26-11-2004
مثلما أن الصناعات الثقيلة استثمارات راسخة ولكنها طويلة الأجل وتحتاج إلي تأسيس وكفاح ونفس طويل إذا ما قورنت بالتجارة, فإن زراعة البساتين( حدائق الفاكهة) تحتاج أيضا لنفس طويل ورعاية دائمة وتجديد إحلال للتالف من الأشجار, فهي لا تبدأ في الإتيان بثمارها إلا بعد قصة كفاح طويلة مضنية(قد تصل لعشر سنوات يتخللها صرف بدون عائد), والميزة في الاستثمارات طويلة الأجل مثل الصناعات الثقيلة أو زراعة البساتين, إنها ليست فقط لمصلحة القائمين عليها, وإنما هي علي وجه العموم دعم لاقتصاديات البلد ودعم للتصدير ومصدر لجلب العملات الحرة للدولة.
أقول هذا بمناسبة دراسة تعديل قانون الضرائب الذي سيعرض قريبا علي مجلس الشعب لإقراره, فمنذ قيام ثورة يوليو وحتي عام1972 لم تفرض أي ضريبة علي البساتين( حدائق الفاكهة), ثم بعد ذلك توالت الحكومات وتغيرت قوانين الضرائب علي البساتين من حين لآخر حتي صارت عبئا ثقيلا يخشي معه انكماش مساحات البساتين.
والحقيقة الراسخة في الأذهان منذ القدم أن البساتين تدر ربحا خياليا علي مالكيها لم تعد مطلقا كما كانت من قبل, فارتفاع أسعار الشتلات والكيماويات وتلف المحاصيل, وأحيانا فقدانها بالكامل! نتيجة الرياح الشديدة أو الأمطار أو الجراد.. إلخ صار أمرا واردا بشدة فضلا عن حساسية تلك الأشجار لكل المتغيرات البيئية والأمراض النباتية وما أكثرها في أيامنا هذه مضافا إلي ذلك أنها تثمر مرة واحدة في العام, ويكفي أن نعلم( علم اليقين) أن أسعار أراضي البساتين لم تعد تفرق كثيرا عن سعر الأرض للمحاصيل التقليدية( الأرز والقمح والبرسيم..إلخ) فعلي سبيل المثال لا الحصر فإن سعر فدان المحاصيل التقليدية بمدينة ساحل سليم( بندر أسيوط) نحو60 ألف جنيه, بينما سعر فدان الحديقة المثمرة المجاور له نحو75 ألف جنيه! هذا من ناحية سعر الأرض فلا فرق يذكر, ومن جهة أخري فإن زارع فدان المحاصيل التقليدية يزرع أكثر من محصول في أرضه خلال السنة الواحدة( اثنين أو ثلاثة), وحتي إذا تعرض لخسائر في أحد المحاصيل فإنه يعوضه في نفس السنة بزراعة محصول آخر بدليل أن إيجار فدان المحاصيل التقليدية قد ارتفع إلي ما يتراوح بين3 و4 آلاف جنيه في العام الواحد(صافي ربح للمالك) وهو الربح الذي لم يعد ميسورا تحقيقه بالنسبة لزارع فدان الحدائق في أغلب الأحوال!.
نستخلص من هذا كله أنه بدلا من إزالة مساحات من البساتين نتيجة إرهاق زارعيها بضرائب لا قبل لهم بها وتحويلها إلي أرض ذات محاصيل تقليدية, فإنني أقترح جعل ضريبة البساتين متساوية تماما مع ضريبة الأرض الزراعية ذات المحاصيل التقليدية تشجيعا لتصدير الفواكه وتميز مصر علي المستوي العالمي مثلا بالموالح والزهور, وكذلك لسد الاحتياجات المحلية من الفاكهة.
د.نبيل فتح الله
الأستاذ بهندسة الأزهر
مدونة بريد الجمعة مدونة إجتماعية ترصد أحوال الشارع المصرى والوطن العربى مدونة تتناول قصص, ومشكلات حقيقية للوطن العربى مثل: (ظاهرة العنوسة, الخيانة الزوجية, الخلافات الزوجية, التفكك الأسرى, الطلاق وآثاره السلبية على الأبناء, الحب من طرف واحد, مرض التوحد, الإبتلاءات من فقر ومرض وكيفية مواجهة الإنسان لها) ثم يعرض الموقع فى أخر كل موضوع رأى المحرر فى التغلب على هذه المحن
السبت، ١ أبريل ٢٠٠٠
قبل إصدار القانون الجديد
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق