الأربعاء، ١ مارس ٢٠٠٠

الســجن المظــلم‏!‏

19-09-2003
أنا سيدة في مقتبل العمر ولاتزيد سني علي‏23‏ عاما‏,‏ تزوجت وأنا في السادسة عشرة من قريب لي ولم يدم الزواج طويلا بسبب عدم توافقنا فطلقني بعد ثلاثة أشهر فقط‏,‏ ورجعت إلي بيتي فإذا بي اكتشف أنني قد عدت إلي جحيم لم أكن اتصوره‏,‏ فلقد عاملني أبي معاملة السجان للسجين بالرغم من أنني ابنته الوحيدة‏,‏ وبالرغم من أنه لاذنب لي في زواجي ولا في طلاقي‏,‏ فهو الذي قرر زواجي وهو الذي قرر طلاقي ولم أملك إلا التنفيذ‏,‏ لكنه حرمني من الخروج إلي أي مكان ومنعني من استقبال صديقاتي أو حتي الكلام معهن‏,‏ واجبرني علي التوقف عن الدراسة‏,‏ وكل ذلك لأنني مطلقة وأصبحت عبارته المؤلمة كلما رفض لي طلبا هو‏:‏ لأنك الآن مطلقة وليس للمطلقة أن تري أحدا أويراها‏,‏ حتي اشعرني بأنني عار أو شنار ينبغي التكتم عليه‏,‏ وبعد ثلاث سنوات من العيش في هذا الجحيم تقدم لخطبتي رجل طيب يكبرني بـ‏23‏ عاما وله ولدان من مطلقته‏,‏ ورفضه أبي‏,‏ لكني صارحت أمي بأنني استرحت إلي شخصيته ورأيت فيه صورة الأب الحنون‏..‏ والملاذ الذي أهرب إليه من جحيم حياتي‏,‏ ولهذا فإنني أريد أن اتزوجه‏,‏ فضغطت هي وأهلي علي أبي حتي قبل كارها بزواجي منه‏,‏ وانتقلت إلي بيته ووجدته إنسانا كريما وقلبا حنونا وعقلا متفتحا‏,‏ وعشت معه أجمل أيام حياتي كأنما يدري بما تعرضت له ويريد تعويضي عنه‏,‏ وتضاعف مع الأيام حبي له ولابنيه‏,‏ غير أن السنوات مضت ولم تبد علي بوادر الحمل‏..‏ وراح زوجي يؤكد كل يوم أنه لا يطيق أن يحرم من أن تكون له طفلة جميلة تملأ البيت بهجة وحنانا‏,‏ فلم أقصر في عرض نفسي علي الأطباء علي مدي سنوات‏,‏ وانفقت الكثير علي الأدوية باهظة الثمن دون جدوي حيث لم أحمل في زواجي الأول ولا في زواجي الثاني‏,‏ فتوقفت عن العلاج ليأسي وعجزي عن تحمل تكلفته دون عائد‏,‏ وقال الأطباء إنني أعاني مشكلة في التبويض‏.‏
وبسبب توتر زوجي وترقبه بغير صبر لحملي وبسبب ما اعانيه من احباط ويأس كثرت المشكلات بيني وبينه‏,‏ وفي كل مشكلة يفتعلها معي يعايرني بعدم انجابي ويثبط روحي بقوله إنني لن أحمل أبدا حتي نهاية العمر‏,‏ ويشعرني دائما بأنه علي وشك الإقدام علي طلاقي‏,‏ حتي أصبحت في كل مرة يغادر البيت فيها بعد الخلاف يخيل الي انه ذاهب إلي مكتب المأذون‏,‏ فإذا به يعود معتذرا ونادما كما أنه يطعن مشاعري في أعماقها حين يكرر علي أنه خائف علي ولديه مني‏,‏ لأنني لم أخبر تجربة الأمومة ولا اقدر قيمة الابناء الغالية‏,‏ مع أن ولديه يحبانني كثيرا ولا ينادياني في البيت أو خارجه إلا بالكلمة الحبيبة ماما‏,‏ كما أنني قد تعلقت بهما بجنون واحبهما كثيرا واحنو عليهما حنو الأم الطبيعية علي فلذات كبدها‏.‏
لكني أخشي أن يطلقني زوجي وأعود بالخيبة والفشل إلي سجن أبي المظلم خاصة أنه هذه المرة لن يرحمني‏,‏ لأنه قد كان لي دور في اختيار العريس‏,‏ وإذا حدث لاقدر الله ما أخشاه فهل سيفكر أحد في التقدم للزواج من مطلقة مرتين خلال‏7‏ سنوات؟‏!‏
إنني أحب زوجي بعمق برغم فارق السن بيننا ولا أريد أن افترق عنه‏,‏ لأن الفراق هو الموت بالنسبة لي‏,‏ وأرجو منك أن تدعوه إلي الصبر والقبول بقضاء الله وقدره‏,‏ وتؤكد له أنه لاذنب لي في عجزي عن الإنجاب وان كل شيء بأمر الله وسلطانه‏,‏ وليس بيد أحد من البشر‏,‏ كما أرجو أن تناشد السادة الأطباء المتخصصين في مثل حالتي من أصدقاء بابك‏,‏ أن يساعدني أحدهم علي العلاج وإرضاء زوجي والحفاظ علي بيتي الجديد‏,‏ بدلا من أن أتعرض للخراب والدمار للمرة الثانية‏..‏ فهل تفعل ياسيدي؟

ولكاتبة هذه الرسالة أقول‏:‏
حقا وصدقا‏,‏ إن الإنسان لربه لكنود صدق الله العظيم الآية‏6‏ العاديات‏.‏
رجل مطلق يكبر عروسه بـ‏23‏ سنة ولديه ولدان‏,‏ ويجد عروسا شابة ترحب به وترعي ولديه وتتفاني في حبهما ورعايتهما علي حد قولها‏,‏ ثم يفكر في تدمير مثل هذا الزواج لأنه يحلم بأن تكون له طفلة جميلة بعد أن رزقه الله بالولد؟
أليس هذا هو البطر وقصر النظر والانشغال بالأمل البعيد عن الحاضر الموجود؟ أو لم يقل بعض الصوفية إن الشيطان ليمني الإنسان بالمفقود لينسيه الشكر علي الموجود‏.‏
ثم متي تحققت للإنسان كل رغائبه وامنياته في الحياة ولو كان من الاباطرة؟ لو استجاب الله سبحانه وتعالي لرجائك لحق لك أن تسعد وتشكر وتشعر بأنك قد حققت أهدافك في الحياة‏,‏ لكنه لايحق لك السخط والتذمر أن حجب عنك سبحانه وتعالي ما تتلهف عليه‏,‏ فلقد وهبك الكثير والكثير واخذ بيدك إلي بيت هذه الفتاة الصغيرة فتقع في نفسها موقعا طيبا وتضغط علي أهلها للقبول لك‏,‏ فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان‏,‏ وكيف وأنت الرجل الرشيد تعير زوجتك بما لاذنب لها فيه‏,‏ ولا حيلة لها معه‏,‏ أو لم تعرف مضمون الحديث الشريف الذي يقول ما معناه‏:‏ لا تشمت في أخيك فيعافيه الله ويبتليك‏.‏
واين ستجد زوجة أخري تقبل بك مطلقا مرتين وذا ولد وطلق زوجته الثانية رغما عن ارادتها لا لشيء ينكره علي خلقها أو دينها أو طبعها‏,‏ وإنما لأن الله سبحانه وتعالي قد حرمها من الإنجاب‏,‏ ومع أن الطريق مازال طويلا أمامها ولقد يعفو عنها ربك الكريم في أي مرحلة من العمر ولمدة‏12‏ أو‏13‏ عاما مقبلة بإذن الله‏.‏
إن الحق الوحيد الذي تملكه في هذا الصدد هو ان تسأل الله سبحانه وتعالي أن يمن عليك بما ترجوه‏,‏ فلقد قال الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه‏:‏ لايزال يستجاب للعبد مالم يدع بإثم أو قطيعة رحم مالم يستعجل‏,‏ فقيل له‏:‏ وما الاستعجال يارسول الله؟
قال‏:‏ يقول قد دعوت‏,‏ وقد دعوت فلم آره يستجيب إلي فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء‏.‏
فتوجه بقلبك ومطلبك إلي المعطي المنعم الوهاب جل في علاه‏..‏ واعف زوجتك من حسابها عما لم ترده لنفسها‏..‏ وتأمل بقية جوانب حياتك لترضي علي النعم الجليلة العديدة المحيطة بك والتي توشك أن تبددها الآن بقصر النظر والانحصار في رغائبك وامنياتك دون كل الاعتبارات‏,‏ وتذكر قوله سبحانه وتعالي في الآية‏9‏ من سورة هود‏:‏
ولئن اذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليئوس كفور صدق الله العظيم‏.‏
أما أنت يا سيدتي فاتصلي بــ بريد الأهرام ظهر الأحد لترتيب العلاج الذي تحتاجين إليه وبغير أن تتكلفي شيئا من اعبائه بإذن الله‏.‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق