28-11-2003
قرأت رسالة البيت الجديد للسيدة التي أعطت زوجها كل الحب والحنان, وتفانت في إسعاده, فقابل الزوج كل هذا العطاء بالقسوة وطلقها بعد تسع سنوات لأنها محرومة من الإنجاب والأمومة, وبرغم قبولها بزواجه من أخري بهدف الإنجاب ومساعدتها له علي تحقيق ذلك, ولقد أثارت هذه القصة تأملاتي وشجوني ليس لأن قصتي شبيهة بها, وإنما لأنها الوجه الآخر لها, فأنا سيدة في السابعة والعشرين من عمري ومن أسرة بسيطة ولي اختان أصغر مني, خطبت لشاب قبل عدة أعوام ولم يكتب لنا الله التوفيق فافترقنا, ثم تعرفت منذ عامين برجل يملك شركة للمواد الغذائية يكبرني بـ28 عاما, شعرت بأنه سيكون لي الأب والزوج والحبيب, وساعدتني علي ذلك معاملته الرقيقة لي, وتدينه, فأحببته وتعلقت آمالي به.. وصدقت كل كلمة نطق بها أمامي, وتأثرت بشدة حين روي لي باكيا قصته مع مطلقته أم ابنته الوحيدة البالغة من العمر12 عاما, وكيف كان مظلوما معها, وحين سألته كيف احتمل الوحدة عشر سنوات كاملة بعد طلاقه لزوجته الأولي, بكي مرة أخري واعترف لي بأنه تزوج من سكرتيرته خلال هذه الفترة, لكنها خانت العشرة بعد تسع سنوات وسرقت منه أوراقا مهمة ونقودا وسافرت إلي دولة أوروبية وتركته. فازداد تعاطفي معه وعقدت العزم علي أن أعوضه عن تجربتي الزواج الفاشلتين هاتين, وخطبت له بدبلتين فقط, لأنه قال لي إنه يمر بأزمة مادية عارضة, ولم يقتنع أهلي بحكاية الدبلتين فقط وهو الذي لايبدو عليه أنه معسر, فاشتريت ببعض مدخراتي بعض المشغولات الذهبية وزعمت لأهلي أنه اشتراها لي..
وخطبت له وتم عقد القران دون دخول.. واستمرت الخطبة عاما دون أن يحدد موعدا للزفاف بسبب أزماته المادية المتتالية,واستاء أهلي لطول فترة الخطبة, وضغطوا عليه لتحديد موعد الزفاف, فاستجاب كارها..وتم الزفاف عائليا وفي أضيق الحدود بناء علي طلبه, وبعده بيومين فوجئت به يأمرني بعدم الرد علي التليفون نهائيا سواء كان موجودا بالبيت أم غائبا عنه, وبعدم الاتصال بمكتبه أبدا مهما تكن الظروف, ويضع لي جدولا لتنظيف الشقة وتلميع كل قطعة من قطع الأثاث فيها وهي شقة كبيرة مساحتها320 مترا ومن طابقين, ولم أتوقف كثيرا أمام كل ذلك, لكني توقفت أمام إصراره علي ألا يصطحبني معه إلي أي مكان أو إلي أي دعوة للعشاء أو الغداء أو أي زيارة, وتعمده أن يصطحب ابنته ـ التي تقيم بيننا ـ معه وتركي وحيدة في البيت, وكلما حاولت مناقشته في ذلك انفجر في قائلا: إن ظهوري معه سيسبب له كوارث هو في غني عنها.. كما لاحظت أنه يتكلم كثيرا في التليفون مع أم ابنته, ويرفض الاجابة علي أسئلتي الحائرة عن أسباب هذه المكالمات.
وقضيت ليالي كثيرة أتضرع إلي الله أن يرجع زوجي إلي صورته القديمة في فترة الخطبة الأولي,وأن يعود إلي حبه واحترامه لي, ولكن بلا جدوي فلقد سقط القناع وانتهي الأمر.. وتحملت معاملة ابنته السيئة لي.. وصدمت صدمة العمر حين اعترف لي فجأة بأنه قد تزوج قبلي5 مرات.
وفي وسط كل هذه الأحزان اكتشفت انني حامل.. وابلغته بذلك.. فإذا به ينفجر في ويقذفني بأبشع الكلمات, ويقسم علي بالطلاق إذا لم أتخلص من الجنين الذي لو جاء إلي الحياة فسوف يخسر هو ـ كما ـ قال الملايين, ولو تحديته واحتفظت به فسيطلقني ولن ينفق علي مولوده مني مليما واحدا طوال العمر.. ولن ينظر في وجهي أبدا... الخ.
وحاول زوجي إجهاضي بيديه ولم يتوقف إلا حين صرخت من الهلع والألم, فراح يبحث عن طبيب منعدم الضمير لكي يقوم بإجهاضي وظل شهرا كاملا دون أن يجد مثل هذا الطبيب, ويسيء معاملتي إلي أقصي حد, إلي أن عثر علي طبيب هو في الحقيقة جزار وليس طبيبا, وافق علي إجهاضي مقابل مبلغ كبير من المال, ووافق زوجي علي الفور, وتمت العملية وأجهضت دون ضرر عضوي.. أما الضرر النفسي فكبير وكبير إذ شعرت بأنني مقهورة ومغلوبة علي أمري, وضحيت بأول جنين تحرك في احشائي بناء علي رغبة زوج متحجر القلب, ودون أن أعرف سببا واحدا مقنعا للتضحية بجنيني, واشتد انكساري وحزني فخيرت زوجي بين أن يسمح لي بالإنجاب وممارسة إحساس الأمومة وأن أكون زوجة وأما ككل الزوجات خلال فترة لاتتعدي السنة.. أو أن يطلقتي فاختار الطلاق, وطلقت وعدت إلي بيت أهلي وأنا لا أعرف ماهي الجريمة التي ارتكبتها واستحققت عنها هذه التعاسة, إذ هل يعيبني أنني زوجة ولود ولست عاقرا؟
وهل لأنني أحببت وضحيت بكل الحقوق المادية ووقفت إلي جواره, يكون جزائي هو إذلالي وقهري وإجهاضي وطلاقي وحرماني حتي من حقوقي المادية بعد الطلاق بدعوي انني التي طلبت الطلاق.
أو ليس شيئا يستحق التأمل.. أن تكون كاتبة رسالة البيت الجديد قد طلقت لأنها لاتنجب.. وانني قد طلقت لأنني قادرة علي الانجاب, وأريد أن أنجب وألا يحرمني أحد من أمومتي؟
ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
المفارقة بين سبب طلاق كاتبة رسالة البيت الجديد وسبب طلاقك تستحق التأمل بالفعل, لكن السؤال الأهم هو: هل كان زواجك من هذا الرجل الذي يكبرك بـ28 سنة وتزوج قبلك5 مرات, ويتخفي بزواجه بك عن الآخرين ويرفض الإنجاب منك.. هو الزواج الذي ينبغي أن تتطلع اليه فتاة في مقتبل العمر مثلك ومهما تكن ظروفها الاجتماعية والانسانية؟
إن أهم أسباب نجاح الزواج واستمراره هو اتحاد أهداف طرفيه منه, والواضح هو أن هدف كل منكما من هذا الزواج المحكوم عليه بالفشل كان مختلفا اختلافا جذريا عن هدف الطرف الآخر منه, فكان هدفك منه هو الاستقرار والإنجاب والأمومة والتخفف من جفاف الحياة واستمرار العلاقة إلي أن يقضي الله أمرا كان مفعولا, وكان هدفه منه هو الارتواء الحسي والتمتع المؤقت بمباهج الزواج المشروع إلي حين, وبغير تحمل اية اعباء انسانية تنجم عن الإنجاب.. وتؤبد العلاقة بينكما, لهذا فقد تعامل مع زواجه منك وكأنه علاقة سرية لايجرؤ علي مواجهة الآخرين بها, ووقع الصدام سريعا بينكما حين أنذرت النذر باحتمال تحول الزواج العابر بالإنجاب إلي زواج دائم وعلني.. وانتهي الصدام بتحطم العلاقة علي صخرة الطلاق قبل أن يتم الزواج عامه الأول.
ولاعجب في ذلك ولا غرابة.. فلقد كان زواجا مرشحا للانهيار من قبل البداية لفارق السن الكبير بينك وبين زوجك السابق, ولاختلاف الأهداف ولعدم جدية الطرف المؤثر في العلاقة وهو الرجل.. فتضافرت كل عوامل الفشل وأثمرت هذه التجربة الخاسرة من كل الجوانب. فحتي الهدف المادي من زواج فتاة صغيرة السن من رجل يكبرها بـ28 عاما قد باء بالخسران المبين, ولم يسهم زواجك منه في تحقيق حلم السعادة ولا حلم الإنجاب ولاحتي الأمل في تخفيف عناء الحياة عنك وعن أسرتك, وبدد بدلا من ذلك كله عامين ثمينين من حياتك في تجربة محزنة بلا طائل.. وأصابك بجروح نفسية وانسانية عميقة. واللوم كل اللوم في كل ذلك عليك أنت قبل أي طرف آخر, لأنك قد خالفت قوانين الحياة الأولي بالاتباع, وتطلعت إلي الزواج من رجل مزواج يكبرك بما يقرب من ثلاثين سنة, بدلا من أن تتطلعي, كما ينبغي لفتاة شابة مثلك للزواج ممن يقاربك في السن والظروف العائلية والاجتماعية.. ولأنك قد أردت تجاوز الكثير والكثير من الفوارق التي تفصل بينك وبين مثل هذا الرجل الذي حرص علي أن يخرج من مغامرته معك بأقل الخسائر المادية, وهو ماحدث بالفعل حيث لم يظهر معك أي درجة من الكرم تغري شابة مثلك بالتمسك بزواجها منه.. ولم يعوضك ماديا عن طلاقه لك.. ولم يسمح لك حتي بالإنجاب وممارسة احساس الأمومة.. تنصلا من احتمال استمرار العلاقة الزوجية.. وتهربا من أعباء الإنجاب الانسانية والمادية, فلماذا فعلت كل ذلك بنفسك أيتها السيدة الشابة؟
وعلي من نلقي اللوم في هذا الاختيار الخاطئ منذ البداية, سواك؟
إنني ارجو أن تكوني قد استوعبت درس التجربة.. واستفدت بدروسها وأدركت أن الحياة الطبيعية ولو كانت أقل يريقا من الحياة الناعمة مع رجل كزوجك السابق.. فهي الأبقي والأدوم والأقرب إلي معني الزواج المشروع.. فلا تكرري هذه التجربة الخاسرة مرة أخري في حياتك, ولاتتطلعي إلا إلي من يتكافأ معك في السن والمستوي العائلي والاجتماعي والمادي, ويحرص علي تأبيد العلاقة الزوجية بينكما.. ويتلهف علي الانجاب منك ليستمتع بالحياة العائلية الطبيعية وممارسة احساس الأبوة, ويتيح لك التمتع بإحساس الأمومة واطمئنان القلب والثقة الآمنة في الغد.
مدونة بريد الجمعة مدونة إجتماعية ترصد أحوال الشارع المصرى والوطن العربى مدونة تتناول قصص, ومشكلات حقيقية للوطن العربى مثل: (ظاهرة العنوسة, الخيانة الزوجية, الخلافات الزوجية, التفكك الأسرى, الطلاق وآثاره السلبية على الأبناء, الحب من طرف واحد, مرض التوحد, الإبتلاءات من فقر ومرض وكيفية مواجهة الإنسان لها) ثم يعرض الموقع فى أخر كل موضوع رأى المحرر فى التغلب على هذه المحن
الأربعاء، ١ مارس ٢٠٠٠
التجربة الخاسرة!
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق