السبت، ١ أبريل ٢٠٠٠

ليست وحدها

17-09-2004
تطالعنا الصحف العربية كل يوم بأخبار مأساوية عن المحاولات المستمرة للهجرة غير الشرعية ومجموعات من الشباب العربي غير المسئول يتدفقون في موجات مستمرة نحو أحلام الحياة في بلاد الأحلام‏,‏ ونفاجأ كل يوم بأنباء عن جثث يلفظها البحر وشباب من مختلف البلدان العربية تزهق أرواحهم في رحلات يركبون فيها قوارب يأملون أن تحملهم الي شواطيء آمنة‏,‏ لكنها غالبا ما تغدر بهم وتزفهم للموت‏.‏
هذا المشهد المأساوي يتكرر يوما بعد يوم ويعكس الواقع الأليم لظاهرة السرعة التي استفحلت في العقد الأخير‏,‏ فلماذا يركب الشباب العربي مخاطر هجرة غير مشروعة؟ وما الذي يدفعه الي ركوب هذه المخاطر في عرض البحر الذي قد يغدر بحياتهم ويرميهم في أحضان الموت؟ ولماذا لا تردع مشاهد الموت مرشحين آخرين للهجرة؟ وهل فعلا مازالت الضفة الشمالية للمتوسط وبلاد الأمريكتين هي أرض الأحلام؟ وما دور الحكومات للحد من هذه الظاهرة التي تحصد أرواح عشرات الآلاف سنويا؟ ولماذا لا تساهم دول المهجر الغنية في حل المعضلة؟ وما دور وسائل الإعلام في التوعية بمخاطر الهجرة السرية وتحذير الشباب من مغباتها؟ وغير ذلك من مئات الأسئلة الأخري التي أفرزتها المأساة ولا تزال تبحث عن اجابة‏.‏
أن للهجرة أسبابها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية أو العلمية‏,‏ وهجرة الشباب العربي سببها البحث عن فرص عمل بهدف رفع المستوي الاقتصادي والاجتماعي‏,‏ نظرا لعدم وجود تنمية اقتصادية حقيقية تكفي لتشغيل الأعداد المتزايدة سنويا من الخريجين‏,‏ وعجز الحكومات عن توفير فرص العمل‏,‏ في الوقت الذي نجد فيه أن هناك بعض الأجانب يعملون في الدول العربية برواتب عالية قد لا يصل اليها الشباب العربي الذين يحملون نفس مؤهلاتهم وخبراتهم‏,‏ ولهذا أعتقد ان الدول العربية هي المعنية بالدرجة الأولي في عملية التنمية‏,‏ وتستطيع هذه الدول توجيه ثرواتها لرفع مستوي المعيشة للشباب العربي‏,‏ وكلما اهتمت الدولة بالقاعدة التحتية ورفعت مستواها كاما كان هذا أكثر استقرارا لهؤلاء الشباب‏.‏
ويري البعض أن الحكومات العربية ليست وحدها هي السبب في تلك الظاهرة‏,‏ وإنما أيضا دول المهجر أو الدول الغنية التي تساهم في اختلال التوازن الاقتصادي بين دول الشمال والجنوب‏,‏ وكذلك يتحمل النظام الاقتصادي العالمي ـ الذي يقوم علي احتكار الثروات والاحتكار ـ الفكري أسباب الشقاء والهجرة ولو قامت هذه الدول بفتح استثمارات حقيقية في الدول العربية لقطعت الطريق أمام كل من يفكر في الهجرة غير المشروعة إليها؟
د‏.‏ هاني عبدالخالق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق