24/9/2010
انا ياسيدى رجل فى السابعة والاربعين من العمر نشأت فى اسرة بسيطة وسط اب متدين وام فاضلة وهى ربة منزل وثلاثة اولاد وبنت وقد تزوجوا جميعا والحمد لله وانا اكبرهم وبعد ان حصلت على الثانوية العامة واجدت احدى اللغات الاجنبية اتجهت للعمل وبفضل الله ودعوات ابى وامى التى كانت كانت لا تنقطع اصبحت موفقا فى عملى واصل الى ادارة المكان الذى اعمل فيه وبسرعة كبيرة وارتبطت مشاعرى خلال هذه الفترة باحدى بنات عمى التى كانت رائعة الجمال والطيبة والادب وما ان صارحتها بمشاعرى حتى فوجئت انها تحمل لى نفس المشاعر والاحاسيس وكانت سعادتى لا توصف فصارحنا الاهل وتمت الخطبة وبدانا فى تجهيز عش الزوجية وتزوجنا بعد قصة حب نادر حدوثها فى هذا الزمن وحمدنا الله ان جمعنا معا حيث ان بنت عمى هذه كانت مرغوبة للزواج من علية القوم وما تبع ذلك من مشكلات ورزقنا الله بطفلة جميلة واخرى بعدها باربع سنوات وبنيت شقة اكبر من التى تزوجنا بها واثثتها باحدث الاثاث وترقيت فى عملى فانتقلت من بلدتنا مع زوجتى وبنتى الى تلك المدينة الساحلية وهى اجمل بقعة فى مصر ووفرت لى الشركة التى اعمل بها شقة فى فيلا وسيارة وراتبا كبيرا وذهبت بنتاى للمدارس فى هذه المدينة واصبحت امورى ميسورة فاشتريت قطعة ارض لمستقبل البنتين وسيارة خاصة واصبح لى رصيد محترم فى البنك ولم ننس اهلنا واقاربنا فكنا الى جوارهم دائما نحب ونرحب بزيارتهم لنا دائما وذات يوم شكت زوجتى من بعض الآلام فذهبنا الى الطبيب واعطاها بعض الادوية وبعد اسبوع ازداد الالم عليها فأشار علينا الطبيب وهو صديق للاسرة بالنزول الى بلدتنا ومراجعة استاذ دكتور هو يعرفه وسافرنا الى الطبيب الاخر الذى طلب بعض التحاليل والاشعات وما ان رأها حتى انفرد بى واخبرنى ان زوجتى مريضة بهذا المرض اللعين وفى مرحلة متأخرة جدا ووقع الخبر على وقع الصاعقة وتماسكت وعدنا الى المنزل فأخبرتها بما قاله الطبيب واننى سوف اقوم بعلاجها فى العاصمة فى احدث المستشفيات وان العلم تقدم فما كان منها الا ان قالت اننى سوف اعالج هنا وسط اهلنا وليقضى الله امرا كان مفعولا واصرت على ذلك بشدة فلم اجد بدا من تحقيق رغبتها ورشح لنا دكتور صديق احد الدكاترة الكبار فى الاورام لاجراء العملية الجراحية وتحدد ميعاد العملية التى استمرت نحو اربع عشرة ساعة تم فيها استئصال اماكن الورم من معظم الجسم وفى هذه الاثناء اضطررت للانقطاع عن عملى وتصادف ان تغير مجلس ادارة الشركة فارسلت لهم كل المستندات عن ظروفى فلم يقدروها وقبل ان يتخذوا قرارا بفصلى من العمل قدمت استقالتى وقررت بعد ان اخبرنى الطبيب المعالج ان الاعمار بيد الله لكن هذه الحالات الصعبة العمر لا يتعدى عدة شهور فقررت ان ابقى الى جوار زوجتى هذه الاشهر والتى هى اخر نصيبها من الدنيا وليحدث ما يحدث بعد ذلك وبدانا رحلة العلاج الكيماوى الرهيبة وكم كنت ارى آلامها من هذا العلاج وهذا المرض الذى لا يرحم فقد بدأت حالتها تسوء واصبح بصرها يضعف شيئا فشيئا وكنت اتعذب وانا ارى الالم يرتسم على وجهها الجميل وهى تحاول ان تخفيه كى لا تعذبنى واصبحت لا استطيع ان احبس دموعى حين اسرح لها شعرها ويتساقط الشعر فى الفرشاة وانا احاول جاهدا ان احبس دموعى واخفى الفرشاة فى وقت واحد او حين تتحسس الموبايل حين تطلبها احدى البنتين وهو الى جوارها واناولها اياه ولا تستطيع الرد عليه واصبحت افعل كل ما بوسعى لارفع من روحها المعنوية لكن آلامها كانت أبرح من ذلك بكثير واصبح يومى هو المبيت معها وفى الصباح الذهاب للبنتين لاحضار الطعام لهما واغلاق الشقة عليهما والعودة للمستشفى او اصطحابهما لزيارة امهما حين لا تكون فى نزاع مع الالم وهى اوقات قليلة جدا وبدأنا الاستعانة بأقوى المسكنات القانونية وغير القانونية لتسكين الالم دون جدوى وانتقلنا من مستشفى لاخر ومن مركز لاخر دون جدوى وصعدت روح زوجتى الى بارئها فى يوم جمعة حين اذن المؤذن لصلاة الجمعة بعد رحلة علاج استمرت حوالى سبعة اشهر ووجدت نفسى وحيدا ومعى طفلتان لا يكادان يدركان ما حل بهما ولا بأمهما واصابنى حزن شديد لم استطع الخروج منه وقد وجدت نفسى وقد فقدت كل شئ فلا عمل ولا ارض ولا سيارة ولا نقود ولا صحة فقد اصابنى مرض السكر من شدة الحزن وتدهورت صحتى بسرعة واصبحت نحيلا حتى ان من عرفنى سنوات يحملق بى الان ليعرفنى انا ام لا واصبحت وانا كنت اكثر الناس مرحا لا اعرف معنى الضحك او الابتسام رغما عنى حتى ان طفلتى ورغم ما حل بهما من تغيير فى حياتهما من مستوى الى اخر تماما اصبحا يسألاننى (انت مكشر ليه يابابا؟) وهذا يحدث رغما عنى ولا اشعر به وظهر معدن الاصدقاء فلم اجد من المخلصين سوى اثنين او ثلاثة بجانبى قدر استطاعتهم والمشكلة يا سيدى اننى لا استطيع نسيان معاناة زوجتى وآلامها الفظيعة مع هذا المرض اللعين واتذكر كل محاولاتها اخفاء هذا الالم عنى واتذكر كم كانت تقاسى من هذا الوحش الذى ينهش فى اجساد مرضاه بلا هوادة ولا رحمة ولا يعلم آلامه سوى الله ومرضاه الذين يقاسون هذه الآلام جنبنا الله واياكم هذا المرض وجميع المسلمين يارب العالمين وبعد مرور خمس سنوات على وفاة زوجتى الحبيبة وبعد ان غرقت فى الديون وتخلى عنى جميع من ظننتهم الى جوارى قابلت احد رجال الاعمال الذى اسديته صنيعا يوما وما ان رآنى لم يصدق واصر على عملى فى احدى شركاته فى مكان بلا عمل تقريبا منذ اربعة اشهر ولكن للاسف فى نفس المحافظة البعيدة واضطررت للبعد عن ابنتى وتركهما مع جدتهما وهى امى لاستمرار الحياة ومحاولة البدء من جديد واصبحت بين مطرقة البعد عن احبائى وسندان متطلبات الحياة والحمد لله وللاخت كاتبة رسالة (آلام الخوف) اقول بارك الله فيك باحساسك الجميل وليكن دعاؤنا فى كل جمعة ربى لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه فهو القادر سبحانه وتعالى على ان يخفف الم المتألمين والذى لا يعلمه سوى الله ومن يقاسون هذا الالم وهو الرحمن الرحيم
تعليق المحرر
سيدى لا اعتقد انك فى حاجة الى كلمات منى عن ملاكك الراحل وان الله طهرها بالألم فكانت من الصابرين على قضائه الراضين بابتلائه فذهبت اليه راضية مرضية فى ساعة ويوم مباركين مثل هذه الانسانة يحزن على فراقها ويسعد لها لانها ستكون حيث وعد الله الصابرين المؤمنين يفوتنا كثيرا ياصديقى ان اقدارنا تأتى الينا فى موعدها هذه الاقدار التى كتبت لنا وعلينا ولا يستطيع اى منا تغييرها يأتينا الموت وهو الحق المعلوم والنهاية الحتمية التى نعرفها منذ لحظة الميلاد و7علينا ان نستعد لها فالحياة الدنيا مهما طالت قصيرة وحياتنا الابدية هى التى ذهبت اليها شريكة حياتك وسنلحق بها فلماذا اذن تصيبنا الدهشة ويسكننا الحزن الموت واحد, مفاجئا او مبشرا, صامتا او مدويا, وما قد يبدو سببا له كالمرض او الحوادث لا يغير فى حقيقته ومعناه ونتائجه وتبقى الحكمة لله وحده علينا ان نقبلها صاغرين وما حدث لزوجتك ربما كان لحكمة منها الكشف عن معدنك الاصيل ومعادن من حولك من الصادقين او الهاربين من الدعم والمساندة استميحك عذرا ان تطل بعينيك على الرسالة المجاورة لك (سوف احيا) ففى التضاد بين البشر والحكايات تتجلى حقيقة الانسانية وتتكشف المعانى الحقيقية للخير او الشر
سيدى لم تطلب مساعدة او عملا وحرصت على تأكيد ذلك فى سطورك الخاصة لى ولكنه الحزن الذى جعلك تبوح وتفضفض لنا لذا اقول لك من اجل زهرتيك طفلتيتك قدر استطاعتك احك لهما دائما عن جمال امهما وحبها وعطائها وكيف عشتما قصة حب وألم رائعة واسع الى تغيير وضعك الوظيفى بتنمية مناطق قوتك حتى تترقى فى عملك او تبحث عن عمل اخر حتى تتمكن من ان تصطحب طفلتيك معك فلا يطول غيابك عنهما وثق كما وضع الله فى طريقك صاحب العمل ينتشلك من البطالة ويمد لك يده ليعينك على مواصلة رحلتك فى الحياة فهو قادر على ان يرزقك ويعينك على تلك المسئولية الكبيرة فالقادم اصعب ولكن مثلك لا خوف عليهم فبإيمانك اجتزت الصعب كل الدعوات لزوجتك الراحلة ولك ولزهريتك ولوالدتك الكريمة واعانك الله وزاد من صبرك والى لقاء بإذن الله
مدونة بريد الجمعة مدونة إجتماعية ترصد أحوال الشارع المصرى والوطن العربى مدونة تتناول قصص, ومشكلات حقيقية للوطن العربى مثل: (ظاهرة العنوسة, الخيانة الزوجية, الخلافات الزوجية, التفكك الأسرى, الطلاق وآثاره السلبية على الأبناء, الحب من طرف واحد, مرض التوحد, الإبتلاءات من فقر ومرض وكيفية مواجهة الإنسان لها) ثم يعرض الموقع فى أخر كل موضوع رأى المحرر فى التغلب على هذه المحن
السبت، ١ يناير ٢٠٠٠
يوم الجمعة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق