25-07-2008
حاولت كثيرا الكتابة إليكم حتي تغلبت علي ترددي وعزمت وتوكلت علي الله..
أنا يا سيدي رجل في نهاية العقد الخامس أعمل مهندسا ولي ثلاثة أبناء في سنواتهم النهائية بكلياتهم العملية.
تزوجت زواجا تقليديا, وإن بدا لمن حولنا أنه عن حب.. وسارت الحياة هادئة بمشكلات روتينية كانت تنتهي علي خير ودون تدخل من أحد.. وكان ما يميز هذه المشكلات هو هجر الزوجة لفراش الزوجية بغرض تأديبي وعقابي.. وتكرر هذا مع كل خلاف لو بسيطا.. وكنت دائما أنصح زوجتي بأن ذلك يزيد الجفاء بيننا ولكنها كانت تتمادي في هذا السلوك.
وعلي غير العادة فإن تلك المشكلات زادت من ارتباطي بابنائي بخاصة ابنتاي وكنت اجد فيهما دائما السلوي والملاذ.
وبعد أكثر من خمس وعشرين سنة زواج.. وجدتني حائرا وتعصف بي تلك المشكلة وتحملت كثيرا من عناد زوجتي ونكدها وتلذذها بحرماني من حقوقي الزوجية.. حاولت ارضاءها بشتي الطرق, ولكن سلوكها الغريب لم يتغير كثيرا.
وعندما فاض بي الكيل وزاد التفكير في إنهاء حياتي الزوجية.. كتبت منذ خمس سنوات إلي بريد الجمعة الذي كان يحرره الراحل الأستاذ عبدالوهاب مطاوع, ونصحني ـ رحمه الله ـ بالتريث وبدء حياة جديدة من أجل الأولاد وطرد فكرة الطلاق أو الزواج بأخري, وكنت قد شرحت له مدي ارتباطي بابنائي وان زوجتي اصبحت تغار أيضا من قربهم مني لشعورهم بآلامي وظلم والدتهم لي.
وحاولت بدء( الحياة الجديدة) واستمرت حياتنا بعد ذلك نحو ثلاث سنوات دون تغيير ملموس.. وفي يوم حاولت التقرب منها وقدمت لها هدية غالية لإرضائها إلا انها صدتني بكل قسوة.. ولأنني كنت أحذرها دائما من رد الفعل, أقسمت لها بأن ذلك لن يمر بسلام.
وفي خلال أسبوعين وبلا وعي وكأنني كنت مسلوب الارادة وجدت نفسي مرتبطا بزوجة أخري.. وأقسم لك سيدي أن يوم عقد قراني علي زوجتي الجديدة كنت أبكي عندما اتذكر ابنائي وأنا غارق في خيانتي لهم.
مر أسبوع كانت زوجتي الجديدة تعد خلاله منزل الزوجية وكان شقتها وابنتها حيث انها مطلقة.
وفي نهاية الاسبوع وقعت المفاجأة, علمت زوجتي أم اولادي بالأمر.. وما أن واجهتني حتي وجدت نفسي أنهار امامها وأمام ابنتي. اللتان انهارتا ابنتاي وكدت افقدهما بسبب الحالة التي كانتا عليها.
وتدخل أهل زوجتي وطلبت أم أولادي الطلاق.. ولكنني قبل أي نقاش كنت قد قررت طلاق زوجتي الجديدة.. وتم ذلك في اليوم التالي أي اليوم الثامن لزواجي, وانتهي كابوس ظل يؤرقني طويلا.. وللأسف مازلت أعانيه.
ليت الأمر انتهي عند هذا الحد..
اصيبت زوجتي بخيبة أمل كبيرة في بعد أن ظلت معي ـ علي حد قولها ـ علي الحلوة والمرة اكثر من خمس وعشرين سنة.. وكان آخرها الخيانة.. وكانت تعتبر ما تم جريمة لا تغتفر, تشعرني بها كل لحظة.
لقد انهارت حياتنا الآن تماما واصبحنا زوجين علي الورق فقط لا حديث بيننا نهائيا, تنتابها بين الحين والآخر بعض الهواجس وأجدها تحزم ملابسها وتطلب الطلاق. يتدخل أهلها مرة بالدين والقرآن ومرة بالتهديد.
يعود الهدوء لأيام.. ثم ينقلب الأمر من جديد..
حتي هجرتني تماما منذ ثمانية أشهر.. واصبحنا نعيش كل في حجرة كوالدين لأبنائنا فقط.
هل أجرمت سيدي بعد كل ما أوضحت؟ وهل اختلقت اسبابا لأبرر خيانتي؟ لقد رضيت بالعقاب الذي مازلت أعانيه.. وعزائي أنني مازلت احتضن ابنائي وبينهم ولكن سحابة سوداء تظلل بيتي ولا أري فرجا قريبا.
وأسأل نفسي احيانا هل انتهت حياتي مع زوجتي؟ وهل استحق ذلك؟ وإلي متي؟ فارجو سيدي ان تكون رحيما في ردك عليها.. لأنني أري انها أحق بالرحمة لأنها في النهاية أم أولادي وشريكة حياتي لأكثر من ثمانية وعشرين عاما.
* سيدي.. قصتك تجسد من جديد شيوع الفهم الخاطئ للعلاقة الزوجية.. الزوجة تري أن جسدها كما هو مكافأة, هو أيضا وسيلة للعقاب, مطمئنة أن الزوج لن يذهب بعيدا لارتباطه بأبنائه وضعفه أمامها, فيما هو آمن بأن الشرع أباح له التعدد, لذا فهو وقت اللزوم سيلجأ الي عقابها, الي الزواج بأخري, ليس حبا أو حرمانا ولكن انتقاما.
سيدي.. دعني أولا أكشف لك عن إحساسي بأنك لم تنقل لي عبر سطور رسالتك كل الحقيقة.. كلماتك تكشف عن إحساسك الدائم بالظلم والخيانة, وكأنني كنت مسلوب الإرادة وجدت نفسي مرتبطا بأخري, كنت أبكي عندما أتذكر أبنائي وأنا غارق في خيانتي لهم, كنت قد قررت طلاق زوجتي الجديدة, وانتهي كابوس ظل يؤرقني طويلا, أصيبت زوجتي بخيبة أمل كبيرة: وغيرها.
سيدي: هذه بعض من الجمل التي تجسد إحساسك بالذنب والخيانة ليس في حق أولادك فقط, ولكن في حق زوجتك أيضا, فهل فعلت منذ البداية ما أبعد زوجتك عنك ودفعها لهجرك في الفراش؟.
لو كان هناك ما أخفيته في حكايتك, فهذا يعني أنك لن تنجح أبدا في استعادة زوجتك, لأنك لم تواجه الخطأ وتحاول إصلاحه والاعتذار عنه, عليك أولا أن تعترف به, حتي لا يصبح البحث عن حل يسير في اتجاه واحد فقط, وهو مسئولية زوجتك تجاهك وتصرفاتها الخاطئة المتتالية معك.
أما اذا كانت كلماتك صادقة ولم تخف شيئا, وكنت مثاليا في كل تصرفاتك مع شريكتك, فإن ألم ضميرك يجب أن يكون مصدره تلك المرأة الأخري, التي لم ترتكب ذنبا سوي أنها وافقت علي الارتباط بك, ورتبت حياتها وحياة ابنتها علي وجودك, ثم هربت في أول مواجهة, وبعد ثمانية أيام فقط من الزواج.. ماذا يعني هذا سيدي؟.. يعني ببساطة أنك رجل غير مسئول, مندفع, لا تفكر إلا في نفسك, وهذا كله يفسر سر الأزمة الحقيقية مع زوجتك.
الحياة الجديدة التي نصحك بها الكاتب الراحل الاستاذ عبدالوهاب مطاوع مؤسس بريد الجمعة, كانت مبنية علي ما سردته, فعندما يتحدث زوج عن غيرة زوجة علي زوجها من حب أبنائها, لا يعبر إلا عن حب مفرط, فإذا كان الزوج أيضا محبا راغبا في مواصلة الحياة المشتركة فهل هناك طريق غير الحياة الجديدة؟.
تلك الحياة التي كانت تستوجب في تلك اللحظة الانتقالية, المواجهة, والاعتراف برغبة كليكما في الإستمرار والحفاظ علي استقرار الأسرة.. أن يواجه كل منكما الآخر بأخطائه واحتياجاته.. من أخطأ يعتذر, ومن التبس عليه الأمر يفهم.. الحياة الجديدة تعني التخلص من كل الماضي بأخطائه وأعبائه, وإعلاء قيمة ما تحقق بينكما وعلي رأسه أبناؤكما فعندما نختلف يا سيدي ونقرر أن نبدأ من جديد ليس علينا خدش الجروح وإنما مداواتها, والتركيز علي كل ما هو جميل علي مدي25 عاما هي عمر زواجكما..
وكما عليك أن تعتذر لزوجتك عن أخطائك, عليها أيضا أن تفهم دورها, وأن جسدها ليس منحة أو عقابا, وأنه لا يجوز لها هجرك في الفراش بلا مبرر, فهذا عدوان وإثم بين, فإذا ما كانت لا تريد الاستمرار معك لكره أو غضب, فعليها أن تعلن ذلك, وتتحمل تبعات ذلك سواء بالطلاق, أو بتركك تعصم نفسك من الوقوع في الخطيئة باللجوء الي ما شرعه الله بالزواج من أخري.
سيدي.. ما أقوله الآن لك ولزوجتك: لم يعد في العمر الكثير ـ أطال الله في عمركما ـ كبر أبناؤكما, وما جمع بينكما كل هذا العمر يجب عدم إهداره بكل هذه السهولة.. الأيام تمضي, وأنتما في عذاب أو في هناء, فلماذا لا تختاران السعادة, تلك التي نفرط فيها وهي بين أيدينا, ونطاردها بعيدا, وعندما نكتشف أنها سراب لا يمكننا العودة الي ما كنا عليه.. عودا الي نفسيكما, واستعيدا نصيحة الكاتب الراحل الاستاذ عبدالوهاب مطاوع الحياة الجديدة, فأنا لا أري غيرها حلا ونصيحة.. أسعدكما الله وأزال عن عيونكما غشاوة الغضب والعناد, وأدعوكما الي قراءة الرسالة الأخري في نفس الصفحة, ربما تكشف لكما عن وجه آخر يدفعكما الي الاختيار الأفضل والأنسب من أجل أولادكما ـ وإلي لقاء بإذن الله.
مدونة بريد الجمعة مدونة إجتماعية ترصد أحوال الشارع المصرى والوطن العربى مدونة تتناول قصص, ومشكلات حقيقية للوطن العربى مثل: (ظاهرة العنوسة, الخيانة الزوجية, الخلافات الزوجية, التفكك الأسرى, الطلاق وآثاره السلبية على الأبناء, الحب من طرف واحد, مرض التوحد, الإبتلاءات من فقر ومرض وكيفية مواجهة الإنسان لها) ثم يعرض الموقع فى أخر كل موضوع رأى المحرر فى التغلب على هذه المحن
الثلاثاء، ٣١ يوليو ٢٠١٢
الحياة الجديدة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق