السبت، ٤ أغسطس ٢٠١٢

تشخيص الواقع‏!‏

20-05-2005
كثر الحديث عن العلاقات القائمة حاليا بين مستأجري وملاك العقارات القديمة‏,‏ ويتعاطف البعض مع المستأجرين ولديهم ما يعتمدون عليه من أسباب‏,‏ بينما يتعاطف البعض الآخر مع مالكي العقارات القديمة ولهم ايضا أسبابهم وأسانيدهم‏,‏ ولكن الامر قد لايخلو من المغالاة في بعض الاحيان‏,‏ حيث يعتبر البعض اصحاب العقارات القديمة من الضحايا وشاغليها من مصاصي الدماء‏.‏

ويستوجب الأمر قبل اقتراح أي مشروع يكفل العدالة بين مالكي العقارات القديمة وشاغليها‏,‏ تشخيص واقع العلاقات القائمة والملابسات والتصرفات المحيطة‏.‏ وأري ـ كما يري الكثيرون غيري ـ ان القانون رقم‏4‏ لسنة‏1996‏ قد أعاد التوازن بين الفئتين المشار اليهما فقد أصبح المالك في ظل هذا القانون حرا في تأجير أي وحدة من وحدات العقار القديم والتي لم يسبق تأجيرها أو التي انتهي عقد إيجارها قبل العمل بهذا القانون أو تلك التي انتهت عقود إيجارها بعده لأي سبب من الاسباب بالقيمة الايجارية التي يحددها ومقدم الايجار الذي يطلبه‏,‏ أو يعرضها للبيع بنظام التمليك وفقا لما يطلق عليه حاليا آليات السوق‏.‏

وفضلا عن ذلك فإن بعض العقارات القديمة انتقلت ملكيتها الي مشترين آخرين وقد تحددت قيمتها وفق عائدها الاقتصادي في ذلك الوقت‏,‏ ويمكن الاستدلال عليها عن طريق سجلات الشهر العقاري وسوف نجد العجب العجاب إذ ان بعض العقارات ببعض المواقع المتميزة آلت إلي ملاك جدد ولم تتجاوز قيمتها البيعية المسجلة ما يدفع حاليا علي سبيل الديكور لأي وحدة سكنية‏..‏ كما حصل بعض الملاك علي تراخيص اضافوا بموجبها بعض الادوار علي عقاراتهم وتصرفوا فيها بمبالغ ضخمة وقاموا بتحويل بعض الوحدات السكنية إلي مكاتب وعيادات وحولوا الادوار الأرضية الي متاجر وغيرها مقابل مكاسب كبيرة‏.‏

وذلك كله إلي جانب ما حصل عليه الملاك أو بعضهم من خلوات ومقابل تنازل من مستأجر لآخر أو تغيير العقود القائمة‏.‏

ولا يمكن ان نتغافل عما تحمله المستأجرون للعقارات القديمة من تكاليف صيانة لها بعد أن أهمل مالكوها صيانتها بدعوي ضعف عائدها‏,‏ وبذلك يمكن القول إن المحافظة علي القيمة الاقتصادية للعقار تعود إلي شاغليها وليس إلي مالكيها‏,‏ فضلا عن اثر العوامل الاجتماعية الأخري في رفع القيمة الاقتصادية للعقارات القائمة‏,‏ وبالتالي زيادة الطلب علي الاسكان وحتي علي الوحدات لغير أغراض السكن نتيجة النمو الاقتصادي والاجتماعي المستمر‏,‏ فضلا عن أن مشروعات البنية التحتية التي تقيمها الدولة من مشروعات المياه والصرف الصحي والكهرباء والغاز والتليفونات والمشروعات الخدمية الأخري كالنوادي والمستشفيات والمدارس‏...‏ الخ قد أسهمت في رفع القيمة الاقتصادية للعقارات القائمة دون عناء أو نفقة تذكر من جانب أصحابها‏.‏

وهكذا لايوجد ـ في أغلب الحالات ـ أي غبن علي طرف من الأطراف‏,‏ بل أن المنافع بين الملاك والمستأجرين متبادلة وأن آليات السوق الحالية كفيلة باصلاح أي خلل قد يحدث بين اطراف التعاقد‏,‏ وأن الأمر ليس كما يتصوره البعض غالبا ومغلوبا؟
محاسب ـ مظهر نجيب عبدالشهيد
وكيل أول ـ سابق
بالجهاز المركزي للمحاسبات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق