السبت، ١ أبريل ٢٠٠٠

صمام الأمان

03-09-2004
بعيدا عن الجدل المحتدم حول ما أصاب اللغة العربية من هوان‏,‏ والدعوة إلي تطويرها بما يواكب مقتضيات العصر واخراجها من قوالب الجمود والتحجر‏,‏ التي سادت نحو خمسة عشر قرنا‏,‏ أود الإشارة إلي أن جميع اللغات الحية في العالم لها قواعدها الثابتة التي لم تتغير منذ نشأتها‏,‏ وأن المتحدثين بتلك اللغات يتحاورون بالعامية التي لاتحترم قواعد النحو والصرف أو الأصول اللغوية للمفردات‏,‏ بينما يستخدمون الفصحي في كتاباتهم الأدبية والعلمية والإخبارية‏..‏ إلخ‏,‏ دون أن يقال إنهم مصابون بالشيزوفرانيا أو الفصام العقلي‏.‏

وربما يكون التطور الأوحد الذي طرأ علي مختلف اللغات الحية في العالم هو اضافة مفردات جديدة لم تكن موجودة في العصور السابقة‏.‏

وفي تصوري أن العيب فينا وليس في اللغة العربية‏,‏ ولعل الأمر الذي يحتاج إلي تطوير حقيقي هو أسلوب تدريسنا للغتنا الجميلة ـ لغة القرآن‏,‏ حتي يعتدل لساننا العربي القويم‏,‏ وحتي نتقن اللغة الأم قراءة وكتابة‏,‏ فمن المعروف أن‏.‏ اللغة وعاء الفكر‏,‏ وأن المرء يعتذر عليه أن يفكر بغير لغة الأم‏,‏ وبالتالي فإننا أحوج مانكون إلي تقويم لسان أبنائنا إذا كنا راغبين بصدق في احتفاظهم بهويتهم‏,‏ ولنعلم أن إتقان لغة أجنبية أو أكثر لايمكن أن يكون بديلا للغة الأم‏.‏ وبالطبع فإنني لا أطالب بالتقعر في اللغة واستخدام مفردات عفي عليها الزمن‏,‏ لكني أدعو شبابنا وشيوخنا وأجهزة الإعلام عندنا إلي الالتزام باللغة العربية البسيطة المستخدمة في الكتابة الصحفية ونشرات الأخبار‏,‏ وهي لغة ملتزمة بقواعد النحو والصرف دون إغراق في التعقيدات اللغوية‏,‏ يفهمها الخاصة والعامة دون الحاجة إلي الرجوع للمعاجم‏.‏

أما العمليات الجراحية التي يقترحها الاستاذ شريف الشوباشي في كتابه لتجميل اللغة العربية كرأيه في استخدام علامات الضبط‏(‏ كالفتحة والضمة‏..)‏ وإعراب الفاعل والمفعول به‏,‏ وجمع المؤنت وتصريف الفعل تبعا له‏,‏ وقضية المثني‏,‏ وقواعد استخدام الأعداد في حالتي المذكر والمؤنت‏,‏ ففي رأينا أنها لاتسهم في تجميل اللغة العربية‏,‏ ولكنها تعمل علي تشويهها وابعادها عن لغة القرآن التي استقرت في وجداننا‏.‏

ولعل القرآن الكريم هو صمام الأمان الذي يحفظ لغتنا الجميلة ويضمن استمرار اللغة العربية الصحيحة واللسان العربي القويم إلي يوم الدين‏.‏

فهل نرفع أيدينا عن اللغة العربية ونتوقف عن الهجوم عليها والعبث بقواعدها حتي لاتتحول إلي مسخ لامعني له‏,‏ وتفقد جمالها وبلاغتها؟‏!‏
د‏.‏عبداللطيف عثمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق