السبت، ٤ أغسطس ٢٠١٢

الزواج الحرام

25-11-2005
سيدي ها أنا ذا مثلت بين أيديكم لا لمحاكمتي كمتهمة‏..‏ بل لتنفيذ الحكم مباشرة‏..‏ فهذا أقل الإيمان كي تبرد نار صدري بعض الشيء‏..‏ ولكن أرجو منكم جميعا تغليظ الحكم بالتنفيذ لا لرغبة مني في الانتقام من نفسي‏..‏ ولكن للتكفير عن بعض الجرم الذي أعانيه في خلجات نفسي الأمارة بالسوء‏.‏

فأنا سيدة قد قاربت علي الأربعين خريفا‏..‏ أعمل بإحدي الشركات السياحية الكبري‏,‏ متزوجة ولدي طفلان‏..‏ عشت حياة مستقرة نوعا ما‏...‏ حتي جاء ذلك اليوم المشئوم الذي ألحت علي فيه صديقة حميمة بأن نكمل المشوار الدراسي ـ الذي لم نكن قد اكملناه حين أكتفينا بالمرحلة فوق المتوسطة ـ من خلال الجامعات المفتوحة‏..‏ وما أدراك ياسيدي ماهي حياة الجامعات‏..‏ ساعتها فكرت جيدا في الاستجابة لإغراءاتها لا رغبة مني في تحسين دخلي المادي فحسب‏..‏ بل لوضع حد للنظرة الدونية التي كنت ألقاها من زوجي مرارا كل يوم لفارق المستوي التعليمي الشاسع بيننا‏..‏

ولا أخفيك سرا سيدي بأن هذه الفكرة قابلها زوجي بالرفض الشديد‏..‏ ربما لما قد يتكلفه من نفقات إضافية‏..‏ وربما ليظل متربعا علي عرش الزعامة الأسرية التعليمية وربما للاثنين معا‏...‏ وبذلت جهدا كبيرا للضغط عليه حتي تمت الموافقة‏..‏ إلي هنا لا توجد المشكلة‏..‏ المشكلة بدأت عندما قابلته‏..‏ شاب وسيم يلفت اليه أنظار كل من يراه‏..‏ طلبت مساعدته في الدراسة‏..‏ قابل طلبي ـ برغم خجله ـ بالموافقة‏,‏ وأصبحنا نتعاون فيما يخص الدراسة في ذلك الوقت‏..‏ مرت الأيام التي ليست بالقليلة وتوطدت العلاقة حتي صرنا تحت مسمي المساعدة نتقابل مرتين أسبوعيا‏..‏ شعرت بالأمان والحنان معه برغم فارق السن بيننا فهو يصغرني بعشر سنوات‏..‏ وربما بهره جمالي الأخاذ الذي لم تغيره الأيام إلا يسيرا ـ هكذا سولت لي نفسي ـ ربما‏,‏ المهم زادت الفجوة بيني وبين زوجي الذي لا يزال ينظر نفس نظراته الجارحة‏..‏ وقلت معها الفوارق بيني وبين ذلك الشاب‏..‏ حتي صارحني في يوم مشرق بحبه وبحاجته لي حيث كان يعاني من تجربة عاطفية فاشلة خرج للتو منها أفقدته اتزانه وصوابه في اتخاذ القرار‏...‏ لم أتردد في توثيق العلاقة شيئا فشيئا حتي استجاب زوجي بعد إلحاح لطلب الطلاق وترك لنا
المنزل وسافر متعاقدا لإحدي دول الخليج‏,‏ ساعتها أحسست بأن طوقا حديديا تحطم من حول عنقي قفزت فرحة منتصرة‏..‏ فبعد سنوات أكمل دراستي الجامعية وتنتهي بذلك المصيبتان‏...‏

شعرت بأنني في فراغ عاطفي جارف وبتيار غريب يملؤه ذلك الشاب الذي وعدني بإتمام عزمه علي الزواج مني‏..‏ صدقته فورا‏,‏ وبالفعل قبلت الزواج منه عرفيا علي أن نتزوج رسميا بعد فترة يكون هو قد استعد ماديا لها وأنا لمواجهة أهلي وأطفالي‏.‏

وافقت علي أن يظل زواجنا عرفيا مؤقتا وليس إلي الأبد بالطبع‏..‏ ووجدته يغمرني بحبه وحنانه وعطفه مما عوضني عن كل ما أصابني مع زوجي السابق‏.‏

حتي جاء اليوم الذي طلب مني أن أترك شقتي وأنتقل للإقامة معه في بيته المتواضع الذي يقيم فيه وحده‏..‏ بحجة أن أقاربه سيزورونه قريبا ليمكثوا أسبوعا علي الأكثر معنا وبرغم أن أولادي الذين كان أكبرهم في عمر خمسة عشر عاما لم يتقبلوا أمر سفري المفاجيء لمأمورية عمل إلا أنهم رضخوا في النهاية ليستقر بهم الحال عند والدتي التي لم تعد هي الأخري تجد مبررا لكل ما يجري لي منذ فراقي عن زوجي بحجة انشغالي بعملي وبدراستي‏...‏

مرت الأيام حتي منتصف الزيارة بسلام وأنا معه في شقته الخاصة لأفاجأ أثناء تقليبي دون قصد في أوراقه بعشرات من صور شهادات زواج عرفي وجميعها لزملائنا في الجامعة‏..‏ صرخت في وجهه بمجرد عودته منهكا طالبة الاستفسار‏...‏ وبرغم هروبه من الإجابة مرة بأن هذه أمور لا تخصني ومرة بأنه وجد هذه الأوراق في أرشيف المكتبة بالجامعة‏..‏ إلا أنه في نهاية المطاف صارحني بأن الذين يزورنه في شقته ليسوا أقاربه كما ادعي‏..‏ بل هي سلسلة طويلة وحلقة في مسلسل دنيء كان يقوم ببطولته فيؤجر شقته مفروشة لطالبي المتعة الحرام المسماة بالزواج العرفي لا لرغبة منهم في تشويه الحقائق بتغير الاسم‏..‏ بل للفرار من عذاب ووخز ضمائرهم بعد تحريم أهل العلم لهذا النوع من الزواج‏.‏

صدمت‏..‏ صعقت من نذالة زوجي‏..‏ أبعد كل هذه التضحية أكون حلقة أنا الأخري في تلك الشبكة‏.‏ لقد صرخ في وجهي قائلا إنه لا يملك مصدر دخل غيرها لأن معظم رواده من شباب الجامعات يأتون ليوفر لهم مكانا مناسبا مرة أو مرتين في الأسبوع لممارسة العلاقة المحرمة المسماة بالزوجية وقال إن هذا ليس عيبا وأن عددهم زاد علي الألف بقليل حتي الآن فهل يترك هذه الفرصة من أجل غضبي‏..‏ طلبت منه الطلاق الفوري غير أنه رفض متعللا بأنه يحبني ولا يستطيع الاستغناء عني‏..‏ وأقسم لك سيدي أنه برغم أفعاله هذه إلا أنني مازلت أحبه ولا أستطيع أيضا البعد عنه‏..‏

فهل أجد حلا لهذه المأساة التي أعيشها حتي أهدأ ويرتاح ضميري؟

*‏ سيدتي‏..‏ أي حب هذا الذي تتحدثين عنه في نهاية رسالتك؟ أتعرفين الصفة التي يجب أن تقال علي زوجك الذي لا تستطيعين البعد عنه؟‏..‏ لا تستطيعين البعد عن مثل هذا الرجل‏,‏ واستطعت بكل سهولة وأنت أم لطفلين أن تطلبي الطلاق من زوجك لأسباب واهية وتافهة اختلقتها حتي تبرري قراراتك التي تصل إلي حد الجرائم‏.‏
لقد ترددت كثيرا في نشر رسالتك‏,‏ ولكني توقفت أمام حكاية الزواج العرفي هذا المسمي الكاذب لعلاقة محرمة‏,‏ مسمي تعاملنا معه باستهانة ولم نجرمه‏,‏ فسمحنا لمثل هذا الشاب باستثماره دون خوف من عقاب‏.‏ نشرت رسالتك حتي تلتفت طالبات الجامعة لإغواءات الشباب‏,‏ وليرين الصورة الحقيقية التي يكون عليها‏.‏

أما أنت فليس أمامك إلا الانسحاب السريع من هذه الحياة‏,‏ حماية لطفليك أولا ثم لنفسك‏,‏ تجرعي الندم‏,‏ لأن من يتزوج علي عجل يندم علي مهل‏,‏ وندمك سيطول‏,‏ أما إذا استمرت علاقتك بهذا الشاب فإن ندمك لن ينتهي‏.‏

الحب هو أن يتنفس الإنسان هواء نقيا في أمان مع من يطمئن إليه قلبه‏,‏ الحب يكون لرجل يعرف معني الشرف ولا يقبل أن ينفق علي أسرته من مال حرام‏.‏ أفيقي‏..‏ وتعاملي مع ما عشته علي أنه انتقام إلهي عما اقترفته تجاه زوجك السابق وطفليك وكل من سهلت لهم ارتكاب المعاصي في شقتك‏,‏ وتوبي إلي الله الذي لا يغلق باب رحمته في وجه عبده متي صدقت توبته‏.‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق