الجمعة، ٣ أغسطس ٢٠١٢

كيف نتزوج؟‏!‏

01-12-2006
قد لا تكون مشكلتي معقدة‏,‏ فأحداثها كلها حدثت في فترة زمنية لا تزيد علي الشهر‏,‏ وأنا علي يقين بأن كثيرا من الناس يعانون أكثر مما أعاني‏,‏ ولكن برغم أنها مشكلة صغيرة الحجم وحدثت في مدة قصيرة فإنها أحدثت في نفسي أثرا كبيرا وأثارت بداخلي تساؤلات عديدة كلها تدور في فلك واحد‏..‏ ما قيمة الإنسان في عيون أخيه الإنسان؟

تم التعارف واتفقنا علي الارتباط‏,‏ سيعود في ديسمبر من الدولة العربية حيث يعمل لنعقد القران ثم يسافر وحده لإنهاء إجراءات الإقامة ثم يعود مرة أخري ليصطحبني معه‏..‏ مكالمات هاتفية من طرفه دوما يعبر فيها عن افتقاده لي وعن محبته العريضة بألفاظ مهذبة لا تخرج عن حدود اللياقة‏,‏ وسعادة من طرفي وآمال بمستقبل جميل مع شخص متميز متعلم وله مركز مرموق بشركة عالمية كبيرة يليق بدرجة علمية عالية بذل في سبيل الحصول عليها من دولة أجنبية جهده وماله ووقته‏.‏

لن أقول إني قد همت به حبا في هذه المدة القصيرة‏,‏ ولكن أحسب أنه كان محل اهتمامي وأن حبه كان قد أوشك علي الدخول إلي قلبي‏.‏

لست تافهة ولا صغيرة‏,‏ وتشهد بذلك أعوامي السبعة والعشرون ومهنتي بتعليم طلاب الجامعة لفترة تربو علي السنوات الأربع‏,‏ استشعرت الصدق في نيته وكلماته ولم أقف في الأمر وحدي فلم أعتد الانفراد برأيي شاورت أمي التي لم تمانع ورأت فيه زوجا مناسبا لابنتها الوحيدة‏.‏

وذات يوم أصاب عطل هاتفي النقال الذي يحادثني دوما عليه فلم أتمكن من استقبال مكالماته لمدة يومين‏,‏ فكرت أنه لابد قلق علي واتصلت به مساء‏,‏ ويا للعجب ما إن نطقت باسمي حتي أغلق السماعة في وجهي‏!!‏

لم أستوعب الأمر‏,‏ فكرت أن الاتصال الدولي صعب وأنه انقطع لسبب أو لآخر فعاودت الاتصال مرات ومرات وصفارة مزعجة ترن في أذني في كل مرة‏,‏ وأيضا لم أفهم أنه هو من كان يقوم بقطع المكالمة قبل إتمامها‏.‏

ما كان مني إلا القلق عليه أو الظن بأنه قد غضب من هاتفي النقال المغلق لمدة يومين فأجلت الاتصال به لليوم التالي‏,‏ جاء صباح اليوم التالي ومبكرا كان اتصاله‏:‏

ـ هل قرأت الرسالة التي بعثت بها لك؟
قرأتها ولم أفهمها‏..‏ سأشرح لك‏..‏ زميل لي في العمل هنا رشح لي فتاة لأخطبها وقتما كلمتني كنت في منزلها‏.‏

ـ أتمني أن نكون أصدقاء وأن أحصل علي دعواتك لي بالتوفيق إنها فتاة محجبة ومهذبة لا تتميز عنك في شيء‏..‏ حتي إني لا أ عرفها مسبقا لكن الارتباط بها أسهل فهي مقيمة هنا‏,‏ أنت إنسانة ممتازة محترمة جدا ومهذبة‏.‏

أحببتك جدا‏..‏ أتمني من الله أن يوفقك في حياتك‏..‏ يا للبساطة‏..‏ إنه أمر سهل جدا بالنسبة له‏.‏

لا أذكر ماذا كان ردي الذي لم يكن لينا علي أي حال ولكن‏..‏ هل كانت هذه صفقة؟ هل كانت متاعا يشتريه أم كنت أثاثا يستبدله‏..‏ إنسانة أنا لي قلب ينبض ودماء تجري في عروقي‏,‏ لي إحساس ومشاعر‏,‏ لي آمال وأحلام‏..‏ بكل بساطة وجد صاحب الأعمال والشهادات عرضا أفضل فأطاح بالعرض الأول‏,‏ أو أني بضاعة كان سيستقدمها من الخارج فوجدها في مصنع خلف بيته‏..‏ ما الفارق؟ تذكرة طيران وإجراءات إقامة؟ سفر ومشقة؟

لابد أن العرض الثاني أفضل من العرض الأول‏,‏ وهو تاجر ناجح يجيد دراسة العروض‏..‏ فلماذا يجهد نفسه؟

يا إلهي هل الإنسان رخيص لهذه الدرجة في عيون أخيه الإنسان؟ ألا يساوي جرح قلبه إجراءات وتذكرة طيران؟

أريد جوابك يا سيدي‏..‏ أريد أن أسمع كلماتك فلا تبخل بها علي‏.‏

{‏ سيدتي‏..‏
أحترم إحساسك الجريح‏,‏ وإن كنت لم أندهش من تصرف هذا الشاب‏..‏ وأقدر أيضا قبولك الزواج بهذه الطريقة المتسرعة من شاب رأيت في مقوماته الظاهرة ما يبشر بأنه زوج مناسب‏,‏ وإن كنت لا أرحب بهذا الأسلوب في الزواج‏,‏ وأري فيه مقامرة تؤدي كثيرا إلي انهيار زيجات لأنها لم تقم علي أسس سليمة‏.‏

فليس المؤهل وحده ولا الوظيفة المرموقة والمظهر الجيد مبررات للقبول بعريس قادم من الخارج يبحث عن عروس في أيام قليلة‏,‏ لتشاركه رحلة الحياة بقسوة اختباراتها‏.‏ هذه الشراكة التي تستوجب التأكد من أشياء عديدة غير المؤهل والإمكانات المادية‏,‏ علي رأسها دينه وأمانته‏,‏ وهاتان الصفتان تحتاجان بعض الوقت للتأكد منهما عبر السؤال والمعايشة‏,‏ لأن من يتزوج علي عجل يندم علي مهل‏,‏ وقد تكون إرادة الله سبحانه وتعالي تدخلت لإنقاذك من هذا الندم‏,‏ لأن ما فعله هذا الشاب يؤكد أنه لم يخترك لأنه رأي فيك أشياء خاصة يتمني أن تكون عليها شريكة حياته‏,‏ هو كان يريد عروسا مناسبة والسلام‏,‏ وعندما وجد فرصة أخري‏,‏ أكثر يسرا وأقل تكلفة‏,‏ لم يفكر فيما سيسببه لك من ألم أو جرح‏,‏ فكر في نفسه فقط‏,‏ لأنه إنسانا أناني‏,‏ لا يعرف معني الرجولة‏,‏ ومن السهل أن يكون إنسانا ولكن الصعب أن يكون رجلا‏..‏ إنسان بهذه الصفات لا يستحق الحزن عليه‏,‏ بل يجب عليك أن تشكري الله لأنه أنقذك من الارتباط بمثله‏.‏

وتظل المشكلة الرئيسية والصعبة التي ترد إلي من فتيات عديدات‏,‏ إذا كان زواج الصالونات‏,‏ والزواج من القادمين من الخارج في إجازات‏,‏ محفوفا دائما بمخاطر الفشل‏,‏ فكيف نتزوج؟‏..‏ سؤال صعب أتمني أن يشترك معي أصدقائي قراء بريد الجمعة في الإجابة عنه‏..‏ وإلي لقاء بإذن الله تعالي‏.‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق