كل قليلا‏..‏ وتحرك كثيرا

24-09-2004
نشرت مجلة نيوزويك الأمريكية تحقيقا عن السمنة وما تسببه من أمراض أشار إلي أن متوسط عدد الخلايا الدهنية في الشخص ذي الوزن الطبيعي هو‏40‏ بليون خلية‏,‏ وأن هذه الخلايا يزداد حجمها بمقدار‏6‏ أضعاف‏,‏ وقد يصل عددها إلي‏600‏ بليون خلية بسبب الإفراط في تناول الطعام الذي يعتبر من أهم أسباب السمنة‏,‏ وحينما يقلل الإنسان من كمية الطعام بهدف تخفيض الوزن تنكمش الخلايا الدهنية ولا ينخفض عددها أو ينخفض انخفاضا طفيفا‏.‏ ويبين التحقيق أن الخلايا الدهنية في الأفراد ذوي الأوزان الطبيعية تلعب دورا وظيفيا مهما‏,‏ حيث تعتبر مستودعا للطاقة الحرارية‏,‏ كما تفرز الخلايا الدهنية هرمونات نافعة‏,‏ مثل هرمون ليبتين‏Leptin‏ الذي ينطلق من الخلايا الدهنية بعد تناول الطعام ليصل إلي مركز الشبع في المخ وتسبب إثارته‏,‏ وبذلك تقلل الشهية للطعام‏,‏ ويتوقف الفرد عن الأكل‏,‏ وتفرز الخلايا الدهنية أيضا هرمون أديبينكتين‏,‏ الذي يفيد في مقاومة الالتهابات التي تصيب بعض أعضاء الجسم‏,‏ كما ينشط هذا الهرمون مفعول الإنسولين في حرق السكر‏,‏ ويساعد علي تقليل الكولسترول الضار‏.‏

وهناك علاقة بين السمنة والإصابة بأمراض المفاصل‏,‏ والقلب‏,‏ والشرايين‏,‏ وارتفاع ضغط الدم‏,‏ والسكر‏,‏ والكبد‏,‏ والسرطان‏,‏ لأنه كلما زاد حجم الخلايا الدهنية‏,‏ وعددها ـ وهذا ما يحدث في السمنة ـ ازداد إفراز هذه الخلايا لمواد ضارة‏,‏ منها ما يسبب الجلطة‏,‏ ومنها ما يسبب التهاب المفاصل‏,‏ ومواد أخري تسبب أمراض القلب‏,‏ وارتفاع ضغط الدم‏,‏ والسرطان‏,‏ وفي حالة السمنة تنشط الخلايا الدهنية في إفراز هرمون الإستروجين الذي يعتبر من أهم منشطات سرطان الثدي والقولون‏.‏

ويعتبر زيادة عدد الخلايا الدهنية وأحجامها ـ وهذا ما يحدث في السمنة ـ من أهم أسباب الإصابة بمرض السكر من النوع الثاني‏,(‏ يصيب نحو‏90%‏ من مرضي السكر‏),‏ حيث تفرز الخلايا الدهنية المتضخمة هرمونا يسمي ريزيستين‏Resistin‏ وهو هرمون يقلل مفعول الإنسولين الذي يفرزه البنكرياس‏,‏ ونتيجة لذلك ترتفع نسبة السكر في الدم‏,‏ ولذلك يفيد تخفيض الوزن في علاج مرض السكر من النوع الثاني‏.‏

وتشير البحوث إلي أن السمنة الناتجة عن اختزان الدهون في الفخذ والأرداف أقل خطرا علي الصحة من الدهون الموجودة في منطقة البطن‏.‏

وهناك دراسات تستهدف اكتشاف أدوية تساعد في علاج السمنة‏,‏ وذلك بتنشيط هرمون ليبتين الذي يقلل الشهية للطعام‏,‏ كما تجري بحوث لاكتشاف أدوية تمنع أو تقلل تأثير المواد الضارة التي تفرزها الخلايا الدهنية‏,‏ وبهذا تقل فرصة الإصابة بأمراض السمنة‏.‏

ونظرا لأن الوقاية خير من العلاج فإن الباحثين يقدمون هذه النصيحة لتحاشي الإصابة بالسمنة كل قليلا وتحرك كثيرا‏.‏
د‏.‏ عزالدين الدنشاري
الأستاذ بصيدلة القاهرة