14-03-2008
استحلفك بالله أن تجد رسالتي مكانا لديك لأني أحتاج إلي مشورتك بشدة, فأنا في مشكلة كبيرة تحتاج إلي عقلك وحكمتك وأتمني أن أجد لديك حلها إن شاء الله.
أنا سيدة شابة تزوجت منذ سنوات وكانت تجربة زواجي مريرة بكل ما تعنيه الكلمة, وجاهدت خلالها جهاد الأبطال لتستمر حياتي الزوجية, ولكنها انتهت بكثير من الألم النفسي وبطفلة صغيرة لاذنب لها وبمشاكل ومضايقات استمرت بعدها عدة سنوات, حتي شاءت إرادة الله أن يتزوج والد ابنتي وينشغل بحياته الجديدة عنا وينسانا تماما وكأننا لم نمر حتي بحياته, ولم يعرفنا من قبل
وفي هذه الأثناء شغلت نفسي بعملي وبتربية ابنتي وتوفير حياة كريمة لها ورفضت أي عرض للزواج خوفا عليها وخوفا من تكرار تجربتي الأليمة, ومرت سنوات تعودت خلالها علي حياتي الجديدة وعلي التعامل مع الناس بكثير من الحذر, حتي جاء إلي العمل معي في نفس المكتب مهندس شاب هادئ الطبع, ومن خلال تعاملي معه استطاع في فترة قصيرة أن يكسب ثقتي واحترامي وأصبح صديقا حميما لي خاصة أننا نتشابه في كثير من الصفات إن لم يكن كلها
وبشهادة كل من تعاملوا معنا نحن وجهان لعملة واحدة فبدأت آخذ رأيه في كل مشكلة تقابلني في البيت, أو العمل وكان ينصحني بعقل وحكمة ويساعدني في مشاكلي قدر استطاعته, واستمر الحال هكذا لمدة سنتين لم يحاول خلالهما أبدا ان يتعدي حدود تلك الصداقة, حتي فوجئت به يصارحني بحبه لي في حياء شديد في رسالة من بضع كلمات, لم يستطع ان يقولها لي وجها لوجه خوفا من رد فعلي, وحدث ما توقعه
وكأنه فجر ما بداخلي من براكين الخوف والقلق وأخرجت كل ما عندي من عقد قديمة, كما كنت أفعل مع كل من يحاول الاقتراب مني, واتهمته وثرت في وجهه, وقابل هو كل ذلك بهدوئه المعتاد وابتسامته التي لاتفارقه حتي احتوي ثورتي, وبدأت افكر بهدوء فوجدتني أنا أيضا أحبه منذ فترة دون أن أشعر أو ربما منعني الخوف ان أسمي ما أشعر به نحوه حبا في ذلك الوقت.
وصارحته بمشاعري فكان لابد أن نتوج هذا الحب بالرباط الشرعي ففاتح هو أسرته أولا وطبعا قامت الدنيا ولم تقعد. ورفضت أسرته رفضا قاطعا ونهائيا حتي مجرد الكلام في هذا الموضوع, ولم يشفع لي عندهم أي ميزة أو حميدة أمام اللقب البغيض الذي أحمله, وانتهت كل الوساطات لديهم بالفشل وبالتهديد والوعيد اذا لم يكف عن الحديث في هذا الموضوع
وأقسم لك ياسيدي اننا حاولنا ان نبتعد عن بعضنا لعام كامل وفشلنا وحاول هو خلال هذا العام ان يتقدم لخطبة من يختارها أهله وفشل وتركت خلاله العمل معه حتي لا أراه ولا يراني, ولكن ما بيننا من حب كان أكبر من تجاهله ولأننا نخشي الله( عز وجل) فلم يكن أمامنا إلا أن نتزوج دون علمهم وجاء زوجي ليطلبني من أهلي فوجد من الصعوبات ما لايتسع المجال لذكرها
ولكن ارادة الله يسرت كل عسير وتزوجنا زواجا شرعيا دون علم أهله وبعلم أقل القليل من أهلي, وأخفينا الأمر عن زملائنا خوفا من غضب أسرته وخوفا عليهم. ولأن زوجي يتقي الله ولا يريد أن يغضب أهله فقد لاحظت أنه يتألم لأنه ولأول مرة يفعل شيئا دون ارادتهم, ولكنهم هم من دفعوه إلي ذلك بإصرارهم علي الرفض دون حتي أن يعطوني الفرصة ليتأكدوا هل سأكون الزوجة الصالحة لابنهم أم لا.
المهم لا أريد أن أطيل عليك فقد مر عامان تقريبا علي زواجنا لم نختلف خلالهما مرة واحدة, واكتشفت خلال هذه المدة أن زوجي هو جائزة السماء للصابرين فقد كان مثالا للزوج الصالح التقي الذي يرعي الله في وفي ابنتي التي أحبته حبا شديدا ونادته( بابا) وتعلقت برقبته كلما دخل البيت أو خرج منه واكتفيت أنا بالساعات القليلة التي يقضيها معي فكانت بالنسبة لنا ساعات من الجنة
وأثبتت الأيام اننا لم نخطئ في زواجنا وأن كلا منا وجد نصفه الآخر يوم تزوجنا, ولكن ياسيدي تأتي الرياح دائما بما لا تشتهي السفن, فلقد بدأ أهل زوجي يلحون عليه بالزواج مطالبين بحقهم في أن يشاهدوا أولاده قبل أن ينتهي العمر, وطلبت من زوجي أن يطيعهم ويتزوج مع ما سيسببه ذلك لي من ألم, ولكنه أخبرني أنه لايستطيع ان يخدع انسانة أخري لاذنب لها كما انه اكتفي بي زوجة لايريد غيري لتشاركه حياته
وفكرنا كثيرا في ان نصارحهم لكن خوفه عليهم كان يمنعه من ذلك وانا ايضا منعته خوفا من رد فعلهم, فانا ياسيدي راضية جدا بحياتي معه وقانعة بالساعات القليلة التي يقضيها معي, ولكني لا أتخيل ان أحرم منه وأن يهدم بيتي وتنتهي سعادتي, وتناقشنا كثيرا فلم نجد أي حل وعجزنا أمام ما نحن فيه, فأشار علي زوجي أن أكتب اليك لما لك من خبرة في الحياة وحكمة تستطيع بها أن ترشدنا إلي الصواب وتخرجنا مما نحن فيه
خاصة ان زوجي في هذه الأيام أراه حزينا مكتئبا دائم التفكير وغابت عنه ابتسامته لانه لايجد حلا لما نحن فيه وأهله من ناحية أخري يواصلون الضغط عليه بشدة ليختار عروسا من عدة عرائس عرضوها عليه وهو في حيرة من أمره وأنا أشعر بعدم استقرار, وليتك توجه كلمة لكل أب وأم أن يكفوا عن التدخل في حياة أبنائهم بالشكل الذي يفسدها وأن يتركوا لهم حرية اختيار شركاء الحياة لأنهم وحدهم من سيحيون هذه الحياة ومن سيستمتعون بها أو يعذبون فيها.
أنا قارئة لبريد الجمعة منذ سنوات شاركت خلالها أصحابه أحزانهم وأفراحهم وبكيت لدموعهم
فأرجو ان تشاركوني مشكلتي!
** سيدتي... يخطئ الإنسان عندما يدخل بيته من النافذة بدلا من الباب, خوفا وحرصا علي عدم إزعاج الآخرين, أو اغضابهم معتقدا أنه بذلك ينال محبتهم ورضاهم.
فهذا الشاب المثالي ـ الذي لم تذكري اذا كان يكبرك أم يصغرك في العمر أحبك حبا صادقا, وكذلك انت, وكانت مشاعركما ناضجة وعاقلة بالقدر الذي يكفي لتتويج مثل هذه العلاقة المحترمة بالزواج, ولكن أهله لم يرحبوا بزواجه من امرأة سبق لها الزواج ولديها طفلة, وهم في ذلك لايبتعدون كثيرا أو قليلا عن ثقافة المجتمع الذي يعيشون فيه, والتي تري ان المرأة المطلقة, تحمل اللقب البغيض, الذي ولابد ان يكون نتيجة لعيب ما فيها, وطبيعي ان يتمنوا ان يحصل ابنهم علي حقه في أن يكون الرجل الأول في حياة زوجته, غافلين ان للقلب أحكاما, وأن عليهم ابداء رأيهم فقط, خاصة اذا كان هذا الرأي لشاب مثل ابنهم, محترم ومثقف ويعرف حدود ربه جيدا, وعليهم ان يحترموا اختياره وحقه في خوض تجربته الشخصية بنفسه. وأن يتحمل تبعاتها, فيجني ثمارها, أو يشرب مرها. فالحياة خلقت كي نعيشها باختياراتنا, لا باختيارات أهالينا ورغباتهم.
وها هي التجربة تثبت ان اختياره كان صائبا, وانكما تجنيان ثمار حبكما, ولا يعكر صفو حياتكما سوي سركما, وخوف زوجك علي مشاعر أهله وغضبهم عليه, فيما ليس لهم فيه حق, وليت كل أب وأم يمنحون أبناءهم حق اختيار شريك الحياة, طالما كانوا في سن المسئولية, ولايخشي عليهم من اندفاع العواطف المضلل لقلة الخبرة وصغر السن.
سيدتي.. تسألينني وزوجك المشورة, وأقول لكما إن مثل هذه المشاعر وتلك الحياة المستقرة السعيدة تستحق الدفاع عنها, بدون حلول وسط, وكذب جديد بدخول أطراف أخري كالزوجة التي تقترحينها له.
لا ياعزيزتي لا اري حلا الا بالمواجهة, عليه ان يخبر أهله بأنه تزوجك ولم يتخل عنك, وفي نفس الوقت لن يعوق أهله أو يمتنع عنهم حتي لوفعلوا ذلك, فهم يعبرون عن حبهم له بطريقتهم, ولا يرون موقفهم خاطئا, بل سيجدون من يؤيدهم. نعم ستواجهكما بعض المشكلات, ولكن للزمن تصاريف قد لانراها عن قرب, والغضب سينطفئ مع الأيام, والخصام لن يدوم عندما يرزقكما الله بالذرية الصالحة, ويلمسون بأنفسهم مدي السعادة التي يعيشها معك.
في مثل حالتكما لاتجوز الحلول الوسط ومن يريد ان يقطف الثمر عليه ان يتحمل وخز الأشواك, دعواتي لكما بالسعادة وتمنياتي بأن تتفهم أسرة زوجك معني هذا الحب العظيم وتسعد بسعادته... وإلي لقاء بإذن الله.
مدونة بريد الجمعة مدونة إجتماعية ترصد أحوال الشارع المصرى والوطن العربى مدونة تتناول قصص, ومشكلات حقيقية للوطن العربى مثل: (ظاهرة العنوسة, الخيانة الزوجية, الخلافات الزوجية, التفكك الأسرى, الطلاق وآثاره السلبية على الأبناء, الحب من طرف واحد, مرض التوحد, الإبتلاءات من فقر ومرض وكيفية مواجهة الإنسان لها) ثم يعرض الموقع فى أخر كل موضوع رأى المحرر فى التغلب على هذه المحن
الثلاثاء، ٣١ يوليو ٢٠١٢
اللقب البغيض
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق