21-11-2003
أكتب إليك في لحظة تأمل ومراجعة للنفس, استعدت خلالها قصة حياتي كلها, فأنا شاب في الثامنة والثلاثين من عمري.. نشأت في أسرة عادية كباقي الأسر المتوسطة الصغيرة, أبي موظف حكومي ترقي في المناصب حتي شغل منصب المدير العام, وأمي ربة بيت متعلمة وحنون, ولي أختان تصغرانني ومنذ طفولتي المبكرة أشعرني أبي بالمسئولية عن شقيقتي هاتين.. وحاول دائما أن يغرس في الاحساس بواجبي في حمايتهما.. وإرشادهما.. والتضحية من أجلهما.. والحق أنني لم أقصر في ذلك.. لكني لاحظت مع تقدمنا في الدراسة وكثرة مطالبنا أن أبي يعطي الأولوية الأولي لمطالب البنات قبل مطالبي, ويقول لي إنني رجل وأستطيع الانتظار حتي تتيسر الأحوال, أما البنات فهن مطالبات بالحفاظ علي مظهرهن وسط زميلاتهن, وعلينا أن نحفظ عليهن كرامتهن, ولم أكن أعترض علي ذلك.. حتي ولو ضقت به في بعض الأحيان.., وهكذا مضت بنا الأيام حتي تخرجت في كليتي الميري وتسلمت عملي.. وقبضت أول مرتب لي.. وبدأت أتطلع إلي الفتيات من حولي باحثا عن شريكة لأحلامي.., فلفتت نظري جارة لنا ولاحظت اهتمام أمها بي منذ تخرجي وكثرة زياراتها لأمي مصطحبة معها ابنتها الشابة الطالبة بكلية الآداب.. فبدأت أفكر فيها.. وبدأت بسؤال شقيقتي عنها فأثنتا علي أخلاقياتها وأدبها والتزامها.. وجسست نبض أمي فجاءت النتيجة ايجابية أيضا ولم يبق إلا أبي.. وقبل أن أفاتحه في الأمر أردت أن أتأكد من قبول الفتاة لي.. فترقبت زيارتها لنا.. ورحبت بها في حضور أمها التي سارعت بالدخول للصالون وتركتها واقفة معي في الصالة.. فتبادلنا النظرات والابتسامات, وسألتها عن دراستها وسألتني عن عملي, وتمنت لي التوفيق ثم انضمت إلي أمها في الصالون وهي تنظر إلي نظرات مشجعة واكتفيت بذلك, وفاتحت أبي في الأمر ففوجئت به يثور علي ثورة عارمة ويتهمني بالأنانية وبتفضيل نفسي علي شقيقتي, ويقول لي إنه كان يتوقع مني مساعدته في تربية الأختين وزواجهما وبعد ذلك أفكر في نفسي.., وصدمت لهذا الموقف الصارم, وحاولت إقناعه بأنني لا أرغب إلا في خطبة هذه الفتاة لكيلا ترتبط بغيري, ثم الانتظار حتي تتخرج الأختان وترتبطان بصاحبي النصيب, وليدبر الله بعد ذلك أمورنا.. فلم يتزحزح عن موقفه وخاصمني.. وشعرت لأول مرة في علاقتي معه بالاهانة فبادلته خصاما بخصام, واستمر الحال بيننا علي هذا النحو بضعة أشهر.. شاع خلالها في أسرتنا أنني علي خلاف مع أبي بشأن زواجي.. وحثني كثيرون من الأهل علي أن أبدأ بالاقتراب من أبي وإزالة الحاجز الذي قام بيننا فلم أستجب, بل وبلغ الأمر أسرة الفتاة, فدعتني أمها للزيارة ورحبت بي في وجود زوجها وابنتها وطالبوني بالصبر علي أبي إلي أن يلين.. ووجدت جو أسرتهم مختلفا عن جو أسرتي, ووجدتهم متفاءلين بالمستقبل وليسوا متشائمين كأبي.. واسترحت إليهم وبدأت أتردد عليهم كثيرا ونبض قلبي بالحب لابنتهم.. وشعرت بحبها لي واهتمامها بأمري.. وبعد ستة أشهر طويلة من الجفاء والخصام بيني وبين أبي, نجح الأهل في تقريب وجهات النظر بيننا.. وقبل أبي بقراءة الفاتحة وتقديم الدبلتين علي ألا أتزوج إلا بعد انتهاء أختي الاثنتين من دراستهما ووافقت راغما.. وتمت قراءة الفاتحة.. وبدأت أدخر جزءا من مرتبي لتكاليف الزواج.. وتطلعت إلي أن يساعدني أبي في توفير الشقة التي لن أستطيع توفيرها ولو ادخرت مرتبي كله طوال عشرين سنة, وكنت أعلم أنه يملك مساحة صغيرة من الأرض الزراعية ورثها عن أبيه يأتينا منها كل سنة ايجار ضئيل. ويقول دائما إنها لزواج الأبناء.. فطالبته ببيع الأرض وشراء شقة صغيرة لي في أي مكان.. فثار علي ثورة جديدة أشد من ثورته الأولي, وقال إن هذه الأرض لن تكفي لزواج البنات وحدهن وخاصمني من جديد وخاصمته.. وطال الخصام والجفاء هذه المرة, وساهم في ذلك أنني بدأت أسمع في أسرة خطيبتي انتقادات شديدة لأبي.. واتهامات له بالقسوة علي وعدم العدل معي.. الخ.
فبدأت المرارة تترسب في نفسي تجاهه.. بل وبدأت أضيق بكل ما يتعلق بأسرتي حتي أمي وشقيقتي.. وأتجنب الحديث معهن جميعا.. ولا أمضي في البيت إلا ساعات النوم وأقضي كل أوقاتي مع أسرة فتاتي التي أجد لديها الفهم والحنان وتقدير ظروفي, وخلال عامين من الخطبة تخرجت الأختان.. وخطبت كبراهما وبدأ أبي في إعدادها للزواج فإذا بالنقود تخرج بسهولة.. وإذا بالأرض تباع بلا إبطاء.. وإذا بكل شيء يمضي في يسر وعلي أحسن مستوي, بلا مشاكل ولا خصام ولا جفاء.. فزاد كل ذلك من إحساسي بالمرارة. وزفت أختي إلي عريسها.. ووجدت أنني قد انتظرت ما فيه الكفاية فأعلنت أنني سأتزوج ولو اضطررت للاقامة مع أسرة فتاتي إلي أن يتوافر لي السكن الملائم.. وبعد مفاوضات عسيرة وصدامات عديدة وافق أبي علي اعطائي مبلغا رآه كبيرا ورأيته أنا قليلا لأدفعه كمقدم لشقة.. وكان والد فتاتي قد نجح في تدبير شقة لي فأعطيته المبلغ ودفع هو بقية الثمن مقابل تسجيل الشقة باسم ابنته واسمي.. ووافقت علي ذلك.. وتزوجت دون مساعدة أخري من أبي.
وبدأت حياتي الزوجية مع فتاتي.. ونفسي مفعمة بالمرارة تجاه أبي, وامتدت المرارة إلي أمي التي اتهمتها في خواطري بأنها لم تبذل جهدا كافيا مع أبي لإقناعه بتقديم المزيد من المساعدة لي, وكذلك الأختان, وانعكست هذه المشاعر السلبية علي في ابتعادي بعد الزواج عن أبي وأمي والأختين.. وانغماسي في وسط عائلة زوجتي التي اعتبرتها أسرتي الجديدة.. فأصبحت الأسابيع تمضي دون أن أذهب إلي زيارة أبي وأمي وأختي الصغري.., وإذا ذهبت أمضيت نصف الساعة معهم صامتا ثم انصرفت لزيارة أهل زوجتي..
وأنجبت طفلي الأول.. فاحتفلت به أنا وأسرتي الجديدة.. ولم أدع أحدا من أهلي.. وعلمت أسرتي بذلك فكان هذا إعلانا بالقطيعة التامة بيني وبينهم..
وخطبت أختي الصغري وتزوجت وانتقلت إلي بيت زوجها, دون أن يدعوني أبي أو أحد من أسرتي للحضور والمشاركة, وعلمت أن أمي قد بكت وتوسلت كثيرا إلي أبي لكي يسمح لها بدعوتي للمشاركة فرفض بإصرار شديد, وقال لها إنه قد احتسب ابنه الوحيد عند الله.. ولم يعد له ابن! ورغم كل مراراتي السابقة فلقد تألمت لذلك كثيرا.. ثم لم ألبث أن نسيت الأمر وواصلت حياتي..
وأنجبت طفلة ثانية.. وشغلت بعملي وحياتي العائلية ولاحظت أن ابتعادي عن أسرتي قد امتد فشمل بقية الأهل من أخوال وخالات وأعمام وعمات, في حين توثقت صلاتي بأهل زوجتي وخالاتها وأعمامها.. حتي أصبح أبنائي لا يعرفون لهم أقارب سواهم.. وذات يوم التقيت بالمصادفة بخال لي, فلامني لوما شديدا علي مقاطعتي لأهلي واتهمني بالعقوق, وقال لي إن أبي حزين كل الحزن لموقفي منه ومن أمي وأخوتي ويدعو لي بالهداية, فسألته ولماذا لا يبدأ الخطوة الأولي ويصالحني.. فأكد لي أن هذا هو واجبي أنا وليس واجبه, فلم أقتنع وتركته, وهو أشد غضبا مني وترقيت في عملي واستفدت من علاقات أهل زوجتي في النقل إلي موقع مميز وله امتيازات مادية جيدة, ونسيت تماما أمر أهلي أو هكذا خيل لي إلي أن كنت في عملي ذات يوم وشعرت بدوار شديد فنهضت من مجلسي لأستريح علي الكنبة فإذا بي أسقط علي الأرض وأغيب عن الوجود, وفتحت عيني فوجدتني ممددا علي الكنبة وحولي طبيب وبعض الزملاء, وجاءت عربة الإسعاف ونقلتني إلي المستشفي الميري.. واحتجزت فيها بضعة أيام أجريت لي خلالها فحوص عديدة.. وتلقيت علاجا مكثفا وخرجت فلم يمض علي أسبوعان آخران حتي تكررت الأزمة الصحية وكانت أشد وطأة هذه المرة.. ونقلت من جديد للمستشفي واستمرت الفحوص العديدة ثم بدأ العلاج القاسي.. وأدركت من تجهم كل من حولي ونوع العلاج الذي أتلقاه حقيقة مرضي, واكتأبت واستسلمت لأقداري.. وأقامت معي زوجتي في المستشفي بضعة أيام ثم استأذنتني في العودة للبيت لرعاية الطفلين وشجعتها علي ذلك, ووجدت نفسي بعد انصرافها وحيدا.. أنظر إلي سقف الحجرة وأسترجع ذكريات حياتي, وغفوت بعض الوقت ثم فتحت عيني فخيل إلي أنني أري وجه أمي وهي تبكي وتنظر إلي في حنان, فأغمضت عيني وفتحتها مرة أخري, فإذا بها أمي بالفعل وبجوارها شقيقتاي والجميع يبكون, ومددت يدي إلي أمي فاحتضنتها بيدها ودعت لي بالشفاء, وعرفت منهن أن والد زوجتي قد رأي من واجبه أن يبلغ أسرتي بمرضي فمر علي البيت وأبلغ أبي الذي حزن لذلك كثيرا, وبادر علي الفور بإرسال أمي للاطمئنان علي.. ونظرت إلي وجوه أمي والأختين الدامعة.. وشعرت بألم شديد لمجافاتي الطويلة لهن.. وسألت كيف حال أبي.. وأجبنني بأنه حزين من أجلي ويدعو لي بالشفاء, لكنه يخشي إن جاء لزيارتي ألا أحسن استقباله فيزداد ألما وحزنا.. فانفجرت باكيا وقلت لهن أنني أجرمت في حقه وحقهن بهذه القطيعة, وأنني لو كتب الله لي الشفاء وغادرت المستشفي علي قدمي فسيكون بيت أبي هو أول مكان أتوجه إليه لأقبل رأسه ويده وقدمه وأرجوه الصفح عني.. وحل الليل فإذا بأمي تفترش بطانية علي الأرض وتصر علي المبيت معي وحاولت إثناءها عن ذلك دون جدوي فاستدعيت المسئول وطالبته بإحضار سرير اضافي لها..
ومنذ ذلك الحين.. تناوبت أمي وشقيقتاي المبيت معي في المستشفي طوال فترة إقامتي به وذات يوم كنت عائدا بالكرسي المتحرك من جلسة العلاج المؤلم إلي غرفتي بالمستشفي وقد تملكني الإعياء واليأس والتشاؤم.. فإذا بيد حانية تربت علي رأسي في الممر, وأنظر تجاه صاحبها فأجد أبي يسير إلي جواري حاني الرأس.. وكل ألم الدنيا في وجهه بغير دموع.. فانتفضت من التأثر وأمسكت بيده وهويت عليها تقبيلا وهو يربت علي كتفي بلا كلام إلي أن دخلنا الحجرة وحملوني إلي الفراش. وأنا ممسك بيد أبي كأني أحتمي بها من آلامي ومخاوفي..
وهممت بالكلام وطلب الصفح والعفو منه.. فوضع يده علي فمي.. وطالبني بألا أقول شيئا.., وبأن أقرأ معه الفاتحة عسي الله سبحانه وتعالي أن يصرف عني الضر ويكتب لي الشفاء ويعيدني إلي أطفالي وبيتي.. وأمضي معي عدة ساعات قضي معظمها وهو يقرأ في المصحف ويدعو لي وأصبح يزورني كل يوم..
ومع الأيام لاحظت أن زيارات أبي وأمي والأختين منتظمة وتنتهي بمبيت الأم أو احدي الأختين معي.. في حين بدأت زيارات أقارب زوجتي لي تتباعد.. وتتناقص.., أما زوجتي فإنها تقضي معي فترة الصباح إلي أن يصل أهلي فترجع إلي الطفلين, وقد لاحظ الأطباء أن استجابتي للعلاج قد تحسنت بعض الشيء بعد عودة المياه إلي مجاريها بيني وبين أسرتي.. وأن حالتي المعنوية قد ارتفعت أيضا.. وربطوا بين ذلك وزيارات أهلي لي.
وأنا الآن علي وشك أن أتم مرحلة العلاج المكثف الأولي.. والأطباء يؤكدون لي أنني سأستطيع بعد اسبوع أو اسبوعين مغادرة المستشفي وممارسة حياتي الطبيعية مع تناول الأدوية المقررة.. ومع العودة إلي المستشفي مرة كل اسبوعين في البداية للمتابعة.. والفحوص الدورية, ثم مرة كل شهر مع تحسن الأحوال بإذن الله.
وما يشغلني الآن هو كيف اضعت كل هذه السنوات الثمينة في الخصام والجفاء مع أبي وأمي والأختين.. ولماذا لم أكن أكثر نضجا وأحرص علي صلة الرحم بيني وبين أسرتي.. وهل كان من الضروري أن أمتحن بالمرض القاسي لكي أقر بجريمتي وأعترف بها وأرجع عنها.., وكيف سمحت لهذه الكبرياء اللعينة أن تقف حائلا بيني وبين أبي, فانتظر منه هو الخطوة الأولي للاقتراب مني.. ولا أبادر أنا بها؟
أنني أحمد الله تعالي علي أني أدركت خطئي ووالدي وأمي مازالا علي قيد الحياة وإلا لكنت قد أمضيت العمر كله نادما ومحسورا.. ولكن هل سيتسع العمر يا سيدي لتعويض ما فات والتكفير عن ذنبي في حق أبي وأمي أوليس مرضي الخطير هذا نذيرا بضيق المساحة.. وسرعة التكفير قبل فوات الأوان؟ لقد عاهدت نفسي أن أكتب لك قصتي بكل ما فيها من أخطاء وحماقات و نذالة شخصية مني كنوع من التكفير والاعتذار لأبي. الذي يحرص علي قراءة بابك هذا, ولكي أدعو الحمقي من الأبناء إلي ألا يكرروا حماقتي مع آبائهم وأمهاتهم وألا يعدلوا بصلة رحمهم معهم شيئا فهل يستجيبون.. وهل يتعلمون الدرس بغير أن يدفعوا ما دفعت من ثمن باهظ لكي أتعلمه؟
ولكاتب هذه الرسالة أقول:
في العمر متسع بإذن الله لإصلاح الأخطاء والندم علي الخطايا والتكفير عن الذنوب.., والمهم دائما هو أن تصدق النية ويصح العزم, فييسر الله سبحانه وتعالي لك مااعتزمت وما أردت إن شاء الله.
والحق أنني أشاركك العجب من أن تحول هذه الكبرياء اللعينة بين أب وابنه سنوات طوال, ينتظر فيها الابن أن يخطو أبوه الخطوة الأولي تجاهه.. ويعتصم الأب فيها بكرامة الوالد الذي حمل ابنه فوق ذراعيه وحدب عليه ورعاه صغيرا فلا يخطو هو هذه الخطوة الأولي إليه. وأتساءل أية كبرياء هذه التي تبرر عقوق الابن لأبيه وجفاءه له ومخاصمته أياه سنوات غاليات من العمر..
إن الكبرياء يمكن أن تفهم بين طرفين متساويين في الفضل والمكانة, لكنها لا يمكن أن تكون مفهومة أو مقبولة في علاقة الابن بأبيه وهو المطالب دائما بأن يخفض لأبويه جناح الذل من الرحمة ويقول رب ارحمهما كما ربياني صغيرا, بل وبأن يصاحبهما في الدنيا معروفا ولو جاهداه علي أن يشرك بالله.. لقد ترفقت بك الأقدار بالفعل يا صديقي حين هيأت لك الرجوع عن خطيئتك والندم عليها, وأبواك مازالا علي قيد الحياة, ومازال في الامكان الرجوع عن الخطأ والاعتذار عنه.
فقطع الرحم وعقوق الأبوين ومباعدة الأخوة, من أبشع الخطايا والآثام.. ولقد قال عنها الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه ما مضمونه: ما من ذنب أجدر بأن يعجل الله عقوبته في الدنيا مع ما يدخر لصاحبه في الآخرة, من البغي وقطيعة الرحم.
كما أن تنكر المرء لجذوره العائلية ومحاولة غرس نفسه في بيئة عائلية أخري ضيقا ببيئته الحقيقية ليس من سمات الأصلاء والأمناء والصادقين مع أنفسهم.
ولقد لمست بنفسك أيهم أعمق مودة وأصدق قيلا, حين لاحظت انتظام زيارات أبويك وأختيك لك في محنتك المرضية بالرغم مما كان من أمرك معهم, وتباعد وتراجع زيارات من حاولت شتل نفسك من أسرتك وغرسها بينهم, ولا عجب ولا غرابة في ذلك.. فلقد روي عن صخر أخي الخنساء التي اشتهرت بمراثيها له, أنه جرح في إحدي المعارك وانكسرت بعض ضلوعه فأمضي عاما طويلا في شدة المرض تمرضه أمه وزوجته سليمي, فضجرت زوجته ولم تمل أمه رعايته, وسألت امرأة سليمي عن حال زوجها فأجابت: لا هو حي فيرجي, ولا هو ميت فينسي!
وسمعها صخر فأنشد:
أري أم صخر لا تمل عيادتي
وملت سليمي مضجعي ومكاني
وأي امريء ساوي بأم حليلة
إلا وعاش في شقا وهوان
غير أن عافية الله أوسع دائما للتائبين والنادمين علي الخطابا..
ولقد قال لنا الهادي البشير صلوات الله وسلامه عليه أنه رب معصية أدخلت صاحبها الجنة
وقال العلماء في تفسير ذلك إنها المعصية التي أورثت صاحبها ذلا وانكسارا لله تعالي وندما صادقا علي فعلها وخوفا شديدا من عواقبها وجدا واجتهادا في تحصيل الطاعات التي تمحو أثرها, فيكون من عائد ذلك كله أن ترشح صاحبها لدخول الجنة.
فلتكن معصيتك السابقة إذن من هذا النوع الذي يمهد لك الطريق إلي طاعة الله سبحانه وتعالي, ونيل رضوانه.., وليكتب لك الله برحمته الشفاء التام من مرضك ويعيدك سالما غانما إلي أهلك وذويك وعملك وأسرتك الصغيرة بإذن الله.. وشكرا لك علي رسالتك القيمة وحرصك علي إطلاع غيرك علي دروس تجربتك المهمة.
مدونة بريد الجمعة مدونة إجتماعية ترصد أحوال الشارع المصرى والوطن العربى مدونة تتناول قصص, ومشكلات حقيقية للوطن العربى مثل: (ظاهرة العنوسة, الخيانة الزوجية, الخلافات الزوجية, التفكك الأسرى, الطلاق وآثاره السلبية على الأبناء, الحب من طرف واحد, مرض التوحد, الإبتلاءات من فقر ومرض وكيفية مواجهة الإنسان لها) ثم يعرض الموقع فى أخر كل موضوع رأى المحرر فى التغلب على هذه المحن
الأربعاء، ١ مارس ٢٠٠٠
عــــودة الطائـــــر
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق