01-03-2002
وجدت نفسي خاليا لبعض الوقت خلال رحلتي القصيرة إلي إحدي الدول, ففكرت في أن أكتب لك هذه الرسالة.. وهي رابع أو خامس مرة أهم فيها بالكتابة إليك وتشغلني الشواغل فأعدل عن التنفيذ.. وحين يختلي الإنسان بنفسه بعيدا عن وطنه وأهله قد يجد الوقت للتفكير في حياته.. لقد قال الله سبحانه وتعالي في كتابه الحكيم وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون وأنا أعبد الله واجتهد في طاعته والالتزام بأوامره ونواهيه, وأنتم أيها الأدباء والكتاب تقولون لنا إن غاية الحياة المثلي بعد عبادة الله سبحانه وتعالي هي السعادة, أي أن يسعد الإنسان نفسه وأعزاءه ومن هم حوله ويحيا حياة فاضلة.. وأريدك أن تشاركني التفكير في حياتي.. والحكم عليها.. فأنا رجل في السابعة والأربعين من العمر, بدأت حياتي العملية منذ26 عاما حين تخرجت في كليتي.. وسعي أبي لتعييني في نفس الهيئة الحكومية التي يعمل بها.. فبدأت بوظيفة مؤقتة بعقد, وسعدت بأول مرتب تسلمته في حياتي.. واشتريت منه لأبي وأمي وأخي الأوسط وأختي الصغري.. هدايا صغيرة سعدوا بها كثيرا وسعدت بسعادتهم أكثر, وبعد عام من عملي بهذه الهيئة عينت بها رسميا وزاد مرتبي عشرة جنيهات ثملت من النشوة والفرح بها, وقررت أن تكون هذه الزيادة هي هديتي لأختي وأخي فقسمتها بينهما, وأصبح كل منهما يتقاضي مني ستة جنيهات أول الشهر كمصروف له بجانب مصروفه من والدنا وهو عشرة جنيهات, كما خصصت لأمي من مرتبي عشرة جنيهات بالرغم من اعتراضها الشديد ومطالبتها لي بادخار كل ما أستطيع ادخاره من مرتبي لكي أبني حياتي.. واستطيع الزواج بعد سنوات.. وشعرت بنفسي وبدوري في حياة أسرتي وأنا أفعل ذلك.. وبعد أسابيع قليلة من تحملي لهذه المساهمة الشهرية اتيحت لي فرصة عمل إضافي في أحد المكاتب المهنية لأربعة أيام في الاسبوع فتحمست لها وعملت فيه بإخلاص وجاء أول الشهر وترقبت المكافأة التي سيعطيها لي صاحب المكتب, فإذا به يعطيني ثلاثين جنيها كاملة عوضت كل ما أعطيه لأسرتي وزادت عنه بعشرة جنيهات وواصلت العمل في وظيفتي الحكومية وعملي الاضافي وخلال ثلاثة أعوام كنت قد ادخرت من مرتبي ومكافآت عملي الاضافي بضع مئات من الجنيهات.. وأصبح صاحب المكتب الذي اعتبره أستاذي يعتمد علي اعتمادا كليا في ادارة أعماله.. وازدادت خبرتي المهنية وبدأت أفكر في تجربة حظي في عمل خاص بي.. ففوجئت بأستاذي يعرض علي أن أشاركه بنسبة الثلث في إحدي العمليات الصغيرة علي
أن أتحمل مسئوليتها الكاملة وحدي! وكأنما قد قرأ أفكاري فتحمست للفكرة, وحصلت علي اجازة بدون مرتب لمدة6 أشهر وتفرغت لهذه العملية تماما وأقمت في خيمة بموقعها البعيد, لا وسائل فيها للراحة.. وسلمتها في الموعد المحدد, ووجدت بين يدي بضعة آلاف من الجنيهات..
وكنت قد تجاوزت الخامسة والعشرين.. ولم أعرف فتاة من قبل ولم ارتبط بأية علاقة عاطفية سوي بالنظرات وتبادل التحيات مع الفتاة الصغيرة الطيبة التي تزور أختي من حين لآخر وتبدي اهتمامها بي.. فوجدت نفسي أفكر فيها لأول مرة.. وسألت أختي عنها.. فشجعتني علي الارتباط بها وأثنت علي أخلاقياتها كثيرا, وقالت لي أكثر من ذلك إنها مهتمة بي منذ فترة طويلة, وتحبني في صمت! وطربت لذلك واستشرت أمي فرحبت بالفتاة واشادت بخلقها ونشأتها المتدينة وأبويها الطيبين اللذين يعملان بالتعليم.. وخلال شهور كنت قد استطعت الحصول علي شقة من غرفتين وصالة في نفس الحي, وتزوجنا, واستقرت حياتي من الناحية العاطفية.. ولاحظت بسعادة فرحة زوجتي الشابة بي.. وبالرفاهية النسبية التي وجدتها في الحياة معي بالمقارنة بحياتها البسيطة في أسرتها, وكنت أبتهج كثيرا بفرحتها حين أدعوها للعشاء في فندق كبير وألاحظ بسرور خفي ارتباكها واحساسها بالفخر لوجودها في مكان من هذا النوع.. واطرب لشكرها لي علي هذا العز كما كانت تقول وكلما لمست ابتهاجها بمثل ذلك تماديت في إسعادها.. وادخال السرور إلي قلبها.. وشكرت ربي علي توفيقي في عملي وفي حياتي الخاصة, وحين أنجبنا مولودنا الأول اكتملت سعادتنا.. ولم تخف زوجتي فخرها أمام عائلتها برعايتي لها وإصراري علي أن تلد في مستشفي استثماري كبير.. وكانت الفرحة تملأ وجهها وهي تنتقدني علي إسرافي والمبلغ الكبير الذي حصل عليه المستشفي.. وتتباهي بالشكوي من ذلك لأبيها وأمها.. واطرد نجاحي في عملي واستقلت من الهيئة الحكومية لاتفرغ له, وأصبحت شريكا بالنصف في المكتب المهني وتحملت معظم العمل فيه وتنقلت بين المواقع المختلفة في الشمال والجنوب والشرق والغرب.. وتحسنت أحوالي المادية كثيرا.. فانتقلت من شقتي الصغيرة في الحي الذي نشأت فيه إلي شقة250 مترافي مدينة نصر.. وأنجبت بعد مولودي الأول بنتين.. وأحيل أبي إلي المعاش فألحقته بالعمل معي في حسابات المكتب, وتزوجت اختي الصغري وتكفلت بكل نفقات زواجها وتزوج شقيقي الأوسط بمساعدتي كذلك وسافر إلي إحدي الدول العربية.. وضاق مسكن أبي وأمي بالأبناء وزوجاتهم والأحفاد حين يجتمعون فيه.. فنقلتهما إلي شقة جميلة وواسعة في نفس الشارع الذي أقيم فيه وأصبحنا نجتمع فيها يوم الجمعة كل اسبوع حين أكون في القاهرة. وتواصل نجاحي واتساع أعمالي عاما بعد عام.. ورحل أستاذي عن الحياة يرحمه الله
وطلبت مني أرملته أن أشتري نصيبه في المكتب لعدم وجود من يحل محله فيه من أبنائه فاشتريته بزيادة عن أعلي عرض تلقته هي20% اعترافا بفضل الرجل علي ومساعدته لي في بداية حياتي.. واتسع مجال العمل أمامي بلا حدود, فبدلت مسكني للمرة الثالثة.. وانتقلت إلي شقة مساحتها400 متر في أرقي الأحياء, وبدلت لزوجتي سيارتها بأحدث الموديلات.. ونقلت أبنائي إلي أحسن المدارس وأغلاها واشتريت شقة في الساحل الشمالي.. وأخري في الغردقة.. ورضيت عن نفسي وعن نجاحي وكل شيء فيما عدا شيئا واحدا فقط هو حياتي الخاصة!
فمنذ أن استقللت بالعمل في المكتب قبل سبع سنوات وازداد حجم عملي.. وعرفت حياتي العائلية الثراء والوفرة بدأ الفتور يتسرب إلي نفس زوجتي.. وبدأ الجفاء والصمت والتحفظ يسود علاقتها بي كما بدأت ألحظ عليها بعدها النفسي عني وفتور حماسها لكل الأشياء, وعدم رضاها الدائم مهما قدمت لها ومهما فعلت, وعدم تقديرها لأي عطاء أقدمه لها أو للأبناء أو البيت.. وانتقاصها المستمر لكل عطاء.. وخيبة أملها المستمرة لأن كل ما أفعله يجيء أقل مما كانت تتوقعه.. أو مما استطيع أن افعله.. وبعد أن كانت تفرح بأبسط الأشياء وتشكرني بحرارة عليها.. أصبحت إذا قدمت لها مثلا في عيد ميلادها حلية ماسية ببضعة آلاف لا تجود علي إلا بكلمة شكر مقتضبة.. وقد تخونها حتي الابتسامة المتكلفة في هذه المناسبة, فتظل علي تجهمها وفتورها.. وكأن ما فعلت كان واجبا علي ولا شكر علي واجب!, وإذا دعوتها للسفر مع الأبناء في اجازة استجابت بغير حماس وكأنها تتفضل علي بقبول الدعوة! وإذا اشتريت لها خلال سفري للخارج حقيبة كاملة من الملابس والمشتريات.. استثارت اهتمامها بعض الوقت ثم رجعت إلي جمودها من جديد وليس بعيدا أن تلومني بعد قليل علي نسيان شيء كانت قد طلبته أو كانت تتوقعه مني ولم أحضره! فهناك دائما شيء ناقص في كل ما أفعله أو أقدمه لها أو لأسرتي وأبنائي.. وهناك دائما من يفعل أكثر مما أفعل, ويقدم لزوجته وأبنائه أكثر مما أقدم, ومن يحسن معاملة الزوجة أحسن مما أفعل! وعلي دائما أن أشقي وأكد.. وأجتهد لكي اتطلع إلي بلوغ هذا المثل الأعلي للزوج الذي لا أبلغه أبدا! فإذا سألتني وهل بلغت هي في المقابل المثل الأعلي للزوجة؟ لقلت لك إنها كانت كذلك خلال حياتها البسيطة السابقة, فهي طيبة ومتدينة وحريصة علي علاقاتي العائلية وخاصة مع أمي بعد رحيل أبي يرحمه الله وأختي وهي مازالت صديقتها الوحيدة حتي الآن وأخي, أما الآن فلم أعد أجد منها سوي محافظتها علي علاقتها الطيبة بأهلي.. وفروضها الدينية.. والفتور العام تجاه كل ما يتعلق بي.. والاستعداد الدائم للومي وانتقاصي واتهامي بإساءة معاملتها وإشعاري المستمر بالتقصير في حقها وحق الأبناء وحق الجميع بلا استثناء.. فإذا كانت تأخذ علي انهماكي في العمل.. فإن هذا الانهماك نفسه هو الذي صنع لها هذه الحياة المرفهة التي تعيشها الآن.. ومهما بلغت من انشغالي بالعمل, فإني أرجع إلي زوجتي وأبنائي في نهاية اليوم وأهتم بأمرهم
وأتابع شئونهم.. وأقضي كل العطلات معهم.. واصطحبهم للسفر من حين لآخر في اجازة قصيرة إلي الشواطيء والمشاتي.. وأتصل بهم بالتليفون عدة مرات كل يوم من أي مكان.. كما أنني فوق كل ذلك رجل ملتزم من الناحية الاخلاقية, وكم صمدت من قبل ومازلت ـ أمام الإغراءات النسائية والمغريات.. ولست كغيري ممن يقبلون بالعبث أو يبحثون عن المغامرة.. أو يغريهم تحسن احوالهم المادية بممارسة لعبة الزواج والطلاق أكثر من مرة كما يفعل آخرون.. فماذا أستطيع أن أفعل لكي أنال رضا زوجتي السامي عني؟ وأعيش حياة خالية من الكدر والمنغصات؟ إنها ليست بلهاء وتعرف جيدا انني قد أكون هدفا سهلا لغيرها من النساء وأن إمكاناتي تسمح لي بالتجربة وتحمل النتائج.. لكن هذا ليس طريقي في الحياة, وقد وعيت جيدا درس العبث ومغامرات الزواج والطلاق التي تورط فيها بعض الناجحين من قبل فجرتهم للهلاك والفشل, كما أنني مشغول عن البحث عن مغامرة عاطفية بما هو أهم منه من مشاكل الحياة فكيف بالله عليك لا تعينني زوجتي علي الاكتفاء بها؟ علما بأنها ستنهار انهيارا تاما إذا طلقتها أو إذا تزوجت عليها؟ وستعود إلي حياتها البسيطة السابقة.. ومهما كنت كريما معها بعد الانفصال فلن تجد ما تجده معي الآن من رفاهية.. وحياة سهلة فلماذا تدفعني دفعا إلي الانفصال عنها بعد أن شارف الأبناء سن الشباب؟ إنني أستطيع أن أطلقها بسهولة وأتحمل كل الالتزامات المادية, وأستطيع أن أجد من ترحب بي وتعتبرني هذا المثل الأعلي للزوج الذي تشعرني زوجتي ببعدي عنه بعد السماء عن الأرض, لكني لن أفعل ذلك إلا إذا فقدت كل أمل في الإصلاح لاني أفضل الحياة العائلية الهادئة وأكره أن يعرف عني الطلاق والزواج أكثر من مرة وزوجتي لا تقدر لي حتي هذا التمسك بها بالرغم مما أشعر به من تعاسة شديدة معها طوال السنوات الأخيرة, حيث كثرت خلالها مصادماتنا الصامتة.. أو الصارخة وخصامنا.. وتكبرها علي الاعتذار عن الخطأ أو الاعتراف به.. وإني لأتساءل متعجبا في كثير من الأحيان: أين ذهبت الفتاة الطيبة التي أحببتها من أعماق قلبي سنوات طويلة بعد الزواج وكانت تسعد بأبسط الأشياء وتفرح بها.. وتحمد الله كل لحظة علي ارتباطها بي.. وما معني النجاح والثراء إذا شعر الإنسان بالتعاسة والوحدة النفسية والعاطفية علي الدوام في حياته الخاصة؟ وهل لديك حل.. أو تفسير؟
ولكاتب هذه الرسالة أقول:
قد يكون لدي تفسير أو ما يشبه التفسير لبعض ما تشكو منه. ذلك أن قليلين من البشر هم الذين لا يغفلون عن شكر ربهم علي نعمه الجليلة عليهم.. ويستكثرونها علي أنفسهم فيدفعهم ذلك إلي استعظامها.. وتقديرها حق قدرها والامتنان لخالقهم عليها. وهؤلاء يجدون دائما أنه من كمال الشكر لله عنها أن يشكروا من أجري نعمته هذه علي أيديهم ويؤمنون بما جاء به مضمون الحديث الشريف الذي يقول من لم يشكر الناس لم يشكر الله.
فإن لم يتسلح المرء بهذا الاستعداد النفسي لشكر خالقه كل يوم وكل لحظة, علي نعمه الجليلة أيا كان نصيبه منها فقد حماسه للأشياء.. وصغر في عينيه ما يبدو للآخرين عظيما, وتطلع إلي المزيد بدلا من استكثار الموجود.. واتهم الحياة بالتقصير في حقه بدلا من الاعتراف لها بالسخاء عليه..
ولست أستطيع أن أحكم علي الأسباب الحقيقية لفتور روح زوجتك وفقدها حماسها القديم للأشياء إلا في إطار بعض القواسم المشتركة بين البشر.. ومنها أن يتعامل بعض شركاء الحياة مع الطرف الآخر بمنطق معلم المدرسة الذي يتوقع من تلميذه دائما نتيجة أفضل مما حققه مهما اجتهد التلميذ أو تفاني في الكد والاجتهاد.. وبدلا من تهنئته بما يعتبره هو اجتهادا يتطلع إلي تقديره والثناء عليه, يفاجأ بمن يشعره بخيبة أمله فيه, وتوقعه لما هو أفضل مما فعل.. ولقد يضن عليه بكلمة التشجيع والثناء اعتقادا منه أن في الابتهاج بما حقق قد يضعف همته, ويقعده عن مواصلة الاجتهاد.. وهو اعتقاد خاطيء بكل تأكيد, لأن بخس الناس أقدارهم خاصة من جانب شركاء الحياة لبعضهم البعض, لا يدفعهم للاجتهاد للوصول إلي الغايات القصوي للأشياء أو لبلوغ المثل الأعلي المزعوم للشريك وإنما يحبطهم ويملأ نفوسهم بالمرارة. ويقبض أيديهم عن مواصلة العطاء.. ويذكرهم بمعان كريهة كالجحود والنكران والميل الدائم لانتقاص أقدار الآخرين والاستهانة بعطائهم.. والضن عليهم بما يستحقون من تقدير وتكريم. وليس من المنتظر أن تظل زوجتك بعد اعتيادها الحياة الناعمة علي نفس انبهارها القديم بالأشياء عند ممارستها لها للمرة الأولي في حياتها, ذلك أن آفة كل شيء هي اعتياده واعتباره بعد حين من مألوف الحياة, لكن ذلك لا يحجب عن أعين أصحاب النفوس الشاكرة حقائق النعم التي يرفلون فيها.. ولا يمنعهم من تقديرها حق قدرها.. وشكر خالقهم عليها وأحلها بكل تأكيد بالنسبة لزوجتك الآن نعمة الأبناء وسلامتهم ونجابتهم والحياة العائلية المستقرة, والصحة والزوج المخلص لزوجته برغم المغريات والتمسك بها بالرغم من شكواه والحياة الكريمة والإمكانات السخية.. ولابد لها أن تعرف أن فشل الروح من أخطر ما يهدد سعادة الإنسان, وهو الحال التي يفقد فيها الانسان قدرته علي الاستمتاع بالقدر المتاح له من السعادة والأشياء الجليلة والجميلة المحيطة به..
لأنه كما يقول الشاعر العربي:
من يك ذا فم مريض
يجد مرا به الماء الزلالا
ولهذا فإن واجبها تجاه نفسها قبل أن يكون تجاه زوجها وأبنائها أن تتوقف لكي تعيد النظر إلي حياتها وتسعد بها وترضي عنها وتستعين علي ذلك باسترجاع علامات الطريق الذي قطعته مع زوجها منذ البداية لكي تحسن تقدير الانجاز الذي حققته معك وترضي عنه ولا تغفل عن شكر خالقها عليه.. وتبذل كل الجهد لبعث الحرارة في نفسها وبالتالي في علاقتها بزوجها.. وتعديل سلوكها معه.. واستعادة حماسها للأشياء والحرص علي شريك الحياة.. والتجاوب العاطفي معه.. وحمايته من الإغراءات المحيطة.. وتحصينه ضدها.. والتفكر في الأخطار المتوقعة إذا ظلت سادرة في فتورها وتحفظها وجمودها وتكبرها غير المبرر وفي تعاملها مع زوجها وكأنه واقع غير قابل للتحول أو الانصراف عنها إذا تملكه اليأس منها, لأن كل شيء قابل للتغير إلا قانون التغير كما قال الفيلسوف الإغريقي في الزمن القديم.. ومن حسن الفطن ألا يتمادي المرء في الاعتماد علي الثقة العمياء في عدم قدرة الآخرين علي التخلص منه إذا هو تمادي في الضغط عليهم.. والإساءة إلي مشاعرهم.. وإحباطهم إذ لا ينفع الندم بعد وقوع الكوارث ولا تجدي محاولات الإصلاح بعد فوات الأوان.
أما أنت فإني أحيي فيك استقامتك الخلقية ونأيك عن العبث والمغامرات وصمودك في وجه الإغراءات, والتزامك الديني وتفضيلك للحياة العائلية المستقرة بعيدا عن تجارب الزواج والطلاق المتكررة.. وأطالبك ببذل الجهد للإصلاح حرصا علي سعادة الأبناء وتحقيقا لأهدافك في الحياة العائلية الفاضلة, وبتخصيص الوقت الكافي لزوجتك وأبنائك وحياتك الأسرية, لأن النجاح العملي في الحياة بغير السعادة الشخصية والعائلية يفقد الكثير والكثير من جدواه وقيمته, واطالبك كذلك بأن تنظر الي حياتك وما حققته فيها نظرة شاملة, لترضي عن كفاحك وبرك بوالديك واخوتك, وتوفيقك في الحياة العملية.. وسعادتك بأبنائك.. وخلو حياتك من المآسي الإنسانية والمرضية والاختبارات المؤلمة.. والحمد لله.. بل وأيضا إلي اعترافك لزوجتك بفضائلها الأخري كتدينها وحرصها علي أبنائها وواجباتها تجاه أسرتك.. وحبذا لو استعنت بشقيقتك, وهي صديقتها القديمة ـ علي حثها علي تفادي أسباب الشكوي والكدر حياتك معها, فتكشف لك النظرة الشاملة عن كثير مما ترضي عنه وينبغي لك شكر خالقك عليه.. وتتجاوز عن بعض النواقص التي لا تخلو منها حياة, لأن لكل إنسان من حياته ما يرضيه ويسعده وما يشقيه ويشكو منه في كل الأزمان, ولا تكتمل اللوحة أبدا لأحد من بني البشر من كل الجوانب والتفاصيل الصغيرة.. وإنما لابد دائما من بعض النواقص فارض عن توفيقك في الحياة العملية, واجتهد من جانبك في محاولة تجنب أسباب الخلاف معها, وتفادي استثارة حساسياتها القديمة بعدم التركيز في حديث معها علي الجانب المادي من الحياة أو عن عطاياك لها لكيلا تسيء هي فهم ذلك وتعتبره منا عليها.. وقد لا يكون القصد من حديثك سوي تذكيرها بما أنعم الله عليكما به لكيلا تغفل عنه واقناعها باعتزازك بها وليس المن عليها.. وهي علي اية حال تعتبر نفسها شريكا مؤسسا لك فيما حققت من نجاح.. لكنها ربما لعارض نفسي أو بيولوجي عابر يتعلق بأزمة منتصف العمر لدي المرأة تغفل فقط عن بعض مالا ينبغي لامرأة ذات فطنة أن تغفل عنه في مثل ظروفها.. وظروفك.
مدونة بريد الجمعة مدونة إجتماعية ترصد أحوال الشارع المصرى والوطن العربى مدونة تتناول قصص, ومشكلات حقيقية للوطن العربى مثل: (ظاهرة العنوسة, الخيانة الزوجية, الخلافات الزوجية, التفكك الأسرى, الطلاق وآثاره السلبية على الأبناء, الحب من طرف واحد, مرض التوحد, الإبتلاءات من فقر ومرض وكيفية مواجهة الإنسان لها) ثم يعرض الموقع فى أخر كل موضوع رأى المحرر فى التغلب على هذه المحن
الثلاثاء، ١ فبراير ٢٠٠٠
النظرة الشاملة!
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق