18-04-2003
أنا طبيب في الثانية والأربعين من العمر نشأت في أسرة بسيطة وشققت طريقي في التعليم معتمدا علي نفسي وكفاحي لتوفير نفقات الدراسة من خلال العمل في الاجازات الصيفية إلي أن تخرجت وعملت وبدأت ألتقط أنفاسي, وبعد عامين من تخرجي وقعت في هوي زميلة لي حاولت الاقتراب منها فلم تبد أي تجاوب تجاهي, وعلمت من زملائي أنها من أسرة كبيرة وتحيا حياة اجتماعية لامعة, ونصحني أكثر من زميل بأن أصرف نظرا عنها لأنها كما سمعوا متكبرة ومغرورة بأسرتها ومالها.. لكن كيف للقلب الذي لم يخفق من قبل أن يستجيب لنداء العقل.., لقد استولت علي عقلي وقلبي.. وشاع بين الزملاء أنني متيم بها وأنها لا تعيرني أدني اهتمام, ولم يدفعني ذلك لليأس منها.. فرحت أختلق الأسباب للحديث معها.. ومجاملتها.. فكانت تعاملني في بعض الأحيان بجفاء.. وفي أحيان أخري بشيء من الرقة.., وبعد شهور طويلة من ملاحقتها وامتهان نفسي في طلب مودتها كلفتني بمساعدتها في إعداد بحث كانت تقوم به, فسعدت كثيرا بذلك.. وبذلت كل جهدي في إعداد المطلوب من أرقام وإحصائيات, وطفت علي الجهات المختصة لإحضار البيانات اللازمة فكانت مكافأتي ابتسامة صغيرة وكلمة شكرا!
وتصورت أن ما حدث قد قرب بيننا.. لكني فوجئت بها تعود إلي جفائها معي.. واستمر الحال علي هذا النحو بضعة أسابيع, ثم طلبت مني أداء خدمة أخري لها.. وأديتها بحماس فشكرتني. ورجعت إلي جمودها وتحفظها من جديد, واستقرت العلاقة بيني وبينها علي هذا النحو أكثر من عامين.. أحترق لكي أظفر منها بلفتة عاطفية أو كلمة تطمئنني إلي أن لي نصيبا من قلبها.. وهي تواصل جمودها معي إلا إذا احتاجت إلي تكليفي بعمل أو خدمة, وشكوت حالي لأستاذي الذي أعمل معه.. فوعدني بأن يحاول إقناعها بقبول خطبتي لها.. وأبلغني بعد أيام أنه قد بذل كل ما في وسعه معها لكنها لم تستجب وأن رأيه الشخصي هو أنها مرتبطة بغيري ولا تفكر في علي الإطلاق!
وتلقيت الصدمة حزينا.. وحاولت بعد ذلك تجنب رؤيتها بقدر الإمكان وعرفت بعد قليل أنها قد خطبت لشاب ثري من أسرة كبيرة وتوالت الأحداث بعد ذلك متسارعة فتزوجت وسافرت مع زوجها في اجازة شهر العسل إلي إسبانيا ورجعت إلي العمل وقد ازدادت تكبرا وترفعا!
وخلال هذه الفترة حاولت إقناع نفسي بالتفكير في غيرها, فبدأت أتلفت حولي دون جدوي, وراحت أمي تضغط علي لكي أتزوج قبل أن يسرقني العمر.. وترشح لي كل حين فتاة جديدة, فوافقت علي خطبة فتاة من الأقارب البعيدين.. وتمت الخطبة وبدأنا ننشغل بالإعداد للزواج.. ووجدت في ذلك شواغل جديدة وبهجة, ثم ذهبت إلي العمل ذات يوم فرأيت زميلتي تركن سيارتها الحديثة وتنزل منها والتقت عيوننا فحييتها فردت التحية بابتسامة صغيرة, وتركتها في طريقي للعمل ففوجئت بها تناديني وتطلب مني الاقتراب فنظرت إلي طويلا ثم سألتني فجأة: أمازلت تحبني؟ واحمر وجهي خجلا وتلعثمت ولم أعرف بماذا أجيب.. فرجعت إلي سيارتها وقالت لي بلهجة آمرة: أركب! ووجدتني أستجيب لها بلا تفكير وقادت سيارتها إلي كازينو قريب علي النيل.. وروت لي أنها علي وشك الانفصال عن زوجها لأنها لم تجد السعادة معه.. وأن تجربتها قد علمتها أن من الأفضل لها أن تتزوج شابا يحبها ولو كان عادي الامكانات.. من أن تتزوج ثريا لا يحبها بنفس القدر.., وكالمسحور وجدتني أقول لها إنني مازلت أحبها وأتمني زواجها.. ونسيت في غمرة ذلك أنني خاطب فتاة أخري أستعد للزواج منها.. وأن هذه الزميلة لم تحفل بي ولا بمشاعري طوال السنين الماضية, وانتهت الجلسة باتفاق بيني وبينها علي أن أفسخ خطبتي.. وأن نتزوج بمجرد انقضاء عدتها بعد الطلاق وإنهاء مشاكلها مع زوجها.
وصارحت أستاذي بما حدث.. فتشكك في نيات زميلتي هذه.. وطالبني بعدم فسخ خطبتي والتروي إلي أن يستجلي الحقيقة.. وقال لي بعد أيام إنه قد عرف أن زميلتي هذه قد حصلت علي الطلاق بالفعل من زوجها بعد مشاكل مادية شديدة معه.. وأنها خرجت من هذه الزيجة بنصيب الأسد, حيث كانت قد أجبرت زوجها قبل الزواج علي أن يكتب لها الشقة باسمها.. ففازت بالشقة والأثاث وكمية كبيرة من المجوهرات فضلا عما أستنزفته من ماله خلال الزواج, وكذلك قطعة أرض صغيرة للبناء اشتراها باسمها! وجدد نصيحته لي بالابتعاد عنها لأنها علي حد تعبيره غول لا أستطيع الصمود أمامه.. لكن كيف للمسحور أن ينجو من الساحر..
لقد مضيت في الطريق الذي حذرني منه أستاذي.. وفسخت خطبتي رغم ثورة أمي وأهلي, ودموع قريبتي التي لا ذنب لها في شيء, وتقدمت لخطبة زميلتي الفاتنة.. واستجبت لكل مطالبها.. وأرهقت نفسي بتقديم شبكة باهظة الثمن ومهر فوق احتمالي.. ولم تنل الشقة التي كنت قد حصلت عليها خلال السنوات الماضية رضاءها.. فبعتها ودفعت ثمنها كمقدم لشقة أخري لائقة وكبلت نفسي بالأقساط والديون والشيكات المؤجلة.. وعملت في ثلاث جهات في وقت واحد لكي أستطيع الوفاء بالتزاماتي وتزوجنا في شقتها بصفة مؤقتة إلي أن ينتهي إعداد شقتي.. ونعمت بالسعادة التي كثيرا ما حلمت بها معها.. ولم أتوقف أمام أسلوب الحياة الذي فرضته علي منذ اللحظة الأولي.. حيث أشعرتني من البداية إنها قائدة السفينة.. وأن الزوج المحب هو الزوج المطيع الذي لايعترض علي أي شيء.. ولا يرفض أي طلب لزوجته.. وحرمت علي أمي وأخوتي وأهلي دخول بيتي.. ورفضت أية صلة لها بهم.. في حين أدخلتني دائرتها العائلية من اليوم الأول.. وفرضت علي زيارة أفراد أسرتها وأقاربها.. وتبادل المجاملات معهم واستجبت لكل ذلك طائعا أو مرغما.. وعشنا ثلاث سنوات ولم ننجب لأنها رأت تأجيل الحمل إلي مرحل
ة لاحقة.. وفي عامنا الرابع أتيحت لي فرصة العمل في الخارج وكانت مغرية فسألتها عن رأيها فشجعتني علي السفر علي أن تلحق بي فيما بعد.. وسافرت علي أمل أن يجتمع شملنا بعد أسابيع, فمضت شهور قبل أن تحضر في زيارة لمدة أسبوعين.. وصارحتني بأنه من الأفضل لنا أن أبقي في الغربة بضع سنوات علي أن نلتقي في الإجازات كل6 أشهر, لكي أستطيع ادخار مبلغ نبدأ به معا مشروعا يؤمن مستقبلنا في مصر.. ووافقتها علي رأيها.. وبدأت بعد ذلك أحول إليها معظم مدخراتي لكي تشتري أرضا لإقامة المشروع.. ثم لمستلزماته.. وأمضيت في الغربة8 سنوات طويلة لا أري زوجتي خلالها إلا في الإجازات ثم رجعت إلي بلدي وعملي.. وبدأت أستعد لبدء المشروع الذي وضعت فيه كل مدخراتي.. وساهمت فيه زوجتي بأقل من ربع تكلفته, فوجدت كل أوراق المشروع باسمها دون أسمي ولفت نظرها إلي أننا نحتاج إلي تصحيح الأوراق بحيث يكون لي75% من المشروع ويكون لها25% منه وفقا لما دفعه كل منا فيه, فماطلت في تنفيذ ذلك, وتعجلتها فصارحتني ببرود بأن المشروع سيظل باسمها لأنها هي التي بذلت الجهد الأكبر في إقامته, كما أنها صاحبة الفكرة, ومادمنا زوجين فلا داعي لتغيير الأوراق لأن ما تملكه الزوجة يملكه زوجها بالتبعية! وشممت رائحة الغدر في حديثها.. فأصررت علي تعديل الملكية بما يتفق مع ما دفعه كل منا في المشروع, وأصرت هي علي الرفض.. وكشفت لي عن الوجه الذي حذرني منه أستاذي قبل بضع سنين.. فطردتني من مسكنها, وأرسلت لي حقيبة ملابسي مع البواب.. وتدخل الأصدقاء والوسطاء بيننا.. وبعد أهوال طويلة وجلسات تحكيم عديدة تعطفت زوجتي علي وقبلت أن تعطيني ثلث ما حولته إليها خلال سنوات الغربة مقابل إقرار مني لها بأنها ليست مدينة لي بشيء.. وأن المشروع ملك خالص لها, وتم ذلك بالفعل وأسترددت نحو35% فقط مما حولته لها من الخارج بدعوي أن النسبة الباقية هي نفقاتها كزوجة في غيابي, مع أني كنت أدفع لها كل6 أشهر مبلغا يغطي نفقات الفترة كلها, ومن عجب أن زوجتي بعد أن تم الاتفاق واسترددت ما نجحت في استرداده من مالي أعلنت أنها لا تمانع الآن في عودتي إلي البيت واستئناف حياتنا الزوجية معا بعد أن حلت المشكلة كما تقول!
لكني ولأول مرة منذ رأيتها.. شعرت بالنفور الشديد منها.. وظهرت في عيني رغم جمالها الجسدي كوحش ماص للدماء, امتصت دماء زوجها الأول, وامتصت من بعده دمي وشبابي وعمري.. فبادرتها وأمام الحاضرين بأني قد طلقتها وتحررت من أسرها.. فلم تهتز, وإنما سألتني في برود عن حقوقها المادية من مؤخر الصداق والنفقة! ورفضت التنازل عنها.. فلم أجد ما أقوله لها سوي أن أمامها المحاكم لتفصل بيننا في ذلك.
ووجدت نفسي في الأربعين من عمري ولم أنجب لأن زوجتي كما اكتشفت بعد ذلك لم تكن قادرة علي الانجاب لكنها راوغتني طوال السنوات الماضية لكيلا أكتشف هذه الحقيقة, وتذكرت قريبتي التي حطمت قلبها بغير ذنب جنته حين لوحت لي هذه السيدة بالقبول.. وتساءلت تري هل غفرت لي جريمتي في حقها؟ أم أن ما حدث لي في حياتي مع هذه السيدة كان عقاب السماء لي؟!..
وتحريت عن مصيرها.. وشعرت بالارتياح كثيرا حين علمت أنها قد تزوجت رجلا فاضلا بعد هجري لها بثلاث سنوات وأنجبت منه طفلين وسعيدة بزوجها وأبنائها وأسرتها, والآن يا سيدي فإني أرمم حياتي وقد اشتريت فراشا صغيرا لأنام عليه في شقتي الخالية, بعد أن أمضيت الفترة السابقة وأنا أنام علي مرتبة أسفنج.. وحمدت الله أنني لم أستجب لإلحاح زوجتي علي ببيع هذه الشقة ووضع ثمنها في المشروع وإلا كنت قد وجدتني بلا مأوي الآن وضاع ثمنها مع ما ضاع من مدخراتي..
وقد حصلت بما تبقي معي من مال علي شقة متواضعة أفتتحتها كعيادة إلي جانب عملي الحكومي.. وأحاول أن أسري عن نفسي بالعمل والاهتمام بمرضاي.. وسماع آلامهم وأحزانهم..
وصدق أو لا تصدق أنني قد تعرفت منذ أسابيع علي سيدة جاءتني في العيادة مع والدتها المريضة بالسكر.. فتبادلت معها الحديث خلال فحصي لوالدتها.. فإذا بالأم تروي لي عن ابنتها أنها مدرسة تقترب من الأربعين ومطلقة منذ شهور وعائدة حديثا بعد6 سنوات من العمل في الغربة, وأن زوجها السابق سامحه الله قد استولي علي كل مدخراتها بمقتضي التوكيل الذي كان يحمله منها.. وتزوج عليها في مصر فلما رفضت هذا الوضع طلقها ورفض أن يعيد إليها مليما واحدا من مالها وأن هناك قضية في المحاكم بينهما علي نفقتها ومؤخر صداقها!
يا ربي.. لقد كنت أظنني المغفل الوحيد علي هذه الأرض فإذا بالأيام تثبت لي أن هناك ضحايا آخرين مثلي.
وتكررت زيارة الأم وابنتها لي.. ومع ازدياد الألفة بيننا وجدتني أحكي لهما قصتي مع زوجتي السابقة بلا رتوش.. فإذا بالأم المريضة تقول لي في صراحة العجائز ولماذا لا تضع جرحك علي جرح أبنتي وتساعدان بعضكما بعضا علي السلوي والتعويض؟
ونظرت للابنة فوجدتها محمرة الوجه في خجل. وبعد انصرافهما فكرت فيما قالته الأم.. وتساءلت تري ما هي فرص نجاح مثل هذا الزواج إذا فكرت فيه, إنني أشعر بالارتياح للابنة وأجدها جميلة ومتدينة وطيبة ومسالمة ولا تطلب من الدنيا إلا الستر والسعادة.. فهل هي الزوجة الملائمة لي بعد تجربتي السابقة؟.. وهل تراني صالحا للزواج مرة أخري بعد التجربة السابقة التي زلزلت كياني؟ إن هذه السيدة لها طفل وحيد عمره7 سنوات ووالده لن يسترده إذا تزوجت أمه كما عرفت, وجدته هي التي ترعاه وهو مرتبط بها أكثر من ارتباطه بأمه.. فهل تشجعني كل هذه الظروف علي تكرار التجربة
ولكاتب هذه الرسالة أقول:
إنك لم تخسر مالك وحده في زواجك السابق يا صديقي, وإنما خسرت ما هو أهم منه بكثير, إذ خسرت روحك وهويتك واعتزازك بكرامتك وكفاحك الشريف في الحياة, كما خسرت أهلك وأبويك وأخوتك وذويك وانتماءك لهم وانتماءهم لك حين استسلمت بلا أدني مقاومة لأسلوب الحياة الذي فرضته عليك زوجتك السابقة, وحين حرمت علي أبويك وأخوتك دخول بيتك, ونبذتهم جميعا واقتلعتك من جذورك العائلية وحاولت اعادة غرسك في وسطها العائلي.. ففقدت بذلك أهلك.. ولم تكسب أهلها وكأنما قد حكمت عليك بالنفي الأبدي عن عالمك الذي نشأت فيه وقومك الذين درجت بينهم. والإنسان لا يسعد أبدا في المنفي ولا في النسيان أي في نسيان جذوره العائلية وهويته, كما يقول الأديب الفرنسي الراحل ألبير كامي في روايته الرائعة سوء التفاهم وهو لا يحيا أبدا حياة طبيعية كريمة وهو منبت الجذور ومنقطع الصلة بأهله وذويه. ولهذا فلقد كانت فترة زواجك من زوجتك السابقة غربة حقيقية عن واقعك وقيمك الأصلية.. ودنياك العائلية.. وهي غربة أشد تدميرا للنفس والقيم من الغربة المكانية!
فإذا كنت قد تألمت أكبر الألم قبيل رجوعك إلي الحياة الطبيعية.. فلأنك قد تمردت علي الأغلال التي كبلتك بها زوجتك السابقة طوال سنوات ارتباطك بها.. والمفكر الفرنسي الكبير باسكال يقول لنا في كتابه الأفكار إن الإنسان لا يشعر بقيوده إذا اتبع مختارا من يجره.. فإذا بدأ المقاومة محاولا الابتعاد تألم غاية الألم!
غير أنه في النهاية ألم استرداد الروح والهوية واستقلال الإرادة والتحرر من العشق المذل للنفس والكرامة لمن لم تبادلك ذرة واحدة من العاطفة.. ولم تقدر لك تفانيك في محبتها وطاعتها ومودتها. وإنما استغلت عشقك الغامر لها في قهر ارادتك وإملاء رغباتها عليك.. واغتصاب مالك.
ونحن علي أية حال لا نتعلم الحكمة بغير ثمن باهظ من سعادتنا ومشاعرنا وأيامنا.
ومن عرف بالتجربة المؤلمة من لا يصلحون له فلقد عرف بالتالي الصالح المنشود.
وأنت قد عرفت الآن أن رغبتك العارمة, في امرأة لا تكفي وحدها لكي تجد السعادة والأمان والكرامة في جوارها.. وإنما يتطلب الأمر كذلك أن تحمل لك هذه المرأة بعض ما تحمله لها من مشاعر عاطفية أو من المودة والرحمة.. والرغبة الصادقة في السعادة والأمان وإسعاد شريك الحياة وأن تهتدي في حياتها بالقيم الدينية والأخلاقية الصحيحة التي تورثها روح العدل مع شريك الحياة والحياة بوجه عام وتنفرها من أن تظلمه أو تستبيح حقوقه..
ولأنه لم يتوافر في زواجك السابق شيء كثير من ذلك فلقد تحطم علي صخرة الأطماع المادية.. والحسابات المجردة.. والأنانية المفرطة, ولا عجب في ذلك.
والآن فإنك ترمم بنيان حياتك الذي تأثر بشدة بهذه التجربة المؤلمة.. فعسي أن تكون أول خطوة أقدمت عليها في هذا السبيل هي عودتك نادما إلي أحضان أمك وأخوتك وذويك الذين أبعدتك عنهم زوجتك السابقة طوال سنوات جاهليتك معها.. ذلك أن هذه هي البداية الصحيحة لتعويض الخسائر المعنوية والإنسانية والعائلية لمن استرد هويته وحطم أغلاله.. وليست فقط افتتاح عيادة جديدة ومحاولة تعويض الخسائر المادية, فأما السيدة المطلقة التي وضعتها الأقدار في طريقك ودهشت أنت كثيرا لتشابه ظروفها مع ظروفك إلي حد التطابق.. فلقد توقفت أمام ما ذكرته من صفاتها, وكيف أنها متدينة ومسالمة وطيبة ولا تحلم إلا بالستر والأمان, فالحق أن هذه الصفات هي الأجدر بالاهتمام بها من المواصفات الشكلية والجسمية التي اجتذبتك في الماضي لزوجتك السابقة.. فلم تتوقف كثيرا ولا قليلا للأسف أمام سمات شخصيتها المتكبرة.. المادية.. وبعدها عن الدين, وإذا كان الأديب الروسي العظيم انطون تشيكوف يقول لنا في إحدي قصصه, إن التعاسة لا تجمع بين الناس وإنما تفرق بينهم.. لأن التعساء مهمومون بأمرهم وليس في مقدورهم أن يعينوا غيرهم علي السلوي, فإني أري أن تشابه البلوي في م
ثل هذه الظروف كثيرا ما يجمع بين بعض البشر.. ويرقق مشاعرهم تجاه بعضهم البعض, والحق أنني لا أعول كثيرا علي رصيد التعاسة والتعرض للاستغلال من شريك الحياة, في الجمع بينك وبين تلك السيدة المطلقة.. بقدر ما أعول علي الرغبة المشتركة لدي كل منكما في السعادة.. والتعويض والأمان.. ونسيان التجارب الأليمة ومساعدة الطرف الآخر علي تجاوزها.. والفيصل في ذلك هو الطبيعة المسالمة والتدين والرغبة الدافقة في السعادة والأمان. فاختبر طباع هذه السيدة وشخصيتها عن قرب واتخذ قرارك علي ضوء ما تكشف عنه التجربة.. وما أحسب إلا أنها سوف ترجح حسن الظن والأمل الصادق فيها بإذن الله.
مدونة بريد الجمعة مدونة إجتماعية ترصد أحوال الشارع المصرى والوطن العربى مدونة تتناول قصص, ومشكلات حقيقية للوطن العربى مثل: (ظاهرة العنوسة, الخيانة الزوجية, الخلافات الزوجية, التفكك الأسرى, الطلاق وآثاره السلبية على الأبناء, الحب من طرف واحد, مرض التوحد, الإبتلاءات من فقر ومرض وكيفية مواجهة الإنسان لها) ثم يعرض الموقع فى أخر كل موضوع رأى المحرر فى التغلب على هذه المحن
الأربعاء، ١ مارس ٢٠٠٠
القيود المتكسرة!
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق