الثلاثاء، ٣١ يوليو ٢٠١٢

سامحيني يا ابنتي‏!‏

02-10-2009
اكتب لك ياسيدي بعد ان رأيت رؤية منامية تخص ابنتي الكبري ازعجتني كثيرا جدا وليس هناك داع لسردها‏,‏ المهم انها جعلتني اكاد لا انام‏..‏ انا سيدة مستوي تعليمي يجعلني اكاد اقرأ واكتب‏,‏ ولقد استعنت بجارتي جزاها الله خيرا في كتابة هذه الرسالة‏..‏ انا ياسيدي ام لخمسة ابناء ثلاثة ذكور وبنتين وفقني الله انا ووالدهم رحمه الله في تعليمهم حتي المستوي الجامعي‏,‏ والحمد لله كلهم متزوجون ويحيون حياة طيبة مستقرة‏..‏ المشكلة يا سيدي في ما حدث لابنتي الكبري والتي كانت متزوجة من رجل ذي مركز اجتماعي مرموق‏,‏ ولقد رزقهم الله بولد وبنت آية في الاخلاق والادب والمستوي العلمي‏

ولقد لاحظت شرود ذهن ابنتي كلما زارتني ففطنت باحساس الام ان زوجها تعرف علي امرأة اخري وعندما سألتها انكرت‏,‏ وقالت في حقه ما يبعد عنه تلك الشبهة‏,‏ واصرت علي ذلك ولكن بعد عدة اشهر جاءتني غاضبة‏,‏ واعترفت بما انكرته واشتكت من سوء معاملة زوجها لها وهنا شعرت بأنني علي قدر من الذكاء يجعلني اضع الامور في نصابها الصحيح وقلت في حقه وقتها ما قدرني الشيطان علي قوله‏,‏ وعندما جاء زوجها ليعترف بذنبه ويطلب العفو والسماح والغفران وقفت له بالمرصاد لانني رأيت فيه صورة زوجي الذي اساء معاملتي لمدة اربعين عاما دون ان يتعرف علي سيدة اخري‏

ولكنني تحملته حتي مرض الموت من اجل اولادي‏,‏ وبدلا من أن انصح ابنتي بالتحمل مثلي وان تعطي زوجها فرصة اخيرة من اجل اولادها‏,‏ وجدتني اعوض عدم قدرتي علي مواجهة زوجي في حياته ورفضي لسوء معاملته لي في انني رفضت اسلوب زوج ابنتي معها وشحنتها ضده بكل ما اوتيت من قوة‏,‏ وللاسف ان ابني الكبير كان يؤيد كل ما نفعله أنا وابنتي حتي اننا ساعدناها في الحصول علي حكم بالخلع من زوجها بالرغم من انه ظل يحاول اعادتها بشتي الطرق وظل صابرا لمدة تقترب من العام‏

ولن انسي يا سيدي مشهد ابنتي عندما نطق القاضي بحكم الخلع لقد انهارت وكادت يغشي عليها ولن انسي ياسيدي ما قالته لي عندما افاقت‏:‏ ربنا يسامحك يا امي ولقد شعرت وقتها بلذة الانتصار علي هذا الرجل بالرغم من هزيمة ابنتي وفرحت جدا لان ابنتي سوف تعيش معي‏..‏ ولكن ياسيدي ما لبثت أن زالت تلك اللذة والفرحة بعد عدة اشهر‏,‏ حيث اعيش انا وابنتي الآن في وحدة قاتلة وكآبة مميتة وسكوت وسكون ممل وذلك لان اولادها يعيشون مع والدهم وزوجته الجديدة ويأتون من آن لاخر لزيارتنا وعندما اشرت علي ابنتي بالزواج قالت ما ينفعش يا امي لعدة اسباب اولا ازاي اسيبك تعيشي لوحدك

واقسم لك ياسيدي انني التي اخشي الان ان اموت واتركها تعيش وحيدة ـ ثانيا لو تزوجت سوف يحرمني زوجي السابق من رؤية اولادي ـ ثالثا انا لن ألاقي رجلا مثل زوجي السابق‏,‏ وعجبت ياسيدي عندما قالت في حقه كل خير وعجبت اكثر عندما قالت بالرغم من انه اساء لها عندما تعرف علي امرأة اخري لمدة ليست بقصيرة إلا انها تسرعت في طلب الخلع ولو ان والدها علي قيد الحياة ما تركها تفعل ذلك‏,‏ وهنا ياسيدي تذكرت قول المولي عز وجل الذي يقول فابعثوا حكما من أهله وحكما من اهلها ان يريدا اصلاحا يوفق الله بينهما واقسم لك ياسيدي ان كل من جاءوا من طرف زوجها ارادوا الاصلاح ولكن انا وأخوها فقط اللذان تدخلنا من اهلها وكنا لانريد الاصلاح لاننا كنا نؤيدها تأييدا مطلقا دون ادني تفكير في اي عواقب ولقد تعاطف اخوها معها لما قالته من سوء معاملة زوجها لها وانا وجدتني انفث ما بداخلي انتقاما من زوجي في صورة زوج ابنتي‏,‏ والمشكلة الاساسية ياسيدي ان ابنتي عنيدة جدا ولا تلين لقول احد ايا من كان وتفعل دائما ما تراه صحيحا من وجهة نظرها والوحيد الذي كان يرجعها عن رأيها هو والدها رحمه الله‏..‏

وانا يا سيدي الآن اندم أشد الندم علي ما اقترفته في حق ابنتي خاصة عندما اري باقي اولادي يعيشون في بيوتهم مستقرين سعداء فاشفق علي ابنتي‏,‏ وفي نفس الوقت اخشي علي ابني الكبير من سوء العاقبة لانه سعي في طلاق اخته‏,‏ حيث انني لن اتحمل تكرار ما حدث لابنتي لأحد من باقي اولادي‏..‏ وأقسم لك ياسيدي انني علي استعداد لعمل اي شئ صغير او كبير ولك ان تتخيل انني علي استعداد لتقبيل ايدي بل اقدام كل من يمكنه اعادة البسمة والسعادة لابنتي‏..‏ سيدي انا لا اعلم ماذا أفعل فارجوك قل لي ماذا افعل لعلي اعمل شيئا يحسب لي في ايامي الاخيرة‏.‏

*‏ سيدتي‏..‏ ليس ما يؤلمك انك أيدت ابنتك في موقفها وحرضتيها علي الطلاق عندما اكتشفت خيانة زوجها ولم تقفي في وجهها أو تنصحيها بمنحه فرصة أخيرة‏,‏ لأن الأمر لو كان هكذا لأصبح خطأ في التقدير أو موقفا يمكن الاختلاف حوله‏,‏ ولكن ألمك سببه الحقيقي انك وحدك تعرفين أن موقفك كان من أجلك انت وليس من أجل ابنتك‏,‏ فقد كنت تنتقمين لنفسك‏,‏ تثأرين من ضعفك‏,‏ تعاقبين زوجك في صورة زوج ابنتك‏,‏ ايضا تحاسبين نفسك لأن موقفك كان يخفي انانية في داخلك لرغبتك في ألا تعيشي وحدك وستجدين من يشاركك وحدتك‏.‏

لا أحد ـ سيدتي ـ يقر الخيانة أو يقبلها‏,‏ وقد لايستطيع بعض البشر ـ ذكر أو أنثي ـ التعايش معها أو الصفح عن الطرف الخائن‏,‏ ولكن إذا استطاع طرف العفو والسماح عن الطرف الآخر إذا اعترف بخطئه وتاب عنه‏,‏ فإن الخطأ الكبير هو الإصرار والتحريض علي هدم الحياة الزوجية خاصة اذا كان بينهما أبناء يعيشون في استقرار لا تهدده مثل هذه الأخطاء التي يرتكبها الآباء‏.‏

سيدتي‏..‏ أقدر الألم الذي تعانينه‏,‏ ففي جوانحك قلب أم نابض وضمير حي يذكرك دوما بأنك ظلمت من تحبين‏,‏ ولكن في مواجهة ما تشعرين به وتحملينه وحدك في صدرك‏,‏ ليس أمامك إلا اللجوء إلي الله وطلب العفو والمغفرة والهداية إلي طريق الصواب‏,‏ وحتي يهدأ ضميرك اقترح عليك ان تصطحبي ابنك الذي شاركك الخطأ وإن كانت مبرراته ونواياه تختلف عنك‏,‏ وتطلبا موعدا من زوج ابنتك السابق‏,‏ تعترفا له بما تكنه له أم أولاده من تقدير واحترام‏,‏ وانكما ساهمتما في إشعال النيران بداخلها مع عدم التجاوز أو التقليل من خطئه حتي يتذكر ان لكل انسان أخطاءه‏,‏ واطلب منه ان يقبل بعودة الأبناء اليها علي أن يراهما وقتما شاء‏,‏ فإذا لمستما منه رغبة في إعادة زوجته الي عصمته حتي لو استمرت في حياتها مع أمها من أجل الأولاد فرحبا بهذه الفكرة‏,‏ فإذا لم يحدث فلتكن عودة الأبناء أو بقاؤهم مع أمها لفترة أطول أحد المكاسب المفقودة‏.‏

ونصيحتي لابنتك اذا استمر الحال علي ما هو عليه الآن‏,‏ الا تغلق الأبواب في وجه الزواج مرة أخري إذا وجدت من يناسبها‏,‏ خاصة اذا استمر الأبناء مع والدهم الذي يمكن التحدث معه بوضوح واشراكه في اتخاذ القرار اذا رفض اقتراحاتكما الأولي‏,‏ لأن ما يبدو من حديثكم عنه انه انسان ـ رغم خطيئته ـ يحمل في جوفه قلبا رقيقا‏,‏ تائبا‏,‏ يمكن ان يتفهم ويستوعب مشاعر أم أخطأت وتريد أن تريح قلبها وترفع عن ابنتها حزنا هي من شاركت في غرسه‏..‏ أعانك الله وغفر لك وهدي الجميع الي ما فيه الخير‏...‏ وإلي لقاء بإذن الله‏.‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق