الثلاثاء، ٣١ يوليو ٢٠١٢

بحيرة الشيطان

28-03-2008
أشكرك أنا وكل قراء بابك‏..‏ فطالما استفدنا من استقراء وتحليل مايضمه بريد الجمعة من نبض الناس وهمومهم وانكساراتهم وانتصاراتهم‏..‏ ولقد كنت أيام الاستاذ الراحل عبدالوهاب مطاوع استفيد واستمتع بهذا الباب الرائع ومازلت أنهل منه استفادة‏..‏ وخبرة‏..‏ ودعاء لاصحاب المشاكل الكبيرة‏.‏

وأنا اكتب اليك اليوم بالاضافة إلي الشكر‏..‏ لكي أطرح علي قراء بابك تجربتي التي نجحت فيها بهزيمة الشيطان‏..‏ فقد استطعت بعون الله وقوته ان اجتاز محنة عاطفية كادت تعصف بي‏..‏ وذلك بفضل آية واحدة من آيات الله سبحانه وتعالي‏..‏ فما بالكم بما تحت إيدينا من آيات القرآن الكريم كلها‏..‏ إنها كنز لمن يتفهم‏..‏وخلاصة تجربتي‏..‏ ان النيات الطيبة وحدها لا تكفي‏,‏ فإذا كان أحد منا يريد أن ينجح في أي عمل يرضي الله‏..‏ فعليه أن يقرر هذا بإصرار وجهاد ويشرع في العمل‏..‏ بعدها سيدعمه الله إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم‏..‏

هذا القانون السماوي كان المفتاح السحري الذي فتح أمامي طريق الصواب‏..‏ فأنا سيدة في منتصف الأربعينات طعنني زوجي في مقتل واضطررت ككثير من السيدات أن أكمل معه من أجل أبنائي‏..‏ وان كانت حياتي معه جافة باردة‏..‏ لكن هذا نصيبي‏..‏ وبعد عدد من السنوات امتحنني خلالها المولي عز وجل‏..‏ وقعت في حب إنسان عكس زوجي في كل شئ الطيبة‏,‏ الرومانسية‏,‏ الكرم‏,‏ الشهامة ولانني من أصل طيب وأخاف ربي‏..‏ حاولت مرارا أن ابتعد‏..‏ ولكن الضعف الانساني‏..‏ كان يغلبني فأعود من جديد‏..‏

حتي انني كنت أشعر بأن الموت أهون من فراقي له‏..‏ ولكن صراع داخلي بين قيمي وأخلاقي وديني وبين هذا الذي انساق وراءه‏..‏ ان هذه المشاعر ستؤدي بنا حتما إلي نهاية لا نرضاها لأنفسنا‏..‏ ولن ترضي الله سبحانه وتعالي‏..‏ ولا أحب لابنتي أن تقع فيها‏..‏ كيف أتوقف أذن؟ ان النيات الطيبة لا تكفي‏..‏ وحتي ان ندعو الله سبحانه وتعالي لينقذنا مما نحن فيه فلن يستجيب لنا إلا إذا فعلنا نحن شيئا‏..‏ لابد أن نبرهن لربنا عز وجل اننا نستحق أن يقف إلي جوارنا‏..‏

حتي كان الحل السحري حينما تأملت الآية القرآنية الرائعة إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم فهمت أن الله لن يساعدني حتي أغير ما بنفسي‏..‏ اذن لابد من الجهاد‏..‏ وهو الجهاد الأكبر جهاد النفس‏..‏ عرفت ان أمامي معركة مع نفسي‏..‏ في البداية كنت أشفق عليها‏..‏ فالأمر حقا صعب ولكني صدقوني‏..‏ ماأن أخذت قرار الابتعاد عن مقابلته‏..‏ عن الكلام العاطفي معه‏..‏ عن السماح له ان يلمس يدي أو أن يقبلني‏,‏ حتي منحني الله ـ والقوة لله جميعا ـ قوة وصلابة وتمسكا بقراري‏..‏ وجدت الأمر رغم صعوبته‏..‏ وبرغم محاولات الشيطان المستميتة لإعادتي إلي تهوري‏..‏ وجدت الله يثبت قدمي علي طريق الصواب‏..‏

لا أخفيكم انني تأثرت إلي حد البكاء عدة أيام‏..‏ لكن الإصرار والجهاد‏..‏ كانا أسلحتي‏..‏ ومضت أسابيع وانا أقاوم حتي نجحت بحمد الله ان أكبح جماح نفسي وأصبحت أتعامل مع من أحببت في حدود الزمالة فقط‏..‏ وقد حاول هو أن أعود إلي سابق عهدي معه عدة مرات‏..‏ لكنه يئس ويبدو أن الله سبحانه وتعالي صرفه عني وكلل جهادي بالنجاح‏..‏ والآن وبعد مضي عدة شهور أصبحت قوية‏..‏ وأسخر من الضعف الذي كنت فيه‏,‏ ومن الراية التي رفعها لي الشيطان لكي أسير وراءه‏..‏ وحينما قررت أن أمشي في طريق الصواب ساعدني الله سبحانه وتعالي‏.‏

وتجربتي أهديها لكل فتاة أو امرأة مازالت تسير خلف راية الشيطان‏..‏ إنجي بنفسك فهذا الطريق نهايته الفضيحة والخطيئة‏,‏ والمقاومة تبدو صعبة لكن إذا صممت علي المقاومة وجاهدت نفسك فسيمنحك الله قوة هائلة علي تكملة مشوار جهاد النفس‏..‏ وستنعمين بعدها براحة الضمير‏,‏ والأهم ان هناك مكافأة إلهية مجزية في انتظارك‏..‏

{‏ سيدتي‏..‏ نعم النيات الطيبة وحدها لاتكفي‏,‏ ولكن قبل الوصول إلي هذه النتيجة لابد من التوقف طويلا أمام المقدمات‏,‏ وأمام تلك المسافة التي يسير فيها الانسان من الحوم حول الشبهات‏,‏ وصولا إلي جهاد النفس‏,‏ فمنا من يستطيع أن يجاهد‏,‏ ومنا من يضعف ويستسلم لهوي النفس‏,‏ فيعاني صاحب الضمير الحي من جراح قد لا تلتئم بمرور الأيام‏.‏

وعيك بالآية الكريمة‏,‏ وصحوة ضميرك أنقذاك من الدخول في متاهة المعصية‏,‏ تلك المتاهة التي تدخلها زوجات بدعوي عدم اهتمام الزوج أو تقصيره‏,‏ قسوته أو غيابه‏,‏ فتسمح لزميل أو قريب أو عابر سبيل بالاقتراب بدعوي الصداقة أو الفضفضة حد اتكلم معاه‏,‏ يفهمني ويحترم أفكاري‏,‏ يهتم بي وبمشاعري تلك الجملة التي أقرأها كثيرا‏,‏ وتكون هي الباب الواسع لدخول الشيطان والذي عادة ما يلبس نفس رجل قناص‏

يجيد وضع الفخاخ للنفوس الضعيفة الوحيدة‏,‏ حتي تعتاده‏,‏ تفتقده‏,‏ ثم تعتقد أن ما تشعر به حبا‏,‏ ولا تفيق إلا عندما تصبح هي والخطيئة وجها لوجه‏,‏ وتجد هذا الشيطان الذي ادعي الحب يهينها ويتهرب منها‏,‏ بل لا يتورع عن إهانتها واتهامها بالسقوط والخيانة‏,‏ في هذه اللحظة فقط يسمي الاشياء بمسمياتها الحقيقية‏,‏ بعد أن كان يدعي التعاطف والتفهم‏.‏

ما فعلته ياسيدتي هو الصواب المتأخر‏,‏ والحمد لله أنك لحقت به‏,‏ وما أقصده أن تتوقف ـ أو يتوقف ـ كل من يقرأ رسالتك‏,‏ حتي لا يغامر بالسباحة في بحيرة الشيطان‏,‏ واهما نفسه أنه قادر علي العودة وقتما شاء‏,‏ مسقطا من حساباته قدرات الآخرين وألاعيبهم التي حتما ستقود إلي الغرق‏.‏

سيدتي‏..‏ لا أحد منا بمنأي عن نزغات الشياطين‏,‏ ولكننا معا نذكر أنفسنا‏,‏ ونقدم تجاربنا بحلاوتها ومرارتها حتي تكون عظة ودرسا لمن تساوره نفسه بضعفها علي التجربة أو المغامرة‏,‏ وأختم بتلك الآية العظيمة من سورة الأعراف وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله‏,‏ إنه سميع عليم‏.‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق