11-04-2003
أكتب إليك الآن وأنا جالس في سيارتي أنتظر عودة ابني الذي يبلغ عمره14 عاما وابنتي البالغة من العمر10 سنوات, من زيارتهما لأمهما في بيت والدتها, فأنا مهندس في التاسعة والأربعين لاأعرف في الحياة سوي الصلاة وطاعة ربي أولا, ثم عملي وبيتي وعلاقاتي الأسرية بعد ذلك, وقد بدأت بعد تخرجي في كليتي البحث عن الزوجة الملائمة ولم أوفق في العثور عليها حتي بلغت الثالثة والثلاثين من العمر, ثم اقترحت علي والدتي وأختي التقدم لإحدي قريباتي وهي فتاة ذات جمال لافت للنظر وتصغرني بـ16 عاما, فرفضت الفكرة في البداية لفارق السن.. لكنهما أقنعتاني بخطبتها وعلي ضوء ما تسفر عنه التجربة أتخذ قراري, وتعرفت علي هذه الفتاة بالفعل وكانت وقتها طالبة بالثانوية العامة وساعدتها في استذكار اللغة الانجليزية والرياضيات حتي حصلت علي الشهادة, وتزوجنا بعد اقتناعنا التام بأنه لا أثر لفارق السن علي تفاهمنا, وارتدت زوجتي الحجاب بعد الزواج ورزقنا الله بالولد ومن بعده بثلاث سنوات بالابنة, وبذلت قصاري جهدي لتوفير الحياة الكريمة لأسرتي فانتقلنا بعد خمس سنوات من زواجنا من مسكننا في الحي الشعبي إلي مسكن أجمل وأوسع في حي راق ـ واستبدلنا بالسيارة الصغيرة القديمة التي كنا نركبها سيارة كبيرة وجديدة, وطلبت مني زوجتي أن تكمل تعليمها في الجامعة المفتوحة وتحصل علي البكالوريوس ورحبت بذلك من منطلق الحب وإيمانا بأن أي تقدم تحققه زوجتي هو نجاح وتقدم لي أيضا, والتحقت بالجامعة المفتوحة وبدأت أقوم بتوصيلها إليها يوم الجمعة من كل أسبوع وأتركها لمحاضراتها وأصطحب ابني وابنتي وأتوجه إلي حديقة الحيوان إلي أن تنتهي الدراسة وأرجع إلي زوجتي ونعود كلنا إلي البيت.
وبعد فترة طلبت مني زوجتي التي علمتها قيادة السيارات أن تذهب بمفردها إلي الجامعة لأنها لم تعد كما قالت تلميذة صغيرة فوافقت علي ذلك ثقة فيها وحبا لها.
وفي عامها الأخير بالجامعة المفتوحة بدأت زوجتي تهملني كثيرا وتثير معي المشاكل العديدة وتفعل ما تعلم أنه يغضبني, ومنه المكالمات الطويلة حتي الثانية صباحا بدعوي أنها تذاكر بالتليفون مع زميلة لها.
وبدأ الشك يتسرب إلي نفسي في تغير مشاعر الزوجة التي أحببتها بكل جوارحي تجاهي, وبدأت أفتش خلفها في دولاب الملابس.. وتحت مرتبة السرير لعلي أجد شيئا يخرجني من حيرتي.. وعثرت بالفعل علي قنبلة فجرت بيتنا وحياتنا. فقد وجدت خطابات غرامية من زميل في الجامعة وصورا له مع زوجته وأطفاله قبل أن يطلقها, ومادت الأرض تحت أقدامي وواجهت زوجتي فادعت أن هذه الأوراق تخص صديقة لها تحمل نفس اسمها, ولم أصدقها للمرة الأولي في حياتي, وطلبت منها الامتناع عن الذهاب إلي الجامعة وفوجئت بها تقول لي إنها ستواصل تعليمها ولو أدي ذلك إلي الطلاق, وازدادت حدة المشاكل بيننا وطلبت زوجتي الطلاق مرارا وتكرارا وبإلحاح شديد, ورفضت, فبدأت تهرب من البيت وتختفي بصحبة الطفلين.. وأبحث عنها في كل مكان إلي أن أعثر عليها في شقة مفروشة تقطن بها وتخبرني زوجة البواب أن هناك رجلا يتردد عليها في هذه الشقة, ويقول إنه زوجها وتصفه لي فأجده هو نفسه صاحب الخطابات الغرامية!
وأدركت في النهاية أنه لا أمل في إصلاحها فاتفقت معها في حضور والدتها والمأذون علي الطلاق بشرط تنازلها عن حقوقها خاصة حضانة الابنين, كما طلبت منها رد الأموال التي أدخرناها معا في دفتر التوفير الخاص بها لغوائل الأيام, ووافقت علي كل ذلك وكتبت لي شيكا بالمبلغ وطلقتها.
وفي اليوم التالي للطلاق حررت لي زوجتي السابقة محضرا في قسم الشرطة زعمت فيه أنها قد تنازلت عن حضانة الأبناء تحت تهديد السلاح, وتحت ضغط معنوي شديد هو رغبتها في التخلص من الزواج. ولم أستسلم لهذه المحاولة وخضت معها صراعا طويلا في المحاكم وأقسام الشرطة حول حضانة الابنين وطلبها للنفقة ورد مبلغ الشيك, وبعد أربع سنوات من هذا الصراع المرير أنصفني القضاء وحكم لي بحضانة الابنين ورفض دعوي النفقة, كما حكم عليها بالحبس سنة مع الشغل في قضية الشيك, وكان ردها علي ذلك أن اختفت مع ابني وابنتي والعاشق صاحب الخطابات الغرامية والذي تزوجها بعد طلاقي لها. وبدأت تبعث إلي برسائل شفوية مع والدتها وشقيقاتها بأن أتنازل عن قيمة الشيك مقابل عودتها للظهور ورؤيتي لأبني وحاولت جاهدا حل المشكلة سلميا علي أساس تسليمي ابني تنفيذا لحكم المحكمة مع تعهدي لأسرتها بألا أبحث عنها بعد ذلك, وألا أسعي لإيذائها في مسألة الشيك. لكن كل المحاولات باءت بالفشل.. وتلقيت منها رسالة استفزازية تنصحني فيها بشرب ماء الأحكام القضائية التي حصلت عليها!
ووجدت أن الحل السلمي قد أصبح مستحيلا وأنني فقدت أعز ما أملك وهم ابناي, فلملمت شتات نفسي وعزمت علي خوض الطريق الصعب الذي جعلته مطلقتي الخيار الوحيد أمامي.. ولجأت إلي وزارة الداخلية وكتبت طلبا بسرعة تنفيذ حكم الحبس الصادر ضد زوجتي السابقة.. واستجابت السماء لدعاء المظلوم واهتمت الوزارة مشكورة بطلبي, واتصل بي مقدم من وحدة تنفيذ الأحكام تليفونيا ورتب معي خطة للبحث عن مطلقتي وابني, وبعد ثمانية أيام توصلنا لمكان وجودها في احدي المدن الجديدة وتم إلقاء القبض عليها وإيداعها السجن تنفيذا لحكم الحبس الصادر ضدها في قضية الشيك.. وبحثت عن ابني وابنتي حتي توصلت إلي المدرسة التي التحقا بها وتسلمتهما وسحبت أوراقهما من المدرسة ونقلتهما لمدرسة قريبة من مسكني, وصممت علي ألا أتنازل عن حكم الشيك, وأن أترك مطلقتي تقضي عقوبة السجن, بعد أن رفضت والدتها اعطائي قيمة الشيك, وأمضيت السنة التي غابت خلالها وراء الأسوار مع ابني وابنتي أقوم لهما بدور الأب والأم.. ووجدت صعوبة شديدة في التوفيق بين عملي الخاص وأعمال البيت وإعداد الطعام وخدمة الأبناء.. وتشتت طاقتي بين هذه وتلك, ولم أستطع حل المعادلة الصعبة بالحصول علي زوجة تقبل بتنشئة أبني وتتوافر فيها في نفس الوقت المواصفات التي أتمناها من جمال وحسن المظهر والثقافة والتعليم المناسب, فهل أجد لديك حلا لهذه المعادلة الصعبة مع العلم بأنني لن أتخلي عن ابني وابنتي مادمت حيا؟
ولكاتب هذه الرسالة أقول:
كان الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: رغبتك في زاهد فيك مذلة نفس, وزهدك في راغب فيك نقصان حظ.
ولقد تحققت هذه المقولة بشطريها في قصتك المؤلمة للأسف, فرغبت بشدة فيمن زهدتك وتحولت مشاعرها عنك ولم تتورع عن الغدر بك والارتباط بغيرك, وزهدت هي فيمن أحبها بكل جوارحه وسعي لإرضائها بكل السبل وأمل في أن ينشأ ابناه في ظلال حبه الغامر لها, غير أننا لا نختار أقدارنا بأيدينا, وإنما نملك فقط ألا نمتهن أنفسنا إذا أعرض عنا من أنت لهم احشاؤنا.. وأن نتعفف عن استجداء مشاعرهم أو الضغط عليهم لكي يواصلوا الحياة معنا. وفي تقديري أن فارق السن بينك وبين زوجتك السابقة لم يكن هو العامل الأساسي في نسج خيوط هذه القصة المؤسفة.. وإنما كان العامل الأهم هو صغر سنها عند ارتباطها بك وزواجها منك, فلقد تقدمت إليها وهي طالبة في الثانوية العامة لايتعدي عمرها الثامنة عشرة, لم يكتمل بعد نضجها العقلي والنفسي وتزوجتها بعد شهور, وبالتالي فلم يكن اختيارها لك هو الاختيار العاطفي الناضج الذي يصمد للزمن وللتحديات, ولهذا فسرعان ما ضعفت مناعتها أمام أول إغراء جدي تعرضت له في الجامعة المفتوحة.. ولم يشفع لك لديها حبك العارم لها والتزامك بها ولا التزامها هي بأبنيها في ألا تسقط في هاوية الخيانة والانسياق وراء الأهواء. ولم يكن هناك مفر في النهاية من التسليم بالحقيقة والاستجابة لطلبها الطلاق.. حتي ولو كنت قد تأخرت طويلا في الاستجابة لهذا الطلب, حتي بدأت مسلسل الهروب بالأبنين والاختباء في الشقق المفروشة حيث يزورها شريكها في القصة المخزية بلا حرج, فأما سعيك لاسترداد ابنيك من هذه السيدة بعد أن حكم لك القضاء بحضانتهما.. فلقد كان سعيا مشروعا وعادلا.. ولقد وفقك الله سبحانه وتعالي فيه, واسترددت ابنيك وضممتهما إلي رعايتك, غير أن اصرارك علي ألا تتنازل عن تنفيذ حكم الحبس فيها في قضية الشيك واستمساكك بأن تقضي مدة العقوبة كاملة وراء الأسوار بعد رفض والدتها أن تدفع عنها قيمة الشيك.. أمر يختلف فيه التقدير, ذلك أنك كنت تستطيع بعد أن استجابت السماء لدعاء المظلوم وعثرت عليها وعلي أبنيك ونجحت في استردادهما, أن تكتفي من العقاب بالقبض عليها واتخاذ الاجراءات الأولية ضدها.. ثم تتنازل عن تنفيذ الحكم فيها, ليس لأن هذه السيدة تستحق منك الصفح والعفو وإنما لأنها أم ابنيك في النهاية ولأنك بسجنك لها قد ألحقت بهما الأذي المعنوي وحرمتهما من أمهما عاما مظلما طويلا, وحفرت في ذاكرتهما أسوأ الآثار والذكريات في حين أن علاقتهما بها وعلاقتها بهما أبدية ولا مفر من تواصلها واستمرارها قبل الحبس وبعده.. بدليل أنك كتبت إلي رسالتك هذه وهما في زيارتها بعد الافراج عنها, فما ضرك إذن لو كنت قد أعفيتها حبا لهما وحرصا عليهما من هذه المحنة! خاصة وأنك قد سجنت أم ابنيك في قضية مادية تتعلق بالمال والحقوق المادية, وهو عذر أقبح من الذنب كما يقولون, ولم تسترد مالك ولم تجن نفعا ماديا من سجنها, والرحماء من البشر هم الذين يحاذرون دوما من أن يتجاوزوا حد الدفاع عن النفس واسترداد الحقوق المغتصبة إلي حد الأنتقام من الآخرين والتشفي فيهم.. والارتياح لإيذائهم واقتضاء رطل اللحم كاملا من أجسامهم كما في القصة الشهيرة, ويرددون دعاء العادل العظيم عمر بن الخطاب رضي الله عنه: رب قدرني علي من ظلمني لكي أجعل عفوي عنه شكرا لك علي قدرتي عليه!
ويتذكرون دائما أن كل إنسان ينفق مما عنده كما يقول لنا السيد المسيح عليه السلام.. ولقد كان اعفاؤها من عقوبة الحبس أمرا يليق بك كأب وكإنسان حتي ولو لم تكن تستحقه منك.
وأنت الآن يا سيدي تبحث عن حل للمعادلة الصعبة التي تواجهها.. وتتساءل ألا من سيدة تقبل بتنشئة هذين الابنين ورعايتهما بعطف الأمهات وتتوافر فيها في نفس الوقت المواصفات التي ترغبها في الزوجة وهي الجمال والثقافة والتعليم.. وأقول لك إنك قد نسيت ما هو أهم من كل هذه المواصفات وهو التدين والقيم الأخلاقية والفطرة الوفية المخلصة التي تنفر من الخيانة والغدر والإثم.., وهي معادلة ليست صعبة إلي الحد الذي تتصوره, ذلك أن من تتوافر فيهن هذه المواصفات الشاملة ويتطلعن للحياة الفاضلة الآمنة لسن قليلات لكني أخشي فقط ألا ترحب كثيرات منهن بالارتباط بمن لم يتنازل عن سجن أم أبنائه لأسباب مادية حتي ولو كانت قد أساءت إليه وإلي نفسها وأبنائها ولم تكن المثال الطيب للزوجة المخلصة.. والأم الحريصة علي سعادة أبنائها!
مدونة بريد الجمعة مدونة إجتماعية ترصد أحوال الشارع المصرى والوطن العربى مدونة تتناول قصص, ومشكلات حقيقية للوطن العربى مثل: (ظاهرة العنوسة, الخيانة الزوجية, الخلافات الزوجية, التفكك الأسرى, الطلاق وآثاره السلبية على الأبناء, الحب من طرف واحد, مرض التوحد, الإبتلاءات من فقر ومرض وكيفية مواجهة الإنسان لها) ثم يعرض الموقع فى أخر كل موضوع رأى المحرر فى التغلب على هذه المحن
الأربعاء، ١ مارس ٢٠٠٠
حــد الانتــقام!
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق