الجمعة، ٣ أغسطس ٢٠١٢

الأســــــــــــتاذ

29-09-2006
*‏ أرسل إليك رسالتي بعدما قرأت رسالة‏(‏ الكنز‏)‏ عن السعادة وطريق الوصول إليها‏..‏ وكيف يستطيع كل منا أن يعثر علي كنزه من مجرد التأمل في الحياة من حوله والتفكير في غيره وليس العيش في تلك الدائرة الضيقة التعيسة من البحث المحموم عن المال والجري وراء المناصب والثروات وإحباك الخطط والمؤامرات ليسير كل شيء في النهاية في مصلحتنا الذاتية فنكون مثل‏(‏ سيزيف‏)‏ الذي غضبت عليه الآلهة فحكمت عليه ان يحمل فوق صدره صخرة كبيرة ويصعد بها الي قمة جبل‏,‏ وكلما وصل الي القمة حاملا إياها‏,‏ قذفت بها الآلهة مرة اخري الي سفح الجبل ليعاود الكرة‏!!‏ فنحن مثل سيزيف كل منا يحمل صخرته ويصعد بها لا احد يفكر في التحرر من صخرته والتأمل بعيدا‏,‏ انا ياسيدي احدي تلميذات ذلك الرجل العظيم الذي أرسل لك برسالته

وقد تخرجت في الكلية منذ اكثر من خمسة عشر عاما وكان هذا الرجل يدرس لنا مادة محاسبة التكاليف ولكنه في الحقيقة كان استاذا لنا في الحياة‏...‏ كانت تنقضي محاضرته باسلوب سهل ميسر وكان دائما يسألنا عن آرائنا فيما يجري من حولنا ويرجونا ان نذهب اليه مباشرة ـ اذا واجه احدنا صعوبة مافي الفهم والتحصيل في مكتبه بالكلية ولانتردد وكان يخصص في نهاية كل محاضرة ربع ساعة لمناقشة اي امر من الامور الحياتية نقترحه او يقترحه وكنا نسأل في تحفظ ويجيب في رحابة وود عن كل اسئلتنا واستفساراتنا وكان وسطيا في آرائه‏,‏ لايميل الي التطرف تعلمنا منه ـ ياسيدي ـ علي مدي جلساته معنا في مكتبه ونحن مجموعة كبيرة من الطلبة والطالبات كيف نتحاور مع الاخرين؟ كيف نحكم علي الاشياء والناس حكما موضوعيا؟

كيف نواجه مشاكلنا سواء علي المستوي الدراسي او العملي او حتي علي المستوي الشخصي‏!‏ وكان يقابلنا دائما في مكتبه عندما نتوجه اليه محرجين نتعثر خجلا بعضنا في بعض بكل الترحيب والسعادة تصافحنا ابتسامته الطيبة قبل يده ـ فشجعنا ذلك علي الاقتراب منه اكثر واكثر والالتصاق به حتي اصبح مكتبه قبلة لنا كل يوم تقريبا نستطيع ان ندخله في أي وقت حتي وان كان غير موجود فيه‏!!‏ طالبين مساعدته او بعض مراجعه او كتبه او حتي بعض الهدوء والسكينة والطاقة الروحية الكبيرة والتشجيع‏.‏

كان حريصا كل الحرص علي مدي سنوات دراستنا بالكلية علي ان يغرس فينا حب العمل وحب الناس وحب الحياة والصدق مع النفس ومع الاخرين وان يكون لدينا دائما في حياتنا هدف واضح وان نسعي في الحياة ونجاهد ونصبر في سبيل تحقيق اهدافنا‏..‏ وافضل شيء عودنا عليه ان نستمع الي الاخرين جيدا وان نفصح عن آرائنا وتعليقاتنا بكل صراحة ووضوح دون رهبة او خوف وان يكون العقل والمنطق هما ادواتنا في التفكير تعلمنا منه كيف نحلل مانري وكيف نتأمل ماحولنا وكيف نفكر بهدوء وكيف نتذوق الفنون وكيف نحافظ علي شعائر ديننا وكيف ان الايمان بالله هو مفتاح طاقات الانسان الحقيقية‏.‏

ومع اقترابنا من هذه الشخصية الثرية لمسنا كلنا مدي بساطة وتواضع هذا الرجل ومدي سماحته وعلمه وحكمته فكنا نلجأ اليه في كل صغيرة وكبيرة ملتمسين عنده الرأي الثاقب والنصيحة المخلصة‏..‏ وكنا اذا غاب احدنا لظروف ألمت به بحث عنه وعن عنوانه او تليفونه ليسأل عنه ويزوره‏,‏ وبالتالي فقد اقترب ايضا من أهلنا وأسرنا وأصبحوا يعرفونه جيدا وإذا كان احدنا في مأزق عائلي او عاطفي وقف بجانبه وحرصنا جميعا كمجموعة علي مراعاته والتحدث بمنتهي الحرية والأدب في الأمر اما امامنا جميعا او علي انفراد ان كان هناك شيء خاص جدا

وعند تخرجنا في الكلية جمعنا في مكتبه في آخر يوم من امتحانات البكالوريوس وبعد ان اطمأن علينا جميعا طلب من كل واحد منا طالب وطالبة أن يقول كلمة يعبر بها عما يجول بخاطره وهو علي مشارف الحياة العملية وترك الدراسة وتكلمنا جميعا وجاء دوره في النهاية ـ كما عودنا ـ ولم نر الا دموعه تودعنا وبعيون الاب الحانية يتمني لنا مستقبلا باهرا ويرجونا ان نظل علي اتصال به وبالكلية وكنا نحاول التخفيف عن انفسنا وعنه بقولنا له انه بمثابة‏(‏ أب روحي‏)‏ لنا جميعا واننا لن ننسي كلماته ودروسه‏..‏ كانت علاقة عميقة صادقة علمت في كل واحد فينا‏

علاقة غيرت فيه اشياء كثيرة الي الاحسن وترك بصمته الرائعة علي شخصية كل طالب وطالبة تعامل معه من بعيد او اقترب منه‏.‏

فكيف ننسي هذا الاستاذ العظيم‏.‏ وكيف ننسي دوره في اثراء شخصياتنا وقد ترك بصمة لاتتكرر ابدا بداخل كل واحد فينا ؟ومازال ياسيدي نهر عطائه متدفقا الي الان ومازالت صلتي به قوية وثيقة رغم مرور كل هذه السنوات‏,‏ فقد تزوجت وانجبت وما ان تواجهني ازمة او فرصة الا والجأ اليه دون تفكير طالبة الرأي والمشورة او مشاركة له في افراحي ونجاحي ونجاح اولادي واجده دائما رغم متاعبه الصحية وأعبائه يقابلني بنفس الترحاب والود القديم لم يتغير ابدا ولم تتغير حياته البسيطة الخشنة الزاهدة‏.‏

فهذا هو المعلم والاستاذ والمثل الاعلي كما يجب ان يكون دائما في كل الأزمان والعصور نبعا للحكمة شعاعا للصدق والاخلاص لاينضب ابدا وعطاء غزيرا رغم وعورة الطريق وكثرة الاشواك‏.‏

ورسالتي هنا موجهة الي كل من يعمل بهذه المهنة المقدسة مهنة التعليم من اساتذة الجامعات الي مدرسي رياض الاطفال فالتعليم في بلدنا ـ ياسيدي ـ لايحتاج الي خطط وبرامج وتجارب مقتبسة من الانظمة الغربية بقدر مايحتاج الي اثراء شخصية المعلم في كل المراحل التعليمية‏,‏ فالمعلم هو اساس العملية التعليمية الاول وبعده تجيء الادوات والمباني والمناهج‏..‏ فضمير المعلم هو كضمير النبي حيث هكذا قال الرسول‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏):‏ العلماء ورثة الانبياء ودائما طريق الانبياء مليء بالأشواك ولكن ثمرة كفاحهم وعملهم عظيمة ومبهرة واجرهم الحقيقي هو عند الله وليس عند من علموهم‏,‏

فأهيب بالدولة ان تحاول الاهتمام بأحوال المعلمين خاصة في المناطق النائية البعيدة وتحاول النهوض بالمعلم قبل النهوض بالعملية التعليمية‏,‏ وأهيب بكل استاذ جامعي وكل معلم ان يقترب من الطلبة يمتزج بهم يحاول غرس القيم الاخلاقية والدينية فيهم‏,‏ هذا هو دورهم الاول تربية النفوس قبل تلقين العقول‏,‏ فقد نستطيع بذلك رأب الصدع وتحقيق بعض التوازن في مجتمعاتنا المختلة قد يكون في هذا علاج مبدئي لكل مشاكلنا مع الشباب من ادمان مخدرات الي الغش في الامتحانات والتطرف الديني وصولا الي الزواج العرفي والانهيار الاخلاقي لدي بعض الشباب فمهنة المعلم ليست كأي مهنة اخري إذ كيف نساوي بين مهنة صنع الانسان واي مهنة أخري مهما تكن‏..‏

*‏ اما عن سبب إرسالي لك برسالتي فقد ارسلتها لسببين‏:‏ـ

الاول‏:‏ـ ان أهيب بقرائك الكرام محبي الخير ان يساهموا في مشروع استاذي العظيم لبناء وحدة زرع نخاع لاطفال مرضي السرطان بمستشفي جامعة الزقازيق ـ شرقية فقد رق قلبي لاستاذي الكبير وانا اراه يحلم ـ مع اقتراب نهاية مشواره المهني ـ حلما عاما وليس حلما شخصيا لمنصب داخل الكلية او ترقية او حتي يحلم ان يزوج اولاده وهم علي مشارف الزواج‏,‏ ولكني وجدته يحلم حلما عاما لبعض البسطاء البؤساء من الاطفال ويسعي لتحقيقه ولمست بنفسي مدي لهفته وحرصه الشديد علي اتمام هذا العمل العظيم عن طريق قافلته المشعة بالخير دائما فلا اقل من ان اساهم بالدعوة الي اكمال هذا المشروع من اجل الاطفال المساكين ومن اجل استاذي العظيم لتحقيق حلم من احلامه المقدسة التي كرس من اجلها حياته ووقته وتفكيره وتكون عند تمامها ـ ان شاء الله وساما علي صدره هو ومجموعته الخيرة‏.‏

الثاني‏:‏ـ أعتبر رسالتي هذه انحناءة إجلال وتقدير ووفاء الي هذا الرجل العظيم بالنيابة عن كل تلاميذه الذين تتلمذوا علي يديه عبر سنوات تدريسه في الكلية فهو لم يحقق في حياته اي مكسب مادي ولكنه حقق ماهو اعظم واقدس‏,‏ حقق رسالته الحقيقية في الحياة وطبع علي قلوبنا جميعا بصمته الرائعة الباقية ابد العمر‏,‏ تعلمناها منه‏,‏ ونعلمها الان لاولادنا ـ ونذكره بكل الخير والعرفان فله كل الحب والاحترام

زينب الفضالي
إحدي خريجات كلية تجارة
جامعة الزقازيق دفعة‏1990‏

*‏ سيدتي‏..‏ جاءتني رسالتك وأنا أفتش في بريدي المتراكم بحثا عن رسالة تشيع الامل في النفوس المحبطة‏,‏ وتحرض القلوب المتكاسلة علي فعل الخير في شهر رمضان الكريم‏,‏ فوجدت في كلماتك ضالتي المنشودة‏,‏ خاصة اني قبلها بأيام قليلة‏,‏ كنت سعيد الحظ بلقائي مع رائد قافلة شعاع الخير وبعض من زهوره اليانعة‏,‏ في جريدة الأهرام‏,‏ وشاركنا في اللقاء اساتذة من كلية الطب بجامعة الزقازيق‏,‏ ونجم منتخب مصر رائع الخلق هادي خشبة‏,‏

وانضم الينا في الحوار الانساني الدافيء الكاتب الصحفي الكبير لبيب السباعي رئيس تحرير مجلة الشباب‏,‏ ولمست بأذني وبمشاعري الدور العظيم الذي قام ويقوم به الاستاذ الدكتور عادل حسن قاسم‏,‏ فقد نجح في تحويل شباب محبط يائس من انتشار الفساد والمحسوبية والبطالة الي زهور متفتحة وأشجار مثمرة تضرب بجذورها في أرض الوطن‏,‏ تنثر محبتها وعطاءها في كل الأرجاء‏.‏ وإذا كان الرسول الكريم‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ قال عن نفسه‏:‏ إنما بعثت معلما فإن الاستاذ عادل اختار ان يسير علي خطي الحبيب وكلما أتته كلمات الاطراء من حوله أكاد اسمعه يردد ماقاله العالم الكبير نيوتن‏:‏ إذا كنت استطعت ان اري ابعد من غيري‏

فلأنني وقفت علي اكتاف عدد كبير من العمالقة نعم كل الذين احاطوا بالاستاذ‏,‏ وذهبوا الي الايتام في ملاجئهم‏,‏ والمسنين في دورهم‏,‏ والمرضي في مستشفياتهم هؤلاء الذين اقتطعوا من نقودهم القليلة‏,‏ ووهبوا جل وقتهم من أجل اسعاد الاخرين‏,‏ عمالقة‏,‏ وأولئك هم الذين قال عنهم رسولنا محمد‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏):‏ إن لله خلقاخلقهم لحوائج الناس يفزع الناس اليهم في حوائجهم‏,‏ اولئك الآمنون من عذاب الله‏,‏ فهم فهموا وتعلموا ان الجبل لايحتاج الي جبل‏,‏ ولكن الانسان يحتاج الي انسان‏.‏

سيدتي‏..‏ لست في حاجة بعد كل ماقلته عن أهمية وضرورة الاهتمام بالمعلم الي التأكيد علي ان ثروة مصر الحقيقية في البشر‏,‏ وانه لن ينصلح لنا حال الا اذا اهتمت الدولة بالمعلم كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم إثنان في الناس إذا صلح الناس وإذا فسدا فسد الناس‏:‏ العلماء والامراء صدق رسول الله‏,‏ فاذا لم يكن بيدنا الامر في الامراء فان الامل والرجاء يبقي في العلماء‏.‏

وعودة الي دعوتك الي تحقيق حلم الاستاذ في استكمال وحدة زرع النخاع في مستشفي جامعة الزقازيق‏,‏ فاني اضم صوتي الي صوتك‏,‏ من أجل الاطفال الذين ينتظرون هذا الامل‏,‏ وتضيق بهم مستشفيات مصر‏,‏ أدعو كل اهل الخير ورجال الاعمال في محافظة الشرقية وفي كل ربوع مصر‏,‏ الي التبرع لاستكمال بناء‏4‏ حجرات زرع نخاع تم اعداد مكانهم ويحتاجون الي بضعة ملايين ستنقذ حياة الاف الاطفال‏,‏ وتوفر للدولة عشرات الملايين تدفع في السفر الي الخارج علي الرغم من وجود العلماء في مصر الذين يستطيعون اجراء هذه الجراحة في مصر‏.‏ كلي امل في الاستجابة ونحن في هذا الشهر الكريم‏,‏ علي ان يكون التبرع الان من خلال السداد في خرينة الاهرام باسم وحدة زرع النخاع في جامعة الزقازيق‏,‏ او علي رقم الحساب الخاص ببريد الاهرام‏,‏ حتي يتم فتح حساب خاص بالجامعة‏.‏ وكل عام وانتم بخير‏,‏ والي لقاء بإذن الله‏.‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق