05-11-2004
جاء بـ أهرام السبت10/30 خبر توقفت أمامه بكثير من التعجب والتساؤلات, فالخبر يتحدث عن وثيقة سوف يصدرها المجلس القومي لحقوق الإنسان عن حقوق المواطن المصري في الرعاية الصحية الأساسية والوقائية والعلاجية, علي أن تعلق صور لهذه الوثيقة في جميع المستشفيات العامة والخاصة وعيادات الأطباء وذلك كما قال الخبر ـ لضمان فاعليتها وجديتها وتنفيذها!! وأن مشروع الوثيقة سوف يتضمن جميع البروتوكولات الطبية والقواعد الصحية التي تنص عليها المواثيق الدولية, وبنودا من أول إعلان للحقوق الصحية صدر عن مؤتمر الحقوقيين بإيطاليا الشهر الماضي!!
ووجه العجب الأول يمثله السؤال: لمن يجب أن توجه هذه الوثيقة؟
هل هي للمواطنين المغلوبين علي أمرهم منذ أزمنة بعيدة, والمغتصبة حقوقهم في مجالات عديدة.. أم توجه للسادة المسئولين الذين يضعون الميزانيات الضعيفة لقطاع الصحة, والتي لاتزيد علي3.7% من الناتج المحلي( من8 ـ11% في دول عربية ذات دخل مقارن كالأردن وتونس)؟!
الاجابة واضحة بلا شك.. إذن ماهوالهدف من تعليق هذه الوثيقة المقترحة في المستشفيات العامة, حيث نجد ان قصور الخدمة وتدنيها في العديد من الأماكن هو نتاج عوامل كثيرة تتحمل تبعاتها نظم التعليم والتدريب والتمويل والأجور والحوافز والسياسات الإدارية ومستوي الأخلاق العامة السائد الآن, وانني لا أتصور غير أن تعليق مثل هذه الوثيقة سيكون مدعاة لزيادة الشكاوي والسخط الجماهيري وايجاد المنازعات والمشاحنات بالمستشفيات!!
إن لائحة آداب مهنة الطب التي تصدرها نقابة الأطباء وتم تعديلها اخيرا بها عدة بنود تتضمن واجبات الأطباء تجاه مرضاهم وتجاه المجتمع, يمكن للمجلس الموقر أن يجد فيها أفضل مايمكن ان يجده من حقوق للمرضي علي أطبائهم, وهي أساس العلاقة علي مستوي المستشفيات والمراكز الطبية, أما غير ذلك فليعلق علي مدخل مجلس الوزراء ومكاتب السادة أصحاب القرارات السيادية فيما يختص بتوزيع إيرادات الدولة وميزانيتها!!
أما وجه العجب الثاني فإنه من المعروف ان رعاية الصحة تبدأ من خارج المستشفيات وليس من داخلها.. فمن حق المواطن أن يستنشق هواء نظيفا, وأن يشرب كوب ماء صالح, وأن يجد الطعام الدي يوفر له أساسيات الحياة الصحية السليمة, والمكان الذي يمارس فيه الرياضة, وهي حقوق للمواطن تؤثر بلاشك علي حالته الصحية, وتسبق بكثير مرحلة وصوله للمستشفي.
فلماذا تعلق هذه الوثيقة في المستشفيات؟!
ووجه العجب الثالث الذي أود ان اشير اليه بطريقة عابرة.. هو ماتتجاهله مثل هذه الوثائق, بشأن القائمين علي هذه الخدمة الصحية من أطباء وأطقم تمريض وخدمات معاونة اذ لايمكن الحديث عن حقوق البعض دون البعض الآخر.. وفي بلدنا فإن حقوق الإنسان الطبيب ومعاونيه هي الآن علي درجة من الامتهان ربما لاتدانيها مهنة أخري.. ولن تشفع آلاف الوثائق في ان تعيد العلاقة بين الطبيب ومريضه الي مايجب ان تكون عليه ضمانا لحقوق المرضي, طالما استمر هذا التجاهل المتعمد لحقوق الغالبية العظمي من الأطباء الي درجة لامثيل لها في أي مكان في العالم!! فيا مجلسنا القومي لحقوق الإنسان.. إن الأمر أكبر وأعقد بكثير من مجرد وثيقة نظرية تحتوي علي كلمات جميلة, نزين بها مداخل المستشفيات, ليقرأها المرضي ويتحسروا!!
د. طارق الغزالي حرب
harbtarek@hatmail.com
مدونة بريد الجمعة مدونة إجتماعية ترصد أحوال الشارع المصرى والوطن العربى مدونة تتناول قصص, ومشكلات حقيقية للوطن العربى مثل: (ظاهرة العنوسة, الخيانة الزوجية, الخلافات الزوجية, التفكك الأسرى, الطلاق وآثاره السلبية على الأبناء, الحب من طرف واحد, مرض التوحد, الإبتلاءات من فقر ومرض وكيفية مواجهة الإنسان لها) ثم يعرض الموقع فى أخر كل موضوع رأى المحرر فى التغلب على هذه المحن
السبت، ١ أبريل ٢٠٠٠
الوثيقة المعلقة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق