09-03-2012
أبعث إليكم بقصة سيدة ليست ممن يشار إليهم بالبنان, لا هي سيدة مجتمع ولا نجمة ساطعة, هي سيدة من بلادي, أعلم أن أمثالها كثر, لم تركز عليها يوما دائرة ضوء, ولا يأبه لها, كانت تعمل منذ نعومة أظفارها لتعول نفسها وأسرتها بكل الود والعطاء والاخلاص.
كانت تساعد عدة أسر في تربية أطفالهم والقيام بأعباء المنزل, فكان لها مكانة في قلوب كل من تعاملت معهم, أحبتهم فأحبوها..
مع بساطتها ورقة حالها تشارك الجميع في أحزانه, قبل أفراحه, فتسافر مئات الكيلومترات لتقديم واجب العزاء وتقدم الهدايا والألعاب للصغار في كل مناسباتهم المفرحة, أخلصت الود للجميع فكان الكل يعتز بها فردا من أفراد الأسرة, إلي أن تزوجت بكدها وأملها كبير في أن يضع الله عنها بعض العبء, فما لبثت أن اكتشفت أن زوجها مدمن, فصبرت وواصلت الكفاح الي أن لطمها زوجها يوما علي وجهها في شجار ففقأ عينها اليمني, ثم طلقها وأخذت عينها اليسري تزداد وهنا يوما بعد يوم, ولم تشتك إلا إلي الله, ولم تستسلم وأكملت كفاحها لتربية ابنتها الوحيدة, التي رزقها الله إياها, محتملة كل أعبائها المعنوية والمادية, وتوفي طليقها, فيا للعجب أن حزنت عليه ليتم ابنتها. وإنها أصبحت في الدنيا بلا أب, وإن كان أبا بيولوجيا, فما كان يعنيه شيء من أحوال الابنة, واستمر حالها مع الصبر والعطاء فقدمت المساعدات المالية في زواج ابناء اخواتها, فما كان هذا إلا مدعاة للخلاف الدائم مع ابنتها التي تري أنها أحق من أقارب أمها بهذا المال, وإن لم تقصر الأم يوما تجاه الابنة, فكل ما تكسبه ملك لابنتها, لكن الابنة دأبت علي التطاول علي الأم بالضرب والاهانة, إلي أن دعت الابنة يوما علي الأم بالموت, وبهدوء شديد أمنت الأم علي الدعاء في لحظة يأس وبعد بضعة أيام صدمتها سيارة مسرعة وهي متجهة لعملها فطرحتها أرضا لتصاب بنزيف في المخ نقلت علي أثره للمستشفي في التاسعة صباحا, وتركت دون أدني اكتراث من أحد حتي الثالثة عصرا إلي أن همست إحدي الممرضات في أذن قريب لها خذوها من هنا إن أردت بها خيرا, وفعلا نقلوها لقصر العيني فقاموا بكل الرعاية لكن بعد فوات الأوان, واسترد الله وديعته, ورحلت عن عالمنا فكانت حياتها مثالا لما قاله حكيم في تلخيص التاريخ الانساني عاشوا.. وتألموا.. وماتوا.
وأنا أكتب رسالتي هذه لاستمطار الرحمات من القراء الأفاضل علي هذه السيدة الفاضلة التي لم تكن ذات منصب ولا مال, وإنما ذات كرامة وشرف ورحلة كفاح تستحق أن تحترم, في ظاهرها الألم والمعاناة وفي باطنها وأحسبها كذلك رحمها الله وأحسبها من الأمثل الذين قيل فيهم إن الله يبتلي الأمثل فالأمثل وأكثر الناس ابتلاء الأنبياء.
ورسالتي لكل ابن عاق لكي يعيد حساباته قبل فوات الأوان, داعية الله تعالي أن يهدي هذه الابنة بفضله جزاء عمل والدتها الصالح.
ورسالتي ليتأمل كل منا في حياته فيتصبر المبتلي, ونفتح جميعا بابا لمراجعة النفس, ونتساءل ماذا سنترك في نهاية الرحلة من أثر في هذه الحياة, فضلا عما سنأخذه معنا من أعمالنا, وهل وجودنا في الدنيا كان عبئا أم اضافة ذات قيمة؟
أسأل الله للجميع العفو والعافية وحسن الخاتمة.
سيدتي.. هذه هي سيدة المجتمع والنجمة الساطعة بحق.. هي المثل الحقيقي للزوجة وللأم, صافية القلب, المحبة, المسامحة, المحتوية, والقريبة, من الله سبحانه وتعالي, هذا القرب هو الذي فتح لها أبواب السماء, فكانت الاستجابة للدعاء من الله ـ كما أعتقد وأري وقد أكون مخطئا ـ فالأمر والسر لديه سبحانه وتعالي ـ تكريما لهذه الأم وهي في أصفي وأنقي حالاتها, لذا دعينا نعدل في قول الحكيم ونجعله: عاشوا وتألموا.. ففازوا, لأنها بإذنه ورحمته ومحبته سبحانه وتعالي ستكون في الجنة, علي ما قدمت وأعطت. ولا أخفيك أن الشفقة علي ابنتها زاحمت الغضب منها.. نعم أشفقت عليها ولا أعرف كيف ستحيا بعد موت هذا الملاك.. أوقن أن مثل هذه الأم الرائعة لم تدع علي ابنتها قبل وفاتها, ولكن غضب الله مرعب وهو الذي أوصانا بالوالدين حتي لو حاولا دفعنا إلي الشرك به, أيضا انها الأم التي أوصي بها رسولنا الكريم( ص) فكيف ستحيا والأرض والسماء غاضبتان عليها,أملي أن يهديها الله ويهدي كل عاق لوالديه, إلي التوبة والندم والدعاء والتصدق علي روح أمها, حتي لا يكون الثمن أكبر من التخيل في الدنيا والآخرة.
المزيد ....
أبعث إليكم بقصة سيدة ليست ممن يشار إليهم بالبنان, لا هي سيدة مجتمع ولا نجمة ساطعة, هي سيدة من بلادي, أعلم أن أمثالها كثر, لم تركز عليها يوما دائرة ضوء, ولا يأبه لها, كانت تعمل منذ نعومة أظفارها لتعول نفسها وأسرتها بكل الود والعطاء والاخلاص.
كانت تساعد عدة أسر في تربية أطفالهم والقيام بأعباء المنزل, فكان لها مكانة في قلوب كل من تعاملت معهم, أحبتهم فأحبوها..
مع بساطتها ورقة حالها تشارك الجميع في أحزانه, قبل أفراحه, فتسافر مئات الكيلومترات لتقديم واجب العزاء وتقدم الهدايا والألعاب للصغار في كل مناسباتهم المفرحة, أخلصت الود للجميع فكان الكل يعتز بها فردا من أفراد الأسرة, إلي أن تزوجت بكدها وأملها كبير في أن يضع الله عنها بعض العبء, فما لبثت أن اكتشفت أن زوجها مدمن, فصبرت وواصلت الكفاح الي أن لطمها زوجها يوما علي وجهها في شجار ففقأ عينها اليمني, ثم طلقها وأخذت عينها اليسري تزداد وهنا يوما بعد يوم, ولم تشتك إلا إلي الله, ولم تستسلم وأكملت كفاحها لتربية ابنتها الوحيدة, التي رزقها الله إياها, محتملة كل أعبائها المعنوية والمادية, وتوفي طليقها, فيا للعجب أن حزنت عليه ليتم ابنتها. وإنها أصبحت في الدنيا بلا أب, وإن كان أبا بيولوجيا, فما كان يعنيه شيء من أحوال الابنة, واستمر حالها مع الصبر والعطاء فقدمت المساعدات المالية في زواج ابناء اخواتها, فما كان هذا إلا مدعاة للخلاف الدائم مع ابنتها التي تري أنها أحق من أقارب أمها بهذا المال, وإن لم تقصر الأم يوما تجاه الابنة, فكل ما تكسبه ملك لابنتها, لكن الابنة دأبت علي التطاول علي الأم بالضرب والاهانة, إلي أن دعت الابنة يوما علي الأم بالموت, وبهدوء شديد أمنت الأم علي الدعاء في لحظة يأس وبعد بضعة أيام صدمتها سيارة مسرعة وهي متجهة لعملها فطرحتها أرضا لتصاب بنزيف في المخ نقلت علي أثره للمستشفي في التاسعة صباحا, وتركت دون أدني اكتراث من أحد حتي الثالثة عصرا إلي أن همست إحدي الممرضات في أذن قريب لها خذوها من هنا إن أردت بها خيرا, وفعلا نقلوها لقصر العيني فقاموا بكل الرعاية لكن بعد فوات الأوان, واسترد الله وديعته, ورحلت عن عالمنا فكانت حياتها مثالا لما قاله حكيم في تلخيص التاريخ الانساني عاشوا.. وتألموا.. وماتوا.
وأنا أكتب رسالتي هذه لاستمطار الرحمات من القراء الأفاضل علي هذه السيدة الفاضلة التي لم تكن ذات منصب ولا مال, وإنما ذات كرامة وشرف ورحلة كفاح تستحق أن تحترم, في ظاهرها الألم والمعاناة وفي باطنها وأحسبها كذلك رحمها الله وأحسبها من الأمثل الذين قيل فيهم إن الله يبتلي الأمثل فالأمثل وأكثر الناس ابتلاء الأنبياء.
ورسالتي لكل ابن عاق لكي يعيد حساباته قبل فوات الأوان, داعية الله تعالي أن يهدي هذه الابنة بفضله جزاء عمل والدتها الصالح.
ورسالتي ليتأمل كل منا في حياته فيتصبر المبتلي, ونفتح جميعا بابا لمراجعة النفس, ونتساءل ماذا سنترك في نهاية الرحلة من أثر في هذه الحياة, فضلا عما سنأخذه معنا من أعمالنا, وهل وجودنا في الدنيا كان عبئا أم اضافة ذات قيمة؟
أسأل الله للجميع العفو والعافية وحسن الخاتمة.
سيدتي.. هذه هي سيدة المجتمع والنجمة الساطعة بحق.. هي المثل الحقيقي للزوجة وللأم, صافية القلب, المحبة, المسامحة, المحتوية, والقريبة, من الله سبحانه وتعالي, هذا القرب هو الذي فتح لها أبواب السماء, فكانت الاستجابة للدعاء من الله ـ كما أعتقد وأري وقد أكون مخطئا ـ فالأمر والسر لديه سبحانه وتعالي ـ تكريما لهذه الأم وهي في أصفي وأنقي حالاتها, لذا دعينا نعدل في قول الحكيم ونجعله: عاشوا وتألموا.. ففازوا, لأنها بإذنه ورحمته ومحبته سبحانه وتعالي ستكون في الجنة, علي ما قدمت وأعطت. ولا أخفيك أن الشفقة علي ابنتها زاحمت الغضب منها.. نعم أشفقت عليها ولا أعرف كيف ستحيا بعد موت هذا الملاك.. أوقن أن مثل هذه الأم الرائعة لم تدع علي ابنتها قبل وفاتها, ولكن غضب الله مرعب وهو الذي أوصانا بالوالدين حتي لو حاولا دفعنا إلي الشرك به, أيضا انها الأم التي أوصي بها رسولنا الكريم( ص) فكيف ستحيا والأرض والسماء غاضبتان عليها,أملي أن يهديها الله ويهدي كل عاق لوالديه, إلي التوبة والندم والدعاء والتصدق علي روح أمها, حتي لا يكون الثمن أكبر من التخيل في الدنيا والآخرة.