السبت، ١ يناير ٢٠٠٠

المنحرفون

23/10/2009

اكتب اليك رسالتى من غرفة مظلمة هى سجنى وكل حياتى دخلتها ولم اغادرها منذ اسبوعين يقتلنى بكاء امى وتوسلات شقيقتى اللتين لا تفهمان سر ما انا فيه ولا استطيع انه اواجههما بما انا فيه ليست هذه المرة الاولى التى احبس فيها نفسى فى غرفتى بل سبقتها مرات عديدة حاولت معها وتمنيت الموت والانتحار والهروب ولكننى كنت افشل فاستسلم لما انا فيه حتى اشعر بالمهانة فاحاول مرة اخرى سيدى اجد حرجا شديدا فى الكشف عن مأساة حياتى كتبت عشرات المرات ومزقت الاوراق فما اصعب ان ترى عارك وعار اسرتك على الورق يصمك بابشع الصفات فترى آخرتك وانت فى النار فتقد كل دوافع ومبررات وجودك اعرف انى كلما حاولت الاقتراب ابتعد فسامحنى وتحملنى لان الامر صعب ومقزز لذا سأحاول ان ابدأ معك منذ البداية لعلى افلح ولدت لاسرة راقية ومحترمة فابى رحمه الله كان يشغل منصبا مرموقا فرح بمولدى فرحا كبيرا فقد جئت بعد سنوات طويلة من ميلاد شقيقتى الوحيدة لذا لقيت فى سنى عمرى الاولى كل الاهتمام والرعاية عشت السنوات الاولى من عمرى فى قمة السعادة من تدليل وحب واشياء اخرى ظلت مغروسة فى نفسى لا تفارقنى جذورها ولكن القدر كان يخبئ لنا شيئا اخر حزنا اكبر وكأنها حلقة متصلة اذا انقطعت حلقة تفككت الدائرة المترابطة
ذات مساء انقلب البيت الهادئ اذكر هذه الليلة جيدا لا تغادر ذاكرتى عمرى لم يكن يتجاوز التاسعة افقت على صراخ وعويل وفوضى فى البيت لم افهم للوهلة الاولى لماذا تصرخ امى ولا لماذا سقطت سقيقتى على الارض ولا من هم هؤلاء الرجال والنساء الذين تزاحموا داخل شقتنا بشر لا اعرفهم يحاولون احتضانى رغما عنى بعضهم يحاول ادخالى الى غرفتى بكيت وانا لا افهم لماذا ابكى عرفت بعدها انى اصبحت يتيما مات ابى مات وهو يعبر الطريق صدمته سيارة مسرعة وتركه قائدها يموت نازفا وهو لا يدرى ان بموت هذا الاب ستنهار حياة اسرة بالكامل وسيتسبب فى تدمير حياة طفل مثلى كان موت ابى ياسيدى هو بداية مأساتى فالطريقة الخاطفة والمؤلمة التى مات بها اصابت امى بفزع دائم وجعلتها تدخلنى سجنا كبيرا لم اخرج منه حتى الان اصبحت امى ترى الموت حولى فى كل مكان وكأن ملكه ينتظرنى حتى ينقض على فلا خروج وحدى تنتظرنى حتى باب المدرسة لا تتركنى الا وانا فى الاتوبيس مع زملائى تجلس على راسى حتى انام لم يكن تدليلا بقدر ما كان خوفا وفزعا تسلل الى نفسى وروحى وجعلنى اشعر بمعنى كلمة يتيم هذا الاهتمام لم يكن منصبا على اختى الكبرى مثلما نلت منه النصيب الاكبر لان امى كانت مشفقة على لانى (معشتش الدلع ولا الحنان اللى شافته اختى) بهذه المقدمة الطويلة اردت فقط ان اكشف لك عن تركيبتى النفسية الهشة عن طفولتى المغتالة عن عدم احساسى المبكر برجولتى فكانت شخصيتى الوديعة المنكسرة تميل الى البنات اكثر منها الى الاولاد مما زاد من انطوائى وابتعادى عن زملائى مرت ثلاث سنوات على هذه الفترة العصيبة وقتها تقدم الى اختى عريس من محافظة بعيدة عن مدينتنا وكان هذا العريس لطيفا اكتسب حب اختى وامى بسرعة كبيرة كما تقرب الى واهتم بى واصبح حريصا على الحوار معى بعد فترة من الخطوبة عرضت عليه امى ان يبيت عندنا حتى لا يعود الى مدينته فى وقت متأخر مستندة كما قالت امامنا ان فى البيت رجلا والطبيعى ان يبيت هذا العريس معى فى حجرتى اعذرنى انا ابكى الان عندما استعيد تلك اللحظة التى أمقتها اراها كأنها حدثت بالامس افكر فى التوقف عن الكتابة الان هل امزق اوراقى كما فعلت كثيرا من قبل لا سأواصل فانا اريد التحدث لاول مرة واخر مرة انا اريد المساعدة, النجاة فاغفر لى وقراؤك اى كلمات جارحة او مهينة فهذا الاحساس المؤلم ملازم لى طوال الوقت فتحملونى قليلا فى هذه الليلة البغيضة نام بجوارى فى فراشى خطيب شقيقتى احتضننى طبطب على اصابعه حنت على جسدى فشعرت بسعادة واطمئنان حتى خلته فى لحظات كأنه ابى قال لى لا تخف انا احبك وسأجعلك سعيدا فعل معى اشياء غريبة لم افهمها ولم اعترض عليها كل ما احسست به هو امان ما لم اعرفه او احسه من قبل ولا اعرف انه خطأ بل جريمة ما استوقفنى وانا لم اناقشه هو انه طلب منى ان يظل ما حدث سرا بيننا (انت كبير ولازم نكون اصحاب وما يحدث بيننا يجب ان يكون سرا وهذا اختبار لصداقتنا) كنت عند حسن ظنه ولم ابح بما حدث لاحد فلم تكن امى تتحدث معى فى اى شئ سوى الدراسة كل ما يشغلها هو تفوقى وكنت افعل ما حدث معى فى تلك الليلة تكرر مرات عديدة فى كل زيارة كان يأتى فيها العريس إلينا لا اخفيك كنت انتظره وافتقد حضنه وذلك الاحساس الخفى بأنه ابى لذلك لم يفهم احد فى البيت لماذا انهرت بالبكاء عندما حدثت مشكلات ادت الى فسخ الخطبة وانسحاب العريس كان حزنى اكبر بكثير من حزن شقيقتى وامى عشت شهورا عديدة متألما اشعر بالوحدة والفزع حتى انتقلت الى المرحلة الاعدادية ولان امى حريصة على تفوقى اختارت لى مدرسا شهيرا واشترطت ان يعطينى درسا خاصا بمفردى حتى يتفرغ لى ويتقن تعليمى ولان هذا المدرس لا يذهب للتلاميذ فى بيوتهم فكانت امى تصطحبنى مرتين فى الاسبوع اليه فى شقته وتنتظرنى او تقضى بعض المشاوير ثم تعود لتأخذنى بعد حصص قليلة حدث ما يمكن توقعه بدأ هذا المدرس يتلمس جسدى يدللنى وكأنه يتأكد منى كنت فريسة سهلة مهزومة صامتة ظللت مع هذا المدرس سنوات حتى ادركت ما انا فيه نعم انا منحرف غير طبيعى كرهت نفسى وكرهت امى ولكنى كنت قد فقدت اى قدرة على المقاومة او الانسحاب فانا وكما قلت لك من قبل بلا اى شخصية بدأت اقرأ حول هذا الموضوع وعرفت انى شخص منبوذ وان عقابى سيكون جهنم فزعت وامتنعت وحاولت الانتحار ولكن ارادة الله كانت غير ذلك تزوجت شقيقتى ونجحت بتفوق فى الثانوية العامة كما ارادت امى والتحقت بكلية الطب وفى الكلية دخلت فى معاناة اخرى…يبدو ان هناك ملامح لمن هم مثلى فقد تقرب منى اخرون يشبهوننى حرضونى واغرونى قاومت ولكن فى النهاية ضعفت ودخلت الى دائرة السقوط التى لاتنتهى سيدى… تعبت لا اريد مواصلة الحديث كل ما اريد قوله انى مريض سعيت الى العلاج ولكنى فشلت لا يوجد لدينا اطباء متخصصون ألزمت نفسى بالصلاة فى المساجد اعتزلت الجامعة اسابيع متصلة اهملت فى مظهرى اطلقت لحيتى ولكن ما ان اعود الى الجامعة حتى اسقط مرة اخرى قطعت شراينى وانقذتنى امى تقودنى اقدامى الى من هم مثلى تجمعات معروفة فى وسط المدينة او على كوبرى قصر النيل اتعرض احيانا للضرب والسرقة
سيدى…اكتب اليك الان بعد القضية التى اساءت الى بعض فنانينا وتناولتها وسائل الاعلام
تعليق المحرر
سيدى ادمتنى رسالتك وترددت طويلا فى نشرها فمنذ توليت مسئولية هذا الباب وانا لا افضل نشر مثل هذه الرسائل واختار الردود السريعة او الاتصال المباشر ولكن هذه المرة فرضت على رسالتك اللجوء الى النشر لانها تشير الى نقاط خلل كبيرة فى اساليب التربية والى شريحة من المنحرفين سلوكيا غير راضية عن وضعها وتبحث عن علاج وليتها تكون فرصة للبحث لدى المتخصصين عن علاج ينجى من هم مثلك من عذاب الدنيا والاخرة عودة الى ماتضمنته رسالتك من اسلوب تربية خاطئ اتبعته معك والدتك بزعم الخوف او القلق او التدليل هذا الاسلوب الذى ينتج شخصية مشوهة ضعيفة ليس لديها استقلالية او فهم فالحرص الشديد المبالغ فيه يفرز شخصية انطوائية غير قادرة على المواجهة تسلب الطفل حقه فى البوح او الاعتراف, القبول او الرفض ايضا يجب على الاباء ان يفهموا ابناءهم معنى وقدسية الجسد ووظائف اعضائه ودورها فالخجل احيانا من تعريف ابنائنا بأجسادهم وما هو المسموح والممنوع يعرضهم لمثل تلك المخاطر هذا الجهل هو الذى جعلك لا تفهم ما يفعله معك خطيب اختك فاستغل جهلك وخوفك واحتياجك للحنان الابوى متجردا من كل المشاعر الانسانية مرضيا حيوانيته فجذبك الى مستنقع صعب عليك الخروج منه حتى الآن (فرقوا بين الابناء فى المضاجع) هكذا امرنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ولكن والدتك وبحسن نية قد قبلت ان تنام بجوار شخص غريب وهذا امر مرفوض فالثقة لا تعنى التفريط او المجازفة والامر الشاذ الذى يجب الاحتياط منه حتى لا يصبح احد ابنائنا هو النموذج له علموا ابناءكم ذكورا واناثا ان اجسادهم مقدسة مصانة لايجوز لاحد لمسها علموهم كيف يعترفون لكم بكل ما يتعرضون له دون خوف من عقاب ايضا لا يجوز السماح لمدرس مع الاحترام لكل المدرسين وعدم اخذهم بجريرة نموذج فاسد بالاختلاء مع تلميذة او تلميذ فالدرس يجب ان يكون تحت عين الآباء سيدى احس بصدق كلماتك ورغبتك الحقيقية فى النجاة وستنجو اذا دخل الايمان قلبك وابتعدت قصرا عن كل الظروف التى تدفعك الى هذا المسلك تحمل عذابك وعندما تشعر بضعفك لا تخلد الى وحدتك وشيطانك استعن بأمك او اذهب الى المسجد غير اصدقاءك والمحيطين بك وبعد فترة ستشعر بأنك تعود الى طبيعتك كل هذا حتى يتبين لنا ما هو العلاج العلمى لمثل حالتك فالأمر الآن بين ايدى أطبائنا النفسيين حماك الله وغفر لك واعانك على ضعفك وشيطانك وشياطين الانس من حولك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق