12-06-2009
وآن لملاكنا وطيفنا السمح ـ النبيل والجميل ـ أن يفرح بإحدي زهراته.
فبعد رحلة عطرة أمتعنا فيها( وغيرنا) بصنوف من عطائه الرائع والغامر بشتي المجالات ـ من تزويج يتيمات.. لرعاية وكفالة آلاف الأطفال الفقراء والمعاقين والأيتام.. مسلمين ومسيحيين, ومن بحري.. إلي مسقط رأسه بالصعيد.. لأجهزة باهظة لمستشفيات الفقراء, فمصروفات طلاب غير قادرين بالجامعات, وصولا حتي لقوافل الإغاثة لأشقائنا تحت الاحتلال.., و...
والذي يلاحقنا بإلحاح ودون تصنع للسؤال عن ذوي الاحتياجات.. والذي نضطر معه في أحيان عديدة( وعلي عكس الواقع وأنينه المؤلم) للإنكار خجلا وحياء من عطائه الغامر وغير المحدود..
هذا الرجل.. الذي كان عنوانا لإحدي رسائلنا لكم, والذي كتبنا لكم بشأنه وزهراته مرات ومرات( دون إفصاح).. ووصفنا لكم كيف كانت الكبري منهن همزة وصل حنونة وجميلة بينه وبين عرائس الأيتام ـ تذهب إليهن لتتحسس همومهن.. وما تعتمله قلوبهن الغضة والبريئة( سنا).. والجريحة والمقهورة( ظروفا) ـ ثم تعود لتلخص الوضع لوالدها بمشاعر وكلمات تبثها قلبه قبل أذنه, فيسبقها هو وبابتسامته الراضية دوما بالموافقة والتلبية, فإذا بزغاريد الفرحة الغامرة والانتصار, ولو مرة بالعمر علي مرارة الحرمان وقهره.
لتنتقل وعلي الفور للعروس التالية... فالخامسة... والعاشرة.. و... وذلك في سعي متتابع نبيل وكأنها بين الصفا والمروي( وذلك بالمناسبة هو اسمها وجوهرها.. مروي) أما الصفا والسماحة والتصالح مع النفس والرضا, فهي صفات الأب النبيل ـ وعنوانه.
وهذه الليلة ـ كاتبنا الحبيب ـ كان عقد قران تلك الزهرة الجميلة ذاتها.. وآن لهما( ووالدها السمح النبيل) أن يرتشفا معا من ذات الفرح والجزاء والرحيق الجميل ـ والذي ندعو الرحمن أن يجزل لهما ببركته فيه.
وكانت لحظات حب نقية وبريئة... تعانقت وامتزجت فيها فرحتها وأحلامها الجميلة مع شريكها الهادئ الرزين.. بدموع فرح الأم الطيبة( الشمعة والشجرة التي ظللت عليهما وأمدتهما بأجمل قيم وعطاء ورحيق).. مع نظرات الضعف الإنساني المرهف( للأب الصعيدي الذي حاول أن يبدو رغما عنه متماسكا أمام الجميع).. يحوطهم جميعا طوفان من الحب الغامر طوقهم به الحضور من الأهل والأصدقاء.
وازدحم المنزل( الرحب والمتسع أصلا) كقلبه تماما ـ والذي لم يضق يوما بسائل أو صاحب حاجة ومحروم.
و... و... و...
ولا أريد أن أترك لنفسي العنان أكثر حتي لا نوصف بالمغالاة والنفاق و.... بالرغم من أننا نمسك عن ذكر اسمه... بل واسمي أيضا حتي لايعلم أحد أو يتوقع عمن نتحدث.
لكنها الأمانة ـ كاتبنا الحبيب ـ التي تدفعني لكتابة هذه السطور.. أمانة تجاه هذا الوطن وشبابه المسكين.
فليست مصر هي تلك الصورة القبيحة التي لم تعد تعرف إلا السلب والدم والهبر والاغتصاب.. فمازالت بيننا قلوب مرهفة تتعاطف وترحم وتبذر الخير والحب وبلا حدود.
وليست مصر هي عربدة الأثرياء ولهوهم ومرافقة الراقصات.. والإغداق عليهن... فقتلهن.. فبيننا من يظل يؤمن ـ وبرغم بريق المال والجاه وإغراء الجميلات ـ بأن الرجولة الحقة هي في التعفف والنخوة والأمانة مع الغير.. والاستقامة والقدوة للأبناء, والوفاء لشريكة الحياة, وليست أبدا في الملاحقة والشمشمة بالغانيات ـ كالخنازير( بالضبط) بالقمامة.. أو ما هو أدنأ.
ومازال هناك من يعتبر المال أصلا,( والصحة) فتنة واختبارا عسيرا من الخالق ـ أيشكر.. أم يفسق ويهلب ويفجر.
ومازال هناك الضابط الشاب الذي يضحي بحياته.. وطموحه.. وأحلامه ـ بل وزفافه الذي كان بعد أيام ـ لينقذ فتاة لايعرفها من الاغتصاب!!
ومازال هناك الشعب الذي ينسي في لحظة خصوماته واحتجاجاته ومظاهراته.. ليبكي( متوحدا) لرحيل طفل بريء... في موقف ليس كمثله حزن أو صدق أو نبل..!!
ومازال هناك الشهامة.. والتعاطف... والشرف, والوجه الأسمر.. وعرق الجبين.. والمعدن الريفي والصعيدي الأصيل ـ وإن بعد وانزوي عن الأضواء.
ومازال.. ومازال... ومازال..
وتحتم الأمانة علينا ـ وفي هذا الظرف بالذات.. ومع تلك الجرائم الشاذة ـ ان نسلط عليها الأضواء: بثا للأمل.. وبعثا جديدا لمعدننا الكامن( الرائع أبدا) والأصيل.., وتشجيعا وتحفيزا( بالتالي) لكل من لديه فكرة أو لبنة أو بذرة خير لهذا الوطن الحبيب ألا يبخل بها ويغرسها..
فحتما وأبدا سوف تثمر.. ولك قبل غيرك ـ فذلك عهد علي الرحمن( ووعد): هل جزاء الإحسان إلا الإحسان.
علي أن هذا الجزاء( والعشرة أمثاله) لايشترط ـ كما قد يتصور البعض ـ أن يكون بمالك أو ثروتك وفقط... بل يمكن ان يكون( وأهم) بصحتك.. أو دراستك.. أو ذريتك.. أو ينجيك الله من أزمة أو كارثة.. أو إدمان ابن.. أو انحراف بنت.. أو فضيحة وزلل كنت توشك أن تقع فيها.. أو...
بل ويمكن أن يكون هذا الجزاء أيضا أن يخفف الله عنا وقع كارثة حدثت بالفعل.. فيثبتنا بها.. ويربط علي قلوبنا.. وينزل علينا صبرا وطمأنينة ورضا..
فالقاعدة لديه لا تتغير أبدا.. فما جزاء الإحسان عنده إلا بمثله وأروع منه.
من هنا اسمح لي( وقبل أن أنهي) أن أوجه رسالة لأب شاب فقد مؤخرا فلذة كبده بحادث مؤلم.. ومازال وحرمه يتجرعان مرارة الكارثة والفراق.. وهو ما لن ينتهي أبدا مادامت هناك حياة ونبض وذكريات لأشير عليه أن يفرغ طاقة الحزن الهائلة والكامنة داخله بأنشطة خير يخفف بها عن الآخرين.. فيسعي ـ وبالأولوية عن تجميل المقبرة.. أو زرع الأشجار والمظهريات ـ لتوجيه ما كان سيئول ميراثا لهذا الراحل الجميل لمشروع ضخم للأطفال الفقراء.
وليكن هذا المشروع مثلا مستشفي مجانيا وعملاقا للأطفال باسمه ومن حر ماله.. يتناسب حجما ونوعا ومكانة الفقيد في نفوسهم... مع إعطاء تركيز لذات التخصص الذي كان سببا في الرحيل.
وألا يقتصر دوره علي مجرد التمويل فقط, بل يعمل ويعيش بين هؤلاء الأطفال ـ يشاركهم آلامهم.. ويناولهم الدواء.. ويفرح معهم لشفائهم.. بل ويرعي ويزوج بعضهم إن أراد في زفاف جماعي كل عام بذكري ميلاد فلذة كبده الحبيب... و...
وعلي أن يهب ثواب كل ذلك لملاكه الراحل الجميل, مدركا أن له وللأم المثل, بل والأضعاف.
عندئذ سيكتشف ان المحنة انقلبت عندهما حتما ـ ودون ان يدريا ـ الي بهجة ورضا ونعمة.. وانه بدلا من أن تقترن ذكريات الراحل بالبكاء واللوعة والدموع.. ستتحول مع كل فرح جماعي وحالة شفاء لنظرات فرح وابتسامات وتهنئة يتبادلانها وصورته الجميلة المعلقة بالمستشفي علي الجدار وبالقلوب.
فالرحمن أبدا لايغفل عن عباده وجنوده في الخير... ولعله اراد بتلك المحنة أن تكون رسالة حب واصطفاء.. لتعديل وتبديل المسار.
فهل من مستجيب؟!
وهل من مفتد أيضا ـ ومسبقا ـ لأحبته وفلذات كبده.. حفظهم لكم الله؟
وهل من مبادر بإحسان ـ بلا مقابل( مجرد لوجهه تعالي) ـ يضاعفه له الرحمن بأروع وأفضل منه.. وهو أرحم الراحمين؟
أخوكم
ع.ق
*سيدي.. سأحترم رغبتك هذه المرة بعدم الافصاح عن اسمك الذي يشرفني ذكره لأنك صورة للإنسان المصري الكريم, المعطاء, المحب الذي تتحدث عنه في رسالتك..
أنت ياسيدي صورة من تلك الصور الجميلة لأبناء مصر الذين رسمت ملامح البعض منهم وهم كثر, ولكن يختفون خلف ضوضاء وأضواء النجوم الكاذبة الوهمية الذين يحلبون عسل الوطن ـ ولا أقول يرشفون ـ بدون رحمة أو شفقة.
ولكن يظل الخير في مصر, مادام فيها أمثال صديقنا النبيل الذي احتفل مؤخرا بزفاف كريمته, كما احتفل بزفاف آلاف اليتيمات والفقيرات في قري مصر ونجوعها, وهو صديق دائم لـبريد الجمعة لايتواني أبدا عن مد يد الخير بدون إعلان أو ذكر لاسم من قريب أو بعيد.
سيدي.. أحيانا لا أري مبررا للتعليق أو الرد علي بعض الرسائل, ورسالتك من هذا النوع, فأنا معك في كل ما قلت وطرحت واقترحت, وأتمني أن تصل دعوتك بمعناها العميق والإنساني الي كل من ابتلاه الله في عزيز عليه, فشجر المحبة والعطاء هو خير زاد للصبر والرضا, زادك وزادنا الله منهما, وإلي لقاء بإذن الله.
مدونة بريد الجمعة مدونة إجتماعية ترصد أحوال الشارع المصرى والوطن العربى مدونة تتناول قصص, ومشكلات حقيقية للوطن العربى مثل: (ظاهرة العنوسة, الخيانة الزوجية, الخلافات الزوجية, التفكك الأسرى, الطلاق وآثاره السلبية على الأبناء, الحب من طرف واحد, مرض التوحد, الإبتلاءات من فقر ومرض وكيفية مواجهة الإنسان لها) ثم يعرض الموقع فى أخر كل موضوع رأى المحرر فى التغلب على هذه المحن
الجمعة، ٢٧ يوليو ٢٠١٢
جزاء الإحسان
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق