الأربعاء، ١ أغسطس ٢٠١٢

شرفة علي الجنة

27-04-2007
اسمح لي ياسيدي بزيارة أخري ـ وقد تكون أخيرة ـ أضع فيها رأسي العجوز والاشيب مرة ثانية علي ذلك الحضن العائلي والإنساني الدافئ الذي يحتوينا أسبوعيا بريد الجمعة‏,‏ وذلك دون أن أذكر اسمي هذه المرة الذي لن يضيف شيئا لمضمون هذه الرسالة‏.‏

فأنا ياسيدي صاحب رسالة الكنز التي قمت بالرد فيها علي من أرسل لك يشكو أنه بلغ أكثر مما تمناه وضاع من أجله‏,‏ الثروة والجاه‏.‏ والزوجة الصغيرة الجميلة الوفية‏.‏ وابنان جميلان‏,‏ أي كل متع الحياة التي قلما تجتمع لفرد ومع ذلك لا يجد لحياته طعما ولا يشعر بأي قدر أو معني للسعادة‏.‏

تلك الشكوي التي أضحت وللأسف شائعة ومتكررة بين أولئك الذين تصوروا أنهم ملكوا الدنيا بالسطوة والأرصدة‏,‏ والذين هم أنفسهم يتباكون فور زوال الصحة والمنصب مما يسمونه جحودا وعدم وفاء‏.‏

فلا هم راضون حين الفقر‏..‏ ولا عند السطوع والغني‏..‏ ولا عند الأفول والزوال‏,‏ بل ولا حتي عند الموت حيث العزوف عن التعزية فيهم أو حتي الدعاء لهم‏!!‏
وتلك نتيجة طبيعية لمن يعيش متمحورا حول ذاته لا يري سواها‏.‏

فقبل أن تشكو الجحود اسأل نفسك ماذا زرعت كي تحصد‏:‏ سواء في الدنيا أو الآخرة‏,‏ وما أدراك ما الآخرة؟‏!‏

وقد تركز ردنا علي صاحب الشكوي بعرض تجربة متواضعة لزميل لنا بالجامعة ـ يوجد أفضل منه مئات المرات ـ كان علي النقيض تماما من صاحب الشكوي فلم يتقلد منصبا بحياته ولم يسع إليه وعاني بالحياة جدا وخرج منها ـ وبلغة الارقام ـ صفر الارصدة واليدين‏,‏ لم يهتم أن تكون له شقة باسمه أو سيارة‏,‏ وليس لديه أكثر من معاش شهري يكفي بالكاد أو أقل ضروريات الحياة والتنقل بالمواصلات‏.‏

الأمر الذي زادت معاناته بعد أن تحرر اختيارا ـ وبعد مجاهدة مضنية مع النفس ـ من دخل الكتاب الجامعي بما له وعليه‏.‏ لدرجة عندما رغبت ابنته أخيرا أن تشتري سيارة صغيرة بالتقسيط بضمان مرتبها تقيها شر ما وصفته بمضايقات وتحرشات المواصلات لم تجد لدي والدها بوظيفته الجامعية المرموقة مبلغ ألفي جنيه تكمل به المقدم المطلوب لتلك السيارة‏.‏

ومع ذلك فلم يجلس كي ينعي الزمان الذي أعطي الحلق للـ‏..;‏ بل علي العكس فلديه قناعة عميقة وهائلة بأن الله أنعم بما لم يصل لأعتابه اصحاب الملايين‏,‏ ليس فقط بما عبرنا عنه برسالتنا السابقة الكنز وهم أولئك الملائكة الشباب الذين أرسلهم الله إليه كي يشاركهم عطاء ومسير الخير ـ بل بما هو أغلي وأروع من ذلك كله وهو الجنة علي الأرض‏.‏

فتخيل في هذا العالم الحافل بالفساد والبلطجة والتزوير ومصاصي الدماء وانحلال الشباب وطفح الفضائيات أن تجد الله يفتح لك شرفة ـ بل واجهة كاملة ـ علي عالم نقي مغاير تماما‏:‏ عالم لا يعرف سوي الملائكة ولغة الخير‏!!‏

والملائكة ليسوا فقط أولئك الشباب الرائع خاوي الجيوب عامر النفوس والقلوب الذين يتسابقون في عزف وليس مجرد انجاز أروع المهام الإنسانية واعقدها‏,‏ كزرع ابتسامة واهنة في وجه طفل شاحب من الفشل الكلوي أو السرطان‏,‏ أو إبهاج معاق أو كفيف أو يتيم معدم‏,‏ أو مساندة طالب عاجز عن سداد المصروفات أو طالبة لا تجد حذاء ترتديه‏,‏ أو حتي ثمن سندويتش أو سميطة طوال اليوم‏..‏ أو‏..‏ أو‏!!‏

بل انضم لهذا الركب من الملائكة العشرات من هيئة التدريس والعاملين العاديين والبسطاء جدا‏.‏ ورجال الأعمال الذين يتسابقون‏,‏ كل يعزف بقدر استطاعته ـ لو بمجرد الحضور ـ في سبيل اتمام معزوفة الخير‏.‏

وتلك هي الشرفة أو العالم النوراني التي فتحها الله لهم كي يمضوا بها أروع وأجمل وأعذب بل وأعبد الأوقات‏,‏ ولعلك تتذكر تلك الليلة الرمضانية الرائعة التي شاركتهم فيها تلك اللحظات الروحانية الخاطفة والرائعة‏.‏

وأقول روحانيةـ وليست مجرد دينية أو عقائدية ـ فيستوي الأمر لديهم أن يخففوا من ألم طفل مسلم أو مسيحي يعاني فشل الكلي أو السرطان‏,‏ أو طفلة يتيمة لا تعي أصلا ديانة والدها الذي حرمت منه قبل أن تراه‏..‏ أو‏...‏

وتصور معي لو كان الرسول أو المسيح عليهما الصلام والسلام بيننا الآن وذهبا لملجأ أيتام أو أطفال سرطان ـ فهل كان أحدهما سيفرق بين الأطفال بحسب الأديان‏..‏ وهما المعروفان بالرحمة مع النبات والحيوان قبل الإنسان‏!!‏

بل وهل كان أحدهما سيشترط لإطعام جائع أن يدخله في دينه أولا كما يجري للأسف الآن ببعض الضواحي والاحياء‏,‏ فأي أديان هذه ـ ويا للخجل ـ التي يجري استقدام الاتباع لها واغواءهم بالبطون؟‏!‏

بل وأي أديان تلك التي يتنافس اتباعها علي بناء دور العبادة وملايين الاطفال والفتيات بلا سكن أو مأوي‏,‏ ـ يبيتون بالشوارع حيث تنتهك أعراضهم بين تلال القمامة والسحالي والفئران أسفل الأنفاق والكباري‏,‏ ويتعلمون فنون السرقة والجرائم‏,‏ ودعك من اولئك الشباب والفتيات الذين يضطرون للانحراف وممارسة الرذيلة لعجزهم عن الزواج ولو بحجرةتعفهم وتأويهم‏!!‏

فعذرا سيدي الرسول‏..‏ والمسيح‏..‏ وكل الأنبياء والأديان‏!!‏
ولأن الخير لايتجزأ ويلزم أن يشع في الداخل قبل الخارج‏,‏ فلدينا قاعدة مقدسة بين شباب وملائكة الخير بالقافلة هي‏:‏ قبل أن تحنو علي يتيم أو تهون علي طفل سرطان يلزم أن تكون قد قبلت ـ وبكل صدق وحنو ـ أيدي الأم والأب‏..‏ وأن تكون اصلا ابنا بارا بهما مدركا أن رضا الله وتقبله لأعمالنا يمر عبر أقدامهما‏.‏

قد كانت أروع وأرهف اللحظات عندما نظم هؤلاء الملائكة حفلا روحانيا مبهجا للاحتفال الجماعي بعيد امهاتهم‏,‏ وقام كل منهم ليحكي علي الملأ ما تمثله له أمه وتضحياتها الرائعة‏,‏ مختتما حديثه بتقبيل يدها علنا امام الجميع لدرجة أن سجد أحدهم ـ وهو يتيم الأب ـ ليقبل قدم بل وحذاء أمه‏!‏

وقد حاولت بعض الأمهات أن ترد بكلمات حب وامتنان لابنائهن إلا أن الدموع والعبرات والخفقات كانت لها الكلمة العليا‏.‏

ألم أقل إن الله فتح لنا شرفة أو واجهة علي الجنة‏!‏
فأين هؤلاء الملائكة من أولئك النادمين علي جفائهم لآبائهم وأمهاتهم الراحلين؟ بل أين هم من ذلك النمط الذي عبر عنه صاحب رسالة معني السعادة الذي منع أمه من حصور زفافه كنوع من العار منها وفقرها‏,‏ الذي شعر ايضا بالارتياح يوم وفاة أبيه وكل جريرته مهنته المتواضعة الشاقة التي رباهم من كدها؟‏!.‏

فحقا ـ كاتبنا الكبير ـ فإن الإنسان كل متكامل يستحيل أن يعطي ويثمر بالخارج وهو مجدب اصلا ومقفر في الداخل وبالداخل‏.‏

سيدي لا أريد أن أطيل عليك ـ وحضن بريدكم الدافئ يغري بالاسترسال ـ وأنت امامك تلال من رسائل المهمومين‏:‏ فما الجديد الذي دفعني للكتابة إليك؟

الجديد مجموعة من الرسائل تقتضيني الامانة ابلاغها إليكم‏:‏
الرسالة الأولي‏:‏ من أرحم الراحمين‏..‏الله‏.‏
فكم من مرة كنا نقول لكم إننا نراه‏.‏ ونجده دائما مع كل احتياج في الانتظار‏!‏

ذلك أننا ـ وبفضل ملائكة وشباب الخير ـ قررنا أخيرا أمام فداحة الفاقة بل والجوع لكثير من الأسر الريفية المعدمة والأيتام محاولة تدبير شنط اطعام تكفيهم ولو لمدة اسبوع واحد كل شهر‏,‏ فكان الحصر المبدئي يقارب المائتي أسرة بأول ثلاث قري‏,‏ لكننا للأسف لم نجد ما يكفي لتدبير ولو ربع تلك الاحتياجات المتواضعة ـ فأمضيت ليلة عصيبة مهموما ونادما أن أحبطت أبنائي الطلاب بهذا المشروع الفاشل‏,‏ وقررت إبراء للذمة تعميم رسالة كالمعتاد عن هذا المشروع لشركائنا بالنشاط عدا صديقا انشغل عنا لفترة فتصورته قذ زهق منا‏.‏

لأفاجأ في اليوم التالي مباشرة ـ وقد كنت أنت بنفسك طرفا شاهدا علي هذا الأمر ـ بمكالمة هاتفية من هذا الصديق بالذات يعتذر عن تقصيره لكثرة انشغالاته ويقول لي بالنص قلبي بيقولي أطفالك الايتام محتاجين حاجة وعرض علي مبلغا هو بالضبط ما نحتاجه لأول شهر فيا سبحان الله‏..‏ ما هذا التدبير الرائع‏..‏ وما تلك الرسالة البليغة التي تقول لنا جميعا لا تكتف بالتعاطف‏..‏ ولا تستسلم للعجز‏..‏ ولا تترك بابا للخير دون أن تطرقه‏..‏ بل ابدأ وستجد وبكل تأكيد الله معك‏.‏

وقسما ـ كاتبنا ـ أني فكرت بتلك الليلة السابقة التوقف عن النشاط والاعتزال وتركه لمن هو أقدر مني‏..‏ لتجئ تلك الرسالة الربانية لتبعث في الروح والحماس من جديد‏.‏

فسبحانك مرة أخري ومرات يامن قلت بكتبك السماوية‏:‏ اسألوا تعطوا‏..‏ اطلبوا تجدوا‏..‏ اقرعوا يفتح لكم‏(‏ الانجيل‏)..‏ أجيب دعوة الداع إذا دعان‏(‏ القرآن‏)‏ وذلك تحت شرط بسيط وعويص بالوقت ذاته هو فليستجيبوا لي‏.‏

فتخيل الخالق بعظمته يضع نفسه علي قدم المساواة معنا‏:‏ تريده فيستجيب لك‏..‏ استجب له يا أخي ـ ولا شئ أكثر من ذلك‏..!!‏

فما هذه الرحمة الرائعة والهائلة من الله‏..‏ والغفلة المخجلة منا‏..!!‏
أليس خالق بهذه الصفات الجميلة يستحق منا كل تفان وحب‏..‏ وأن نكرم ونستر ونعف علي حبه يتيما ومسكينا‏..‏ وفتاة علي وشك الضياع‏..‏؟

وأن يكون ذلك بدرجة من النقاء والسمو تماثل ما كانت تفعله ابنة الرسول عندما كانت تنظف وتعطر الدينار والدرهم قبل التصدق به لأنه يقع في يد الله قبل المسكين‏.‏

الرسالة الثانية‏:‏ من الرسول والمسيح وجميع الأنبياء‏:‏ وتقول لنا إذا كان البعض يوزع علي أبواب المساجد والكنائس أدعية معينة أغلي من الذهب تبني قصورا في الجنة‏..‏ فإن المسيح ذاته قال إن الديانة الطاهرة الحقة هي العناية بالأرامل والأيتام‏,,‏ والرسول يؤكد أنه‏:‏ لأن يمشي أحدكم في حاجة أخيه خير من اعتكافه في مسجدي هذا‏.‏

فتخيل الروضة الشريفة التي نتقاتل عليها لنصلي فيها ونشم ريحها‏..‏ ينبه صاحبها أن هناك ما هو خير من الاعتكاف والذكر بها‏..‏ وتأمل في اختياره لكلمة خير ولم يقل أحسن أو أفضل وقل سبحان الله مرة أخري ومرات‏!!‏ بل ولعلي هنا أسمع الرسول شخصيا يناجي أولئك الذين يترحمون علي موتاهم بطباعة كتيبات الأدعية والآيات ـ والتي تراكمت بيوتنا بالعشرات ـ وينبههم الي ما هو خير وأكثر جدوي ورحمة‏:‏ إطعام أو كساء أو ستر أسرة متضورة عارية ضائعة‏.‏

الرسالة الثالثة‏:‏ من أطفال أمراض الدم والسرطان عندنا‏..‏ والذين ردت فيهم الروح والأمل نوعا عندما أعلنتم عن تكفل رجل أعمال اشتهر بالخير بالكويت بإنشاء وحدة زرع نخاع لإنقاذهم وقد مضي ما يقرب من العام ويتساءل هؤلاء الاطفال بلسان من يموتون منهم يوميا‏:‏ إلي متي الانتظار؟

الرسالة الرابعة‏:‏ من أطفال أمراض الفشل الكلوي والقلب الذين لا يستطيعون مغادرة الفراش للمشاركة في أي رحلة أو ترفيه لظروف الوهن والغسيل والمحاليل‏..‏ والذين يأملون كنوع من التخفيف عنهم بتركيب أجهزة تليفزيون ولو مستعملة بعنابرهم‏.‏ ومكتبات قصصية خفيفة‏..‏ وتلوين‏..‏ وبعض اللعب‏.‏

الرسالة الخامسة‏:‏ من أبنائك وأشقائك ملائكة وشباب الخير‏..‏ ولديهم أحلام نبيلة وطموحة تحتاج لمؤازرة مجتمعية وإلي تجهيزات ومقار‏:‏

الحلم الأول‏:‏ هو رعاية وليس مجرد كفالة أوائل الايتام وغير القادرين المتفوقين بقري المحافظة‏..‏ والذين جئت أنت خصيصا اليهم من القاهرة لتشاركهم مهرجان تفوقهم بسهرة رمضانية بديعة‏..‏ والذين يقطنون فيما يشبه أكواخا أو خياما ريفية مهلهلة‏..!!‏

الحلم الثاني‏:‏ هو تزويد جميع مدارس المعاقين بقري المحافظة بورش للتأهيل المهني تكفل لهم حياة شريفة‏,‏ بعيدا عن التسول والتشرد مستقبلا‏..‏ مع تزويدها أيضا ـ وكلمسة أدمية ـ بما يشعرهم بطفولتهم كسائر الكائنات من مراجيح وحجرات للتليفزيون والألعاب‏.‏

الحلم الثالث‏:‏ يتعلق بأطفال ـ بل وأمهات وجدات ـ الشوارع بالمحافظة‏,‏ وهي مشكلة تهون عندنا مئات المرات قياسا بالقاهرة‏..‏ والتي يوجد العديد من شباب وخريجي القافلة المستعدين لأن يهبوا حياتهم لهذه المشكلة‏.‏

الحلم الرابع‏:‏ وهو غاية في الأهمية والتواضع ـ بل والحرج ـ ويتعلق بمساعدة آلاف الفتيات الريفيات اللائي لا تتجاوز أحلامهن أكثر من الستر في الحلال‏..‏ واللائي في حاجة ملحة لأي قطعة من الأثاث القديم الفائض عن حاجة الكثيرين منا‏.‏

الحلم الخامس‏:‏ هو القروض الانتاجية الحسنة متناهية الصغر لمن يرغب أن يبدأ مشروعه الخاص‏,‏ والذي بدأناه بالفعل بالتعاون مع أخت فاضلة ظهرت ببرنامج تليفزيوني كان مخصصا لهذا الأمر‏.‏

بقيت رسالة أخيرة‏..‏ وهي لمصر جميعها تقول‏:‏ انه يوجد بجامعاتنا شباب تمكن من تحويل طاقة رفض الواقع والغضب إلي فعل إيجابي مسئول‏..‏ لاتعنيه في كثير أو قليل اتحادات الطلاب ـ بصراعاتها‏..‏ وانتخاباتها‏..‏ وميزانياتها ـ وغير مستعد للانخراط في أحزاب أو جماعات دينية أو أهلية‏..‏ ويصر علي أن تبقي تجربته طلابية جامعية خالصة‏..‏ وكل وجهته وبوصلته فيها هي الله ثم مصر‏.‏

وبعد‏..‏ فتلك كانت دفعة من الرسائل والخطابات المستعجلة‏..‏ ومازال لدينا المزيد والمزيد‏..‏ والتي يصل بعضها الي حد أحلام وردية ببناء مدن من المساكن الزهيدة بصحرائنا المترامية والمقفرة ببلبيس والعاشر من رمضان‏..‏ و‏...‏ و‏.‏ وما أنا إلا بمرسال وبوسطجي وعلي المعاش‏..‏ وما علي الرسول إلا البلاغ‏.‏

وفقكم الله‏..‏ وجزاكم كل خير‏.‏
ولكم خالص الحب والقبلات والدعاء‏..‏ والسلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته‏.‏
قافلة شعاع الخير
كلية تجارة الزقازيق

‏{‏ سيدي‏..‏ اذا كان حياؤك الشديد قد منعك من ذكر اسمك‏,‏ فإني أجد نفسي ملزما أمام أصدقاء بريد الجمعة بتذكيرهم بشخصك النبيل‏,‏ وبأنك الإنسان ـ بمعني الكلمة ـ التي كتبت فيك ولك وعنك إحدي تلميذاتك رسالة الأستاذ التي نشرت منذ فترة علي هذه المساحة‏.‏

(‏صاحب السطور السابقة هو الدكتور عادل قاسم ـ الأستاذ بكلية التجارة بجامعة الزقازيق ـ والذي وهب حياته لاكتشاف الخير في شباب الجامعة‏,‏ فعزفوا معا أغاني في حب الوطن‏,‏ ومسحوا بأيديهم دموع وآلام الأطفال والأمهات في قري ونجوع محافظة الشرقية‏).‏

سيدي‏..‏ لمست بنفسي ما تفعلونه وشعرت بعجز شديد أمام كل هذا العطاء‏,‏ أحلامكم للآخرين مشروعة وواجبة‏,‏ ومن قلب الألم والفقر الذي تحاولون جاهدين التخفيف عن أصحابه‏,‏ أري الأمل ساطعا من خلال تجاربكم واصراركم‏,‏ وكلي ثقة بأن ملايين المصريين سيحرصون علي مشاركتكم أو تقليدكم‏,‏ وأتمني أن يقدم التليفزيون المصري هذه التجارب المشرقة حتي تشيع البهجة في النفوس‏,‏ وتنتقل عدوي الخير‏,‏ بدلا من عدوي اليأس والاحباط والفساد‏.‏

سيدي‏..‏ مازلت انتظر معك وعد رجل الأعمال الكويتي ببناء وحدة زرع النخاع في مستشفي‏,‏ وحتي يتم هذا أدعو أهل الخير ورجال الأعمال في مصر إلي مد أياديهم والتبرع بصدقاتهم وبعض من زكاة أموالهم إلي هذا المشروع الإنساني الذي يخدم أطفال عدد كبير من محافظات بحري ومدن القناة‏.‏

كذلك أدعو اصدقاء البريد ممن لديهم أكثر من جهاز تليفزيون أو كتب أطفال أو ألعاب قديمة أو جديدة بالمساهمة في تجهيز حجرات أطفال الكلي والقلب‏,‏ لعلنا ننجح في تخفيف بعض آلامهم‏.‏
أما أفكار القافلة الرائعة‏,‏ فمعا بإذن الله‏,‏ سنسعي لتحقيقها إذا كان في العمر بقية‏.‏

سيدي‏..‏ ما تفعله قافلة شعاع الخير ليست نافذة واحدة علي الجنة‏,‏ بل نوافذ فتحتها قلوب عامرة بالخير والمحبة والإنسانية والإيمان‏..‏ فشكرا لك ولأبنائك‏,‏ لان ما تفعلونه يذكرنا دائما بأن مصر بخير‏,‏ وأن الخير في هذه الأمة إلي يوم الدين‏..‏ وإلي لقاء بإذن الله‏.‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق