السبت، ١ يناير ٢٠٠٠

الملاك الحارس

27/8/2010

لم يكن يخامرنى شك انه سياتى اليوم الذى ساكتب فيه حكايتى لاكون احد ابطال بريدك الاسبوعى واعتقد ان الوقت قد حان لذلك فارجو ان يتسع صدرك لقصتى لقد ولدت لاسرة بسيطة ورقيقة الحال فى اقاصى صعيد مصر لاب تقى ورع لايترك صلاة الا فى المسجد وام رءوم تقطر حنانا وعطاء وكنت اكبر الابناء ونظرا لرقة حال اسرتى وضيق ذات اليد بدات العمل مبكرا منذ كنت فى الصف الخامس الابتدائى اسافر الى القاهرة تسبقنى دموع امى ودعوات ابى بان اعود اليهما سالما فكنت استقل قطار الفجر قطار الصعيد المتجه صوب العاصمة لكى اعمل طوال شهور الصيف كان كل صيف له رزقه كما يقولون فكنت اتقلب بين شتى انواع المهن بين صبى فى مقهى الى بائع للجرائد الى عامل فى مطعم الى بائع جائل فى حوارى القاهرة وازقتها..الخ فى مهن بسيطة وكنت اعمل باجتهاد طوال شهور الصيف ويكون شاغلى الاوحد هو ان اجمع ما يكفى من المال لاسدد مصاريف دراستى من الكتب وغيرها واشترى لنفسى قميصين وبنطلونين وشنطة للعام الدراسى الجديد وحذاء ولا انسى ان اشترى كعادتى كل عام علبة من الحلويات الشرقية التى يعشقها اخوتى الصغار ونحتفل عند عودتى باكلها معا ولا استطيع ان اصف لك ياسيدى ولقرائك الكرام مدى الشوق الذى كان يعتلج صدرى لكى ارى وجه ابى وامى واخوتى وان اكون بينهم عند عودتى فى القطار وانا اراقب المحطات تمر بطيئة ويكاد الشوق اليهم يقتلنى بعد فراق دام اكثر من ثلاثة اشهر بعيدا عنهم فى زحام وضجيج القاهرة وكيف انسى اذا نسيت انهار دموع امى عند عودتى وابتسامات ابى وتحلق اخوتى الصغار حولى فرحا بعودتى وشوقا لاكتشاف هداياى لهم فكنت اضع كل ما جنيت من مال فى كف ابى الحبيب ومضت بنا الايام على هذا المنوال ياسيدى سنين اعمل كل صيف فى القاهرة واعود الى اهلى فى الصعيد فى الشتاء من اجل المدرسة وفجأة نزلت بنا نازلة من نوازل الدهر وفقد ابى الحبيب عمله ولم يعد لاسرتى الصغيرة اى مصدر للدخل وتزلزلت حياتنا وشعرنا ان رياحا عاتية عصفت بنا فجأة وبلا مقدمات وكنت ان ذاك قد بلغت الصف الثالث الثانوى ومازلت اذكر تلك الفترة القاسية وتلك الشور العجاف حدث ذلك منذ اثنتى عشرة سنة كاملة ولقد بلغ من سوء الاحوال اننا لم نكن نجد ما ناكله سوى الخبز الجاف تضعه امى فى الماء فناكله او تطحن هذا الخبز الجاف وتخلطه بالملح لنسفه سفا على سبيل التغيير فقد علمنا ابى الكريم عفة النفس قبل كل شئ وكان يقول نموت جوعا ولانسأل الناس كسرة خبز ومرت هذه الفترة كما شاء الله لها ان تمر بمرها وبمرها حيث لم يكن فيها شئ حلو حتى انتهيت من امتحانات شهادة الثانوية العامة وركبت قطار الفقراء متجها نحو القاهرة لكى اضرب فى الارض واسأل الله من فضله ومهما وصفت لك ياسيدى قسوة هذا الاحساس بالعجز وان ترى الاحباء الغاليين من حولك يعضهم الجوع صبح مساء بانيابه وانت لا تستطيع له دفعا ولا منعة كان هناك فى قلبى حزن عميق ينهش فؤادى حزنا على ابى وامى
نزلت قاهرة المعز هذه المرة بجسد يابس عضه الجوع ويدين معروقتين وعيون حبلى بالامال والاحلام احلام بسيطة هى ان احمل الدفء والشبع الى ابى وامى ورغم انى كنت صبيا فقيرا الا انى كنت على قدر وافر من الثقافة وقارئ بامتياز وكنت اقرا للقدامى والمعاصرين على السواء وحدثتنى نفسى ان اطرق باب الكتاب والصحفيين (اصدقائى) الذين اقرأ لهم فلقد كنت استشعر تلك الصلة النبيلة بين الكاتب والقارئ ومن طول ما قرأت لكثيرين كنت اعدهم(اصدقاء) لى فهم ممن يحملون مشاعل العلم والحق والفضيلة واكيد هم اول من يهب لنجدتى فى هذه المحنة القاسية كان الله قد وهبنى اسلوبا رشيقا فى الكتابة ولغة عربية سليمة وثقافة عربية اصلية بشهادة الجميع فى مدرستى الثانوية حيث كنت احرر مجلات الحائط التى يمتدحها الجميع وقد عزمت على ان ازور الكتناب والصحفيين المفضلين لدى على امل ان يستخدمنى احدهم للعمل فى الصحف التى يعملون بها لم لا؟ هكذا كان ظنى فقد كانت خبرتى خبرة سنى فى هذا العمر فلقد طرقت باب عدد من الكتاب المفضلين لدى فنجحت فى مقابلة البعض والبعض الاخر قيل لى ان بينى وبين لقائهم خرط القتاد فلابد من موعد سابق…الخ اما الذين نجحت فى لقائهم فمنهم من صرفنى بادب ومنهم من لم يهتم ىومنهم من طردنى وكان الحزن يتراكم شيئا فشيئا بداخل قلبى الغض ووجدت البون شاسعا بين الكاتب واخلاقه الشخصية وصدمت صدمة عمرى فى هذه السن ولم اكن اعلم ان الدنيا اكثر تعقيدا وان اصحاب القلوب المعتمة فى كل مهنة وفى كل حرفة وتعلمت ان بين الابيض والاسود درجات من الالوان وسعيت نحو لقاء كاتب كبير واستمع لى على عجل وكنت الحظ عدم اهتمامه اثناء حديثى وعندما قلت له انى موهوب وارغب فى العمل لديكم فى الجريدة واريد تزكية منك لذلك ضحك منى ضحكة ساخرة لن انساها كانت غاية فى الاستهزاء والازدراء وقام من خلف مكتبه واضعا يده فى يدى بمبلغ من المال قائلا: خذ دول وامشى متعطلنيش فنظرت اليه فى ذهول وشعرت بغصة فى حلقى وشعرت باهانة بالغة ورغما عنى وجدت كرامة الصعيدى بداخلى تثور على الرجل الاشيب صائحا فى وجهه انا لست شحاذا وانما انا اليوم نادم على الوقت الذى ضاع من عمرى اقرأ لك والقيت بالنقود على مكتبه ووقف الرجل مبهوتا كأنه ما توقع هذا الفعل منى وانصرفت وكان قلبى المكلوم قد فاض من سوء استقبال الناس لى وعدم اكتراثهم لامرى واسودت الدنيا فى وجهى لا ادرى لى قبلة ولا اعرف لى وجهة كأنى فى بحر لجى لا يبين له على البعد شاطئ وخرجت من مكتب هذا الرجل فى تلك الليلة كافرا بكل من كنت اعتبرهم قدوة ومثلا وقادتنى قدماى الى كوبرى قصر النيل وشعرت بان القاهرة على اتساعها قد ضاقت بى فلقد لفظنى الناس جميعا واوصدت الابواب فى وجهى واستبد بى اليأس والقنوت وشعرت بالغضب ولا احيد عن الصدق ان قلت لك ياسيدى لقد شعرت بالكراهية الشديدة للناس ولهذا المجتمع القاسى الذى لا يرحم عذاباتى ولا يشعر بى كرهت كل السيارات الفارهة التى تمرق امامى وكرهت الناس وفى تلك الليلة وفوق كوبرى قصر النيل عرف الكره والسخط والقنوط طريقه الى قلبى وتساءلت اين جوائز السماء التى تهبط على الصابرين المحتسبين التىيبشر بها بريد الجمعة الذى تربيت عليه وعلمنى الفضيلة وكأن المدينة كلها قد اصابها الخرس وتملكتنى رغبة يأس لم اعرف لها مثيلا فى حياتى وكدت اشرع فى القفز الى مياه النهر الدافق عندما شعرت بمدى عجزى ان ارفع عن ابواى ما يمران به من قحط وجدب وجوع لولا ان تذكرت مدى الحزن الذى قد يعصف بقلب ابى وامى لموتى تذكرت وجه ابى الحبيب عيناه الطيبتين المتعبتين وارخاء الهدب المثقل شاربه المهمل تذكرت دموع امى وعينيها التى كقنديلى زيت فى المسجد الاقصى طالما اضاء لى الدرب وبدعواتها ولثماتها على جبينى ومنعنى ايضا بقايا ايمان مازال يعمر قلب صبى ساذج من اقاصى صعيد مصر بقايا ايمان ان الله يسمع ويرى ولم اكن اتخيل ان الايام القادمة حبلى بالاجمل والافضل وان للسماء رايا اخر وفى احد ارقى احياء العاصمة فى مكتب فخيم وجدتنى اجلس امام سيدة من سيدات المجتمع المخملى لمجتمع القاهرة وهى واحدة من دعاة التنوير وهى احد الرموز الوطنية التى يشهد لها بالنزاهة وتدافع عن الضعفاء والمعوذين ولقد كان هذا اللقاء منذ اثنتى عشرة سنة قلت لها رايتك تتحدثين عبر شاشات التلفزة عن العدل والفضيلة اين العدل ياسيدتى اين العدل وابى وامى لا يجدان الخبز الجاف فى صعيد مصر اين حراس الفضيلة بين امواج الكذابين والمنافقين هل العيب فى الكتب البلهاء التى افسدت عقلى على مر السنين التى تتحدث عن الصدق والرحمة والخير بداخل كل انسان ان العدل يتهاوى فى العالم وقد كفرت بالفضيلة التى لم يعد لها عنوان كنت اتحدث بحمية اهل الجنوب بغضب تارة وتجول قبضتى فى ارجاء المكان تارة اخرى كنت غاضبا وساخطا كنت اريد ان انسف وادمر هذا المجتمع الذى لم يحترم معاناتى ويشعر بعذاباتى وكانت فى المقابل تستمع لى بقلب خاشع واهتمام صادق وتومئ براسها بين الحين والاخر تفهما وايمانا بصدق كلماتى وشجعتنى ان احكى لها عما مررت به فحكيت لها واستمعت لى بقلب قديسة من القديسين وعندما جاء الحديث عن ابى وامى واخوتى فاضت عيونى وبكيت بالدمع السخين متألما وبكت السيدة الفاضلة لبكائى فكفكفت بيديها الطاهرتين دموعى وربتت على كتفى بحنو بالغ وشعرت بارتياح يغمر المكان وبسكينة تعبر من طرف الغرفة الى الطرف الاخر قلت لها انا لست شحاذا ولا اريد منك سوى ان تساعدينى فقط فى ان اخرج من مصر مهاجرا وسوف اكتفى بالثانوية فقط ساعدينى ان اذهب بعيدا واعمل كثيرا فلم يعد فى هذه الارض مكان كل الذى ارجوه مكان تحت الشمس وسط الطيبين او اتركينى اقفز فى النهر منتحرا او اطلق الرصاص على راسى المتعب وارتاح فطلبت منى ان اتم تعليمى واقنعتنى ان اعود الى الصعيد لاعمل بجانب اهلى وكما وعدتها عدت الى الصعيد وانتظمت بالدراسة فى الجامعة وعملت فى فرن للخبز الفينو بمبلغ خمسة جنيهات عن كل ليلة بالاضافة الى خبز بقيمة جنيه واحد احمله فى نهاية ورديتى الى ابى وامى كل صباح لانى كنت اذهب للجامعة فى الصباح واعمل فى المساء اما السيدة الفاضلة فقد ارسلت لى من حر مالها راتبا شهريا محترما جدا يضمن لى ولاسرتى معيشة كريمة يصلنا حتى باب البيت كل شهر وما تخلفت عن ارساله ابدا حتى اتم اخوتى كلهم دراساتهم الجامعية وكان الذى يأسر قلوبنا ليس المال الوفير الذى ترسله ولكن من عجيب امر هذه السيدة الفاضلة ذلك الاهتمام الصادق بكل احوالنا فكانت اسلاك الهاتف تحمل لنا صوتها المشبع بكل حنان الدنيا تسأل عن كل فرد من افراد الاسرة على حدة تناقشنى فى كل شئونى تغرق فى تفاصيل حياتنا البسيطة فتسألنى عن سير العمل فى الفرن ومستواى الدراسى وتطمئن على صحة اخوتى الصغار عن اخى اغلذى اصابه مغص الاسبوع الفائت فكم من ليال كان ياتينا صوتها العذب من اخر بلاد الدنيا تسأل عنا وهى فى اسفارها حول العالم فقد يزداد عجبك ياسيدى وكذلك قراء بريدك المحترمين اذا علمت ان هذه السيدة الفاضلة ليست ربة منزل لديها من الوقت الكثير فهذه السيدة الكريمة التى تهتم لامر صبى فقير وهى تراس وتدير اكبر المؤسسات المالية فى الوطن العربى كما انها مشغولة حتى اذنيها بالعمل العام فى جميع دول العالم ومع الامم المتحدة وغير من المؤسسات الدولية فقد كان يكفى من هذه السيدة الفاضلة ان تلقى لنا بالمال كل شهر ولا يلومها احد وكانت ومازالت حتى كتابة هذه السطور هذه السيدة العظيمة طوال اثنتى عشرة كاملة منذ لقائنا الاول درعا وحماية وسندا وملجأ تقينا غوائل الايام وعاتيات الليالى فعندما احتاجت امى الغالية الى جراحة مكلفة جدا بدون ان اسألها وجدتها ترسل لى شيكا بالاف الجنيهات لتضعه بين يدى وقبل ارسال الشيك وبعده سيل من الاتصالات تسأل وتهتم وتشاركنا الاطمئنان على صحة امى الحبيبة ولم تسألنى ابدا عن فاتورة او مستند كنت كلما زرتها فى بيتها العامر وتصادف وجود زائرين وضيوف لديها تقدمنى الى ضيوفها قائلة (فلان ابنى) وهل تصدق ياسيدى ان هذا الصنف من الملائكة مازال يعيش بيننا؟ وانهيت دراستى الجامعية وكنت مثل كثيرين اريد ان اسافر على غير هدى الى الخارج فقالت لى انا اقترح عليك ان تكمل دراستك العليا وسوف اتكفل بكامل نفقاتها وان تطور مهاراتك وتنمى نفسك فى بلدك وهنا اخذنى حماس الشباب او بمعنى ادق طيش الشباب فدافعت عن رايى بعنف وقلت لها انها ظالمة لانها تمنعنى من حريتى فى الاختيار وارغيت وازبدت وعلا صوتى فوق صوتها تخيل ياسيدى انا شاب من الشارع يعلو صوتى فوق صوتها ويخوننى التعبير وتصبر على ولا تغضب لنفسها اى نبل انسانى قد خطه الله فى قلب هذه السيدة فقالت لى بهدوئها المعهود لو هتسافر هتسافر تحت رعايتى وقالتها بحزن فقلت لها اعتذر لو كنت اغضبتك فقالت لى: انا امك مستحيل ازعل منك انا ازعل عليك. وطلبت منها ان تقطع الراتب الذى ترسله لنا فرفضت رفضا قاطعا واخبرتنى انه عندما تستقيم امورى فى الخارج واقف على قدمى سوف تفعل وسافرت على امل تحقيق الثراء السريع وهناك على البعد رايت الدنيا على حقيقتها وعرفت معنى النصيحة التى لم استمع اليها وقررت ان اكمل دراستى فى الخارج فارسلت لىالاف الدولارات فكنت اعمل وادرس بجانب عملى وعدت من الخارج عودة الابن الضال وارتميت فى حضنها وظللت اقبل راسها ويديها واقول لها لقد كنت مخطئا يا امى وكنت على صواب رفقالت لى بحنانها المعهود المهم انك عدت بخير وبدات رحلة البحث عن عمل بعد ان عدت بالشهادات التى حصلت عليها من الخارج وبعد فترة وفقنى الله للعمل فى مكان مرموق ماديا واجتماعيا وبدات من النقطة التى كانت قد نصحتنى بها قبل السفر فقد سجلت للدراسات العليا فى احدى الكليات وبدات انمى مهاراتى المختلفة وتعلمت قبل كل شئ ان استمع الى حكمة الكبار وتقدمت فى دراستى وسوف اناقش الماجستير خلال ايام كما اتمتع فى عملى بفضل الله بحب الزملاء واحترام الرؤساء وبعد العمل اقضى المساء متنقلا بين الجمعيات الخيرية كعضو متطوع ادرس واعلم وانقل ما تعلمت للشباب والشابات فى دورات منخصصة بالمجان واحاول ان اضئ الدرب لشباب فى ذات الموقف الذى كنت فيه منذ اثنتى عشرة سنة فأخذ بيد ارملة او مريض محاولا ان ارد الجميل لبلدنا العظيم مصر فى تعليم اولادها واجتهد ان اقلد هذه السيدة الفاضلة فى افعالها معى ولكن هيهات هيهات تلك السيدة العظيمة التى لولاها لما كنت اليوم ولا كانت هذه السطور لقد مر اثنت عشر عاما وحتى اللحظة مازالت هذه السيدة العظيمة ترسم معى بافعالها واقوالها لوحة فريدة من التواصل الانسانى النبيل بين سيدة كريمة وصبى بائس حائر أولته برعايتها وصدق اهتمامها وصبرها حتى صنعت منه شابا ناجحا قويا نافعا لنفسه واهله ووطنه فقد كنت صبيا موتورا ساخطا فصاغت منى بالايمان شابا محبا بل عاشقا لبلده معطاء لوطنه يقضى كل مساء يعلم الاولاد والبنات ويكفل الايتام ويسعى على الارامل والمساكين سيدى ان كانت صفحات الجرائد تغص بقصص الفساد وقوائم اسماء المفسدين والمفسدين واصحاب القلوب المعتمة ورائحة اللصوص التى تزكم الانوف صبح مساء تسرق من نفوس شبابنا الامل فى اهل الخير وتزرع اليأس الا يستحق الطيبون المخلصون الذين يعملون فى الخفاء ان نفسح لهم المجال وان نذكر اسماءهم وان نشير اليهم ليكونوا مثلا وقدوة ونموذجا يحتذى الا تستحق هذه السيدة العظيمة ان نكرمها ونحتفى بها وندعو الله مخلصين ان يكثر من امثالها وان يكرمها بريد الجمعة وقراؤه بلى ياسيدى انها تستحق انها الاستاذة منى صلاح ذو الفقار المحامية الدولية المرموقة ابنة الفنان الراحل صلاح ذو الفقار هى لا يعنيها ولا تنتظر ولا تعلم انى اخط رسالتى اليك فمن يفعل فعلها طوال السنوات الطويلة الماضية لا ينتظر من مخلوق جزاء ولا شكورا ولكن حسبى ان نقدمها مثالا يحتذى لكل الشرفاء فى ربوع مصر وان نقدم اليها اكاليل الغار ونشد على يديها فهل تفعل ياسيدى ونكرمها جميعا فى بريد الجمعة؟ لعله يجد فى رسالتى هذه صبى بائس الان الامل نعم الامل الذى كنت افقده واقفز فى نهر النيل منتحرا لعل فى رسالتى هذه عبرة ودعوة لكل صاحب مال او جاه او نفوذ ان يكفل اسرة بصدق وان يوليها اهتمامه ورعايته ان يمد يده لشاب فقير او فتاة ضعيفة وان يكون طوق نجاة لاسرة تصارع امواج الحياة وتستمهل الغرق نعم ياسيدى لن اكفر بالطيبين لن اكفر بالمصريين وان بيننا نفوسا تزرع الخير وان سنابل القمح مازالت بخير وان مازال بيننا قديسون واخيار
وفى الختام اود ان اتوجه برسالة مفتوحة الى ذلك الملاك الحارس الذى رعتنى سنوات طوال ومازالت الى الاستاذة منى ذو الفقار(ماما منى التقيتك منذ اثنى عشر عاما كانت لى اذن صما وعيون غمضاوقلب كسير فأرهفت منى السمع واضأت عيونى بالحب وادخلت السرور الى قلبى وثقفت عقلى وهذبت نفسى واعدتنى الى الحياة خلقا جديدا اشهد ربى فى هذا الشهر الكريم انك فتحت لى بابك واكرمت وفادتى واحتفيت بى فى الوقت الذى اغلق فيه الاخرون كل الاخرين ابوابهم دونى باب تلو باب وعندما ضاقت بى القاهرة بما رحبت كان قلبك ملاذا وملجأ ومرفأ ومرسى ماما منى ان كلمة اشكرك هى كلمة بلهاء امام روائع صنعك معى وكما تعلمين انى شاب فقير كما انى لا املك لك ضرا ولا نفعا ولا املك ياامى سوى ذراعين عاريتين ارفعهما ضارعا الى الله الذى يسمع ويرى واسأله سؤالا لايردنى فيه وهو الكريم فى الشهر الكريم ان يرحمك كما رحمتنى وان يدخلك الجنة بدون عقاب ولا سابق عذاب وان يديم عليك الصحة والستر وان يجمعنى واياك مع الرسول الكريم فى الفردوس الاعلى اللهم امين
تعليق المحرر
سيدى كنت قد انتهيت من كتابة البريد فى الساعة السلبعة من صباح امس وانتقلت عيناى متثاقلتين الى حيث الفاكس لا ادرى ما الذى اعادنى اليه بعد ان أشحت بوجهى المجهد عنه ممت يدى افرز الاوراق استفزتنى كلمات رسالتك الطويلة بكلماتها الصغيرة المتلاصقة, ثلاث ورقات, حرام عليك والله وضعتها جانبا على ان اعود اليها فى وقت اخر ولكن شيئا ما دفعنى لقراءة سطور رسالتك انتابنى احساس بالشك كلماتك مرسومة لغتك راقية قدرتك على السرد توحى بأنك اديب مغامرة اعتدت عليها من الذين يستثيرون مهارتى فى الكشف عن الادعاء وإن ضللت احيانا صدق ما فى كلماتك كان يقودنى من كلمة الى كلمة حتى وصلت الى السطور الاخيرة فى رسالتك هزة ألمت بجسدى عندما قرأت اسم السيدة العظيمة منى ذو الفقار عدت مرة اخرى اقرأ ما فعلته معك شعرت بفخر انى اعرفها وحضرت معها بعض الاجتماعات بالمجلس القومى لحقوق الانسان ولمت نفسى كثيرا لانى لم امنح نفسى فرصة كافية للاستماع او التحدث اليها ومعها اعرف عنها الكثير لكنى لم اتخيل فى وسط كل ما يشغلها ان تفعل ذلك معك واسرتك وحتما فعلته مع كثيرين فهذا الملاك الحارس يصعب ان يتوقف لحظة عن العطاء مصر جميلة ورائعة ياصديقى بأبنائها ولكن للأسف نحن لا نرى ولا نسمع ولا نعرف الا الاسوأ حتى ظننا انهم الاغلب والاقوى لكن مثل ماما منى يحبون فى صمت ويمنحون فى صمت لا تتصدر صورهم الصحف وشاشات التلفاز لأنهم لا يبغون إلا وجه الله ومحبة الوطن بدون إدعاء مثلك ياسيدى منذ 14 عاما تحولوا الى فاشلين لصوص قتلة أو منتحرين ولكن منى ذو الفقار بقلب كبير احب الآن ان اكتب اسمها كثيرا جعلت منك انسانا اخر محبا, معطاء, رحيما, قيمة حقيقية لمصر آه لو يقرأ مثقفوا مصر وأثرياؤها قصة وحكاية منى ذو الفقار, آه لو فهموا وفعلوا مثلها لما كان حالنا كما هو الآن سيدى أشكرك على تلك البهجة الصباحية التى منحتنى إياها والتى ستبهج كل قلب يعرف معنى الحب أما ماما منى ذو الفقار فعفوا سامحينا لأننا غفلنا عمن هن مثلك ملاك حارس لمصر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق