03-08-2001
أنا سيدة أبلغ من العمر57 عاما.. متعلمة ومتدينة وكنت أشغل مركزا مرموقا بشركة كبري, والآن علي المعاش المبكر, ومشكلتي بدأت منذ37 سنة هي عمر زواجي التقليدي, حيث اكتشفت أن زوجي رجل غليظ القلب ومتسلطا, وسليط اللسان وأناني, ولا يعرف دينه فلم أره مرة في حياتي يصلي أو يقرأ في كتاب الله أو يؤدي صلاة جمعة أو عيد, وفوق كل ذلك بخيل, وتحملت كل ذلك من أجل الأبناء.. ويكفي لكي تعرف نوع حياتي معه أن أشير الي بعض الممنوعات التي حددها لي منذ بداية الزواج وهي كالآتي:
* ممنوع الزيارات واستقبال زائرين( من الأهل والأصدقاء)
* ممنوع التنزه وقضاء يوم اجازة.
* ممنوع الشكوي من مرض أو ألم أو زيارة طبيب.
* ممنوع ركوب سيارات الأجرة للتوفير.
* ممنوع عمل أي خير أو تقديم مساعدة للغير ولو بالمشاعر.
* ممنوع التأخر خارج المنزل بعد الساعة8 م للأولاد وهم في الشباب.
* ممنوع المكالمات التليفونية ومسموح فقط باستقبال المكالمات والاستقبال في حدود, مع ملاحظة الحديث والطلب منه بإنهاء المكالمة إذا طالت.
* ممنوع حضور أي مناسبات أفراح أو أعياد ميلاد وخلافه.
* ممنوع تقديم هدايا أو رد هدية.
* ممنوع الدعوات بالمنزل أو خارجه.
* ممنوع تقديم واجب لزائر حضر مصادفة ولو كان كوب ماء.
* ممنوع الجلوس مع أي ضيف( مصادفة) عند وصوله للمنزل ولابد أن يقوم هو بما يشعر ويسمع الضيف بعدم الرغبة في وجوده حتي لا يكررها.
* ممنوع السهر لي وللأولاد حتي قبل زواجهم ـ أمام شاشة التليفزيون لفيلم أو مسرحية ولابد أن نأوي جميعا إلي الفراش عند دخوله هو حجرة النوم وإلا سمعنا منه مانكره.
ـ منوع إضاءة النور في غير الحجرة التي تمكث فيها فقط.
* ممنوع إضاءة نجفة لأكثر من3 لمبات وللضروروة القصوي.
هذا بخلاف مانتحمله من لوم وتقريع من خلال الاستعمالات الشخصية للمياه والبوتاجاز والكبريت إلخ.
والمشكلة الجديدة الآن هي أن يتضايق من زيارة الأولاد والأحفاد لنا مع أنها ليست زيارة للغداء أو الإفطار في رمضان, وإنما هي مجرد زيارة بعد المغرب لا تكلفنا شيئا أكثر من اجتماع الشمل والفرحة, لكن ذلك لا يرضيه ويظل يردد أنه يريد ان يستريح في بيته أما الطامة الكبري فهي إذا طلب طفل ان يأكل, أو إذا دخل الحمام أو فتح بابا, أو رن جرس الباب أكثر من مرة وإذا تركه أبواه معنا خلال فترة قصيرة لقضاء حاجة ضرورية ففي هذه الحالة يستمر في الشجار معي الي ما لا نهاية.
إنني ياسيدي في سجن ليس منه خروج والسجان لا يرحم فهو يحصل علي كل مرتبي منذ زواجنا والآن يحصل علي معاشي. لكن الكيل فاض بي فتركت البيت منذ شهور ولا أريد أن أموت كافرة بالتخلص من الحياة.. لا أريد أن أكون عبئا ثقيلا علي أولادي وأريد لهم أن يعيشوا حياة هنيئة ويعوضوا مافاتهم..
لقد قطعني زوجي عن أهلي جميعا.. وليس لي صديقات أشكو لهن حالي.. والحمد لله أنني اتخذت خطوة جريئة لأول مرة في حياتي بهذا الخروج, وأستطيع أن أخدم نفسي وأن احيا بمعاش.. وأريد أن أعمل في دار للأيتام.. أو دار للمسنين وأقيم فيها إقامة دائمة.. أو أن أعيش مع سيدة فاضلة تثق بها أخفف عنها وحدتها وترد لي ماتبقي من العمر في هدوء وأمان.. فهل تستطيع مساعدتي في ذلك؟
ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
الأصل في الأشياء الإباحة.. والاستثناء هو التحريم كما تقول لنا القاعدة الشرعية المعروفة, ولهذا فلقد اتسعت دائما دائرة الحلال والمباح اتساعا كبيرا.. وضاقت دائرة التحريم ضيقا شديدا وقال العلماء إن الله قد سخر كل مافي الكون من أشياء ومنافع للإنسان.. فكيف يسخرها له ويمن بها عليه ثم يحرمها عليه.. ولهذا فإنه سبحانه وتعالي لم يحرم منها سوي جزئيات محكمة مقدرة.
ومشكلة زوجك هي أنه وسع من دائرة الممنوعات والمحرمات وضيق من دائرة المباحات علي عكس القاعدة.. فكلفكم بذلك من أمركم رهقا.. وعنتا لا مبرر لهما. إذ انه كلما اتسعت دائرة التحريم والمنع في حياة الإنسان الخاصة ضاقت النفس بظروفها وتمردت عليها.
وتأمل قائمة الممنوعات العجيبة التي فرضها زوجك عليك وعلي أبنائه خلال رحلة العمر يكشف لنا عن أنه رجل صعب العشرة والمراس, وبعيد عن سماحة الطبع والنفس, بنفس هذا القدر من بعده عن تعاليم دينه التي تطالبه بالرفق بالعشير والأبناء وبالجميع, فالرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه يقول لنا: إن الله يحب الرفق في الأمر كله, ويقول لنا أيضا إذا أراد الله تعالي بأهل بيت خيرا أدخل عليهم الرفق, وإن الرفق لو كان خلقا أي كائنا لما رأي الناس خلقا أحسن منه, وإن العنف لو كان خلقا لما رأي الناس خلقا أقبح منه.
والعنف هنا لا يقتصر فقط علي العنف الجسدي وإنما يشمل أيضا العنف المعنوي بمعني التطرف في الأشياء, والبعد عن السماحة, والإعنات النفسي وعلي الآخرين, والبخل الشديد علي النفس والزوجة والأبناء من قبيل هذا العنف المعنوي والتطرف.. وإساءة معاملة الغير وجرح كراماتهم والتضييق عليهم دون مبرر أو ضرورة من مصلحة هي من قبيل العنف والتطرف أيضا, ولهذا فلا عجب في أن يضيق زوجك بزيارات الأبناء المتزوجين لبيت الأسرة مع أبنائهم بدلا من أن يسعد بالتفافهم حوله واجتماع شملهم تحت سقف منزله.. لأن البخل المادي كثيرا مايصاحبه بخل أشد وطأة في المشاعر والعواطف.. وتدفق المشاعر عطاء معنوي للغير والبخل ضيق بالعطاء بكل أشكاله.. ولهذا ينفر زوجك من أداء الواجبات العائلية ورد المجاملات واستقبال الزوار.. ويضيق بلهو الأحفاد الذي يسعد به الأسوياء من البشر ويتشوقون إليه ويبذلون في سبيل الفوز بساعات من اجتماع شملهم بأبنائهم وأحفادهم كل غال ورخيص.
وعقاب البخلاء بالعطاء المادي والمعنوي لأعزائهم هو الوحدة والتفرد وتخلي الآخرين عنهم حين يتحررون من نير الحاجة المادية والمعنوية إليهم, وأحسب أن هذا هو ماحدث معك ـ وماحدا بك لأن تقدمي علي خطوتك الجريئة لأول مرة وتهجري بيتك بعد37 عاما من الزواج.. فلقد كبر الأبناء واستقلوا بحياتهم ورست سفنهم علي شواطيء الأمان.. ولم يعد هناك متسع لمزيد من الصبر والاحتمال من أجلهم.
والمرأة قد تختزن المرارات تحت وطأة الحرص علي مصلحة الأبناء ودواعي الاضطرار سنوات طوال حتي إذا تحررت منها.. انفجر المرجل علي غير توقع وانطلق بخاره المكتوم.
لكنه شيء مؤلم علي أية حال ياسيدتي ان تفقد أم وزوجة مثلك عرشها وأمانها وتبحث عن مأوي لها في هذه المرحلة من العمر ومن واجب أبنائك أن يتدخلوا لدي أبيهم لمراجعته فيما يفرضه عليك بعد كل هذه السنين من قيود وسدود وسوء عشرة, وأن يطالبوه بإحسان عشرتك وإعادتك إلي عشك المهجور.. وإزالة الأسباب التي دعتك الي هجره, لكي تنعمي بسنوات هادئة من العمر بعد طول العناء.. ولكي يظل بيتك هو المرفأ الآمن الذي ترجع إليه سفن الأبناء وتلتمسي لديه الدفء العائلي والمشورة المخلصة والدعم المعنوي. فلاشك في أن زوجك يحتاج إليك الآن بأكثر مما تحتاجين إليه.. ولعل الشهور التي خلا خلالها بيتك منك تكون قد علمته مالم يكن يعلم, وأقنعته بضرورة تغيير خطته في الحياة قبل أن يفقد زوجته وعطف الأبناء والأحفاد إلي الأبد, فإذا لم تجد محاولاتهم معه بعد كل ذلك شيئا, حق لك حينذاك أن تلجئي إلي البدائل التي تطرحينها.. ولله الأمر من قبل ومن بعد.
مدونة بريد الجمعة مدونة إجتماعية ترصد أحوال الشارع المصرى والوطن العربى مدونة تتناول قصص, ومشكلات حقيقية للوطن العربى مثل: (ظاهرة العنوسة, الخيانة الزوجية, الخلافات الزوجية, التفكك الأسرى, الطلاق وآثاره السلبية على الأبناء, الحب من طرف واحد, مرض التوحد, الإبتلاءات من فقر ومرض وكيفية مواجهة الإنسان لها) ثم يعرض الموقع فى أخر كل موضوع رأى المحرر فى التغلب على هذه المحن
السبت، ١ يناير ٢٠٠٠
قائمة الممنوعات!
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق