الثلاثاء، ٣١ يوليو ٢٠١٢

بنات إبليس من الغضب إلي العتاب

04-07-2008
‏*‏ تلقيت في بريدي هذا الأسبوع رسائل تحمل ردود فعل متباينة تعليقا علي رسالة بنات إبليس بعضها غاضب ومعاتب‏,‏ والبعض الآخر محلل وناصح‏.‏

الغاضبون مثل الأساتذة كريم حمدي الأمير‏,‏ ومحمد حلمي السلام‏,‏ والدكتور بهاء فرج‏,‏ والدكتور خالد محمود‏,‏ وغيرهم‏,‏ جاءت كلماتهم قاسية ـ في موضع يستحق القسوة ـ علي صاحبة الرسالة لأنها نموذج سيئ للبنات‏,‏ ارتضت أن تقضي سنوات عمرها القليلة في الوحل‏,‏ حتي وهي تخط سطور رسالتها لم تفكر في التوبة‏,‏ ولم تقدر حجم الخطيئة التي ترتكبها‏..‏

فيما ذهب البعض إلي أن مثل تلك الفتاة تستحق الموت ولا تقبل لها توبة ـ ولا أعرف إلي ماذا يستند هؤلاء وهم يصادرون علي قرار إلهي‏,‏ له وحده سبحانه وتعالي أن يغفر لعباده ويتوب عليهم ـ وبعضهم كان مدينا بشدة لهذا الرجل الذي استمرأ الخطيئة ولم يراع ضميره فيما يرتكب من إثم‏,‏ ولأسرة الفتاة التي لم تلتفت إلي كل ما تفعله‏,‏ ولا يمكنني تجاهل رسالة تلك الفتاة الرائعة‏,‏ الناجحة في عملها

التي تراعي الله في كل تصرفاتها‏,‏ واستوقفها أن مثل هذه الفتاة بكل سلوكها المشين‏,‏ يطاردها العرسان‏,‏ فيما تعاني البنات العفيفات الشريفات ـ وهن الأغلبية ـ من تأخر سن الزواج وغياب الفرص المناسبة‏,‏ وفاتها أن الله العادل لا يساوي بين الطيب والفاسد أبدا‏,‏ وأنه مع ظهور العرسان لتلك الفتاة إلا أنها لم تتزوج حتي الآن‏,‏ وقد يكون في ظهورهم ابتلاء وتعذيب لها‏,‏ أو لحكمة يعلمها الله وحده‏.‏

أما العتاب فكان من نصيبي لأني نشرت مثل هذه القصة‏,‏ فالأساتذة إسماعيل علي‏,‏ والدكتور محمد صفوت الشيخ‏,‏ وزينب صلاح الدين‏,‏ وسوريا‏,‏ والدكتور علي الريدي‏,‏ وغيرهم من يرفضون وبشدة نشر مثل تلك الرسائل‏,‏ لأنها تكشف وجها قبيحا في المجتمع فيما هناك حكايات مشرقة كثيرة تستحق النشر‏,‏ وأن مثل هذه القصص تزيد الأوجاع‏,‏ وتحبط النماذج الطيبة الملتزمة أخلاقيا‏.‏

الرسالة استفزت الكثيرين وأفزعتهم وهذا واحد من أهدافي عندما قررت نشرها‏,‏ فلم يستوقفني في قصة سقوط تلك الفتاة انحرافها‏,‏ فلدي في بريدي حكايات كثيرة لمنحرفين ومنحرفات لا أميل إلي نشرها‏,‏ ولا أخفيكم أن قصص الانحراف زادت بشكل لافت‏,‏ ليس في مصر فقط ولكن في العالم‏,‏ أما الذي استوقفني في تلك الحكاية‏,‏ أن تلك الفتاة من بيت طبيعي‏,‏ لا توجد أي مبررات للانحراف‏,‏ وكم من بنت وجدت دلالا في صغرها‏

ومات والدها أو والدتها ولكنها لم تذهب إلي هذا المستنقع‏,‏ توقفت أمام قصة الحب الأولي التي قد تستسهل البنت الدخول فيها رغبة في الزواج‏,‏ فتخدعها الكلمات المعسولة والوعود الزائفة‏,‏ أو تصديق كلمات كاذبة مفترية علي شرع الله ومفخخة مثل أنت زوجتي أمام الله‏..‏ توقفت أمام التفريط بسهولة‏,‏ وما يستتبع ذلك من الإحساس بالضياع‏,‏ وما ينتج عن ذلك من اندفاع في طريق الخطيئة‏..‏ توقفت أمام اختيار الصديق‏,‏ فالثمرة المعطوبة تفسد صندوقا كاملا من الفاكهة‏.‏

توقفت أمام تلك الأسرة الغافلة‏,‏ وأردت دق الأجراس للأسر التي تمنح الثقة لأبنائها وهم مازالوا صغارا لم يكتسبوا خبرة الأيام‏,‏ عقولهم صغيرة‏,‏ خداعهم يسير‏,‏ والحياة خارج البيت قاسية وممتلئة بالذئاب‏.‏

لست من الذين يفضلون دفن رؤوسهم في الرمال‏,‏ وأري أن الصراخ فرض عين عندما يلم الخطر بأغلي ثروة نمتلكها وهي الإنسان‏,‏ وهذه المساحة بؤرة ضوء كاشفة لعورات المجتمع ومناطق الخلل فيه بقصد الالتفات إليها وعلاجها‏,‏ ورسائلكم هي التي تكشف نقاط الضعف‏,‏ وهي التي تنير الطريق بالحكايات المشرقة‏,‏ وأنا لست ـ بهذه المساحة ـ إلا مرآة لما يدور في قاع المجتمع وعلي سطحه‏.‏

وفي النهاية لابد من تأكيد تفهمي لكل الرسائل الغاضبة والعاتبة‏,‏ واحترامي لكل كلمة جاءت بها حتي لو كانت عكس طريقة تفكيري‏,‏ مع افتراضي الدائم بأن أصحابها علي صواب يحتمل الخطأ‏,‏ وبأن وجهة نظري خطأ تحتمل الصواب‏.‏

واسمحوا لي أن أعرض بعض الرسائل التي تحمل لرؤية أخري لقصة بنات إبليس‏,‏ فهي صوت ثالث بيننا‏.‏

المحرر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق