09-05-2003
أقرأ بابك منذ سنوات طويلة.. وقد شجعتني عدة رسائل علي أن أكتب إليك لأنفس عما في صدري, فأنا سيدة في السابعة والثلاثين من عمري, ومن أسرة محترمة تقدر العلم وتعتبره ثروتها الحقيقية في الحياة, وقد نشأت بين أبي الذي يعمل في التربية والتعليم ووالدتي ربة البيت الطيبة الحازمة الحنون التي تزوجت وهي صبية صغيرة.. وبعد أن أنجبت أبناءها الأربعة قررت أن تستكمل تعليمها ونهضت بهمتها العالية لتحصيل الدروس معنا.. وللمذاكرة لنا, ثم تدخل الامتحان من منازلهم وتنجح وتنافسنا في النجاح والتفوق, وقد التحقت أنا بكلية الطب وأحببت دراستي وسعيت للتفوق بها, حتي أصبحت من أوائل دفعتي طوال فترة الدراسة, ولم يعفني التفوق أنا وأختي في دراستنا من الالتزام بالنظام الحديدي الذي وضعته لنا أمي, فقد علمتنا كل شئون البيت والمطبخ, وحددت لكل منا أن تكون مسئولة في أحد أيام الأسبوع عن المطبخ.. وفي يوم آخر عن ترتيب البيت بالكامل, ولو كان امتحاننا في اليوم التالي, ومع اننا قد ضقنا في البداية بهذا الالتزام الصارم, خاصة أن صديقاتنا وزميلاتنا اللاتي نعرفهن لم يكن يقمن بأي شئ من ذلك في بيوتهن فإننا عرفنا لها قيمة هذا الفضل العظيم, خاصة بعد أن تزوجنا وأصبحت لنا أسر وبيوت.
وفي عامي الثالث بالكلية أعجبت بزميل يكبرني بثلاث سنوات يتسم بالهدوء وقوة الشخصية والاتزان ويعتز بنفسه وبعائلته, بالرغم من بساطتها ويفخر بأبيه الذي كان يعمل بالسكة الحديد وأحسن تربيته.. وبعد فترة فاتحني بإعجابه بي وسعدت جدا بمبادلته لي مشاعري, وعدت فرحة لأمي لأبلغها بما حدث, فعبرت عن قلقها لظروفه الاجتماعية وخشيتها علينا من أن نكرر قصة كفاحها المريرة في الحياة, لكني طمأنتها إلي أن المستقبل سيكون أفضل من الماضي بإذن الله.. وبذلت جهدا أكبر في الدراسة لأقنعها بأن لاشئ يمكن أن يؤثر علي دراستي وبعد تخرج حبيبي جاء إلينا مع والده واتفقنا علي إتمام الخطبة بدبلتين فقط.
وفي هذه السنة مرضت أمي وتم تشخيص مرضها علي أنه أورام حميدة, وتم استئصال الرحم لها, ونظرا لأن جدتي كانت قد عانت من قبل المرض اللعين, فلقد نصحنا الأطباء بإجراء فحوص الكشف المبكر عن الأورام وأجريناها لأمي ففوجئنا بوجود تغير في خلايا الثدي, وتم إجراء جراحة استئصال له بأكمله.. وبدأت أمي تحاول التأقلم مع حياتها الجديدة لكن شيئا كان قد انكسر في روحها.. وشعرت بالحزن من أجلها, فقد عاشت عمرها كله مكافحة مناضلة وفي تحد مستمر مع الزمن وتتحمل العبء الأكبر في تربيتنا, وقد خرجت للعمل بعد أن حصلت علي شهادتها الجامعية لتحقق ذاتها, وبدأت تغير ديكور البيت وتحقق للأسرة كل ما تمنته لها خطوة بعد أخري, فما أن تخطت مصاعب الحياة وبدأت شجرتها الوارفة تثمر ثمارها الطيبة حتي انكسرت بالمرض.
ورحت أخفف عنها وأبشرها بأجرها العظيم عند ربها.. وأصبحت المسئولة عن الفحص الدوري لها, ثم تخرجت في كليتي وعينت معيدة بها وبدأنا نجهز لزواجي بأبسط الإمكانات.. وكانت الخطبة قد استمرت ثلاث سنوات دون تقدم يذكر في التوفير, بالرغم من بذل خطيبي كل جهده في ذلك, فقامت والدتي بتجهيز أشيائي الخاصة.. وأهداني زوج خالتي شقة لكي أقيم فيها مؤقتا إلي أن تتحسن أحوالنا لأن كل ما يملكه خطيبي لا يكفي للحصول علي شقة في العشوائيات, وتم تجهيز الشقة المهداة لنا بأبسط وأجمل أثاث في نظري.. وقامت أمي الحبيبة بتفصيل فستان الزفاف لي وحصلت أنا وصديقة لي علي إجازة أسبوع من عملنا وقمنا بتطريزه فأصبح فائق الروعة والجمال.
وتم الزواج ووجدت زوجي انسانا مهذبا حلو العشرة وهادئ الطباع, ويبذل كل ما في وسعه لإسعادي.
لكني وجدت الحياة التي تبدأ من الصفر صعبة للغاية وتحتاج إلي كفاح وصبر.. ولم أعرف أنني كنت أعيش في رفاهية في بيت أبي وأمي, إلا حين أصبحت مسئولة عن بيت لا دخل له إلا مرتباتنا الضئيلة.. ومع ذلك فلقد كانت الحياة سعيدة بالحب والتعاطف برغم صعوبتها.. وكلما زرت أسرتي كل أسبوع احتفلت بي أمي وكأني قادمة إليها من البادية.. وأعدت لنا أفخر الطعام وأشهاه, ورقدت إلي جواري في الفراش تسألني عن أحوالي, فأؤكد لها أنني أسعد إنسانة في الدنيا.. فتنظر إلي آثار الإجهاد في وجهي.. ويظهر عليها الإشفاق وتروي لي كل أحداث الأسبوع حتي استغرق في النوم إلي جوارها وأنا أشعر بالأمان والراحة.
وبدأت أحضر لدراسة الماجستير وأنجبت أولي بناتي وحصلت أنا وزوجي علي الدرجة العلمية وعينت مدرسا مساعدا بكلية الطب, وعين زوجي بوزارة الصحة.
وكان أخوتي قد تخرجوا جميعا في كلياتهم وتزوجوا وسافروا إلي إحدي الدول العربية للعمل, فكانت أمي تزورهم بانتظام وتقضي لدي كل منهم عدة أشهر.. وهي سعيدة بالتنقل بين فروع شجرتها المثمرة, وأصبحت هي المسئولة عن متطلباتهم في مصر.. كما كانت طوال عمرها المسئولة عنها وهم صغار, فهي التي توفر السكن اللازم لهم وتشرف علي تشطيبه وتشتري الأرض لمن أراد والصيدلية.. وتضع نقودهم بالبنك, وبفضلها بعد الله سبحانه وتعالي حفظت لهم مالهم, وراحت في نفس الوقت تبحث لي ولزوجي عن فرصة عمل مناسبة لتخصصاتنا في الخارج, بعد أن ازدادت علينا مطالب الحياة, وحين تأخرت الفرصة أقنعت أخوتي بإرسال مبلغ لي كسلفة لدفع مقدم شقة وعلينا أنا وزوجي سداد أقساطها, وأقنعت زوجي بقبول المبلغ وهي تحدثه عن أهمية أن يعين القادرون من الأخوة بقية أخوتهم الذين لم ينالوا حظهم بعد من الاستقرار المادي, فيردوا لهم دينهم في أوقات اليسر إلخ.. وما أن قبل زوجي ذلك حتي كان أخي قد وفر لنا فرصة عمل بأحد المستوصفات في بلد مجاور, وسافرت أنا وزوجي إليه لمدة عامين ونصف العام.. ورزقنا الله خلال هذه الفترة بابنتي الثانية.. واستطعت إحضار أمي لتقيم معي بعض الوقت كما كان أخوتي يفعلون معها وسعدت بها كل السعادة.. وكعادتها في الاهتمام بكل أمورنا فلقد اشترت لنا أمي شقة جميلة وقامت بتشطيبها, وتركت زوجي يواصل عمله في الدولة المجاورة ورجعت إلي مصر وأقمت في الشقة الجديدة وبدأت أعد للدكتوراه ولم أوفق في أول امتحان لها, وفوجئت بأنني حامل للمرة الثالثة.
ويبدو أنني قد تملكني بعض الضيق من تحملي لمسئولية البيت والأطفال والدراسة وحدي وتساءلت لماذا لا أحصل علي شئ في الحياة بسهولة أبدا.. فأراد الله سبحانه وتعالي أن ينبهني من غفوتي.. فإذا بي وأنا في الشهر السادس من الحمل أحس بشئ في صدري, فانقبض قلبي وكتمت الخبر عن أمي, وذهبت للمستشفي الذي أعمل به وأخذوا مني عينة وهم يطمئنونني لكن النتيجة جاءت مخيبة للآمال.. وتصورت أمي أنني مرهقة من أثر الدراسة للدكتوراه وفشلي في امتحانها الأول, فراحت تهدئني وتشجعني لكني صارحتها بنتيجة العينة وليتني ما فعلت.. فلقد انهارت أمي الحبيبة وحزنت حزنا شديدا حتي بدأت الأورام تنشط في جسمها من جديد, ونحن مشغولون بدوامة مرضي.
ودار جدال طويل بين الأطباء حول مصير حملي وهل يتم إنزاله علي الفور لأن هرمونات الحمل قد تساعد علي انتشار المرض.. أم هل يتم الانتظار عليه, وبذل أصدقائي في العمل ورئيس قسمي وأساتذتي جهودهم معي لإخراجي من الرعب الذي كان يملأني.. ووقف زوجي وحبيبي إلي جواري وأعطاني المزيد من الحب والحنان, وقد ضاعف المرض من حبه لي عشرات الأضعاف, وبعد استشارة أطباء فرنسا بالفاكس, اتفقت آراء الأطباء مع رد الأطباء الفرنسيين علي استمرار الحمل حتي الأسبوع السادس والثلاثين, وجاءت هدية السماء بعد تحليل الورم, حيث تبين أنه لا يتأثر بهرمونات الحمل, وجاءت جائزة السماء بأن أنجبت طفلا جميلا معافي بالرغم من نزوله مبكرا عن موعده بعد إجراء عملية الاستئصال, وحمدت الله كثيرا علي ذلك ودخلت امتحان الدكتوراه للمرة الثالثة ونجحت بفضل الله وفضل أساتذتي جزاهم الله عني خيرا وأكملت العلاج.
وفي هذا الوقت تنبهت إلي أن أمي قد بدأت تشعر بآلام في العظام والصدر فأجرينا لها التحاليل والفحوص وفوجئت بانتشار المرض مرة أخري, وشعرت شعورا قاتلا بالذنب تجاهها لأنني السبب في مرضها.. وفي بعث النشاط فيه حين صدمتها بمرضي وحزنت من أجلي.
وبدأت معها مشوارا طويلا من العلاج.. وأنا أشعر بآلامها هذه المرة أكثر من أي وقت سابق بعد أن تجرعت عذاب نفس هذا العلاج من قبل, واصطحب أخي الأكبر أمي إلي فرنسا وعرضها علي الأطباء هناك وأعدوا خريطة العلاج لتنفذها في مصر.
وبدأت حالتها تتحسن تارة.. وتسوء أخري.
وكان زوجي قد طلب مني أكثر من مرة أن ألحق به للعمل معه في نفس المكان بعد أن ضاق بوحدته هناك, فترددت بين البقاء إلي جوار أمي والاستجابة لنداء زوجي, وعلمت أمي بالأمر.. فراحت تحثني علي انتهاز الفرصة للعمل وجمع الشمل وتؤكد لي أنها قد أصبحت بخير وأن شقيقي سينهي عمله في الخارج ويرجع للإقامة بالقرب منها.. ولست أدري هل اقتنعت بما قالته لي أم أنني أردت الاقتناع به لكي ألحق بزوجي, وعلي أية حال فقد سافرت إليه, وبرغم سعادتي باجتماع شمل أسرتي الصغيرة فإن حالتي النفسية ساءت إلي درجة اللجوء للعلاج النفسي, وساعد علي ذلك أن أخي تأخر في العودة وخلت الدنيا علي أمي وكل أبنائها خارج مصر, وليس إلي جوارها سوي والدي وأخوتها.
ثم عادت أختي في إجازة وتابعت معها خريطة العلاج.. ورحت أنا وأخوتي نتصل بالأطباء في مصر وفرنسا للمشورة.. وجاء أخي الآخر فاصطحب أمنا إلي فرنسا من جديد لاستشارة الأطباء لكن المرض إزداد انتشارا ولم يعد يستجيب للعلاج.
ورجعت أمي لمصر ودخلت العناية المركزة فعدت إلي مصر لزيارتها, وبعد فترة تحسنت حالتها فاتفقت مع أخوتي علي أن نتناوب العودة لمصر لرعاية أمنا كل شهرين مرة, بحيث لاندعها وحدها أبدا, ورجعت إلي زوجي وأولادي علي أن يحل دوري معها بعد شهرين, ورجع أخي الأكبر لمصر وسافرت أختي الصغري لزوجها وأولادها.. ثم تدهورت حالتها فجأة ودخلت المستشفي وأبلغني زملائي أن حالتها خطيرة.. فبدأت الاستعداد للعودة لمصر وحجزت للسفر ثالث يوم لدخولها المستشفي.. وقبل موعد الطائرة عاد زوجي إلي البيت وبغير أن ينطق بكلمة واحدة قرأت في عينيه الخبر, وأدركت أن أمي التي كرست حياتها كلها لنا من البداية للنهاية قد رحلت عن الحياة وهرولت عائدة لمصر فلحقت بموكبها الأخير وهو في المسجد رحمها الله. وركبت إلي جوارها في العربة وأنا أبكي وأدعو لها بالرحمة والمغفرة وأطلب منها أن تسامحني علي تقصيري في حقها.. وخذلاني لها.. وبعدي عنها وهي في لحظاتها الأخيرة.. فلقد ظننت أن العمر سيطول بها إلي أن أرجع إليها.. ولم أعرف أنني لن أراها مرة أخري.. ورحت أقارن بين عطائي القليل لها وعطائها الغامر لي ولاخوتي, فأجد التقصير من جانبي, وأجد العطاء الدافق طوال العمر من جانبها.. وأشعر بالأسي من أجلها, ولقد مرت شهور وشهور علي رحيلها عن الحياة ومازال إحساسي بالذنب تجاهها يؤرقني, ليس فقط لتقصيري في حقها وإنما أيضا لشعوري بمسئوليتي عن تجدد مرضها.. لقد كتبت لك رسالتي هذه لعل نفسي ترتاح قليلا بالاعتراف, أو لعلي أجد عندك بعض ما يريحني.
ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
مهما قدمنا لآبائنا وأمهاتنا فلسوف نشعر دائما عند رحيلهم عن الحياة وغيابهم الأبدي عنا بالحسرة, لأننا لم نقدم لهم أكثر مما سمحت به ظروفنا, ولسوف نشعر دائما بأننا كنا نستطيع أن نفعل لهم الكثير والكثير فلم نقدم لهم إلا أقل القليل, وتختلط لدينا مشاعر الحزن عليهم بمشاعر الذنب تجاههم.. ومشاعر الاحساس بفقدان النصير من بعدهم.. وتتفاعل في أعماقنا كل هذه المشاعر فنجلد النفس بها لفترة من الزمن إلي أن تهدأ الأحزان.. وتندمل الجراح تدريجيا, أنه احساس حارق يلسع من يكابده عند فرقة الأعزاء ولا يكاد يخلو منه ابن بار أو ابنة بارة تجاه أبويهما عند رحيلهما أو رحيل أحدهما عن الحياة, وهو علامة صحة لأن الأجساد الحية وحدها هي التي تستشعر الألم في حين تنجو منه الأجساد الهامدة, فلا تشعر به ولا تكابده... وكذلك الحال مع الضمائر. فإذا كانت حية فلسوف تستشعر الألم في مثل هذا الموقف, ولسوف يشعر أصحابها بأن كل عطاء قدموه للأب أوالأم قبل رحيلهما عن الحياة هو, دون ما يستحقه كل منهما منهم.. غير أننا نعرف علي الناحية الأخري أن عطاء الأم الحنون والأب الرحيم لابنائهما لايمكن أن يكافئه عطاء من جانب الأبناء ولو بذلوا أرواحهم في سبيلهما.. ولقد جاء في الأثر أن رجلا قد روي للرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه أنه قد أبر أباه وأمه وأحسن رعايتهما.. فهل أدي إليهما بذلك حقهما عليه؟ فأجابه الرسول صلوات الله وسلامه بما معناه: ولا حتي بعضه!
ولهذا فلسوف نظل نشعر دوما ببعض التقصير تجاه آبائنا وأمهاتنا حتي ولو كنا قد تركنا كل أعراض الدنيا وجلسنا تحت أقدامهم لنكون رهن اشارتهم.
ولا عجب في ذلك ياسيدتي فبحر البر بلا شطآن, وليس علينا في النهاية سوي أن نجتهد لأداء حقوق الأعزاء علينا قدر الجهد والاستطاعة.. وألا نؤجل واجبا إنسانيا تجاههم اعتمادا علي اطمئنان الغافلين بأنهم سيكونون في الجوار دائما لكي نعوض ما فاتنا من حقهم علينا في أي وقت.
فإذا كنت تستشعرين بعض التقصير تجاه والدتك الراحلة فلأن لك ضميرا حيا يستصغر كل عطاء قدمته لها, غير أنك لم تقصري في الحقيقة في أداء واجبك الانساني تجاهها, ولا اخوتك قد قصروا أيضا في ذلك.. فلقد أسعدتم قلبها كثيرا بوفائكم لها وبركم بها, ونجاحكم في الحياة واستقراركم في بيوتكم الصغيرة.. واشعرتموها أن شجرتها الوارفة التي ظللتكم بالحب والحزم والرعاية قد أثمرت أجود الثمر, وكانت زياراتها لبيوتكم في الغربة تتويجا لكفاحها في تنشئتكم علي الأخلاق الحميدة والقيم الدينية والأخلاقية وحثكم علي النجاح والتفوق وتحقيق أهدافكم في الحياة, ثم كان تكاتفكم معها في فترة مرضها وتناوبكم رعايتها والاهتمام بأمرها حصادا طيبا لغرسها الطاهر فيكم وكفاحها الشريف في الحياة من أجلكم, فاصطحبها أخواك واحدا بعد الآخر إلي فرنسا للعلاج.. وتجمعتم حولها في مرضها أكثر من مرة قبل أن تتفقوا علي تناوب العودة لمصر لرعايتها والبقاء إلي جوارها إلي أن يرجع الآخر ويتسلم الراية من أخيه أو أخته, وليس في ذلك تقصير في حقها.. وإنما هي محاولة لتحقيق العدل بين حقها عليكم وحقوق أزواجكم وزوجاتكم وأبنائكم الذين يقيمون خارج مصر عليكم.
فأما إحساسك بالمسئولية عن تجدد مرضها بعد أن علمت منك بمرضك واشتد بها الأسي عليك, فليس له ما يبرره أيضا, فتجدد المرض ـ كما لابد انك تعرفين ـ أقدار مقدورة لاحيلة لأحد فيها ولا لوم لأحد عليها.. ولقد كانت له كذلك أسبابه العضوية التي لم تكن تحت سيطرتك أو سيطرة أحد غيرك.
فتخلصي من إحساسك بالذنب تجاهها وتقصيرك في حقها.. لكيلا تستسلمي للاكتئاب وجلد النفس بلا طائل, وأكثري من الدعاء وقراءة القرآن لها والتصدق علي روحها.
وكرري رسالتها في الحياة مع أبنائك فكوني لهم الشجرة الوارفة التي يستظلون بها من هجير الحياة وتحميهم من صواعق القضاء كما كانت أمكم بالنسبة لكم.. وحافظي علي علاقات التراحم السائدة بينك وبين اخوتك.. واستوصي خيرا بوالدك الذي أصبح وحيدا من بعد أمكم..
ففي ذلك كله ما يسعد روحها الخيرة وهي في العالم الأفضل, ويحيي ذكراها في نفوسكم دوما ويؤكد للجميع أن غرسها الطاهر مازال يؤتي ثماره الطيبة جيلا بعد جيل إن شاء الله.
مدونة بريد الجمعة مدونة إجتماعية ترصد أحوال الشارع المصرى والوطن العربى مدونة تتناول قصص, ومشكلات حقيقية للوطن العربى مثل: (ظاهرة العنوسة, الخيانة الزوجية, الخلافات الزوجية, التفكك الأسرى, الطلاق وآثاره السلبية على الأبناء, الحب من طرف واحد, مرض التوحد, الإبتلاءات من فقر ومرض وكيفية مواجهة الإنسان لها) ثم يعرض الموقع فى أخر كل موضوع رأى المحرر فى التغلب على هذه المحن
الأربعاء، ١ مارس ٢٠٠٠
الشجرة الوارفة!
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق