06-05-2005
بعد أن ألقي الرئيس حسني مبارك حجره في مياهنا الآسنة بطلبه تعديل المادة76 من الدستور, لكي يصبح اختيار رئيس الجمهورية بالانتخاب الحر المباشر بين أكثر من مرشح, أصبح من الأهمية بمكان أن تغتنم الأحزاب السياسية القائمة الفرصة لكي تبدأ في تدارك ما فات, وأن تعمل من الآن علي بناء كوادرها في جميع المستويات, لأن الأمر الآن أصبح في يد الشعب, ولم تعد هناك حجة أو شماعة لكي نعلق عليها الإخفاق الهائل في تكوين تلك الكوادر, فقد كانت الحجة في السابق هي أن الطريق مسدود أمام كل طامح إلي تحمل المسئولية, أما وأن اختيار رئيس الجمهورية( وهو عنوان الدولة) قد أصبح بالانتخاب الحر المباشر, فمن المؤكد أن ذلك سيتبعه بالضرورة تغييرات في قواعد اختيار معظم الوظائف التنفيذية في الدولة,
بحيث يفتح الباب لكل صاحب طموح ليختبر مدي أهليته لذلك بالاحتكام لصوت الشعب, فهذا هو الطريق الطبيعي الذي تعارفت عليه الحضارة في عصرنا الحديث, ولذلك فقد بات علي الأحزاب السياسية الآن وأكثر من أي وقت مضي أن تعمل علي تقاسم القواعد الشعبية مع الحزب الوطني الديمقراطي,
فبغير وجود هذا التوازن الشعبي بين الأحزاب لن يحدث تطور حقيقي في حياتنا السياسية, ومع الاقتناع الكامل برؤية الرئيس التي أعلنها في حديثه الأخير للتليفزيون من أن الظرف الراهن ومرحلة التحول الديمقراطي تتطلب أن يكون هناك حزب أغلبية, وليس فسيفساء من الأحزاب الصغيرة المتناحرة, أقول أنه مع اقتناعنا الكامل بهذه الرؤية فإن الأمر يتطلب أيضا ألا تكون تلك الأغلبية ساحقة ماحقة بالكيفية التي هي عليها الآن,
ولننظر إلي جلسات مجلس الشعب وهو يناقش قانونا من أهم القوانين التي تمس بشكل مباشر حياة البشر في مصر, وأقصد به قانون الضرائب علي الدخل الذي يناقش الآن, فمن غير المعقول ولا المقبول أن تظهر مقاعد النواب وهي شبه خالية إلا من بضع عشرات من نواب الشعب الحقيقيين الذين يحرصون بدافعهم الوطني علي حضور الجلسات, وعلي رأسهم الدكتور زكريا عزمي وهو المحمل بمهام جسام ومع ذلك نراه حريصا علي الحضور فلولا تلك الأغلبية الساحقة التي يتمتع بها الحزب الوطني الحاكم,
ما اطمأن نوابه في المجلس الموقر الي اغلبيتهم في أي جلسة مهما يقل عدد الحضور منهم, ولو كانت تلك الأغلبية في حدود معقولة بحيث يشكل غيابهم خطرا علي أغلبيتهم, لحرصوا علي حضور كل الجلسات, وإذا كانت الأغلبية مطلوبة لاستقرار الحكومات خاصة في المراحل الانتقالية للنظم, فإنها يجب الا تكون ساحقة بحيث لاتدع فرصة لمعارضة حقيقية فاعلة تضبط إيقاع الحكومة, لكن من أين وكيف نحصل علي هذا التوزيع المتناسب للحضور الشعبي للأحزاب المختلفة في ظل الواقع السياسي الذي نعيشه؟
فهذا الواقع يقول إن معظم أحزابنا الحالية ـ باستثناء الحزب الحاكم ـ لاتملك بنية سياسية حقيقية, ولا كوادر يمكنها تحمل المسئولية, وهي إشكالية يجب أن نجد لها حلا يجعل من تلك الأحزاب كيانات حقيقية, ببرامج واقعية, تتناول جميع قضايا الوطن برؤية قد تتفق أو لا تتفق مع رؤية الحزب الحاكم, وبرامح تتناول برؤية مغايرة قضايا مثل مجانية التعليم بهدف ترشيدها وليس إلغائها, والرعاية الصحية بحيث تتوافر فرصة العلاج لكل من لا يقدر عليه, والرعاية الاجتماعية للمعوزين بغض النظر عن أعمارهم, بالاضافة إلي مواد الدستور المثيرة للجدل مثل نسبة تمثيل العمال والفلاحين,
في المجالس النيابية, تلك النسبة التي أعتقد أن الوقت قد حان لإعادة النظر فيها, ليس بإلغائها, ولكن بترك الأمر للناخب لأن يقول كلمته فيمن يريد انتخابه, إذ لا معني لفرض نسبة كهذه عليه, فقد يكون في استطاعة الناخبين من فئة العمال والفلاحين أن ينتخبوا من بينهم نسبة أكبر من تلك النسبة, أو ربما يريدون أن ينتخبوا مرشح الفئات, فلماذا نغتصب حقهم في انتخاب من يريدون؟! ثم أليس من الأفضل دائما أن نهتم بتثقيف الناس لكي يعرفوا كيفية الاختيار بدلا من وضعهم علي قضبان جامدة!
د.أحمد الجيوشي
geushey@hotmail.com
مدونة بريد الجمعة مدونة إجتماعية ترصد أحوال الشارع المصرى والوطن العربى مدونة تتناول قصص, ومشكلات حقيقية للوطن العربى مثل: (ظاهرة العنوسة, الخيانة الزوجية, الخلافات الزوجية, التفكك الأسرى, الطلاق وآثاره السلبية على الأبناء, الحب من طرف واحد, مرض التوحد, الإبتلاءات من فقر ومرض وكيفية مواجهة الإنسان لها) ثم يعرض الموقع فى أخر كل موضوع رأى المحرر فى التغلب على هذه المحن
السبت، ٤ أغسطس ٢٠١٢
عنــوان الدولــة!
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق