السبت، ١ يناير ٢٠٠٠

مدرسة الصبر

8/10/2010

ارسل لك ياسيدى هذه الرسالة لمن لايرضى عن حياته وظروفه ليتأسى بها ويحمد الله على ما مر به من ظروف مهما كانت فكل فرد فينا عندما يرى ظروف غيره يرضى بما قسمه الله له
انا شاب فى الثلاثينيات من العمر اسكن فى احدى المدن الساحلية بعد التخرج التحقت بوظيفة حكومية واثناء العمل حصلت على دراسات عليا ولكن وجدت اننى لابد ان ابدا حياتى المادية العملية الحقيقية بالاضافة الى اننى لا احب التقييد لذا حصلت على اجازات سنوية وبدات بالعمل الفعلى بالتجارة بدات بخمسمائة جنيه فقط ومع الوقت والتقدم فى العمل وفقنى الله فى تكوين راسمال جيد جدا بعد كفاح مرير جدا اثناء ذلك وفقنى الله وتزوجت ثم بدات الابتلاءات فبعد فترة من الزواج وتأخر الانجاب اخبرنى كل الاطباء بانه من المستحيل حدوث حمل وولادة والعيب من جانبى فلم اجد غيره سبحانه وتعالى الجأ اليه فلم يردنى والان رزقنى الله بثلاث جواهر والحمد لله واستمرت الحياة والعمل والكفاح اتحمل المنافسين فى العمل من ناحية واتحمل ما يحدث من المقربين جدا لى من حقد وحسد دائمين ورغبة قوية منهم فى انهاء حياتى العملية بصورة غير مباشرة وغير مبررة واولهم زوجتى وانا بالطبع اتحمل سنين وراء سنين ومع مرور الوقت تقدمت فى عملى واصبح لى فروع عديدة ومصالح اخرى فلى مجالات اخرى ومع كل ذلك حياتى كلها عبارة عن شيئين فقط: الاول عبادة الله والتزامى بكل فروضى دون تزمت والثانى التركيز فى عملى مع مساعدة كل من يستحق وايضا من لا يستحق عملا بالمثل القائل(اعمل الخير وارمه فلى البحر) وايضا (صاحب العمل الخير قال يارتنى كترت منه ,وصاحب العمل الرضى قال يارتنى ماعملت) وهذه كانت حياتى فضلا عن الحديث (اعمل المعروف فى اهله وغير اهله) وفى خلال عام واحد حدث ما لا توقعه بداية من مرض اولادى الثلاثة مرورا بعدم القدرة على الحج قبل الوقفة ببضعة ايام بسبب حصول شركة السياحة على اموال الحجيج واختفت وصولا الى خيانة احد الشركاء فى اكبر صفقة فضاع معها الكثير ثم سرقة فرع من الفروع ثم توقف العمل فى فرع اخر وفجأة توقف العمل حمدت الله وصبرت وحاولت الوقوف مرة اخرى فى السوق ولكن ظروف الركود والكساد الاقتصادى واهتمام الناس بالحاجات الاساسية اكثر ساعد على عدم العودة مرة اخرى فضلت ان اساوى كل امورى المالية بحيث لا يوجد اى ديبون على عاتقى وان اعطى لكل ذى حق حقه ولم يعد يوجد اى ديون لاى فرد وبالطبع كلما حدث امر مثل ما حدث احمد الله واصبر واتذكر الحديث القدسى (صبوا عليه العذاب فانى احب ان اسمع صوته) وهكذا وطبعا ذلك كله تبعه هروب كل الاصدقاء وتذمر الاقارب وما احزننى توقفى عن مساعدة من كانوا ينتظرونى شهريا ولكن لهم رب اسمه الكريم وبالطبع تبعه تذمر زوجتى الشديد وغضبها الدائم وعدم تحملها للوضع الجديد هى وغيرها
بالطبع مع هذه الظروف اضطررت للرجوع الى العمل فى وظيقتى الحكومية وما عانيت منه من كل النواحى من قلة الدخل مع الروتين والقيود بالاضافة الى الحرج الدائم من اشخاص كانوا فى يوم ما موظفين عندى ومن شابههم ومؤخرا بدات حياتى تسير فحدث لى حادث مؤلم جدا وضياع اخر حاجة كنت املكها وكانت باقية من ايام العمل الجميلة وهى سيارة حديثة جدا لقد انتهت تماما وسط دهشة المحيطين وعدم اهتمام الكثير منهم فقد تعودوا على حدوث كثير من الانتقام لى عند غير المحبين
سيدى الفاضل قصدت اعرض مقتطفات من حياتى لكى يقرأ ذوو البلايا ويعرفوا انهم ربما افضل حالا مما انا عليه وما انا عليه الان هو فضل ونعمة من الله هو حال عزيز قوم لكن لم يذل الا لله وحده …اللهم انى عبدك الذليل وانت العزيز وهل يرحم الذليل الا العزيز الهى انا الفقير وانت الغنى وهل يرحم الفير الا الغنى الهى انا العبد وانت الرب وهل يرحم العبد الا الرب
سيدى الفاضل ارجو ان اكون ساعدت من اقرأ مشاكلهم فى بريدك الاسبوعى بان يعلموا ان رحمة الله واسعة وفرجه قريب (ان مع العسر يسر) ما يحدث لنا الان هو الخير (لو علمتم الغيب لاخترتم الواقع) ولا اسألكم الدعاء بان يرفع عنا الله جل جلاله الإصر والبلاء وان يرزقنا العفو والعافية وان يرزقنا من عنده بكرمه وفضله بوظيفة مناسبة ذات دخل مناسب من خلال عمل شريف وحلال وليس به اى شبهة والله الموفق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعليق المحرر
سيدى كثيرون يغفلون عن ان ما بين ايديهم او ما يكنزون قد لا يكون لهم هم فقط مؤتمنون عليه وليس رزقهم فالرزق كما فى المال فى الصحة والمرض فى الاصدقاء والاعداء فى الازواج والابناء فاذا وعينا بهذا وسلمنا به لاسترحنا وتعاملنا مع الحياة بما تجود راضين بخيرها وشرها ففى سورة الإسراء يقول سبحانه وتعالى (واذا انعمنا على الانسان أعرض ونأى بجانبه, واذا مسه الشر كان يئوسا, قل كل يعمل على شاكلته فربكم اعلم بمن هو اهدى سبيلا) وها انت سيدى من الصابرين المحتبين وحوارى معك الان ليس لك فانت ممن نقتدى بهم ونحتسبك ممن قال فيهم الله فى كتابه الحكيم: (سلام عليكم بما صبرتم, فنعم عقبى الدار) ولكن كلامى الى الذين لا يتحملون ما ابتلاهم الله به فيعلنون يأسهم وينتظرون الموت بل يترجونه بدلا من مواجهة نوائب الحياة فليس الشقاء ان تكون اعمى بل الشقاء ان تعجز عن احتمال العمى كما قال الشاعر والفليسوف (جون ميلتون): (ان تحمل المحن الصعبة هو تطهير للروح والبدن والطريق الشاق الى حصد المنح لمن يرضى ويصبر ويكون من الشاكرين لذا فإنى اتعجب كثيرا من الذين يلقون بأنفسهم فى الماء قبل ان تغرق السفينة فلو صبروا وجاهدوا ربما اصلحوا السفينة ونجوا وانقذوا معهم اخرين, من يتجاهل قسوة سريره ينم جيدا) هكذا قال الحكماء قديما فالتصالح مع الواقع المؤلم والبحث عن فرص للحياة معه أجدى من البكاء عليه فاستدعاء الألم وتأمله والاستسلام له لا يجلب إلا الألم واليأس أبعدهما الله عنكم جميعا وإلى لقاء بإذن الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق