السبت، ١ يناير ٢٠٠٠

الاب العاق

21/8/2009

اكتب اليك بعد قراءتى رسالة (سوء الاختيار) المنشورة ببريدكم يوم 24/7/2009 ومعذرة اذا طالت رسالتى فانا ياسيدى انسة فى الرابعة والاربعين من عمرى وعلى قدر من الجمال احمد الله عليه ولا تظن انى ارسل لك لمساعدتى فى العثور على زوج فاضل فانا والحمد لله راضية بما قسمه الله لى وعذرا لهذه المقدمة…فنحن ثلاثة ابناء انا اكبرهم لى اخ يصغرنى بعامين واخت تصغرنى بعشرة اعوام كنا نعيش فى مدينة ساحلية بين اب وام لم يحدث بينهما تفاهم ابدا كانا كثيرى الشجار وحدث بينهما انفصال ثلاث مرات على مدى عشرين عاما فامى سيدة مسالمة وحسنة النية طوال حياتها حتى الان وقد ربت فينا هذه الصفة وبالرغم من انها على قدر محدود من التعليم الا انها كانت مثقفة قرأت الكثير من الكتب ولديها الكثير من الفطنة والذكاء وابى كان رجلا متعنتا يفرض رايه وينفذه حتى ولو كان خطأ وكان فظا يعاملنا بقسوة وكان يثور لاتفه الاسباب وكنا نخافه خوفا مميتا ولم نر منه طوال فترة حياتنا معه الا القسوة والاستهزاء بنا انا واخى واختى الصغرى لم تشعر بهذه المعاملة لصغر سنها وعندما انهيت دراستى بالثانوية العامة والتحقت بمعهد فى القاهرة حدث الانفصال الاخير بين والدى ووالدتى مع تنازل والدتى عن جميع حقوقها المادية فى سبيل ان نقيم انا واخوتى معها فى القاهرة مدينتها قبل ان تتزوج ابى وان نزوره من وقت لاخر وان يقوم هو بتوفير مسكن لنا والانفاق علينا نحن اولاده ونقلت امى اختى فى مدرسة ابتدائية بالقاهرة ولكنه لم يوفر لنا مسكنا واقمنا لدى جدى وجدتى لامى وبعد انتهاء العام الدراسى طلب والدى ان نقيم معه انا واخى ورفضنا لما نراه منه من قسوة ومعاملة فظة وايضا لاتفاقه مع والدتى بان نقيم معها وكان رد فعله سامحه الله ان امتنع عن الانفاق علينا او حتى اختى الصغرى وعمل اخى فى السابعة عشرة من عمره وتحمل الانفاق علينا ولم يكمل تعليمه الجامعى من الا نحتاج لاحد حتى ابى وسارت بنا الحياة تارة ترضى عنا وتارات تعاندنا حتى سافر اخى لبلد خليجى بعد سنوات كثيرة وطويلة يعلم الله كيف مرت علينا وعمل هناك وبدأت الحياة تبتسم لنا وعملت واكملت تعليمى الجامعى اثناء عملى وانهت اختى دراستها ايضا وتزوجت وانجبت طفلين وانقطع ابى عنا منذ زيارتنا الاخيرة له من اربعة وعشرين عاما لاقينا فيها ما لاقينا من ظلم من الاقارب والغرباء وكان تعقيبنا على ما نلاقيه من ظلم (اذا كان والدنا ظلمنا فلا نعتب على الاخرين اذا ظلمونا) وبالرغم من ذلك لم نرفع عليه قضية للانفاق علينا او حتى نلجأ لاحد من عائلته بالرغم من انه قادر ماديا وعنده الكثير لكن لم يعطنا قرشا واحدا فى يوم من الايام ولم يسأل عنا من منا مريض او من منا لديه مشكلة وباع هو شقتنا واشترى شقة اخرى فى حى اخر وتزوج وانجب بنتا وولدا وعلمنا انه سيكتب كل مالديه من اموال لابنته وولده هذا ويشاء المولى عز وجل ان يتوفى هذا الولد فى سن الخامسة من عمره فى حادث سيارة اليم واصبح لديه اربع بنات من زوجته الثانية رباهن وعلمهن حتى تخرجت اثنتان فى الجامعة والاخيرتان مازالتا فى التعليم الثانوى ومنذ عام ذهبت اختى الصغرى لتزوره فى بيته لتصل الرحم وتعرف اولادها على جدهم وللاسف قابلها مقابلة فاترة هو وبناته وزوجته واخذ يسرد لها فى تعال كيف سارت به الحياة وانه لديه الكثير من المال واخذ يتفاخر ببيته وبالارصدة التى وضعها لبناته فى البنك باسمهن واخبرها انه مرض منذ عدة سنوات بتلف فى الشريان التاجى شفاه الله واحتاج لجراحة دقيقة بالقلب واتى الى القاهرة واجرى الجراحة له جراح كبير فى مستشفى كبير ومشهور وعلى نفقته الخاصة وبالرغم من موت ابنه ومرضه الا انه لم ينتبه الى ان الله ينذره بل اخذه الغرور ولم يحاول حتى ان يطلبنا لنزوره ويرانا ونراه ونتعرف على اخواتنا وعادت اختى من عنده فى المدينة الساحلية لا ترى الطريق من دموعها المنهمرة وضلت الطريق ياسيدى لبيتها المهم وصلت واقسمت انها لن تذهب اليه مرة اخرى وعلمنا منذ اشهر ان المرض اشتد عليه واصبح قعيدا ولا يتحرك الا داخل المنزل وبصعوبة واصبحت بناته وزوجته يدرن عمله وانه كتب كل شئ من ماله لهن اننى اسرد قصتنا هذه للاب الذى ترك ولده لوالدته ولايرغب فى الانفاق عليه او حتى رؤيته اقول له اتق الله فيه وقربه منك عسى ان يكون هو عكازك فى كبر سنك ويكون هى الحامى لاخوته القادمين فلا ترتكب خطأ ابى الذى مازال يعاملنا بتعنت وعند لا اعرف لهما سببا او ذنبا اقترفناه انا واخوتى وبالرغم من ذلك نطلب له الرحمة من الله وان يغفر له ولنا اذا كنا قصرنا فى حقه افق ياسيدى قبل ان يصيبك الله بالانذرات مثل والدى فابنك ربما يكون فى احتياج لنفقتك عليه ولكنه فى احتياج اشد الى يديك تربت على كتفه وتشعره بانه ليس وحده فى خضم هذه الحياة التى اصبحت صعبة على من هو فى مثل ظروفه واقول لوالدة الطفل لا تيأسى من رحمة الله واصبرى مثل امى فلسوف يعوضك الله فى هذا الابن خيرا كثيرا باذنه تعالى ولا تطلبى العطف ممن لا قلب له واحتسبى الله وسيأتى يوم يأخذ فيه كل ذى حق حقه عند العادل الذى لا يغفل ولا ينام
تعليق المحرر
سيدتى فهمت اشياء كثيرة فى الحياة وقبلتها على الرغم من عدم منطقيتها ولكن مالم استطع فهمه هو كيف يتجرد اب من كل مشاعر الابوة ويقسو على اولاده ولايفكر فى رؤيتهم لاكثر من ربع قرن لاينفق عليهم ولا يودعهم ولا يتتبع اخبارهم واذا زاروه يصدهم ويمنعهم حتى من لسؤال عنه فى محنته ومرضه؟ قد يغضب من زوجته, يكرها, يطلقها, لكن ما ذنب الابناء؟ اى قلب هذا الذى يغرس فى نفوس بشر من دمه, من خلاياه, من روحه, غضبا وكراهية الغريب ان الله ابتلى والدكم فى ابنه, وبمرضه, لكنه لم يراجع نفسه, لم يخش ان يقابل الله وهو على معصية, بل واصل اخطاءه بحرمانكم من ماله وتفضيل ابنائه من زوجته الثانية عليكم جاهلا انه يواصل غرس الاشواك فى قلوب الاخوة وهو لا يدرى كيف تدور الايام ومن سيلتقى بمن سيدتى حرت فى امر والدكم ولم اعرف رأى الشرع فيما يفعل وما هو واجبكم تجاهه فلجأت الى صديقى العالم الجليل الشيخ خالد الجندى لأستنير بر~أيه فقال لى: (هذا الاب ليس له طاعة ولا ولاية, وفى نظر الشرع هو اب عاق لانه لم يراع رقابة الله فى فلذات اكباده فسبحانه وتعالى قال فى سورة النساء (واتقوا الله الذى تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا) والذى لا يعرفه الكثيرون اننا فى خضم الحديث عن عقوق الابناء لا نعرف ان هناك ما يسمى بعقوق الاباء
وقالها سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه لاحد الآباء عندما ذهب اليه يشكو عقوق ابنه وبعد ان استمع الفاروق الى الابن, قال للأب: اذهب لقد عققته قبل ان يعقك. وكلام الشيخ خالد الجندى لا يعنى ان تنهروا والدكم او تعتدوا عليه او حتى تقولو له (اف) بل لتطمئن نفوسكم بانكم لستم مذنبين امام الله ولتصبروا على ما ابتلاكم به اما عما فعله والدكم بأمواله وهو حى بالتمييز بين الابناء فى العطية فبعض العلماء منعها وحرمها ومنهم من اباحها مع الكراهة ولكل دليل وان كان الشيخ خالد يميل الى الرأى الثانى سيدتى اتفهم المرارة فى نفسك وشقيقتك واتلمس رقى اخلاقكم وكرمكم ولا اريد ان ابدو مثاليا ولكن مثلكم لا يقابل السيئة بالسيئة فإن كان فى مقدرتكم العفو والسماح فلتواصلوا هذه الروح السمحة ولتذهبوا الى والدكم للسؤال عنه فى مرضه لا رضاء له ولكن ابتغاء مرضاة الله وتزكية النفس وتنقيتها من الغضب ولا تنتظروا منه ثناء ولا احتواء وادعوا له بالهداية لعله يفيق ويصلح ما أخطأ فالله قادر على كل شئ وليت الأب الآخر بطل رسالة (سوء الاختيار) يسمع نصائحك ويسارع باحتضان ابنه ولا يجعل العناد شيطانه اعانكم الله وعوضكم عما عانيتم والى لقاء بإذن الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق