السبت، ١ أبريل ٢٠٠٠

قبل إصدار القانون الجديد

26-11-2004
مثلما أن الصناعات الثقيلة استثمارات راسخة ولكنها طويلة الأجل وتحتاج إلي تأسيس وكفاح ونفس طويل إذا ما قورنت بالتجارة‏,‏ فإن زراعة البساتين‏(‏ حدائق الفاكهة‏)‏ تحتاج أيضا لنفس طويل ورعاية دائمة وتجديد إحلال للتالف من الأشجار‏,‏ فهي لا تبدأ في الإتيان بثمارها إلا بعد قصة كفاح طويلة مضنية‏(‏قد تصل لعشر سنوات يتخللها صرف بدون عائد‏),‏ والميزة في الاستثمارات طويلة الأجل مثل الصناعات الثقيلة أو زراعة البساتين‏,‏ إنها ليست فقط لمصلحة القائمين عليها‏,‏ وإنما هي علي وجه العموم دعم لاقتصاديات البلد ودعم للتصدير ومصدر لجلب العملات الحرة للدولة‏.‏
أقول هذا بمناسبة دراسة تعديل قانون الضرائب الذي سيعرض قريبا علي مجلس الشعب لإقراره‏,‏ فمنذ قيام ثورة يوليو وحتي عام‏1972‏ لم تفرض أي ضريبة علي البساتين‏(‏ حدائق الفاكهة‏),‏ ثم بعد ذلك توالت الحكومات وتغيرت قوانين الضرائب علي البساتين من حين لآخر حتي صارت عبئا ثقيلا يخشي معه انكماش مساحات البساتين‏.‏
والحقيقة الراسخة في الأذهان منذ القدم أن البساتين تدر ربحا خياليا علي مالكيها لم تعد مطلقا كما كانت من قبل‏,‏ فارتفاع أسعار الشتلات والكيماويات وتلف المحاصيل‏,‏ وأحيانا فقدانها بالكامل‏!‏ نتيجة الرياح الشديدة أو الأمطار أو الجراد‏..‏ إلخ صار أمرا واردا بشدة فضلا عن حساسية تلك الأشجار لكل المتغيرات البيئية والأمراض النباتية وما أكثرها في أيامنا هذه مضافا إلي ذلك أنها تثمر مرة واحدة في العام‏,‏ ويكفي أن نعلم‏(‏ علم اليقين‏)‏ أن أسعار أراضي البساتين لم تعد تفرق كثيرا عن سعر الأرض للمحاصيل التقليدية‏(‏ الأرز والقمح والبرسيم‏..‏إلخ‏)‏ فعلي سبيل المثال لا الحصر فإن سعر فدان المحاصيل التقليدية بمدينة ساحل سليم‏(‏ بندر أسيوط‏)‏ نحو‏60‏ ألف جنيه‏,‏ بينما سعر فدان الحديقة المثمرة المجاور له نحو‏75‏ ألف جنيه‏!‏ هذا من ناحية سعر الأرض فلا فرق يذكر‏,‏ ومن جهة أخري فإن زارع فدان المحاصيل التقليدية يزرع أكثر من محصول في أرضه خلال السنة الواحدة‏(‏ اثنين أو ثلاثة‏),‏ وحتي إذا تعرض لخسائر في أحد المحاصيل فإنه يعوضه في نفس السنة بزراعة محصول آخر بدليل أن إيجار فدان المحاصيل التقليدية قد ارتفع إلي ما يتراوح بين‏3‏ و‏4‏ آلاف جنيه في العام الواحد‏(‏صافي ربح للمالك‏)‏ وهو الربح الذي لم يعد ميسورا تحقيقه بالنسبة لزارع فدان الحدائق في أغلب الأحوال‏!.‏
نستخلص من هذا كله أنه بدلا من إزالة مساحات من البساتين نتيجة إرهاق زارعيها بضرائب لا قبل لهم بها وتحويلها إلي أرض ذات محاصيل تقليدية‏,‏ فإنني أقترح جعل ضريبة البساتين متساوية تماما مع ضريبة الأرض الزراعية ذات المحاصيل التقليدية تشجيعا لتصدير الفواكه وتميز مصر علي المستوي العالمي مثلا بالموالح والزهور‏,‏ وكذلك لسد الاحتياجات المحلية من الفاكهة‏.‏
د‏.‏نبيل فتح الله
الأستاذ بهندسة الأزهر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق