10-08-2007
كنت قد قرأت رسالة اعترافات أم نادمة فكانت بمثابة عامل إفاقة لي, وتشجعت أن أكتب لك لأحكي ما فعلت لعل اعترافي بأخطائي يخفف عما في نفسي من إحساس بالبشاعة والسوء.
باختصار شديد بدأت مشكلتي بعد وفاة ابنتي الكبري بمرض خطير وكنت أتصور أن العالم سيكف عن الدوران, كيف تسير الحياة وابنتي قد ماتت؟! لا.. لا يمكنني تصور ذلك, ولماذا ابنتي أنا بالذات؟ ومن كان يطلب مني الصبر والرضاء بقضاء الله كنت أتهمه بعدم الإحساس, فلو كانت ابنته هي التي ماتت ما قال ذلك. كنت أتمني بيني وبين نفسي أن تموت بنات كل من يتكلم بهذا الشكل, حتي يحس إحساسي ولا يلومني.
كانت الطامة الأولي وفاة ابنتي, أما الطامة الثانية فكانت زواج زوج ابنتي, وقد حاربت طويلا حتي لا يتم هذا الزواج, وحاولت الإساءة لزوج ابنتي, وزوجته بالتشنيع عليهما ومحاولة إبعاد كل من يتقرب إليهما, وصممت علي أن اللي يعرفهم ما يعرفنيش, وكنت إذا قابلتهما في مكان أسأت إليهما ولا أسلم عليهما وأغادر المكان حتي لا أراهما, حتي أحفادي بعدت عنهم ولم أطق رؤيتهم, لموقفهم المؤازر لأبيهم وزوجته لأنهم أحسوا فيها الأم التي يفتقدونها, وأعطتهم هي من حنانها وحبها ورعايتها ما جعلهم يعتبرونها أما ثانية لهم, وهذا ما أثار غيظي وحنقي عليهم وعلي كل من يدافع عنهم, أو يتهمني بالأنانية.
كنت أعيش مع زوجي وباقي أبنائي وأحفادي, وعندما قرأت رسالة الأم النادمة قلت كم أنا أنانية, أعيش مع زوجي وأبنائي وأحفادي, وأرفض أن يهنأ زوج ابنتي وأولاده بالاستقرار والأسرة, والزوجة الصالحة والحياة الطبيعية. أحارب نفسي تارة وأقول سأتركهما في حالهما, وتارة أخري حين يغيب ضميري أقول: لا.. لا يمكن أن أتركهما في حالهما.
وللأسف نجحت في التفريق بين زوج ابنتي وزوجته الجديدة فعاد هو وأحفادي إلي, أعلم أنهم علي اتصال بها ويحبونها, والغيرة تأكلني ولكن انصحني ياسيدي فأنا في حيرة.. وأخاف لقاء ربي وأنا مخطئة وقد أسأت لأقرب الناس إلي, خصوصا أن زوجة( زوج ابنتي) من قريباتي من الدرجة الأولي, لقد نجحت أن أقضي عليها. كان نفسي أحصرها في أضيق إطار حتي أخنقها في وحدتها, لكن كل من كان لي تأثير عليهم ونجحت في أن أستقطبهم لصفي نتيجة لمعاملة هذه الزوجة الطيبة لهم رجعوا يقولوا: أنت غلطانة.. حد يلاقي أم لأحفادها زي دي, أنت مفروض تحمدي ربنا إنه أنعم عليك بها وتتخذي من هذه الزوجة ابنة لك, وتطمئني علي أحفادك معها.
لقد جاءت حفيدتي الكبري بعد فترة من الانفصال وقالت إن أباها يعيش وحدة قاتلة, وتريد أن تعيد الحياة لمجاريها بين أبيها وزوجته فصممت علي موقفي وقلت لو رجعا لبعضهما لن يكون مني إلا المقاطعة مرة أخري لأني لن أستطيع الاستمرار معكم وهو متزوج, وسأقاطعكم من جديد كلكم, فهل أنا أخطأت ياسيدي؟ إني أتحدث بمشاعر أم فقدت ابنتها ولا تستطيع أن تري زوج ابنتها زوجا لأخري, لكني أشعر أن أجلي يقترب فأنا قد تجاوزت السبعين من العمر, وأتمني أن أصلح ما فعلت, ولا أكون أنا السبب في كل هذا الأذي لأني أخاف عقاب ربي, فماذا أفعل الآن خاصة أن طليقة زوج ابنتي تقدم إليها شخص آخر.
{ سيدتي.. نعم أنت في حاجة إلي إصلاح ما أفسدته, وإعادة تلك السيدة الرائعة إلي زوجها وأحفادك, فقد كان الله رحيما بهم عندما وهبهم تلك الأم ـ البديلة ـ رحمة بهم, لكنك ـ للأسف ـ لم ترين تلك النعمة, فاستسلمت لأنانية الأم الحزينة علي ابنتها, واستكثرت أن ينساها الآخرون, خاصة زوجها وأبناءها, بحب أخري.
وهذا كان بداية الخطأ, فمهما حدث ومهما كانت تلك الزوجة رائعة ورحيمة بأحفادك لن تنسيهم أبدا أمهم. وهذا الزوج الذي لم يستطع إغضابك, حتي بعد ما أشعته عنه وعن زوجته, فانفصل عنها وهو غير راض, مضحيا بسعادته واستقرار أبنائه, لم يكن من المتوقع أن أبدا أن ينسي زوجته الراحلة. ولكنها الحياة ـ ياسيدتي ـ التي تفرض علينا أيامها, فلا نذهب إلي المقابر لنعيش بجوار من نحب, بل علينا أن نحتسبهم عند الله سبحانه وتعالي, ونحاول أن نكمل مسيرتهم التي انقطعت برعاية غرسهم والتصدق باسمهم لعل هذا يصب في ميزان حسناتهم.
سيدتي.. أقدر حزنك الكبير علي ابنتك, فهو ابتلاء صعب, ولا أجد أنه يجب علي مناقشتك في تساؤلاتك عن اختيار الله لابنتك, فهي ذهبت إلي قدرها المكتوب منذ ميلادها, وجميعنا ذاهبون لا أحد يعرف من يسبق من, فنحن علي الأرض أموات نشيع أمواتا, وعليك أنت تتقبلين أمر الله راضية صابرة, أيضا أن تؤمني بأن من حق زوج ابنتك الراحلة أن يجد من تشاركه رحلة تربية ثلاثة من الأبناء, في أشد الحاجة إلي أم تفهم أحاسيسهم واحتياجاتهم, تمنحهم الأمان الذي ضاع, والحمد لله أن تلك الأم البديلة كانت منكم, أحبها الأبناء والزوج بشهادتك, مثل هذه المرأة لا يجب التفريط فيها, لأن الندم علي ضياعها كبير, والثمن سيدفعه الأحفاد,
لذا فإني أناشدك, كما ناشدت صاحبة رسالة اعترافات أم نادمة, أن تسارعي بالذهاب إلي تلك الزوجة, اعترفي لها بكل مادار في نفسك, وبأخطائك, واطلبي منها أن تعود معك لأبنائها( أحفادك), وأعتقد أنها لن تردك ولن تترك الفرصة التي أتاحها لها الله سبحانه وتعالي بتربية أيتام حرموا من حنان الأم في طفولتهم, وحاولي أن تصلحي صورتها التي شوهتها عند الأهل والأصدقاء, وها أنا أري صورتكم الآن ماثلة أمامي, أنت تجمعينها بيديك مع زوجها وفي أحضانكم الأطفال الثلاثة, هذه هي السعادة ياسيدتي, لكم جميعا ولابنتك الراحلة, لكنها أحيانا( السعادة) تكون بين أيدينا ماثلة أمام عيوننا, لكننا نستدير بحثا عن الشقاء, معتقدين أن فيه الدواء والحقيقة غير ذلك, أسعدكم الله, وأبعد عنكم شرور النفس, وإلي لقاء بإذن الله.
مدونة بريد الجمعة مدونة إجتماعية ترصد أحوال الشارع المصرى والوطن العربى مدونة تتناول قصص, ومشكلات حقيقية للوطن العربى مثل: (ظاهرة العنوسة, الخيانة الزوجية, الخلافات الزوجية, التفكك الأسرى, الطلاق وآثاره السلبية على الأبناء, الحب من طرف واحد, مرض التوحد, الإبتلاءات من فقر ومرض وكيفية مواجهة الإنسان لها) ثم يعرض الموقع فى أخر كل موضوع رأى المحرر فى التغلب على هذه المحن
الأربعاء، ١ أغسطس ٢٠١٢
بديلة ابنتي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق