السبت، ٤ أغسطس ٢٠١٢

عنــوان الدولــة‏!‏

06-05-2005
بعد أن ألقي الرئيس حسني مبارك حجره في مياهنا الآسنة بطلبه تعديل المادة‏76‏ من الدستور‏,‏ لكي يصبح اختيار رئيس الجمهورية بالانتخاب الحر المباشر بين أكثر من مرشح‏,‏ أصبح من الأهمية بمكان أن تغتنم الأحزاب السياسية القائمة الفرصة لكي تبدأ في تدارك ما فات‏,‏ وأن تعمل من الآن علي بناء كوادرها في جميع المستويات‏,‏ لأن الأمر الآن أصبح في يد الشعب‏,‏ ولم تعد هناك حجة أو شماعة لكي نعلق عليها الإخفاق الهائل في تكوين تلك الكوادر‏,‏ فقد كانت الحجة في السابق هي أن الطريق مسدود أمام كل طامح إلي تحمل المسئولية‏,‏ أما وأن اختيار رئيس الجمهورية‏(‏ وهو عنوان الدولة‏)‏ قد أصبح بالانتخاب الحر المباشر‏,‏ فمن المؤكد أن ذلك سيتبعه بالضرورة تغييرات في قواعد اختيار معظم الوظائف التنفيذية في الدولة‏,‏

بحيث يفتح الباب لكل صاحب طموح ليختبر مدي أهليته لذلك بالاحتكام لصوت الشعب‏,‏ فهذا هو الطريق الطبيعي الذي تعارفت عليه الحضارة في عصرنا الحديث‏,‏ ولذلك فقد بات علي الأحزاب السياسية الآن وأكثر من أي وقت مضي أن تعمل علي تقاسم القواعد الشعبية مع الحزب الوطني الديمقراطي‏,‏

فبغير وجود هذا التوازن الشعبي بين الأحزاب لن يحدث تطور حقيقي في حياتنا السياسية‏,‏ ومع الاقتناع الكامل برؤية الرئيس التي أعلنها في حديثه الأخير للتليفزيون من أن الظرف الراهن ومرحلة التحول الديمقراطي تتطلب أن يكون هناك حزب أغلبية‏,‏ وليس فسيفساء من الأحزاب الصغيرة المتناحرة‏,‏ أقول أنه مع اقتناعنا الكامل بهذه الرؤية فإن الأمر يتطلب أيضا ألا تكون تلك الأغلبية ساحقة ماحقة بالكيفية التي هي عليها الآن‏,‏

ولننظر إلي جلسات مجلس الشعب وهو يناقش قانونا من أهم القوانين التي تمس بشكل مباشر حياة البشر في مصر‏,‏ وأقصد به قانون الضرائب علي الدخل الذي يناقش الآن‏,‏ فمن غير المعقول ولا المقبول أن تظهر مقاعد النواب وهي شبه خالية إلا من بضع عشرات من نواب الشعب الحقيقيين الذين يحرصون بدافعهم الوطني علي حضور الجلسات‏,‏ وعلي رأسهم الدكتور زكريا عزمي وهو المحمل بمهام جسام ومع ذلك نراه حريصا علي الحضور فلولا تلك الأغلبية الساحقة التي يتمتع بها الحزب الوطني الحاكم‏,‏

ما اطمأن نوابه في المجلس الموقر الي اغلبيتهم في أي جلسة مهما يقل عدد الحضور منهم‏,‏ ولو كانت تلك الأغلبية في حدود معقولة بحيث يشكل غيابهم خطرا علي أغلبيتهم‏,‏ لحرصوا علي حضور كل الجلسات‏,‏ وإذا كانت الأغلبية مطلوبة لاستقرار الحكومات خاصة في المراحل الانتقالية للنظم‏,‏ فإنها يجب الا تكون ساحقة بحيث لاتدع فرصة لمعارضة حقيقية فاعلة تضبط إيقاع الحكومة‏,‏ لكن من أين وكيف نحصل علي هذا التوزيع المتناسب للحضور الشعبي للأحزاب المختلفة في ظل الواقع السياسي الذي نعيشه؟

فهذا الواقع يقول إن معظم أحزابنا الحالية ـ باستثناء الحزب الحاكم ـ لاتملك بنية سياسية حقيقية‏,‏ ولا كوادر يمكنها تحمل المسئولية‏,‏ وهي إشكالية يجب أن نجد لها حلا يجعل من تلك الأحزاب كيانات حقيقية‏,‏ ببرامج واقعية‏,‏ تتناول جميع قضايا الوطن برؤية قد تتفق أو لا تتفق مع رؤية الحزب الحاكم‏,‏ وبرامح تتناول برؤية مغايرة قضايا مثل مجانية التعليم بهدف ترشيدها وليس إلغائها‏,‏ والرعاية الصحية بحيث تتوافر فرصة العلاج لكل من لا يقدر عليه‏,‏ والرعاية الاجتماعية للمعوزين بغض النظر عن أعمارهم‏,‏ بالاضافة إلي مواد الدستور المثيرة للجدل مثل نسبة تمثيل العمال والفلاحين‏,‏

في المجالس النيابية‏,‏ تلك النسبة التي أعتقد أن الوقت قد حان لإعادة النظر فيها‏,‏ ليس بإلغائها‏,‏ ولكن بترك الأمر للناخب لأن يقول كلمته فيمن يريد انتخابه‏,‏ إذ لا معني لفرض نسبة كهذه عليه‏,‏ فقد يكون في استطاعة الناخبين من فئة العمال والفلاحين أن ينتخبوا من بينهم نسبة أكبر من تلك النسبة‏,‏ أو ربما يريدون أن ينتخبوا مرشح الفئات‏,‏ فلماذا نغتصب حقهم في انتخاب من يريدون؟‏!‏ ثم أليس من الأفضل دائما أن نهتم بتثقيف الناس لكي يعرفوا كيفية الاختيار بدلا من وضعهم علي قضبان جامدة‏!‏

د‏.‏أحمد الجيوشي
‏geushey@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق