تصل إلي مواجهة حقيقية مع ذاتك‏,‏ فحتي وأنت تكتب تريد أن تخرج من الحكاية وأنت راضي الضمير لتواصل سعيك نحو الخطيئة‏,‏ فأنت لاتريد ولاتسعي لإرضاء أي شخص في الحياة سواك‏,‏ الأزمة ليست في أنانيتك فقط‏,‏ وإنما في تجسيد كل عيوب الرجل الشرقي في شخصك‏,‏ واغفر لي مرة أخري عنف كلماتي‏.‏

أنت ياسيدي طوال الوقت تبحث عن صورة والدتك في زوجتك‏..‏ تحمل شخصين في جوفك‏..‏ واحدا يحمل كل الصور التقليدية عن المرأة‏,‏ والثاني يدعي التحضر والتسامح والوعي‏..‏ وفشلت في أن تجمعهما في شخص واحد‏,‏ تخرج أحدهما عندما تريد‏,‏ تزوجت الفاضلة التي تشبه والدتك‏,‏ وأسرعت بالشخص الآخر المدعي‏,‏ غير الحقيقي لتصطاد النساء‏,‏ بزعم أنك كثير علي امرأة واحدة ــ وهذه حالة مرضية معروفة عند الأطباء النفسيين ــ ثم تعود في المساء إلي المرأة المستكينة التي تنتظرك في البيت لتصالحك علي نفسك دون أي مجهود منك‏,‏ وتدعو لك بالستر والعافية‏,‏ لتواصل زحفك في الصباح‏.‏

رحلت زوجتك‏,‏ وأنت لاتشعر بأي ندم‏,‏ لم تتذكر يوما أن سبحانه وتعالي قال في كتابه الحكيم إن الله لايحب الخائنين‏..‏ فأنت مستمتع بذاتك‏,‏ مواصل زحفك نحو حصد أكبر عدد من النساء‏.‏

وعندما أردت أن تواصل زحفك‏,‏ واعترضتك امرأة فاضلة‏,‏ تزوجتها‏,‏ بعقلية الشخص مدعي التحضر‏,‏ وحين أصبحت ملك يمينك قررت أن تدينها وتحاكمها وتقارنها بزوجتك الراحلة‏,‏ فأنت الخائن تسعي إلي خنق الآخرين‏,‏ بدلا من أن تزيح الحبل من حول رقبتك‏.‏

تحاول ياسيدي أن توهم نفسك قبل أن توهمني‏,‏ بأنك تفعل ذلك تكفيرا عما ارتكبته في حق زوجتك الراحلة‏,‏ ولكن الحقيقة هي انك تحاول إرضاء الذئب في داخلك علي الرغم من أن الراعي الذي يفتخر بالذئب لايحب الخراف‏,‏ وأنت لم تحب إلا ذئبك الشارد‏.‏

سيدي‏..‏ إذا اعترفت بالحقيقة‏,‏ فستنجو من الغرق أنت ومن معك‏,‏ فلا تلق بنفسك في الماء قبل أن تغرق السفينة‏..‏ دعك من غرورك الذكوري‏,‏ وإذا كان الله لايحب الخائنين‏,‏ فهو القائل أيضا‏:‏ وقل رب اغفر وارحم‏,‏ وأنت خير الراحمين‏.‏

ابدأ بنفسك‏,‏ واحفظ زوجتك التي لم ترتكب جرما لأنها أحبت يوما ولم تخف عنك‏,‏ توقف عن تدميرها‏,‏ اقبل جمالها ونجاحها‏,‏ اقبل امرأة أخري سوي زوجتك الراحلة‏,‏ واغرس السعادة كي تجنيها‏,‏ فالسعادة بين يديك ولكنك تفتش عن الشقاء‏..‏ وإلي لقاء بإذن الله‏.‏
المزيد ....

يــد اللــــــــــــه

23-12-2005
*‏ سيدي‏..‏ أنا شاب عمري‏32‏ عاما‏,‏ أعمل بفرع شركة أجنبية في مصر‏..‏ دخلي والحمد لله كبير‏,‏ وأنتمي إلي أسرة طيبة ومعروفة‏..‏ نشأت في أجواء دينية‏,‏ لذا لم أنجرف يوما مثل زملائي نحو المغامرة أو الخطأ‏,‏ فكنت أراعي الله في كل تصرفاتي‏,‏ إن لم أكن أراه فهو يراني‏..‏ أخذتني دراستي وحياتي العملية من الدخول في أي علاقة عاطفية‏,‏ فالفتاة التي أحبها هي التي سأتزوجها‏..‏ فاختزنت مشاعري لتلك المجهولة حتي أطلت علي‏!.‏
فاظفر بذات الدين تربت يداك
كان هذا هو منهجي في البحث عن شريكة حياتي‏..‏ لذلك لم أصدق نفسي حين التقيتها‏,‏ فتاة محترمة جميلة من أسرة ثرية طيبة‏,‏ وقبل وبعد كل ذلك علي خلق ودين‏..‏ تلاقت العيون والأحلام‏,‏ فسألت عنها واطمأن قلبي‏,‏ فلم أتردد لحظة‏..‏ اصطحبت والدي وذهبنا لزيارة أسرتها‏.‏

لقد أحسست يا سيدي بأن الله قد رضي عني‏,‏ لم أكن أحلم بكل هذه المزايا‏,‏ لقد فتح الله قلوبهم لي‏,‏ والدها يعرض علي شقة في عمارته‏,‏ فأشكره علي كرمه‏,‏ مؤكدا له أن كل طلباتهم مجابة بإذن الله‏,‏ أو مثل هذا النسب لا يستحق كل التكريم‏.‏

لن أطيل عليك‏,‏ تمت الخطبة بأسرع ما يمكن‏..‏ عام كامل من السعادة يؤكد لي حسن اختياري‏,‏ كل ما ظننته وجدته‏..‏ أصبح لي والدان وأمان وحبيبة‏..‏ أعددنا شقة الزوجية ونحن نرسم أيامنا في كل ركن بها‏,‏ وكنا نحطم الزمن حتي نعجل بالزفاف‏.‏

حجزنا يا سيدي في أحد فنادق مدينتي‏,‏ ولم يبق علي السعادة إلا أسبوع واحد‏..‏ وبيما أنا غارق في سعادتي استيقظت علي الكابوس الذي حطم روحي وسرق ثقتي في نفسي وفي كل ما آمنت به‏.‏

كنت عائدا من عملي لموعد مع خطيبتي‏,‏ وكان اتفاقنا أن أحادثها هاتفيا‏,‏ ولكني اكتشفت أن هاتفي المحمول مغلق بعد أن نفد شحنه‏.‏

بجوار كابينة تليفون في الطريق‏,‏ ركنت سيارتي‏,‏ وفي يدي كارت للاتصال‏..‏ آلو يا حبيبتي‏,‏ هكذا قلت‏,‏ ففوجئت بصوت خطيبتي يسأل‏:‏ من يتحدث‏..‏ ضحكت داخل نفسي‏,‏ لم تتعرف علي صوتي واصلت اللعبة أنا‏...‏ وقلت لها أول اسم طرأ علي ذاكرتي‏,‏ ففوجئت بها تصرخ في الهاتف‏:‏معقولة انت جئت من السفر امتي‏..‏ هنا بدأت أتوقف وقلبي يرتجف وأحسست بأني مقدم علي شيء مخيف‏..‏ حرصت علي تغيير نبرة صوتي حتي لا تكتشفني‏..‏ تعتقد ماذا اكتشفت يا سيدي؟

خطيبتي‏,‏ حبيبتي‏,‏ كانت علي علاقة مع شاب يحمل هذا الاسم‏,‏ تركها غاضبا وسافر إلي الخارج‏,‏ في المكالمة أخبرتني أنا ـ ويالسخرية القدر ـ أنها لم ترتبط حتي الآن لأنها لم تنسه يوما‏..‏ وليت الأمر وقف عند قصة حب سابقة أو كامنة‏,‏ لا‏,‏ خطيبتي وحبيبتي كانت علي علاقة كاملة مع هذا الشاب‏,‏ قالت لي بكل الحب في الهاتف معتقدة أني حبيبها القديم‏:‏ هل تذكركم مرة التقينا في شقتك؟ وبالطبع تعللت بالنسيان‏,‏ فأجابتني‏,‏ سبع مرات أتذكرها كل يوم‏,‏ وأتذكر لمساتك وهمساتك و‏..‏

لم ينته الموقف بعد يا سيدي‏,‏ كدت أفقد وعي وسيطرتي علي نفسي‏,‏ قلت لها بصوت حزين‏:‏ لقد خدعتني‏.‏

خمن معي يا سيدي ماذا كان ردها وهي مازالت معتقدة أني حبيبها القديم‏.‏
قالت بكل ثقة‏:‏ لماذا؟ لقد اعترفت لك بعلاقتي السابقة وقلت لك انه خدعني باسم الحب وسلمت له نفسي بعد اتفاقنا علي الزواج ولكنه كان نذلا‏..‏ حكيت لك التفاصيل أكثر من مرة‏.‏

إلي هنا لم يعد في مقدرتي أن أواصل‏..‏ أنهيت المكالمة‏,‏ وأنا غير مصدق لما حدث‏..‏ هل أنا ساذج إلي هذا الحد؟‏..‏ لماذا قبلت خطبتي وهي تحب آخر؟‏..‏ هل تصدق أنها لم تسمح لي حتي الآن بتقبيلها؟ كل هذا تمثيل؟‏..‏ كل الناس مخدوعة فيها؟‏!‏ كل الناس لاتفهم؟‏!.‏

عجزت عن التفكير‏,‏ وهمت علي وجهي لا أعرف ماذا أفعل وإلي أين أسير؟‏..‏ لن أحكي لك كيف فكرت‏,‏ ولكني اتخذت قراري‏,‏ لم أخبر أحدا من أهلي بماحدث هربا من كلمات الشفقة أو المواساة‏,‏ ولم أخبرها‏,‏ وأشفقت علي أهلها الطيبين من معرفة حقيقة ابنتهم‏,‏ تحملت اتهامي بالخسة والنذالة‏,‏ وأبلغت الجميع دون إبداء الأسباب قراري بعدم إتمام الزواج‏.‏

لم يهمني كثيرا ما دار ويدور حولي وحول سر قراري‏,‏ ولكن الذي همني ويهمني ولا أجد له إجابة‏:‏ لماذا فعل الله بي ذلك؟ اتبعت ما أمر به‏,‏ ورضحت لحديث رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم‏,‏ وبحثت عن ذات الدين‏,‏ وكانت هذه هي النتيجة‏..‏ هل تعتقد يا سيدي أنني يمكنني الثقة في فتاة أخري‏,‏ وأنني سأفكر في الزواج مرة أخري؟‏..‏ لا أعتقد‏.‏

*‏ سيدي‏..‏ لن أقول إنك تسرعت في الحكم علي هذه الفتاة‏,‏ وكان عليك التأكد من حسن أخلاقها‏..‏ ولن أقول لك‏:‏ ليس كل ما يلمع ذهبا‏,‏ ولن أطالبك بتذكر قول الشاعر لأؤكد لك أن الحب وحده أحيانا لا يكون كافيا‏:‏
وما شرف الإنسان إلا بنفسه
أكان ذووه سادة أم مواليا‏.‏
لن استبعد أبدا أن سلوك هذه الفتاة المعلن قد يضللك ويضلل غيرك‏,‏ فما أكثر الرجال أصحاب الصولات والجولات في عالم النساء الذين وقعوا في نوائب اختياراتهم‏,‏ فالزواج مثل ورقة اليانصيب مكلفة وغير مضمونة‏.‏

سأقول لك يا سيدي إن حكمة ما أنت فيه ماثلة أمام عينيك وأنت عاجز عن رؤيتها‏,‏ ولو أبصرت قليلا لنمت قرير العين ومارست حياتك بكل سعادة ورضا‏,‏ وما اهتزت ثقتك في عدل الله ورحمته بعباده الصالحين‏,‏ فافتح يا عزيزي باب حياتك للداخل ولا تدفعه مغلقا في الاتجاه الخطأ‏.‏

لقد راعيت الله في اختيارك‏,‏ حفظت نفسك وتجنبت المعاصي واخترت ذات المال والحسب والجمال وتمنيت أن تترب يداك بالظفر بذات الدين‏..‏ ولأنها ليست كذلك‏,‏ ولأن الله لا يخذل عبده الطائع‏,‏ ربت عليك بيده الرحيمة‏,‏ أنقذك وأنت مقدم علي ابتلاع الخديعة‏,‏ فجعل الأشياء التي قد نراها مجرد مصادفة ـ تنصاع لأمرك‏,‏ ينتهي شحن هاتفك‏,‏ وتتحدث من هاتف في الشارع‏,‏ ويصم سبحانه وتعالي أذن تلك الفتاة‏,‏ فلا تتعرف علي صوتك‏,‏ وتختار أنت اسما‏,‏ يكون هو المراد‏,‏ فتتدفق اعترافاتها علي مسامعك‏..‏ يا الله ماذا تريد يا رجل بعد كل هذه الإشارات؟‏!‏

عاهدت الله علي الطاعة‏,‏ فسترك‏,‏ وأطل عليك بنوره الكريم لينير بصيرتك‏,‏ لينقذك مما لا يليق بك‏..‏ ألا يستحق كل هذا أن تخر ساجدا شاكرا‏,‏ مستغفرا لكل أسئلتك الغاضبة المستنكرة؟‏.‏

إن إشارات الله إليك هي التي جعلتك ـ وأنت المطعون في شرفك وكبريائك ـ تتصرف بشهامة تتناسب مع حسن خلقك‏..‏ وهي نفس الإشارات التي تفرض عليك بكل ثقة أن تبحث عن زوجة صالحة من جديد‏,‏ تبحث عن نفس الاشتراطات التي قالها الله في كتابه الحكيم وعلي لسان نبيه الكريم محمد صلي الله عليه وسلم‏,‏ وفي كل الكتب السماوية‏,‏ كما فعلت في المرة الأولي‏,‏ وأنت مطمئن القلب‏,‏ مادمت حريصا علي أن تظفر بذات الدين‏..‏ وإلي لقاء بإذن الله
المزيد ....

عـــائد إلي الحـــياة

16-12-2005
من يكتب إليك ياسيدي الآن رجل علي أعتاب الأربعين‏,‏ قضيت نصف عمري خلف الأسوار لجريمة ارتكبتها في لحظة ضعف تحت تأثير تعاطي المخدرات‏..‏ وقضيت النصف الثاني أشحن نفسي بالأمل‏,‏ أعرف أني أخطأت وأجرمت في حق نفسي والآخرين‏,‏ أعرف وأبيت كل ليلة باكيا داعيا الله أن يقبل توبتي ويعينني علي الصبر والثبات‏.‏

لعلك تتساءل‏..‏ وما الذي دفعك إلي الكتابة إلي بريد الجمعة بعد‏20‏ عاما‏,‏ فأقول لك‏,‏ إني كنت متابعا لكل ما ينشره مبتدع البريد الانساني المرحوم عبدالوهاب مطاوع وظننت أنه توقف بعد رحيله ثم بالمصادفة وقعت عيني علي عدد رأيت فيه رسائل مملوءة بالهموم وردودا مملوءة بالأمل‏..‏ فصممت علي أن أبوح لك بقصتي‏:‏

لقد دخلت السجن عام‏1984‏ وكان عمري يومئذ‏19‏ عاما‏..‏ كنت منساقا لأصدقاء السوء‏.‏ في غيبوبة الشباب والطيش وعدم حساب لأي شئ ارتكبنا جريمتنا ونالت منا عدالة القضاء وربما لأني لم أستطع توكيل محام مشهور وذي خبرة حكم علي بالأشغال الشاقة المؤبدة بينما حكم علي زملائي‏,‏ الذين استطاعوا الدفاع عن أنفسهم بواسطة مجموعة محامين أقوياء بمدد تتراوح بين خمس وسبع سنوات فقط‏.‏

لست متذمرا ـ أقسم لك ـ بل وراض بقضاء الله وحكمه‏,‏ ولعله يكون مكفرا عما اقترفته يداي‏..‏ ومع ذلك فقد عانيت ساعة الحكم وظللت في شبه غيبوبة لعدة سنوات‏..‏ أشعر بالضياع في عالم ضيق أتيته طوعا من عالم فسيح لم أعرف قيمته إلا بعد أن فقدته‏..‏ بعد هذه السنوات التي ترنحت فيها هداني الله إلي التفكير السليم لقضاء الوقت فيما يحب‏..‏ لاح لي الأمل من خلال استكمال الدراسة وتحصيل العلم‏.‏

كرست وقتي وجهدي للدراسة والعبادة حتي حصلت أولا علي دبلوم صنايع قسم كهرباء من المدرسة الصناعية الملحقة بسجن القناطر عام‏1994‏ بمجموع‏83%.‏

وكم كانت فرحتي بنجاحي هذه المرة واعتبرتها بشارة من الله بإكمال الطريق السوي‏..‏ قمت عندئذ بتغيير مسار دراستي وحصلت علي الثانوية العامة ـ أدبي من لجنة ليمان طرة منازل عام‏1998‏ بمجموع‏87%‏ وشجعتني إدارة السجن أيما تشجيع فانتسبت إلي كلية الآداب جامعة الزقازيق وحصلت علي ليسانس الأداب قسم التاريخ عام‏2003‏ بتقدير عام جيد‏,‏ ثم انتسبت للمعهد الآسيوي للدراسات العليا بالزقازيق للحصول علي دبلومة الماجستير وحاليا أعد نفسي لنيلها‏.‏

لن أصف لك مدي فرحتي لأني انتصرت علي الظلمة بداخلي والسجن المحيط بي‏..‏ ولن أصف لك شعوري وأنا أتخيل اليوم الذي يأتي لأعانق فيه الحرية خارج أسوار السجن وأبدأ من جديد وعمري‏40‏ عاما رجلا ناضجا قد كفر عما ارتكبه‏,‏ وأعطاه المجتمع فرصة أخري لإثبات كونه رجلا صالحا‏.‏

لقد قضيت ياسيدي‏21‏ عاما في السجن وكلي أمل في الإفراج الشرطي عني كأحد المستحقين له بعد قضاء أكثر من‏20‏ عاما طبقا للمادة‏52‏ من قانون السجون‏,‏ لكن الأمر لله من قبل ومن بعد‏,‏ لعل للجان الأمنية التي تمر علي السجون مرة كل شهر لتفعيل الإفراج الشرطي رأيا آخر‏..‏ ولا ألوم في النهاية إلا نفسي‏.‏

لقد تم عرضي علي إحدي هذه اللجان بسجن قنا بتاريخ‏22‏ أغسطس السابق وأبدت إعجابها بالشهادات التي نلتها ومع ذلك لا أعرف السبب في رفض الإفراج عني‏..‏ لقد تظلمت ورفع ملفي للعرض علي لجنة أمنية عليا بالأمن العام بالقاهرة ولكنها للأسف أيدت رفض اللجنة الأولي مع عبارة يتم عرضه مرة أخري بعد عام من تاريخه‏.‏

إن الله سبحانه وتعالي يقول وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون وأنا أعترف بأنني أنا من ظلمت نفسي وعلي الرضاء بحكم الله في لكن هذا لا يمنع أن أطمح في مناشدة السيد اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية الرجل الانسان كي يمنحني الإفراج الشرطي بعد مضي كل هذه السنوات بالسجن فأعود للحياة من جديد لأكمل دراساتي وأعمل عملا شريفا أرد للمجتمع به دينه في عنقي حين أخطأت قبل‏20‏ عاما‏..‏
النزيل محمد أشرف حمدي طه العطار

سجن قنا العمومي

ســـــيدي‏..‏ نشرت رسالتك ليس من أجل مناشدة وزير الداخلية فقط‏,‏ وهذا من حقك‏,‏ ولكن لأني رأيت فيها دروسا عديدة‏...‏ فكثيرون ممن يتعاطون المخدرات من شبابنا لايرون ما قد يؤول إليهم مستقبلهم‏,‏ تغريهم المتع المؤقتة‏,‏ ويتشبثون بسعادة زائلة‏,‏ ثم ينجرفون دون وعي‏,‏ وتحت تأثير المخدر‏,‏ بخطي مسرعة نحو الجريمة‏,‏ ليقضوا أجمل سنوات عمرهم خلف القضبان‏..‏ وعلي الرغم من إحساسك بأنك لم تحصل علي دفاع كاف مثل زملائك‏,‏ وقضي عليك بالسجن المؤبد في جريمة لم تذكرها‏,‏ إلا أنك ندمت علي جريمتك ولم تقف عاجزا مثل كثيرين يتمتعون بحريتهم ولا يستطيعون النجاح‏,‏ أو تحدي الصعاب التي تواجههم فيلعنون الظروف التي لاتمنحهم ما يستحقون‏.‏
وها أنا يا سيدي أضع رسالتك بين يدي السيد حبيب العادلي وزير الداخلية‏,‏ الذي لايبخل بإدخال السعادة علي قلب أسرة بالسماح لسجينها بزيارتها للإطمئنان علي أم مريضة أو المشاركة في وداع أب راحل‏,‏ ولا أعتقد أنه سيضن عليك بقرار الإفراج إذا لم يكن مخالفا للقانون‏,‏ ليمنحك فرصة جديدة للتصالح مع الحياة‏,‏ ساعيا للتكفير عن جريمتك‏,‏ بالبحث عن عمل يلائم مادرست‏,‏ مواصلا بإذن الله دراستك‏,‏ حتي تكون قدوة لمن يعيشون خلف الأسوار‏,‏ التي دخلوا إليها بجرائمهم‏,‏ أولأولئك سجنوا أنفسهم في زنازين العجز وهم لايعرفون ولا يقدرون قيمة الحرية التي ينعمون بها‏.‏
المزيد ....

آمــــــال صـــــــــالح

09-12-2005
أرسل إليك ياسيدي هذه الرسالة كنداء استغاثة لعل صوتي يصل إلي السيدة الفاضلة سوزان مبارك عن طريق بريدكم أو أجد من بين قرائك من يعرف السبيل لحل هذه المشكلة‏.‏

أعرفك ياسيدي بنفسي أولا‏,‏ فأنا سيدة أبلغ من العمر واحدا وثلاثين عاما‏,‏ ولن أقول إنني نشأت في أسرة كما تسمع دائما‏,‏ فقد نشأت في ملجأ للأيتام‏,‏ ومن اليوم الذي ذهبت فيه إلي الملجأ إلي أن أتممت عامي الحادي عشر‏,‏ وأنا لم أشعر يوما بحنان الأم الذي كثيرا ما سمعت عنه‏,‏

وكان هذا حالي أنا وأخوتي في نفس المكان الذي جمعتنا فيه نفس ظروف اليتم‏,‏ ولا أخفيك علما عما لاقيناه أنا وأخوتي من المهانة والقهر والإذلال علي يد كل من كانت تحضر إلينا مع المشرفة الاجتماعية للملجأ‏,‏ لتخبرنا المشرفة أن هذه السيدة هي أمنا الجديدة‏,‏

وعددهن بلا حسد إثنتان وعشرون علي مدي ثماني سنوات‏,‏ لاتلبث الواحدة منهن أن تمكث عدة أشهر‏,‏ ومنهن من تمكث السنة أو السنتين حتي تأتي المشرفة بأخري لتخبرنا نفس القصة بأن هذه السيدة هي أمنا الجديدة حتي بات الأمر بالنسبة لنا أمرا مملا من كثرة ما تكرر أمامنا ولم يعد لدينا نحن الأطفال الصغار سوي الخضوع لكل من تأتي علي مسمعي أنها أمنا لنلقي منها نصيبنا من العذاب‏.‏

ولعلك تسأل عن سبب تركهن لنا الواحدة تلو الأخري‏,‏ وقد تعددت الأسباب فمنهن من تركتنا لتتزوج‏,‏ ومنهن من طردت لسوء معاملتها لنا‏,‏ ومنهن من وجدت وظيفة أكثر ملاءمة لظروفها‏,‏ ولم تفكر إحداهن في مصير هؤلاء الأطفال ولم يعد لدينا أي شعور بالانتماء تجاه أي شخص أو أي شئ وتولد لدينا حقد علي المجتمع الذي نعيش فيه والذي لم يتركنا نتجرع مرارة اليتم مرة واحدة بل أصر علي أن يذيقها لنا عدة مرات فقد سبق أن أخبرتك أن كل هذا حدث معي إلي أن أتممت عامي الحادي عشر وجاءت المشرفة‏,‏

ومعها سيدة اعتقدنا لأول وهلة أنها من سيدات الخير حضرت لتتبرع لنا ببعض الألعاب أو الملابس‏,‏ كما كان يحدث وقتها‏,‏ ولكننا فوجئنا بالمشرفة تخبرنا نفس المقولة التي سئمنا منها وهي أن هذه السيدة هي أمنا الجديدة‏,‏ وقابلنا هذه السيدة بفتور لأن الأمر لم يكن جديدا بالنسبة لنا وفي الأيام الأولي التي مرت بنا معها بدأ شئ جديد في حياتنا‏,‏ في البداية اعتقدنا أنها تريد أن تجذبنا إليها ومع استمرار الوضع الجديد بدأنا نشعر أن هناك خيطا من حرير يربطنا بهذه السيدة وبدأنا نشعر لأول مرة بالحنان الذي طالما افتقدناه فيمن حولنا‏,‏ واتفقنا أنا وإخوتي أن نناديها بكلمة ماما والتي حرمنا منها زمنا طويلا‏,‏ وبدأت في حياتنا مرحلة جديدة يسودها الحب والرعاية والحنان

وكانت أما بحق نعم الأم بحنانها‏,‏ ونعم الصديقة ونعم الابنة‏,‏ وقد تتعجب لذلك فأمي كانت أمنا بالفعل حين نحتاج لصدرها وحنانها في لحظات الحزن والشدة التي نمر بها‏,‏ وكانت صديقة حين كنا نلعب سويا أنا وهي وأخوتي وكانت أسعد لحظات حياتنا حين كانت تسقي الحديقة ونفاجأ بها ترشنا بالمياه ونجري منها وتجري خلفنا ولاينقطع صوت ضحكاتنا أبدا ونلعب ألعابا كثيرة متعددة‏,‏ وكانت نعم الإبنة حيث كنا نقوم بتمشيط شعرها ووضع الزينة لها وندللها كما تفعل معنا برغم سنوات عمرها التي كانت وقتها ستة وأربعين‏,‏ إلا أنها كانت تمنحنا من الحنان ماننسي معه تلك السنين التي تفرق بيننا‏

ومع ذلك كنا نحترمها جدا جدا ونخشاها جدا جدا جدا لأن من كان يخطئ فينا فإنه ينال نصيبه من العقاب الذي كان شديدا بعض الشئ‏,‏ فكانت تمثل الحكمة التي تقول الشدة بلاقسوة والحنان بلاضعف حتي بتنا ياسيدي أشخاصا أسوياء ليس بداخلنا حقد علي المجتمع أو علي أحد وباتت بداخلنا مساحة خضراء جعلتنا نسامح كل من أخطأ في حقنا من قبل لدرجة أننا لم نعد نحكي ماكنا نلاقيه في السابق بوجوم وغضب بل أصبح ذلك مدعاة لنوادرنا وأصبح الأمر مضحكا أكثر منه مبكيا‏,‏ لأننا كنا نحكي رد فعلنا نحن تجاه هذه المواقف‏.‏

ولقد تخرجنا نحن جميعا بشهادات مختلفة والحمد لله تزوجت أنا واخوتي البنات الست وتزوج ثلاثة من البنين وكل منا رزقه الله بالذرية التي ندعو الله أن يجعلها صالحة بإذنه‏,‏ وعندما أري أبنائي وأبناء أخوتي أجد أننا جميعا نتفق في أسلوب التربية‏,‏ حيث نتبع أسلوب أمي التي لولا جهودها معنا لما أصبحنا كما نحن الآن ومازالت أمي في نفس الملجأ تكمل رسالتها مع باقي أخوتي وعددهم تسعة بأعمار مختلفة من عمر سنة ونصف إلي عشرين عاما في مراحل تعليم مختلفة‏.‏ ومن هنا تبدأ المشكلة الحقيقية‏,‏ فلقد أصدرت إدارة الملجأ قرارا بإحالة أمي علي المعاش نظرا لبلوغها السن القانونية‏

ولقد حزنت أمي كثيرا لهذا القرار وأبدت رغبتها في أن تظل ترعي باقي أخوتي الصغار دون مقابل مادي فهي لاترغب سوي أن تكمل رسالتها معهم‏,‏ ولكن قوبل طلبها بالرفض‏,‏ والذي دفعني للكتابة إليكم هو أنني حين علمت بهذا القرار مر أمامي شريط من الذكريات وأري أن هناك مشهدا ومأساة تتكرر حين يخبرني أخوتي بأن هناك سيدة هي أمهم الجديدة الفرق بين هذا وذاك كبير‏,‏ أننا لم نكن نحزن بشدة لأننا لم نتعلق بأحد‏,‏ أما بالنسبة لأمي فهي لأخوتي الماء والهواء‏

فكيف تتخلي عنهم‏,‏ وكيف تتركهم ولا يفهم أطفال صغار معني القوانين؟ أو ماذا يفعلون بدونهما؟ إن أمي إلي الآن مازالت تجمعنا تحت جناحيها ولانجد غيرها لنلجأ إليه‏,‏ نحن نلتقي سويا كل أسبوع أنا وأخوتي وأمي‏,‏ وتجمعنا الأعياد والمواسم‏..‏ نحن نتفهم القوانين ولكن ألايوجد رحمة فوق القانون؟ وهل هذا مطلب صعب المنال أن تبقي أمي ترعي أخوتي دون مقابل؟ من يعقل هذا وأي صعوبة فيه‏.‏ إنني أحزن بشدة حين يذكر لي أخوتي كيف تبكي أمي طوال الليل بعد أن يأووا جميعا إلي أسرتهم‏,‏ وكيف ساءت حالتها النفسية لهذا القرار الظالم بعد كل ما قدمته أمي لنا ومازالت تقدمه

ولذلك أسعي هذا السعي الأخير لعلي بذلك أكون قد أديت جزءا ضئيلا جدا جدا مقارنة بما فعلته معي وأن أمنع دمعة واحدة تنساب علي خديها لأنها ستفارق أخوتي‏,‏ إنني أرجوكم باسم أخوتي جميعا أن ترحموا أمي وترحموا أخوتي من أن يتذوقوا مرارة اليتم مرة أخري‏,‏ وأوجه ندائي هذا لمن يصدرون القوانين دون الاعتبار لأشياء أخري فليس هذا جزاء من أفنت عمرها وصحتها لترعانا وتصلح من شأننا‏,‏ فكيف بعد أن ظلت علي مدي عشرين عاما منشغلة بأمورنا ومشاكلنا تجد نفسها وحيدة يحاصرها الصمت من كل جانب‏.‏

إن الوحدة قاتلة فكيف نقتل من ضحوا بسعادتهم وراحتهم في سبيل إسعادنا؟؟ وأخوتي أين سيجدون قلبا مثل قلب أمي مع العلم أن مسئوليتهم سوف تئول لفتاة لايتعدي عمرها الخامسة والعشرين ومازالت بانتظار قطار الزواج أي أن مأساة أخوتي ستتكرر مرة أخري‏.‏

إلي أصحاب القرار ومن يمكنه أن يصل إليهم أو يؤثر فيهم‏,‏ أوجه لكم ندائي هذا من أفواه أطفال أيتام سيفقدون أمهم بقرار إداري أن يرحموهم ويرحموا أمنا التي سيسلبون منها أبناءها لا لشئ سوي أنها بلغت سن المعاش‏.‏ أدعوا الله العلي القدير أن تجد رسالتي تلك صداها عند من بيدهم الأمر ولله الأمر من قبل ومن بعد‏.‏

س‏.‏ح‏.‏ع
إحدي بنات الأم الغالية
آمال صالح محمد الغول


قرية الأطفال‏(‏ إس‏.‏أو‏.‏إس‏)‏ ـ القاهرة ـ مدينة نصر

‏*‏ سيدتي‏..‏ لم أجد ما أكتبه عنوانا لرسالتك الصادقة‏,‏ سوي اسم هذه السيدة العظيمة آمال صالح‏,‏ هذا الاسم الذي يجب أن يكون عنوانا لكل ما هو جميل في حياتنا‏...‏ اعتدنا أن نقرأ أسماء بلا قيمة أو معني في عناوين الصحف‏,‏ وتجاهلنا من يغرس المحبة في القلوب‏,‏ ويحنو برفق ووعي علي أيتام وجدوا أنفسهم في الحياة اشقياء بلا ذنب اقترفوه‏,‏ هذه السيدة التي فهمت معني حديث رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم الخلق كلهم عيال الله‏,‏ وأحبهم اليه أنفعهم لعياله‏,‏ فهي حبيبة الي الله بما فعلته معك وأخواتك‏,‏ وأصرت علي مواصلة رحلتها في العطاء والحب‏..‏ هل مثل هذه السيدة يجب أن تحال الي المعاش؟‏..‏ إن القانون ليس أعمي دائما‏,‏ بل نجد قلبه خافقا في حالات لا تقوم بمثل دور هذه السيدة في بناء بنات وأمهات صالحات مثلكن‏,‏ فلماذا يغمض عينيه أمامها‏,‏ مع أنه لو فعل وأدخل السرور والبهجة علي قلوب صغيرة‏,‏ وعلي قلب تلك المرأة‏,‏ ما خسر شيئا بل علي العكس سيربح الكثير‏.‏

سيدتي‏..‏ كلي أمل في أن تقرأ السيدة الفاضلة سوزان مبارك رسالتك‏,‏ وهي المشهود لها بالاهتمام بالمرأة والطفل‏,‏ ويدها بيضاء في رعاية الأيتام‏,‏ فثقي بأنها لن تدخر وسعها في التدخل لتعيد البسمة اليكن والي تلك السيدة الرائعة‏,‏ والتي يبدو أن الفيلسوف سقراط كان يتحدث عنها عندما قال‏:‏ أعظم إمرأة هي التي تعلمنا كيف نحب ونحن نكره‏,‏ وكيف نضحك ونحن نبكي‏,‏ وكيف نصبر ونحن نتعذب‏.‏

لقد وضعت رسالتك ونقلت صوتك وصوت أخواتك اليتيمات‏,‏ أمام عيون أمينة‏,‏ لن تقبل أن تحال المشاعر النبيلة الصادقة الي المعاش‏.‏

والي لقاء بإذن الله
المزيد ....