13-11-2009
أتابع بابكم المتميز منذ سنوات واهتم به جدا, فهو نافذة مفتوحة حية علي أوجاع المجتمع ومشاكله, وترددت كثيرا أن أكتب إليك رسالتي هذه لاحساسي أنها ستكون تحصيل حاصل ولكني أحسست إحساسا جارفا برغبتي في أن أفضفض إليك لموقعك في نفسي كصديق قريب جزاك الله عني وعن كل قرائك كل خير.
أنا سيدة في أول العقد السادس من العمر, جامعية وأشغل منصبا رفيعا في إحدي المؤسسات الحكومية.. تزوجت منذ نحو خمسة وعشرين عاما من رجل فاضل زواجا تقليديا موفقا رزقنا الله خلاله بأربعة أبناء هم قرة عين لي ولزوجي.. منذ عدة سنوات اضطر زوجي العزيز للسفر إلي إحدي دول الخليج للعمل لمواجهة أعباء الحياة المتزايدة, وهناك مع الغربة ووفرة المال راقت له فكرة الزواج الثاني مستعينا في مذكرة دفاعه ومتذرعا في نفسه ببعض أوقات الخلاف والخصام التي كانت أحيانا تحدث بيننا كما يحدث في كثير من البيوت المصرية نتيجة التباين في الشخصيات بين الزوج والزوجة متناسيا الأوقات الحلوة التي كثيرا ما كانت تعقب الأوقات العصيبة في علاقتنا.. وبالفعل تعرف علي سيدة مطلقة ــ لا سامحها الله ــ فقد قبلت علاقتها به واستغفال زوجته التي هي أنا برغم علمها أنه متزوج وله أولاد وأنه علي علاقة طيبة بزوجته التي هي أنا أيضا ــ وتعلق زوحي بهذه الآثمة وتعلقت هي به, كل هذا في غفلة من أمري وأنا أرعي في الوطن أولاده وبيته, وأحرص علي مصالحه وأمواله...!
وفي أول زيارة لزوجي إلي مصر بعد هذه الخيانة صرح لي برغبته الشديدة في الزواج من السيدة, وفوجئت وكأنما صاعقة سقطت علي رأسي فرحت من المفاجأة أصرخ وأهذي, ومع ذلك تماسكت بسرعة وحاولت المحافظة علي توازني واهتمامي به وبنفسي ولكني خيرته بيني وبين تلك السيدة, وحاول بكل الطرق أن أقبل زواجه منها ولكني رفضت بشدة أن يجمع بيننا, إذ إن هذا يتعارض مع قدسية وخصوصية وطهارة العلاقة التي أؤمن بوجودها بين الرجل والمرأة تحت مظلة الزواج, خاصة بعد هذه العشرة الطويلة.
وأمام إصراري علي الانفصال ـ إن هو أتم هذا الزواج ـ تراجع زوجي علي مضض حفاظا علي كيان الأسرة واستقرارها ودونما أدني شعور بالذنب أو الخطأ في حقي أو محاولة للاعتذار في حينه, بل ظل يردد أن هذا كان من حقه وأنه شرع الله للرجال الذين يميلون بطبيعتهم للنساء, وظل حزينا في داخله لابتعاده عن هذه السيدة لاصراري علي ذلك, مرددا بين الحين والآخر أنه يتعجب من أن التشريع الذي أباح التعدد لم يلزم الزوجة المسلمة بتقبل هذا رغما عنها, ويستنكر أن تطلب أي زوجة الطلاق للضرر ويتهم كل زوجة ترفض هذا التعدد بالأنانية وحب التملك.. وبرغم كل ما حدث وكان يحدث ياسيدي لم أدخر وسعا ولاسعيا لاسعاده وملء حياته بالحب بكل ما أتاني الله من قوة قلب وعقل وجسد.. وشيئا فشيئا استعاد زوجي الحبيب عافيته من هذه العلاقة الغادرة وبدأ يعود لي كما كان
وأظن انه ما عاد يفكر في هذا الموضوع, وادعو الله العلي القدير أن يكون ظني في محله لأنه يبدو أنه لا أمان لرجل علي الأرض, علي حد قول المثل الشعبي ـ خاصة أن زوجي بفعلته هذه قد فض بكارة الرباط المقدس بيننا وزرع بذور الشك التي أرجو أن تموت بمرور الأيام وصدق الاخلاص من جديد.
المشكلة الآن ياسيدي هي أنني مازلت أحيانا أتحسس جرحي كلما قرأت قصة مشابهة أو سمعت موضوعا قريبا أو أثير موضوع الزواج الثاني علي صفحات بريدكم الموقر أو في أحد برامج التليفزيون أو الاذاعة..اتحسسه وتنهمر دموعي ساخنة فتهيج هذه الذكري المؤلمة..
أكتب إليك الآن ياسيدي واستحلف بالله كل زوج أن يفكر ألف ألف مرة قبل أن يخون زوجته, فقد يعلم ولكنه أبدا لايقدر عمق الجرح الذي يصيب أطهر علاقة بين رجل وامرأة علي الأرض, وقد يشعر ولكنه أبدا لايتصور حجم تلك المرارة التي تبقي بعد أن تهدأ العاصفة.. هذا ان هدأت العاصفة!!
أما إذا لا قدر الله لم تهدأ وشاءت الأقدار النهاية المؤلمة لهذه الخيانة, فيبقي الجرح وتبقي المرارة الي ماشاء الله, ولا يجعل الشيطان يقنعه بأن من حقه التمتع بامرأة أخري, فقد يعرض هذا الاقتناع أسرته للتفكك وأبناءه للضياع.. وقانا الله وإياكم شر تقلبات الدهر.
* سيدتي.. أتفق معك في أن الحديث في هذه القضية أصبح تحصيل حاصل, فلا جديد يمكن أن نطرحه بعد أن أشبعناها حوارا وإختلافا, فأغلب الرجال يرون في التشريع بالتعدد حقا منحه الله لهم ولايجوز لأحد أن يسلبهم إياه, وهم وحدهم الذين يقررون إذا كانوا في حاجة إلي زوجة ثانية أو ثالثة أو رابعة, أم لا, ولا تعجبهم آراء بعض الفقهاء الذين يرون أن الأصل في الزواج هو الإفراد, وبعضهم عندما يمارس هذا الحق لايشغله احساس الطرف الآخر أو ما سيحدث لهذا الكيان الذي شارك في بنائه أو التدمير النفسي الذي قد يلحق بزوجته الأولي أو بأبنائه, متعللين بأن الحلال أفضل من الحرام, هذه حقيقة تستخدم من البعض للتبرير, وكأن الحلال فقط في الزواج الثاني, وإما يصبح الحرام هو الحل. في نفس الوقت لاتقبل زوجة ــ إلا ما ندر ـ أن يتزوج عليها زوجها, وأن تكون هناك امرأة تقاسمها فيه, وفي أحيان كثيرة تكون هذه الزوجة هي السبب في نفور زوجها ودفعه للبحث عن راحته مع امرأة أخري.. منكرة تماما هذا الحق علي الرجل ــ رغما عن مشروعيته ــ فتراه خيانة وغدرا ولا تراه حلالا ـ قد يكون حلا في بعض الأوقات.
وهناك دائما أخري تتعرض لغواية من رجل متزوج أو تغويه هي, وتري أنها تبحث عن الحلال, خاصة أن فرص الزواج للأرامل والمطلقات تكاد تكون محدودة في مجتمعاتنا, فإذا أتتها الفرصة الحلال, فلماذا تفرط فيها, ولماذا توصف دائما بالآثمة وخاطفة الرجال, وهي لم تأت بإثم.
إذن نحن نتحدث عن حقوق مختلفة, كل طرف يبحث عن الحق الذي يسعده بدون التفكير في الطرف الآخر, ولكل حجيته ووجاهتها.
مدونة بريد الجمعة مدونة إجتماعية ترصد أحوال الشارع المصرى والوطن العربى مدونة تتناول قصص, ومشكلات حقيقية للوطن العربى مثل: (ظاهرة العنوسة, الخيانة الزوجية, الخلافات الزوجية, التفكك الأسرى, الطلاق وآثاره السلبية على الأبناء, الحب من طرف واحد, مرض التوحد, الإبتلاءات من فقر ومرض وكيفية مواجهة الإنسان لها) ثم يعرض الموقع فى أخر كل موضوع رأى المحرر فى التغلب على هذه المحن
الثلاثاء، ٣١ يوليو ٢٠١٢
بذور الشك
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق