03-12-2004
أثار كتاب( جنون الخطر الأخضر وحملة تشويه الإسلام) للكاتب الكبير الأستاذ إبراهيم نافع الأمواج العاتية فجأة في بحار ساكنه, وأيقظ الإحساس الدفين بمرارة الظلم الواقع علي الحضارة العربية, ومحاولة التعتيم علي دورها الرائد في خدمة الحضارة الإنسانية, وتتبع الكاتب الجذور الخفية لمحاولات إخراج العرب والمسلمين من التاريخ والجغرافيا باعتبارهم أصحاب حضارة الكراهية.. وما تسببه من رعب. ومن وحي هذه الدراسة المنهجية الأولي من نوعها( الموثقة بالمراجع العلمية) ـ التي لن تخفت بسهولة ردود أفعالها, ولا نوفيها حقها من التقدير في سطور قليلة ـ نود أن نقول: إن حضارة الكراهية والرعب, هي ذاتها التي كتب عنها المفكر الفرنسي الأشهر( جوستاف لوبون) قائلا: لو سار الغرب تحت راية العرب لسمت منزلته ولرقت أخلاق أهله, ولتجنبوا الحروب الدينية وماشابهها من الكوارث التي خضبت أوروبا بالدماء عدة قرون, ما عرف المسلمون ما يشبهها علي أرضهم. ويقول المؤرخ( رينو): لم تبدأ النهضة الحقيقية في أوروبا إلا منذ القرن الثاني عشر, حيث هب الفرنسيون والإنجليز.. وايقنوا بضرورة الأخذ بأسباب الحضارة العربية, وتوافدوا علي إسبانيا لترجمة عيون الكتب العربية, وأصبح العرب الأمثلة العليا للشجاعة, والشهامة, وعزة النفس, ومكارم الأخلاق. ولم تنقطع البعثات الأوروبية إلي الأندلس( أقرب الديار العربية إلي أوروبا), لكي تنهل من علوم العرب, كان أولاها بعثة العاهل البافاري فيليب الأول الذي أرسل إلي الخليفة هشام الأول( ابن عبدالرحمن الداخل) ـ788 م ـ يسأله السماح بإيفاد( هيئة) للإشراف علي حالة الأندلس, ودراسة نظمها وشرائعها وثقافة مختلف الأوساط فيها لتمكن من اقتباس المفيد منها لبلادنا, وبعث الملك الجرماني وفدا يتصدره رئيس الوزراء( فيلمين), وكان الوفد يضم250 طالبا وطالبة, ويشمل جميع( التخصصات) العلمية بما فيها صناعة بناء السفن, والقلاع, والأسلحة, والزجاج, والورق, والنسيج, والتطريز, والتمريض, بالإضافة إلي علوم الفلك, والفيزياء, والكيمياء, والهندسة الزراعية, كما أوفد الملك لوي السادس عاهل فرنسا بعثة تصدرتها الأميرة الياصبات( ابنة خالة الملك), بينما كانت البعثة البريطانية برئاسة الأميرة( دروبان) ـ ابنة شقيق العاهل البريطاني ـ وتوالت البعثات من إنجلترا, وفرنسا, وألمانيا, وإيطاليا, وهولندا, وبلجيكا, وامتلأت بطلابها معاهد العلم في غرناطة, وأشبيلية, ويقدر عدد الطلاب الوافدين من مختلف البلاد الأوروبية للدراسة بالمعاهد الأندلسية للعام الدراسي213 هـ(1293 م) بنحو700 طالب وطالبة.
ويلفت النظر أنه كان باستطاعة كثير من العلماء العرب تدريس العلوم المختلفة بعدة لغات في وقت واحد في مقدمتهم: العلامة الجليل محمد بن أحمد الرقوطي, الذي استعان به الإسبان بعد استعادة مدينة مرسية( سنة1265 م) فعينه الملك الفونسو العاشر عميدا لكلية مرسية, وكان يحاضر الطلبة من مختلف الطوائف والأعراق كلا باللغة التي يفهمها في علوم الطب, والهندسة, والمنطق, والموسيقي, وفي خلال القرن الرابع الهجري( العاشر الميلادي), وما بعده استضافت حكومات إنجلترا, وهولندا, وسكسونيا وغيرها نحو(90) من العلماء العرب, الذين كانوا يتقنون اللاتينية, والإسبانية كأهلها. كما وقعت تلك الحكومات عقودا أخري مع نحو(200) خبير عربي في العديد من الصناعات الحيوية في مقدمتها: بناء السفن, وصناعة النسيج, والزجاج, والهندسة المعمارية والمدنية, والعلوم الزراعية, وأنشأ المهندسون العرب جسرا علي نهر التيمس في بريطانيا يسمي بجسر( هليشام) نسبة إلي الخليفة هشام اعترافا بفضله لموافقته علي إيفاد هؤلاء المهندسين من الأندلس, كما بني المهندسون العرب بمدينة شتوتجارت بألمانيا( سقاية ماء), تدعي( أميديو) نسبة إلي المهندس العربي( أحمد) الذي بناها.
وأوفدت بريطانيا عام1640, بعثة تضم رجال صياغة الحلي والمجوهرات لصناعة( التاج الملكي البريطاني), في مصر ذات التاريخ المجيد في الصناعات الدقيقة( تشهد بذلك كنوز توت عنخ آمون), فعادوا به, وكان أجمل تاج وضع علي رءوس الملوك. أيام كان العلم بيتكلم عربي.
QuandLesScincesParlentArabe, علي حد التعبير الفرنسي المشهور.
حسن أغا
مدير البحوث بالمجلس الأعلي للثقافة( سابقا)
مدونة بريد الجمعة مدونة إجتماعية ترصد أحوال الشارع المصرى والوطن العربى مدونة تتناول قصص, ومشكلات حقيقية للوطن العربى مثل: (ظاهرة العنوسة, الخيانة الزوجية, الخلافات الزوجية, التفكك الأسرى, الطلاق وآثاره السلبية على الأبناء, الحب من طرف واحد, مرض التوحد, الإبتلاءات من فقر ومرض وكيفية مواجهة الإنسان لها) ثم يعرض الموقع فى أخر كل موضوع رأى المحرر فى التغلب على هذه المحن
السبت، ١ أبريل ٢٠٠٠
تحت راية العرب
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق