الأربعاء، ١ مارس ٢٠٠٠

المحاولــة الأخـيرة‏!‏

10-10-2003
أنا رجل عمري‏56‏ عاما تخرجت في إحدي الكليات العملية‏,‏ تزوجت منذ‏30‏ عاما وزوجتي من عائلة معروفة ولها جذور قوية مثل عائلتي‏,‏ وهي جميلة وست بيت رائعة في النظام والنظافة وتربية الأبناء‏,‏ ولكن والدتها ذات طباع عنيفة وتحب السيطرة علي الغير‏,‏ كما أنها متهورة ومندفعة وتسيطر علي زوجها وأسرتها‏,‏ ويعملون دائما علي استرضائها تفاديا لغضبها الذي يتحول عند اللزوم إلي نوبات هيستيرية قد تكون تمثيلا في بعض الأحيان‏..‏ أو في كلها الله أعلم‏,‏ وقد شاء الله أن أسافر إلي احدي دول الخليج بعد عقد قراني علي زوجتي مباشرة‏,‏ وقبل أن تظهر لي هذه العيوب ثم لحقت بي زوجتي‏,‏ وأنشأنا هناك عشا جميلا وشغلت وظيفة مهنية محترمة‏,‏ واستمرت فترة غربتي نحو‏10‏ سنوات استقرت خلالها أحوالي المادية واشتريت شقة جميلة بالقاهرة‏,‏ وأخري بمدينتي الساحلية الجميلة‏.‏ واستمرت حياتنا الزوجية هادئة ناعمة ونحن بالغربة بالرغم من الخطابات والشرائط التي كانت ترسلها أم زوجتي وتحرضها فيها ضدي‏,‏ إلي جانب النصائح الخبيثة وخلافه‏,‏ وكل هذا لأنني لست من الطراز الذي تفضله أمها‏,‏ حيث لا أقبل أن يتدخل أحد في حياتي الشخصية ولا أحب أن يدير لي أحد حياتي بالنيابة عني واختلف في ذلك عن والد زوجتي الذي ينقاد لزوجته ويعمل علي استرضائها دائما بالرغم من علمه بطباعها‏,‏ ربما رغبة منه في أن تسير حياته في هدوء أو لأن طبيعة شخصيته هكذا‏.‏

وخلال رحلة الغربة أنجبنا‏3‏ بنات حرصنا أنا وزوجتي علي تنشئتهن علي الخلق الكريم والقيم الدينية وتخرجت اثنتان منهن وتزوجتا ولهما أطفال حاليا‏.‏
وبعد عودتنا إلي بلادنا من الغربة منذ‏20‏ سنة عملت بالأعمال الحرة في مصر وصادفني عدم توفيق وخسارة مادية أدت إلي اهتزاز مركزي المالي بشدة‏,‏ فبدأت مشاكلي مع زوجتي تتفاقم نتيجة لطباع زوجتي النارية واستفزازها لي للأسف بالشتائم‏,‏ ثم سرعان ما تستدعي أهلها وبدون تفاهم أو عقلانية تهينني أمها أو حتي والدها الذي يتمتع بصفة البخل الشديد بالرغم من ثرائه‏,‏ ومن‏8‏ سنوات صفيت نشاطي المهني وتخلصت من معظم مشاكلي المالية وديوني التي ترتبت علي خسارتي في أعمالي‏,‏ وغيرت مجري حياتي تغييرا جذريا‏,‏ حيث أنشأت مشروعا تجاريا صغيرا بمدينتي الساحلية الجميلة الهادئة‏,‏ وأقمت بشقتي الجميلة هناك راغبا بذلك في البعد عن الجو العائلي البغيض الذي كنت أعيشه في منزلي مع زوجتي‏,‏ والبعد عن طباع أمها السيئة والواضحة للجميع‏,‏ ولم تشاركني زوجتي هذه الفترة التي عانيت فيها من الوحدة العاطفية وأنا أبدأ عملي التجاري الجديد‏,‏ وقد اختارت هي ذلك حتي أنها كانت تذهب خلال الاجازات الصيفية مع أهلها إلي المصيف بالأسابيع والشهور ولا تفكر في أن تقضي جزءا من الإجازة مع زوجها في مدينته الساحلية أو حتي تسأل عنه‏.‏

وقد فوضت أمري إلي الله وصبرت وأنا رجل أخاف الله وأتجنب الحرام بالرغم من توافره بكثرة هذه الأيام‏.‏ وكنت علي يقين دائم من أن الله سبحانه وتعالي سوف يرضيني ويعوضني خيرا‏,‏ وبالفعل ظهرت بشائر ذلك وبدأ عملي يؤتي ثماره الخيرة‏,‏ والآن فإنني أرجو من الله أن يوفقني إلي إنسانة تشاركني المرحلة الباقية من العمر وتقاسمني وحدتي بمنزلي بمدينتي الساحلية الجميلة‏,‏ وتشد من أزري وتصادقني‏,‏ تكون زوجتي وصديقتي وشريكتي في عملي التجاري البسيط وقد قرأت في بريد الجمعة‏,‏ قصة السيدة الفاضلة التي طلقها زوجها لعدم الإنجاب وهذه مشيئة الله ولا ذنب لها فيه‏,‏ وكانت ذات بذل وعطاء وحب فإذا شاء الله وجمعت بيننا الأقدار فإني أرجو أن توافق هذه السيدة الفاضلة علي الزواج مني‏,‏ وإذا لم تسمح بذلك فأرجو أن تتفضل أنت وترشدني إلي الإنسانة والزوجة والصديقة التي تشاركني بقية رحلتي وكفاحي في الحياة‏,‏ وإلي أن يقضي الله أمرا كان مفعولا مع العلم بأن موقفي المالي الآن لا بأس به‏,‏ خاصة أنني قد أديت التزاماتي ناحية أسرتي كما أن حالتي الصحية جيدة بفضل الله وعندي الحيوية والقبول بإذن الله‏.‏

ولكاتب هذه الرسالة أقول‏:‏
حين يضيق الإنسان بوحدته تتجه أفكاره دائما إلي حلم الالتقاء بمن تشاركه رحلة أيامه وتشيع دفء الحياة في وجدانه‏..‏ وتعوضه عن وحدته وحرمانه‏..‏
انه حلم انساني مشروع‏,‏ ولكن بشرط أن تتوافر له الظروف المواتية‏..‏ وألا يتضرر به الأعزاء‏,‏ وأنت يا سيدي لم تهنأ بالسلام العائلي‏,‏ ولم تسلم من الأذي مع زوجتك وهي زوجة وحيدة لك لا تشاركها فيك أخري‏,‏ فكيف سيكون الحال إذا تزوجت أخري علي غير رغبتها وقبولها بالطبع؟

هل تتوقع أن تهنأ بالسعادة التي حرمت منها خلال السنوات الأخيرة من حياتك بغير ازعاج من جانب زوجتك وأم أبنائك؟ تتصور أنها سترفع الراية البيضاء وتسلم لك بحقك في الزواج من أخري مادامت قد رفضت الانتقال للإقامة معك حيث تعمل وتعيش؟ أم تري أن هذه الخطوة ستكون بداية لحرب جديدة تستخدم فيها زوجتك كل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة ضدك وربما من بينها نباتك؟
إن الفيصل في الاقدام علي خطوة الزواج من أخري في مثل ظروفك هذه هو أن تكون قد بذلت كل ما في وسعك لإقناع زوجتك بالانضمام إليك وإعادة جمع شملكما معا في بيت واحد‏,‏ فرفضت زوجتك كل مسعي في هذا الاتجاه‏.‏ واصمت أذنيها عن كل نداء‏..‏ وآثرت أن تتركك للوحدة والحرمان واجترار الذكريات في مدينتك الساحلية‏.‏

وأنت وحدك الذي تستطيع أن تقرر بأمانة إذا كنت قد بذلت كل الجهد الكافي واستنفدت كل الحيل معها لتحقيق هذا الهدف‏,‏ أم أنه مازال في الوسع بذل المزيد من الجهد لتحقيقه وتجنب الحلول الأخري التي ستفتح عليك جبهات جديدة لا حاجة لك بها؟‏!‏
فإذا كان ضميرك مستريحا إلي أنك قد أديت واجبك تجاهها وحاولت بكل ما تملك من جهد وطاقة رأب الصدع بينكما واغراءها بالانضمام إليك دون جدوي‏..‏ ففي هذه الحالة قد يحق لك التفكير في الزواج من أخري مع إدراكك الكامل لتبعات ذلك علي جبهة زوجتك وأهلها وربما بناتك أيضا‏..‏

ذلك أن من واجب الزوجة بالفعل أن تتبع زوجها إلي حيث يقيم ويعمل‏..‏ فإذا فارقت زوجها لسنوات طويلة لغير أسباب قهرية كدراسة الأبناء أو غير ذلك من الأسباب المشروعة‏..‏ فلقد رشحت زوجها من حيث لا تدري للضعف البشري‏..‏ أو للتفكير في الزواج من أخري‏..‏
فسدد سهمك الأخير وابلغ زوجتك أنك قد ضقت نهائيا بوحدتك ولم تعد قادرا علي مزيد من الاحتمال‏,‏ فإن استشعرت جدية الموقف هذه المرة واستجابت لك فلقد حلت المشكلة وفزت بالحياة العائلية وبالبعد بقدر الإمكان عن مرمي سهام والدتها كما كان حالكما خلال فترة الغربة‏,‏ أما إن أصرت علي غلوائها فلك في هذه الحالة أن تمضي بضمير مستريح في الاتجاه الآخر بلا لوم عليك فيما تفعل‏,‏ لأن لكل إنسان بالفعل قدرته التي لا يستطيع تجاوزها علي الصبر والاحتمال‏.‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق