السبت، ١ يناير ٢٠٠٠

اليتيم والحزن

15/10/2010

سيدى اكتب اليك وانا فى حالة من الحزن العميق بسبب اختى الوحيدة نشأتنا كانت نشاة متدينة ومغلقة فى احدى دول الخليج فى اسرة ميسورة بين اب فاضل طيب وام مكافحة المشكلة بدات عندما بلغت اختى سن الزواج وبدا العرسان يطرقون الباب فهى على مستوى عال من الجمال والاخلاق والتعليم (احدى كليات القمة) قدر لها ان تتزوج من احدى الشخصيات المرموقة علميا وسافرت معه الى الخارج فى بعثة علمية بعد الزواج الذى تم رغم مضايقات والد الزوج عنيف الطباع سليط اللسان عاشت حياة سعيدة بالخارج كانت تخبرنى بان احدا لم ير السعادة مثلها ورزقها الله بحمل من زوجها ولكن هذه السعادة لم تدم سوى خمسة اشهر واكتشفت بعدها الصاعقة ان زوجها الطيب الحنون مريض بالسرطان وان له سابقة مرض قبل الزواج ولكنه لم يخبرها لانه كان متأكدا بانه شفى تماما رغم تحذيرات الاطباء له بالكشف المتكرر لتفادى احتمالية رجوع المرض قدرت اختى الموقف واقسم لك ياسيدى انها لم تلمه للحظة وظلت تلح بالدعاء والصدقات ولكن ارادة الله فوق كل شئ فكانت نتيجة الخمسة اشهر طفلا فارق ابوه الحياة عندما تم عامه الاول وبعدما قاست اختى رحلة علاج صعبة فى ظل تسلط اعمى من ابى الزوج الذى فرق بينهما فحرم عليها حتى النوم الى جواره فهو الحاكم الامر الناهى فى كل امور الحياة وصعوبات اخرى لا يسع الوقت لذكرها وظن الجميع ان الدنيا ستعطيها ولو حتى جزءا من السعادة التى سلبتها منها جزاء صبرها واحتسابها فبعد وفاة زوجها خرجت من الاحزان الى العمل ولم يرحمها جد يتيمها فرفع عليها كثيرا من القضايا لرؤية الصغير الذى ابدا لم تمنعه عنه ومنعها من شقة الزوجية وخلال تلك الفترة لم يسأل على ارملة ابنه ولا حتى حفيده اليتيم بل فقط كان جرس الباب لا يدق الا بالمحضرين ليبلغوا اختى بمواعيد القضايا المرفوعة ضدها وفى خضم هذه الاشكالات تقدم لخطبتها الكثيرون ولكنها اختارت من يقبل بابنها لانها تبحث عن اب لابنها وتمت الزيجة من زوجها الثانى على هذا الاساس فهو مطلق بلا اولاد بسبب بعض المشاكل النفسية كان يعمل مهندسا فى احدى شركات البترول واقيل من العمل بعد اشهر من الزواج بسبب مشاكل مالية تخص الشركة كانت الامور تسير ما بين شد وجذب خلال فترة زواجها الثانى بسبب اختلاف الطباع فهو انطوائى غير محب للناس ولا للعمل حيث انه لم يقبل باى عمل نهائيا بعد اقالته رغم توافلر عدة فرص حقيقية ومغرية على مدار ما يقرب العام وانا اشهد له انه كان يعامل ابن اختى اليتيم احسن معاملة كما لو كان ابنه لا سيما انه حرم من الانجاب سابقا بسبب بعض المشاكل كما ذكرت اما اختى هى الاخرى فكانت تحسن معاملة اهله جدا فلم تدخر جهدا فى خدمتهم وارضائهم اما عن جد اليتيم فلم ترد اختى اخباره تحسبا لما قد يحدث منه بابعاد ابنها عنها رزقها الله من زواجها الثانى بطفلة جميلة وحدث مالم نكن نتوقع حيث رفض اهل الزوج الثانى تماما وجود الولد ونقضوا العهد ونسوا ان خير بيت من بيوت المسلمين بيت فيه يتيم يحسن اليه (على الرغم من ان اليتيم ينفق من ماله الخاص) وعندما عارضت وذكرتهم بانه شرط من شروط الزواج انهالوا عليها باتهامات ظالمة افظعها انهم اتهموها بالسرقة بدون ادنى رد او معارضة من الزوج وكأن الامر لا يعنيه الامر الذى نزل كالصاعقة على ابى اثناء المجلس العرفى وتم الاتفاق على ان الفيصل هو حلف اليمين الغموس الذى ليس له كفارة لاظهار براءة اختى وتحدد الميعاد ولكن اختى فقط هى التى حلفت واما والد وام الزوج صاحبا الاتهام فلم يحلفا والزوج لم يحضر اصلا بل وقف على بعد كيلو مترات من المسجد الذى تم فيه الحلف دون ادنى موقف تجاه زوجته التى ظلمت ووضعت فى موقف لا تحسد عليه امام اهلها والحاضرين وبعد هذا الموقف ظلت اختى فى بيتنا لعدة اشهر بلا سؤال منه ولا من اهله ولا حتى على ابنتهم الرضيعة سوى بعض الرسائل او رنات الموبايل من اختى بلا اى رد منه وعندما تدخل الوسطاء كمبادرة من طرفنا لوضع نهاية لما يحدث كان رد والده بنفس اللفظ (قولنا للحرامى احلف قال جالك الفرج) اصرارا منهم على الاتهام ويعلم الله براءتها فذهبت اختى الى المحكمة تطالب بنفقة للصغيرة لعلها تحرك منهم ساكنا ورد هو الاخر بقضية رؤية وبعدها تمت تسوية النزاع وديا فى محكمة الاسرة بدلا من ان تاخذ الشكل القانونى فتنازلت اختى عن قضية النفقة رسميا اما هو فظل متحفظا بقضيته وهو الامر الذى اكتشفناه لاحقا رغم انه عندما سألته اختى اكد لها ان كل شئ قد انتهى ورجعت اختى لتكمل الحياة بدون ادنى رد لكرامتها حيث لم ينطق بكلمة انصاف واحدة امام ابيه فى المحكمة استعطفها فقط بالدموع التى ملات عينيه عندما انفرد بها وانه لا يستطيع ان يحيا بدونها ووعدها بانها لن تحرم من ابنها وان كل ما عليها ان تكبره امام اهله وتعود معه الى بيتها فى نفس اليوم الذى قابلها فيه فى المحكمة اما عن ابنها فتتركه مؤقتا لمدة شهر عند امى الحاضنة له الى حين ان تهدا الامور وامى هى الاخرى اقسمت بان الولد لن يعيش معهم لاخر العمر لانها تعلم برفض الاهل لليتيم وهى تحبه حبا جما ويحظى عندها بقدر كبير من الحنان ورجعت اختى الى بيتها رغبة منها فى استكمال الحياة مع طفليها بدون اى اعتبارات اخرى وتحديدا فى اليوم الرابع من رجوعها فوجئنا بمكالمة عنيفة اللهجة من جد اليتيم مضمونها ان والد الزوج الثانى اخبره بالزواج وبالتالى يحرم على حفيده العيش مع امه لانها تزوجت وبناء على ذلك الابن يحرم عليه امه بامر جده وبمواجهة الزوج اتضح انه ليس لديه علم بفعلة ابيه ولكن كالعادة لم يستطع ان يواجه اباه لماذا فعل هذا لكنه كان يعاملها احسن معاملة لرغبته الشديدة فى استكمال الحياة والحت اختى على زوجها لكى ترى طفلها الذى يبلغ من العمر ثلاث سنوات ونصف ولكنه كان يعتذر وينصحها بالصبر وان الوقت غير مناسب وفى اليوم الذى رأت فيه ابنها لمدة خمس دقائق فى الشارع تحت بيتها ظل يبكى ويقول (انا عايزك يا ماما انا عايز اطلع معاكى) وخرج من بين احضانها وهو يبكى بحرقة مما اثار شعور الامومة المتفجر بداخلها فلم تجد الام الحائرة الا ان تفر من المنزل هاربة لترى طفلها مقررة الانفصال بالطلاق ولكنها سرعان ما ترددت فى قرارها بعد مكالمة بكاء منه ورغم اعتراف اختى لزوجها بان خروجها من بيتها بهذه الطريقة خطأ فادح فى عدة مكالمات تمت بينهما الا انه سرعان ما اقام عليها دعوى طاعة هذا بالاضافة الى قضية الرؤية السابقة ومع كل هذا ذهبت اختى تطرق باب محامى زوجها لتسأله ان تكمل بالمعروف او تنفصل بالاحسان فاخبرها ان زوجها اتخذ موقفا تجاه اهله فسحبوا منه مفاتيح السيارة وقاطعهم سيدى اختى فى حالة من الضياع زوجها يقول انه متمسك بها وبابنها وبالحياة الى اخر يوم فى عمره ولكنه دائما لا يفى بوعوده فليس لديه القدرة ان ينفذ وعدا قطعه على نفسه فى ظل تسلط الاهل واختى هى الاخرى تريد الرجوع بشروط وهى ان يعمل ويعتمد على نفسه والا يحرمها من ابنها ويستقل عن اهله يصلهم صلة الرحم الواجبة بدون تدخل منهم والا فلا… الان تحارب فى ثلاث جبهات جبهة جد اليتيم, اهل الزوج,وامى فى ظل ضعف شديد من الزوج تساؤلات كثيرة بداخلها هل تقبل ان تعيش مع هذا الزوج واين الامان مع زوج ابقى على القضايا حتى بعد الصلح او من اهله الذين نقضوا العهود وهل من العدل ان تقبل بزوج بلا عمل لتنشأ ابنتها بين اب وام ويبقى ابنها بلا اب ولا ام وما هو مصير هذا الطفل اذا توفى الاجداد واذا قررت الانفصال هل تستطيع ان تواجه الحياة بطفلين بمفردها بلا سند سوى الله سيدى اختى الان اصبحت خائفة من كل شئ فى حياتها لا سيما انها اصلا ذات شخصية مسالمة حسنة النية الى ابعد درجة رومانسية تحتاج دائما الى حنان وعطف سيدى انا اخشى عليها اذا قدر لها الحياة بمفردها فمن سيقبل بامراة بطفلين على الرغم من صغر سنها وجمالها ولك ان تعلم انه كما ان فترة زواجها الاول لم تدم طويلا فان فترة زواجها الثانى لم تدم سوى سنة وشهرين سيدى اعتذر على الاطالة وارجو ان ترد فى اقرب فرصة لان القرار سيعتمد على رايك بصورة كبيرة
تعليق المحرر
سيدى هذا النع من المشكلات يضع الانسان فى مأزق فالرأى هنا مسئولية و الرائى هنا قد يتعاطف مع مسيرة وشخصية شقيقتك الوديعة المسالمة وغير المحظوظة فى اختياراتها فينصحها بالنجاة بنفسها من تلك الحياة البائسة خاصة ان المؤشرات لا تنبئ بتغير الاحوال وقد يحكم عليها الرائى والناصح بالشقاء عندما يطلب منها ان تستمر مع زوجها من اجل طفليها ولكنى سأحاول ان اتجرد وانا اشارككم التفكير وسأنتهزها فرصة للتوقف اولا امام اختيار شريك الحياة فما حدث مع شقيقتك فى زيجتيها يكشف عن عدم السؤال والتخير والتعجل فكثير من الابناء وخاصة البنات يغفلن بمشاركة الاهل التأكد من صفات وطباع اهل العريس او العروس استنادا الى انهما لن يعيشا معهم ولكن تجارب الحياة ومحنها تعلمنا ونحن نعانق الزهرة او نصطحبها فى بيوتنا وقلوبنا ان نتأكد من صفاء اوراقها من الشوك او اعوجاج العود فان لم يكن (العرق دساس) فإن سوءات هذا العرق ستمتد حتما الى شركاء الحياة سيدى والخطاب هنا الى شقيقتك لا يجوز لى توجيه لوم او عتاب الى زوجها الراحل لانه اخفى عنها حقيقة مرضه ولكنها ايضا فرصة للتأكيد على حق الطرف الاخر فى معرفة كل شئ يخص صحة وتاريخ شريكه قبل الموافقة على الزواج فلو كان الراحل قد اخبر زوجته بحقيقة مرضه ولا اعتقد انها كانت ستغير رأيها لاهتمت به وتابعت حالته حتى وان رفضت فهذا حقها سيدتى كررت اخطاءك فى الزيجة الثانية وربما لضعف خبرتك فى الحياة وطيبة اهلك الكرام فتزوجت من رجل انطوائى, ضعيف الشخصية, تاركا قيادته لوالده, وها هى النتيجة, مولود جديد وصراعات ومحاكم واتهامات سيدتى الطلاق الان لن يوفر لك راحة البال وستعيشين فى صراع دام مع جد يتيمك وزوجك واسرته ويبدو من الحكى ان زوجك طيب القلب, محب, بدليل حسن معاملته لابنك قبل ان تتدخل اسرته هذا التدخل السافر والقاسى فحاولى ان تستميليه وتشجيعه على العمل لان جلوسه فى البيت واعتماده المادى على اهله احد الاسباب الرئيسية لضعفه امامهم اعرف ان هذا ليس بالامر اليسير ولكنه الخيار الافضل لك ولطفليك وفى نفس الوقت اذكر زوجك بمسئوليته عنك وبما يجنيه من رضا الله عليه ورحمته به عندما يرفق بك ويراعيك انت وطفلك اليتيم الذى قد يكون سببا كريما من الله سبحانه وتعالى لدخوله الجنة ولعلها تكون فرصة لمخاطبة قلب جد اليتيم الذى لن يكون سعيدا وحفيده ووالدته فى حزن وشقاء وقلق هل يسعده ان يغرس فى قلب الصغير حقدا وكراهية؟ هل بعد رحيله اطال الله فى عمره يحب ان تصبح ذكراه مدعاة للحزن ام فرصة للمحبة والدعاء له؟ ونفس الاسئلة اطرحها على والدى الزوج الحالى فما فات اكبر بكثير مما هو آت فلا تظلما ابنكما بضعفه الانسانى والمادى وثقا بأن سعادته واستقراره سعادة وفرح لكما سيدتى حاولى مرة اخرى استعيدى صبرك واحيطى زوجك بحبتك وحنانك تجاوزى عن اخطاء اهله فى حقك لا تجعلى الطلاق سيفا مصلتا على رقبته طوال الوقت فلا تشعرينه بأنه قد يخسر اهله ثم يخسرك كونى عونا له على نفسه وعليهم استثمرى حبه لك ورحمته بيتيمك فى اجتذابه وتحريضه على العمل ولا يبقى لى وللقراء الا الدعاء لك بأن تعيشى مع طفليك فى سعادة تعوضك عن الشقاء الذى عايشتيه والى لقاء بإذن الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق