السبت، ١ يناير ٢٠٠٠

حالة خاصة جدا

8/1/2010

سيدى هل انتى الحب من حياتنا؟ هل ما يصل الى بريدك رسائل بلا عواطف, مشاعر قاسية, خيانة وغدر وعنف بين الآباء والابناء وعنوسة وفساد الشباب او فقر ومرض ومذلة؟ هل هذه حياتنا الآن فى (بريد الجمعة) كما كان فى صفحات الحوادث ومسلسلات التليفزيون وبرامجه الليلية الكئيبة؟ الا توجد رسالة بين يديك تصف فيها فتاة كيف تحب فتاها وتهيم به وكيف يستعدان للخطوبة او الزواج؟ الا توجد رسالة من شاب معذب بحب فتاة يراقبها عن بعد لسنوات او حتى لساعات فينقبض قلبه وترتعش اطرافه ويعجز لسانه عن الاعتراف لها بحبه؟ لاتغضب منى سيدى فانا لا الومك ولا اطالبك باختلاق حكايات بعيدة عما تصل اليك ولكنى انتمى الى جيل عرف معنى الحب فعرف معنى النجاح والعطاء وكان للغناء كما للشعر وللرسم وللابداع مكان ومكانة فى حياتنا فى الوقت نفسه اشفق على ابناء هذا الزمن الذين فقدوا الحب ففقدت كل الاشياء معناها وانتشر القتل والفساد فى البر والبحر سيدى لا اريد ان تتحول رسالتى الى درس ووعظ ولا لدى الرغبة فى ادعاء لن يعود على بشئ وصدقنى رسالتى فى بداية العام لها سببان:
الاول: ان اخفف عنك وعن قرائك قليلا وادعوهم الى التعبير عن مشاعرهم ومحاولة احيائها اذا كانت فى طريقها للموت والخروج من دائرة طرح الاحزان والمشلات الى دوائر الحب والاحلام بكل مستوياتها
اما السبب الثانى: فهو انى حالة او قصة تستحق ان تروى قصة للذى (احب ولا طالش) قصة فشل ذريع لحب رائع جدا منذ اكثر من ثلاثين عاما ولم يكتمل ولن ينتهى فزورة هى؟ سأحلها لكم فعندما اتحدث عن حكايتى, تجربتى, حياتى, اشعر بنشوة وتجل واواصل نجاحى وسعادتى فالحب هو سر الوجود, سر الخلود عمرى لا يفرق كثيرا فهو يقاس باحاسيسى التى لم تتغير مازلت حتى الان فى منتصف العشرينات, لا اكذب نعم عمرى الان 57 عاما وفوقها بضعة ايام ولكنى اعيش فى نفس تلك الفترة التى تعلمت فيها الحب وعشته كان صديقا لاخى الاكبر وعلى الرغم من انه ينتمى الى عائلة فقيرة فى بلدتنا الا انه كان مختلفا, مهندما, متفوقا, وفى عينيه نظرة انتصار غريبة ابى كان شخصية صارمة مزهوا باهله وعزوته ولكنه طيب القلب اما امى فكانت متسلطة لا تلين ابدا واعتقد انى اخذت منها صفتها الاخيرة وان اخذت معها من ابى طيبة القلب عكس شقيقتى الكبرى التى كانت صورة طبق الاصل من امى اما اخى فلم يكن له ملمح خاص بلا شخصية تقريبا لهذا كان ابى يفضل صحبته لهذا الصديق الذى كان يحرص اخى على المذاكرة معه بل كان يأمره ويفرضها عليه فيما كانت هذه العلاقة لا تريح امى وتضعها هدفا لها تنفذه بصرامة بعد انتهاء الامتحانات طبيعى ان تتوقع اعجابى بهذا الشاب بل افتتانى به كنت اتسلل فى الليل لاسمع صوته الهادئ المتزن وهو يتحدث فى حجرة شقيقى اخشى النوم فينصرف قبل ان تقع عليه عيناى فى بداياتى الجامعية كنت وفى عامه الاخير كان ماكان..المشاعر لها رائحة تحيى قلوبا وتزكم انوفا ذبذبات مشاعرى كانت صارخة وتلقيت الاشارات من نبضات قلبه فالتقينا وكأننا ما افترقنا ابدا فى تلك المدينة البعيدة وتكررت اللقاءات وتفجرت ينابيع الحب وان لم نتجاوز ابدا فانا اعرف حدودى وهو المحترم الذى اعلن هدفه منذ اللحظة الاولى كان يحب الزهور مثلما احبها ويهوى مطاردة الفراشات يعشق صوت فيروز فى الصباح ويستكين عصرا مع محمد عبد الوهاب وعلى صوت نجاة الصغيرة فيما كنت اختلف رعنه فى حبى الاشد لام كلثوم حرصنا كان شديدا حتى لا يعلم احد بقصتنا التى ملأت عشرات الكراسات فى حجرتى حتى يتم تعيينه معيدا فى كليته ليكون قادر على التجرؤ وطلب الزواج منى فهو يعرف اسرتى جيدا ويعى طريقة تفكيرها ولكن من يمكنه اخفاء الدخان اذا كانت النيران مشتعلة عرفت امى بالحكاية وان لم تعرف التفاصيل سألتنى فلم اكذب فصفعتنى وهددتنى كما هددت شقيقى اذا عرف هذا الشاب او ادخله البيت مرة اخرى حاولت استمالة ابى الى جانبى ولكنه انحاز الى راى امى بانه زواج غير متكافئ ولا يليق بعائلتنا العريقة ان تصاهر مثل هذه العائلة المتواضعة لم ايأس سيدى فانا اعرف قيمة الحب وقيمة من احب فأعلنت التحدى امتنعت عن الطعام ورفضت الذهاب الى الجامعة ولجأت لكل الاساليب بدون ان يغير هذا من موقف اسرتى شيئا وكان حبيبى بدوره يحاول جاهدا أتى بكبار البلد واعلن استعداده لاى شئ يطلبونه قال لهم انه سيكون استاذا بالجامعة وانه سيضعنى على راسه وفى عينيه...الخ دون اى جدوى سيدى لا اريد ان اطيل عليك فليس الهدف من كتابتى الان هو سرد قصة حب فاشلة لم يكتب لها الاكتمال وان كنت اراها مكتملة بالنسبة لى باختصار قد يكون مخلا لم اتزوجه وظللنا نتبادل الرسائل والصور خفية لسنوات كنت قد تخرجت وهو يستعد للحصول على الماجستير ومحاولاته لم تنقطع وموقف العائلة لم يتغير وكان يمكن للامر ان يستمر هكذا لولا انه حصل على منحة للدكتوراة فى بريطانيا وفكر فى عدم السفر لولا انى رجوته ففعل وكانت هذه النهاية استسلم هو للامر الواقع بعد يقينه بانه لا امل فتزوج وهو فى منتصف الثلاثينات اما انا فقد اقسمت على نفسى الا اكون لرجل اخر غير الذى احببت فرفضت العرسان تباعا وفشلت رجاءات ابى واوامر امى وركزت كل طاقتى فى العمل كنت انجح لانى احبه سعيدة بإحساسى الدائم والمتجدد تجاهه كل خلاياى نشيطة سيدى قد تسخر منى او يفعل ذلك قراؤك ولكنها الحقيقة وانا ألامس الستين من عمرى واعيش وحيدة فى شقة فخيمة بعد وفاة والدى سامحهما الله اتشمم اخبار حبيبى واسرته عن بعد واتمنى له كل خير وسعادة اشعر انا الاخرى بكل سعادة فما احلى ان يكون الحب بكل معناه هو دقات قلبك واكسجين تنفسك بحبه اتقنت واخلصت فى حبى لله اشعل الشموع كل ليلة فى حجرة نومى استمع الى فيروز وعبد الوهاب وأفضل بعد شجار يومى معه ام كلثوم على نجاة اخذت نصيبى من الدنيا غير نادمة فتلك السعادة قد لا تحصل عليها زوجات كثيرات عشن مع من احببن او بغضن وهذا ما قصدته سيدى من رسالتى ان الاحساس بالحب هو قمة الحياة لذا فمن يريد الحياة عليه ان يحب ومن يحب لن يقسو او يقتل او يخون احبكم الله وأدام لكم أحبابكم
تعليق المحرر
سيدتى رسالتك غريبة اصابتنى بالارتباك حتى انى فكرت فى نشرها بدون تعليق منى فهذه هى انت (حالة خاصة جدا) لا نستطيع ان نخضعها لمقاييس او ضوابط للصواب او الخطأ, قدرة فائقة على التعامل مع الوحدة والحرمان قدرة فائقة على الاحساس بالشبع والاكتمال والتحقق بالحب الأحادى بالحب الداخلى العميق بالتعايش مع تراث من المشاعر البريئة وكراسات الغرام, فيما الطرف الثانى على الشاطئ الاخر من النهر يعيش حياته كما استسلم لها اتم كل المعدلات التقليدية ولكن هل كان سعيدا, راضيا, مكتملا ومتحققا؟...الله أعلم
سيدتى لا اعتقد انك تريدين منى قولا فانا اتفق معك فى ان الإنسان القادر على الحب قادر على الحياة وعلى النجاح والحب ليس يأسا او انعزالا او انتحارا ولكنه اختيار كامل للنجاح والحياة بالتوحد مع المشاعر الايجابية فى تجاربنا انحيازك كان للحب وقرارك كان عدم الزواج الا بمن احببت وإلا فما معنى الثنائية والتوحد ووالداك رحلا دون ان يسرقا سعادتك الخاصة وان حرماك من حقك الطبيعى فى الزواج وتكوين اسرة بفهمهما الخاطئ للتكافؤ الذى يجب النظر إليه بعين واعية عميقة لمستقبل الطرف الآخر وقدرته على تقليل الفوارق الاجتماعية التى تبدو فى اغلب الاحيان هشة وشكلية التكافؤ يجب ان يكون فى الدين والثقافة والعلم والمستقبل لا فى الثروة ليس هذا موضوعنا سيدتى فلتنعمى بمشاعرك الرقيقة الفياضة والتى اغدقت علينا فشوقتنا الى هذه الاحاسيس الجميلة وليت رسالتك تكون فاتحة خير فى العام الجديد فيتبعها الاصدقاء برسائل تدعو قليلا الى البهجة فقد اعيتنا الآلام والاحزان والى لقاء بإذن الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق